أقول : منشأ التردد مما قاله المصنف ، ومن أن شعيبا عليهالسلام كان أعمى ، ولأصالة الجواز.
وأجيب بالفرق بين الأنبياء وغيرهم ، واشتراط البصر هو المشهور بين الأصحاب ، وهو المعتمد.
قال رحمهالله : وهل يشترط الحرية؟ قال الشيخ في المبسوط نعم ، والأقرب أنه ليس شرطا.
أقول : اشتراط الحرية مذهب الشيخ في المبسوط ، وابن البراج ، ويحيى بن سعيد ، واختاره العلامة وابنه والشهيد ؛ لان القضاء من المناصب الجليلة التي لا تليق بالعبد ، ولأن القضاء ولاية والعبد مولى عليه فلا يكونه واليا ، والمصنف لم يشترط الحرية ؛ لأن المناط العلم مع العدالة والاجتهاد ، فاذا حصل في العبد ذلك جاز أن يكون قاضيا لأصالة الجواز ، ولعموم قول الصادق عليهالسلام : « إياكم أن يحاكم بعضكم بعضا الى قضاة الجور ، ولكن انظروا الى رجل منكم يعلم شيئا من قضائنا فاجعلوه بينكم قاضيا فإني قد جعلته قاضيا » (١)
قال رحمهالله : تولى القضاء مستحب لمن يثق من نفسه بالقيام بشرائطه ، وربما يوجب ، ووجوبه على الكفاية ، وإذا علم الامام أن بلدا خال عن قاض لزمه أن يبعث له ، ويأثم أهل البلد بالاتفاق على منعه ، ويحل قتالهم طلبا للإجابة ، ولو وجد من هو بالشرائط فامتنع لم يجبر مع وجود مثله ولو ألزمه الإمام ، قال في الخلاف : لم يكن له الامتناع ، لأن ما يلزم به الامام واجب ، ونحن نمنع الإلزام ، إذ الإمام لا يلزم بما ليس لازما ، أما لو لم يوجد غيره تعين هو ولزمه الإجابة ، ولو لم يعلم به الامام وجب أن يعرف بنفسه ؛ لان القضاء من باب الأمر بالمعروف ، وهل يجوز أن يبذل مالا ليلي القضاء؟ قيل : لا ؛ لأنه كالرشوة.
__________________
(١) الوسائل ، القضاء ، باب ١ من أبواب صفات القاضي ، حديث ٥.