ولكن الإنصاف أنّه لو لم تكن الشهرة والتعليل في موثّقة سماعة لكان هذا القول في غاية القوّة ، لخصوص هذه الرواية ، ولو كان من جهة بعض كلماتها ، إذ لا يضرّ في حجية بعض ألفاظها تساقط الباقي ، ولعدم تبادر غير الوقت من الأخبار ، ولكن ذلك ليس بحيث يترجّح على مرجّحات المشهور.
وأما لو تذكّر في الأثناء فلم أجد في كلامهم تصريحاً بحكمه ، والأظهر إلحاقه بالجاهل الذي علم في الأثناء مع العلم بالسبق بطريق الأولى.
ويدلّ عليه التعليل في موثّقة سماعة المتقدّمة.
وصحيحة عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى عليهالسلام ، قال : سألته عن رجل ذكر وهو في صلاته أنّه لم يستنجِ من الخلاء ، قال : «ينصرف ويستنجي من الخلاء ويعيد الصلاة ، وإن ذكر وقد فرغ من صلاته أجزأ ذلك ولا إعادة عليه» (١).
ويخدشها إنّ آخرها منافٍ لما حقّقناه سابقاً ، ولكنه لا يضرّ بالاستدلال بالجزء الأوّل.
وأما صحيحته الأُخرى عن أخيه عليهالسلام ، قال : سألته عن الرجل يصيب ثوبه خنزير فلم يغسله ، فذكر وهو في صلاته ، كيف يصنع به؟ قال : «إن كان دخل في صلاته فليمضِ ، وإن لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه ، إلّا أن يكون فيه أثر فيغسله» (٢) فلا ينافي ما ذكرناه إن لم يؤيده.
وهذه الصحيحة هي التي وعدناك ذكرها ، وأنت خبير بأنّه لا دلالة فيها على ما استدلّ به في المدارك (٣) ، لأنّ الظاهر رجوع الاستثناء إلى الحكمين كما يشهد به اعتبار النضح قبل الدخول في الصلاة ، وأما الحكم بعد الغسل فغير معلوم من الخبر.
وأما لو تذكّر في الأثناء وضاق الوقت عن التدارك والاستئناف ففيه إشكال ،
__________________
(١) التهذيب ١ : ٥٠ ح ١٤٥ ، الاستبصار ١ : ٥٥ ح ١٦١ ، الوسائل ١ : ٢٢٤ أبواب أحكام الخلوة ب ١٠ ح ٤.
(٢) الكافي ٣ : ٦١ ح ٦ ، التهذيب ١ : ٢٦١ ح ٧٦٠ ، الوسائل ٢ : ١٠١٧ أبواب النجاسات ب ١٣ ح ١.
(٣) راجع ص ٢٦٥.