بعد ملاحظة ما ذكرنا.
وأيضاً عدّهم الحديث حسناً وموثّقاً منشؤه القدماء ، ولا خفاء فيه ، مع أنّ حديث الممدوح عند القدماء ليس عندهم مثل حديث الثقة والمهمل والضعيف البتّة ، وكذا الموثّق ، نعم لم يعهد منهم أنّه حسن أو موثّق أو غير ذلك ، والمعهود من المتأخّرين لو لم يكن حسناً لم يكن فيه مشاحّة البتّة ، مع أنّ حُسْنه غير خفيّ.
ثمّ إنّه ممّا ذكرنا ظهر فساد ما توهّم بعض من أنّ قول مشايخ الرجال : ( صحيح الحديث ) تعديل ـ وسيجيء في الحسن بن عليّ بن النعمان أيضاً ـ نعم هو مدح ، فتدبّر.
واختلف في بيان المراد ، فالمشهور أنّ المراد صحّة كلّ ما رواه حيث تصحّ الرواية إليه (١) ، فلا يلاحظ ما بعده إلى المعصوم عليهالسلام وإن كان فيه ضعف ، وهذا هو الظاهر من العبارة.
وقيل : لا يفهم منه إلاّ كونه ثقة (٢).
واعترض (٣) عليه أنّ كونه ثقة أمر مشترك ، فلا وجه لاختصاص الإجماع بالمذكورين به (٤).
وهذا الإعتراض بظاهره في غاية السخافة ، إذ كون الرجل ثقة لا يستلزم وقوع الإجماع على وثاقته ، إلاّ أن يكون المراد ما أورده بعض
__________________
١ ـ في « ب » بدل تصحّ الرواية إليه : يصحّ الرواية عنه.
٢ ـ يظهر القول المذكور من المجلسي الأوّل في روضة المتقين ١٤ : ١٩.
٣ ـ كذا في « م » ، وفي سائر النسخ : فاعترض.
٤ ـ اُنظر استقصاء الاعتبار ١ : ٦٠.