ولا يخفى على المطّلع بأحوال القدماء أنّهم كانوا يكتفون بالظنّ ولا يلزمون تحصيل العلم ، وأيضاً كلّ واحد منهم يوثّق لأجل اعتماد غيره كما هو ظاهر ، على أنّه لا يثبت من إجماعهم أزيد مما ذكر.
وأمّا الآية فلعدم كون مظنون الوثاقة وظاهر العدالة من الأفراد المتبادرة للفاسق ، بل ربما يكون الظاهر خلافه ، فتأمّل.
وأيضاً القصر على التثبّت لعلّه يستلزم سدّ باب أكثر التكاليف ، فتأمّل.
ومع ملاحظة الأمر به في خبر الفاسق واشتراط العدالة والتمكّن من الظنّ بها لعلّه لا يحصل العلم بحجّية خبر الفاسق وغير مظنون العدالة من دون تثبّت ، فتأمّل.
وممّا ذكرنا ظهر الجواب عمّا ذكرت من أنّه كثيراً ما يتحقّق التعارض ، إذ لا شبهة في حصول الظنّ من الأمارات المرجّحة والمعيّنة ولو لم توجد نادراً ، فلا قدح ، وبناؤهم على هذا أيضاً ، وكذا لا شبهة في كون المظنون عدم السقوط.
ولعلّ الروايات عمّن (١) لم يكن مؤمناً ثمّ آمن اُخذت حال إيمانه ، وببالي أنّ هذا عن المحقّق الأردبيلي رحمهمالله وعن غيره أيضاً ، ويشير إليه ما في أخبار كثيرة : عن فلان في حال استقامته (٢).
__________________
١ ـ في « ك » : ممن.
٢ ـ وردت هذه العبارة في حقّ عدّة من الرواة ، منهم طاهر بن حاتم كما في الكافي ١ : ٦٧ / ٢ باب أدنى المعرفة ، حيث ورد في سند الحديث : عليّ بن محمّد عن سهل بن زياد عن طاهر بن حاتم في حال استقامته ... إلى آخره ، ومنهم الحسين بن عبيد الله بن سهل كما في رجال النجاشي : ٦١ / ١٤١ ترجمة الحسن بن أبي عثمان.