عن الصادق عليهالسلام (١).
والتحقيق : أنّ الصحيحتين متوافقتان غالباً ، والمرسلة لا تقاومهما.
والمعتبر الأذان المتوسّط والأرض المتوسّطة كما هو الغالب المتعارف.
وأمّا حكاية التواري فلفظ الحديث : متى يقصّر؟ قال : «إذا توارى من البيوت» والمقصود التواري من جهة البُعد ، فلا يضرّ الحائل.
والذي أفهمه أنّ المراد أن تتوارى عنه البيوت من حيث إنّها بيوت ، فلا عبرة بسواد المدينة وشبحها ، ولا بالمنائر والقلاع ونحوها ، فيتقارب مع خفاء الأذان.
وأما التعبير بالجدران والحيطان فلا أعرف وجهه ، إلّا أنّ يكون مبنيّاً على أنّ البيوت لما كان الغالب سيّما في البلاد الكبيرة والأمصار ـ مختفية بالسور أو بنفس الجدران فاعتبر تميّز السور والجدران عن الأشجار والبساتين والنّسمات وغيرها ، أو تمييز الجدران من حيث إنّها من اللّبن أو الحجر أو الطين ونحو ذلك.
وأما ما قيل : من أنّ المراد اختفاؤه من البيوت أي عن أهلها (٢) ، للجمع بين الروايتين ، لكمال التفاوت بينهما لو أُريد اختفاء السواد والشبح. ففيه : مع أنّه مستلزم للحذف لا يحصل به الجمع أيضاً ، إذ البُعد على هذا أيضاً أكثر من اختفاء الأذان.
وإن اعتبر اختفاؤه على أهل البيوت من حيث الشكل والهيئة متميّزاً عن غيره ، ففيه : مع أنه لا يفهم من الرواية لا يحصل به الجمع أيضاً ، لأنه يصير أقلّ من اختفاء الأذان بكثير.
فما اعتبرنا وإن كان يستلزم القلب أيضاً ، ولكنه أوجه وأوفق بفهم جمهور الأصحاب.
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٧٩ ح ١٢٦٨ ، الوسائل ٥ : ٥٠٨ أبواب صلاة المسافر ب ٧ ح ٥.
(٢) الحدائق ١١ : ٤٠٦.