فكان ضمانا ، وإباحة السبب لا ينافي الضمان كالطبيب والمؤدب بالسائغ شرعا ، ولما رواه السكوني عن الصادق عليهالسلام ، « قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من أخرج كنيفا أو ميزابا أو أوتد وتدا أو أوثق دابة أو حفر بئرا في طريق المسلمين ، فأصاب شيئا فهو له ضامن » (٣٢) وقال في المبسوط : الحكم فيه كخشب الجناح سواء ، وقال في الجناح : يضمن النصف ؛ لأنه هلك من فعل مباح ومحظور ، ومراده بالمباح ما كان من الخشب في الحائط ، وبالمحظور ما كان خارجا عن الحائط إلى الطريق ، فعلى هذا لو انكسر الميزاب أو الجناح فسقط منه ما خرج عن الحائط ضمن الجميع ، وإنما يضمن النصف بوقوع الداخل في الحائط ، وهذا التفصيل مذهب العلامة في القواعد ، وبه قال فخر الدين ، وجعل المصنف للضمان ضابطا ، وهو كل ما كان للإنسان إحداثه في الطريق لم يضمن بسببه ، وما ليس له إحداثه يضمن بسببه وهو قوي.
قال رحمهالله : ولو بالت دابته في الطريق ، قال الشيخ : يضمن لو زلق فيه إنسان ، وكذا لو ألقى قمامة المنزل كقشور البطيخ ، أو رش الدرب بالماء ، والوجه اختصاص ذلك بمن لم ير الرش ، أو لم يشاهد القمامة.
أقول : هذا قول الشيخ في المبسوط ، سواء كان راكبا أو سائقا أو قائدا ؛ لأن يده عليه كما لو بال هو في هذا المكان ، قال : ومثله لو أكل شيئا فرمى قشوره في الطريق كالبطيخ والخيار والباقلاء ، وكذا لو رش في الطريق ماء والباب واحد ( هذا كلامه رحمهالله ) (٣٣) والمصنف اشترط عدم العلم من الواقع ؛ لأنه مع العلم يكون مباشرا أو سببا في إتلاف نفسه ، ولم يتعرض لبول الدابة بل خص ذلك بمن لم ير الرش أو لم يشاهد القمامة ولم يذكر البول ، والظاهر أن الحكم عنده واحد
__________________
(٣٢) الوسائل ، كتاب الديات ، باب ١١ من أبواب موجبات الضمان ، حديث ١.
(٣٣) في الأصل غير مقروءة ، وما أثبتناه فهو من النسخ.