فالقول قول الولي ، وفيه تردد.
أقول : انما كان القول قول الجاني مع مضي المدة التي يمكن فيها الاندمال ، لأصالة براءة الذمة مما زاد على الجناية ، ولأن الأصل عدم السراية. فيكون القول قول الجاني ، ولو لم يمض مدة يمكن فيها الاندمال كان القول قول الولي ؛ لأن دعوى الجاني غير ممكنة فلا تكون مسموعة ، وذلك مع التصادق على المدة أو (١١٥) قيام البينة بها ، ولو اختلفا فقال الجاني : مضت مدة يمكن فيها الاندمال ، وقال الولي : لم تمض ، قال المصنف : القول قول الولي وفيه تردد ، ومنشؤه من تعارض براءة الذمة مما زاد على دية اليد ، وأصالة عدم مضي المدة.
قال رحمهالله : ولو ادعى الجاني أنه شرب سما فمات ، وادعى الولي موته من السراية ، فالاحتمال فيها سواء ، ومثله الملفوف في الكساء إذا قده بنصفين ، وادعى الولي أنه كان حيا ، وادعى الجاني أنه كان ميتا ، فالاحتمالان متساويان ، فيرجح قول الجاني بما أن الأصل عدم الضمان ، وفيه احتمال آخر ضعيف.
أقول : إنما تساوي الاحتمالان في المسألتين لتعارض الأصلين في الاولى ، والأصل والظاهر في الثانية ؛ لأن الأصل عدم الموت بالسراية في الاولى ، والأصل عدم شرب السم ، والأصل حياة (١١٦) الملفوف بالكساء في الثانية ، والظاهر موته ؛ لأن الظاهر من حال الملفوف في الكساء الموت ، ومع التعارض يجب التساقط والرجوع الى أصالة البراءة ؛ لأن الأصل عدم الضمان ، وهو اختيار الشيخ في المبسوط ، ونقل عن بعض الفقهاء أن القول قول الولي ، واستضعفه الشيخ وتبعه المصنف.
قال رحمهالله : ولو صرح بالعفو صح فيما كان ثابتا وقت الإبراء ، وهو دية
__________________
(١١٥) في « ر ١ » : و.
(١١٦) في الأصل : عدم حياة.