بحرمة التجرّي تعبّداً.
وإن لم يكن قائلاً بالحرمة التعبّدية وكان قائلاً باستحقاق العقاب على التجرّي ، توجّه عليه أنّه لا وجه لاستحقاق العقاب على التجرّي إلاّما تقدّمت الاشارة إليه في المباحث السابقة من أنّ مدار استحقاق العقوبة وملاكها متحقّق في من قطع بالحرمة وارتكب ، سواء صادف الواقع أو لم يصادف ، فلا يكون في البين إلاّعلّة واحدة لاستحقاق العقاب وهي متحقّقة في كلّ من المقامين بنسبة واحدة ، فلا معنى لقوله حينئذ إن صادف المعصية تداخل عقاباهما (١) ، إذ ليس حينئذ إلاّعقاب واحد لا عقابان متداخلان.
ولو حملنا كلامه على ما أفاده شيخنا قدسسره من أنّ المراد مصادفة معصية أُخرى غير التي قطع بها ، فإن قلنا إنّ تلك الحرمة الواقعية ـ أعني الغصبية ـ تتنجّز ولو بالقدر المشترك بالقطع بالخمرية ، كان اللازم استحقاق عقابين ، أحدهما لجنس التحريم المفروض تنجّزه ، والآخر للتجرّي في الخمرية المفروض كونه علّة لاستحقاق عقاب ما قطع به ، ولا وجه لتداخل العقابين ، فلا محصّل لوحدة العقاب حينئذ.
وأمّا ما أفاده قدسسره من توجيه وحدة العقاب ، فكأنّه مبني على أنّ التجرّي في حدّ نفسه لا يوجب استحقاق العقاب ، لكن القطع بالخمرية المفروض خطؤه ومصادفة الغصبية ، يوجب تنجّز القدر المشترك بينهما ، فتكون النتيجة حينئذ هي استحقاق عقاب أقلّهما ، فلاحظ وتأمّل.
تنبيه : ينبغي زيادة تنبيه ثالث ، وهو أنّا وإن قلنا بعدم حرمة التجرّي ولا باستحقاق العقاب عليه ، إلاّ أنّه يكون مخلاًّ بالعدالة ، وهل يوجب الفسق ، أو لا
__________________
(١) الفصول الغروية : ٨٧ / التنبيه الرابع من تنبيهات مقدّمة الواجب ، سطر ٣٤.