وإن قلنا : إنها تفتقر إلى نية فيكون هذا كالتحجير يفيد أولوية ، فلا يجب بذل الفاضل منه ، ويجوز بيعه كيلا ووزنا ، وهذا هو المعتمد.
قال رحمهالله الاولى : ما يفيضه النهر المملوك من الماء المباح ، قال الشيخ : لا يملكه الحافر كما إذا جرى سئل إلى أرض مملوكة ، بل الحافر أولى بمائه من غيره ، لأن يده عليه ، فان كان فيه جماعة ، فان وسعهم التراضي فيه فلا بحث ، وإن تعاسروا قسم بينهم على سعة الضياع ، ولو قيل : يقسم على قدر انصبابهم من النهر ، كان حسنا.
أقول : الأصل في الماء الإباحة لجميع الناس ، لقوله عليهالسلام : « الناس شركاء في ثلاثة : الماء والنار والكلاء » (٢٤) ويملك بالاحراز في الإناء إجماعا ، وباستنباط بئر أو عين بقصد التملك ، فإنه يملك البئر والماء على المختار.
وقال الشيخ في الخلاف وفي موضع من المبسوط : إذا ملك الإنسان البئر بالاحياء وخرج ماؤها ، فإنه أحق بها من غيره بقدر حاجته وحاجة ماشيته ، فان فضل بعد ذلك شيء وجب بذله بغير عوض للمحتاج اليه لشربه ، والمعتمد عدم الوجوب.
وإذا حفر نهرا في ملكه أو في الموات ، وحصل فيه من الماء المباح شيء ، هل يملكه مالك النهر وهو الحافر؟
قال الشيخ : لا يملك بل يكون أحق به من غيره ، لأنه لم يحدث على ملكه بل دخل فيه. والمعتمد أنه يملكه ، وهو اختيار العلامة في القواعد وابنه والشهيد ، لأنه مباح قابل للتمليك (٢٥) ، وقد قبضه النهر المملوك فصار مملوكا ، كما لو كان نبعا من قعر النهر.
__________________
(٢٤) تقدم مصدره في هامش رقم ٢١.
(٢٥) في « م » : للتملك.