أقول : منشؤه من أنه إحسان ومعاونة على البر فيكون واجبا ، لعموم قوله تعالى (وَأَحْسِنُوا) (٣) ، وقوله تعالى (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى) (٤) ، ولما في ذلك من حفظ نفس المسلم ، فيكون واجبا على الكفاية ؛ لأن فعله غير مراد من واحد معين فاذا قام به البعض سقط عن الباقي.
ومن أن الوجوب حكم شرعي فيقف على الدلالة الشرعية ، والأصل براءة الذمة ، والمعتمد الأول.
قال رحمهالله : قال الشيخ رحمهالله : أخذ اللقيط واجب على الكفاية ؛ لأنه تعاون على البر ، ولأنه دفع ضرورة المضطر ، والوجه الاستحباب.
أقول : المشهور وجوب أخذ اللقيط على الكفاية ، وجزم به العلامة والشهيد ، ولم يوجبه المصنف ، لأصالة البراءة ، وحمل الآية على الاستحباب ، وأستعبده الشهيد إذا خيف على اللقيط التلف.
قال رحمهالله : اللقيط يملك كالكبير. وفيما يوجد بين يديه أو الى جانبه تردد ، أشبهه أنه لا يقضى له ، وكذا البحث لو كان على دكة وعليها متاع ، وعدم القضاء هنا له أوضح.
أقول : منشأ التردد من انتفاء أسباب الملك هنا ؛ لان سبب الملك إثبات اليد على ما هو متصل به ، كالقميص الذي عليه ، ودراهم مشدودة فيه ، وفراش تحته ، ودراهم مصبوبة تحت الفراش ، ودابة هو راكبها أو مشدودة بشيء متصل به ، فهذه الأشياء كلها تحت يده.
والذي بين يديه والى جانبيه غير متصل به ولا يده عليه ، فلا يقضى له به.
ومن أن العادة قاضية أن الإنسان قد يترك ماله بقربه وهو غير متصل به
__________________
(٣) البقرة : ١٩٥.
(٤) المائدة : ٢.