أقول : هذه المسألة هي السابقة بعينها ، وانما أوردها ثانيا ، لزيادة الإيضاح والتبيين ، وعلى ما اختاره المصنف والعلامة في التحرير من سماع الدعوى ، ينبغي الحكم بالدية في مال القاتل لا بالقصاص لما فيه من التهجم على الدماء مع الشك في السبب ، ولا في مال العاقلة لأصالة براءة ذمتهم ما لم يعلم الموجب ، فيتعين كونها في مال القاتل.
قال رحمهالله : ولو ادعى على شخص القتل منفردا ، ثمَّ ادعى على آخر ، لم يسمع الثانية برئ الأول أو شرّكه ، لا كذابة نفسه بالدعوى الاولى ، وفيه للشيخ قول آخر.
أقول : القول الآخر نقله صاحب الترددات عن الشيخ في الخلاف ، وهو سماع الدعوى الثانية ؛ لأن قول الولي قتله فلان وحده لم يقطع به ، وانما قاله بغالب ظنه ، والمعتمد عدم السماع ما لم يصدقه الثاني فيؤخذ (٦٩) بإقراره ، وهو اختيار العلامة في القواعد والتحرير.
قال رحمهالله : اما الإقرار فيكفي فيه المرّة ، وبعض الأصحاب يشترط الإقرار مرتين.
أقول : نص الشيخ في النهاية على وجوب الإقرار مرتين ، وتبعه ابن إدريس ، للاحتياط للدماء ، ولأنه لا تقصر عن الإقرار بالسرقة والزنا ، والمشهور الاكتفاء بالمرة ، لعموم : « إقرار العقلاء على أنفسهم جائز » (٧٠) ، ولأنه حق آدمي فيكفي فيه المرة كغيره من الحقوق ، وهو المعتمد.
قال رحمهالله : ولو أقر بقتله عمدا ، فأقر آخر أنه هو الذي قتله ، ورجع الأول درئ عنهما القصاص والدية ، وودي المقتول من بيت المال ، وهي قضية
__________________
(٦٩) في النسخ : فيؤاخذ.
(٧٠) الوسائل ، كتاب الإقرار ، باب ٣ ، حديث ٢.