في الدعوى (١) يشجّع على تخصيص العمومات بها ، ولكن الظاهر أنّها محض تعبّد ، أما كون العلّة هو زوال كثرة السفر فيحتاج إلى تجدّد الكثرة ، فلا نجد عليه دليلاً.
فعلى ما بيّنا وحقّقنا فعملُنا على هذه الرواية محض تعبّد ، فنقتصر على ما به يحصل الامتثال ، وهو التقصير في سفرٍ واحد ، وفاقاً لابن إدريس (٢) وغيره (٣) ، وتبقى العمومات في الباقي سليمةً عن المعارض.
واعتبر الشهيد في الذكرى في العود إلى الإتمام هنا المرّة الثالثة ، لأن الاسم قد زال بالإقامة (٤) ، وهو ممنوع.
ثمّ إنّي لم أقف في هذه الأخبار على ما يدلّ على الفرق بين بلدهم وغير بلدهم في كون العشرة منويّة وغير منويّة ، فإن حملنا مقام عشرة أيّام وإقامة عشرة الواردتين في الروايات على المنويّة فالكلام فيهما سواء ، وإن أبقيناهما على الإطلاق فتحتاج النيّة في غير البلد إلى دليل ، إلّا أن يقال : الإجماع الذي ادّعاه في روض الجنان (٥) على عدم اعتبار المتردّدة يخصّصه ، وإن قلنا بظهورهما في المنوية ، فعدم اعتبار المشهور إيّاها في بلدهم يحتاج إلى دليل.
وأما إلحاق الثلاثين والعشرة بعدها فإنّما هو من باب التخريج.
ويمكن تعميم العشرة في الأخبار بحيث تشمل العشرة الحاصلة في الثلاثين ، لكن يقدحه دعوى الإجماع المتقدّم. إلّا أن يقال : إنّ ما علم من دعواه ، هو ما إذا لم يضمّ إليها شيء آخر ، وحينئذٍ فاعتبار العشرة اللاحقة أولى بالاعتبار.
__________________
(١) المعتبر ٢ : ٤٧٣.
(٢) السرائر ١ : ٣٣٨.
(٣) المدارك ٤ : ٤٥٣.
(٤) الذكرى : ٢٥٨.
(٥) روض الجنان : ٣٩١.