قوله : وأمّا مفهوم الشرط ، فلأنّ الشرط المذكور في الآية ممّا يتوقّف عليه وجود الجزاء عقلاً ـ إلى قوله ـ فانتفاء التبيّن عند عدم مجيء الفاسق بالنبأ قهري من باب السالبة بانتفاء الموضوع ... الخ (١).
لعلّ هذا التحرير للإشكال المزبور أولى ممّا تضمّنته عبارة الكفاية بقوله : ولا يخفى أنّه على هذا التقرير لا يرد أنّ الشرط في القضية لبيان تحقّق الموضوع ، فلا مفهوم له ، أو مفهومه السالبة بانتفاء الموضوع الخ (٢). وعبارة الشيخ قدسسره في الرسائل تقارب عبارة الكفاية ، فإنّه أشكل على الآية بأنّها مسوقة لبيان تحقّق الموضوع فلا مفهوم لها (٣) فراجع.
وتوضيح المقام هو أن يقال : إنّه قد حقّق في محلّه رجوع القضية الحقيقية الحملية إلى قضية شرطية مقدّمها من عقد الوضع وتاليها من عقد الحمل ، كما أنّ كلّ قضية شرطية يكون مقدّمها من قبيل الموضوع وتاليها من قبيل المحمول ، وحينئذ يتوهّم المتوهّم أنّ لازم رجوع القضيتين إلى مفاد واحد هو الالتزام بالمفهوم لكلّ منهما ، أو الالتزام بعدمه في كلّ منهما ، ولا وجه للتفرقة بينهما في الالتزام بالمفهوم في الثانية دون الأُولى.
ولكن التحقيق هو التفرقة بينهما ، فإنّ القضية الحملية لا مفهوم لها ، بخلاف القضية الشرطية فإنّ لها مفهوماً ، منشؤه دلالة تعليق الجزاء على الشرط على حصر علّة سنخ الحكم في ناحية الجزاء بما تضمّنه المقدّم من الشرط ، بخلاف القضية الحملية ، ولا يرفع اليد عن ظهور القضية الشرطية في الحصر
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ١٦٧ ـ ١٦٨.
(٢) كفاية الأُصول : ٢٩٦.
(٣) فرائد الأُصول ١ : ٢٥٧.