تتوفّر لديه جملةٌ من القرائن التي تعزّز لديه الثقة ببعض الرواة فيسكن إلى نقلهم ، أو العكس فتنعكس النتيجة.
وبمجمل ما بيّناه يعلم إجمالاً الحاجة إلى علم الرجال ، ألا وهي التعرّف على طرق الأخبار وسند الآثار ومعرفة صحيحها من سقيمها ومقبولها من مرفوضها ، مضافاً إلى تبويب طبقاتها وتمييز مشتركاتها وتشخيص مجاهيلها ... إلى غير ذلك ممّا يهمّ المستنبط ويلبّي حاجته ويحقّق رغبته ممّا هو مذكور في مَحلّه.
ولهذه الأهميّة أولى العلماء رضوان الله عليهم إهتماماً شديداً بهذا العلم حتّى تبحّروا فيه ، فتراهم ما بين مصنّف ومؤلّف ، أو باحث ومترجم ، أو شارح ومعلّق ، حسب ما جادت به قرائِحُهم ودَعَت إليه رغبتُهم.
وغيرُ مبالغ فيه إنِ ادّعينا أنّ عدد ما اُلّف أو صُنّف في الرجال لدى الشيعة قد يصل إلى المئات ، ولعلّ خير شاهد على ذلك ما قام به العالم الحجّة الشيخ آقا بُزرگ الطّهراني صاحب الذريعة قدسسرهم ، حيث ألّف كتاباً أسماه : « مصفّى المقال في مصنّفي علم الرجال » وهو فهرست استقصى فيه رحمهمالله تراجم أحوال من اشغل فكره وأجرى قلمه في هذا العلم تأليفاً أو ترجمة أو رسالة أو شرحاً وتعليقاً ، لعلمائنا الأقدمين ومَن لم يدركهم من المتأخّرين ، وأيضاً ذكر فيه من أعاظم علماء الشيعة مَن لم يكتف بتأليف واحد من الرجال ، بل ثنّاها وعزّزها بثالث فما زاد ، مثل الشيخ أبي جعفر الصدوق المتوفّى ٣٨١ هـ والشيخ أبي جعفر الطوسي المتوفّى ٤٦٠ هـ رضوان الله عليهما ، وغيرهما من العلماء قدّس الله أسرارهم.
وها هي مؤسّسة آلِ البيت عليهمالسلام وهي الدؤوبة دائماً وأبداً على نشر