وأنت خبير بأنّ ذلك كلّه بعيد ، وارتكابه شاهد صدق على عدم الاعتماد على ظاهر هذه الأخبار. ولذلك حمل الشيخ رواية عمّار الاتية (١) على حال الضرورة ، مع أنّه لا دلالة فيها على ذلك.
ولا يخفى أنّ حمل الأخبار على التخيير خروج عن ظاهر الطرفين ، وهو إنّما يتمّ مع التكافؤ.
ولا ريب أنّ العمل على الروايات الأوّلة موجب ليقين البراءة بالإجماع ، بخلاف هذه ، مع أنّ العمل بهذه الصحاح أيضاً ليس بذلك البعيد.
وأما القول بالأفضليّة بسبب أنّه يوجب الستر وحصول كمال الصلاة بأركانها فيشكل ، مع أنّ المرجّحات في الطرف الأخر.
ومما يضعّف التخيير كثرة هذه الأخبار وصحّتها ، فإنّها مع ذلك مهجورة عند قدماء الأصحاب إلى زمان المحقّق والعلّامة ، وهما أيضاً تختلف فتاواهما فيه في كتبهما.
والكلام في القيام والقعود قد مرّ ، واختلاف الروايتين منزّل على ما اخترناه من التفصيل بحالتي الأمن من المطّلع وعدمه ، هذا كلّه في غير صورة الاضطرار.
وأما لو اضطرّ إلى لبس الثوب لأجل البرد ونحوه فتجوز الصلاة فيه اتفاقاً ، بل قد تجب.
وعن الشيخ (٢) وجماعة (٣) أنّه يعيد مع ذلك ، لموثّقة عمّار عن الصادق عليهالسلام : إنّه سئل عن رجل ليس عليه إلّا ثوب ولا تحلّ له الصلاة فيه ، وليس يجد ماء يغسله ، كيف يصنع؟ قال : «يتيمّم ويصلّي ، فإذا أصاب ماء غسله وأعاد الصلاة» (٤) ويمكن أن يكون
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٢٢٤ ح ٨٨٦ ، الاستبصار ١ : ١٦٩ ح ٥٨٧ ، الوسائل ٢ : ١٠٦٧ أبواب النجاسات ب ٤٥ ح ٨.
(٢) التهذيب ٢ : ٢٢٤ ، الإستبصار ١ : ١٦٩ ، النهاية : ٥٥ ، المبسوط ١ : ٩١.
(٣) حكاه في المدارك ٢ : ٣٦٢ ، والرياض ٢ : ٤٠٨.
(٤) التهذيب ٢ : ٢٢٤ ح ٨٨٦ ، الاستبصار ١ : ١٦٩ ح ٥٨٧ ، الوسائل ٢ : ١٠٦٧ أبواب النجاسات ب ٤٥ ح ٨.