وعلى هذا فالأخبار كلّها منطبقة على مذهب المشهور ، فإنّ مطلقات ما دلّ على دخول الوقتين بمجرّد الزوال أو بالغروب مقيّدة بما فيه هذه العبارة ، وهو يفيد اشتراط تقديم الظهر ، وهو لا ينافي كون مجموع الوقت وقت المجموع.
فبَعد التأمّل يظهر أنّ المراد من ذلك أنّ كلّ زمان يسع مقدار أحدهما من ذلك المجموع فهو مما يصلح أن يفعل فيه كلّ واحد منهما ، لكن بشرط أن يكون الظهر قبل العصر ، والعصر بعد الظهر ، وذلك لا يتحقّق إلّا بإخراج مقدار الظهر عن الأوّل ومقدار العصر عن الأخر.
ثمّ إنّ الظاهر أنّ هذه العبارة في حكم توقيت الوقت وتقييده ، فإنّ وقت الشيء قد تعلّق وقتيّته على شيء آخر ، مثل أنّ أوّل الزوال وقت لصلاة الظهر إذا كان متطهّراً قبله ، وهو لا ينافي عدم وقتيّته لو لم يكن متطهّراً.
فعلى هذا فيكون ذلك التعليق أيضاً من باب حكم الوضع كأصل الوقت ، فلا وجه للفرق بين العامد والناسي.
وعلى هذا فيشكل ما ذكروه في ثمرة الخلاف ، وفرّعوا عليه من إعادة من قدّم الصلاة المتأخّرة في الوقت المخصوص بالأُولى نسياناً وعدمها كما سيجيء ، وسيجيء تمام الكلام.
وربّما يُعتذر من عدم التحديد فيها بمقدار الأربع من الطرفين في الظهرين مثلاً ، لعدم انضباط الوقت أحياناً ، فإنه قد يقصر (١) ؛ للصلاة بتسبيحتين ، أو قد يدخل الوقت في آخر الصلاة لو فعلها بظنّ الوقت وتقع الأُخرى بعدها بلا فصل (٢) ، وفيه نظر.
الثاني : المشهور أنّ (الوقت الأوّل) (٣) فيما ذكرنا من الوقتين في الفرائض للفضيلة
__________________
(١) في «ع» ، «ص» : يقتصر.
(٢) انظر المعتبر ٢ : ٣٥.
(٣) في «م» ، «ح» : أوّل الوقت.