بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٦١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

« مالم يردخلقه » وهو أظهر ، أي يلزم على قولك أن يكون صدور الاشياء عنه تعالى بغير إرادة ، وهذه صفة من لايدري مافعل. كالنار في إحراقه ، تعالى الله عن ذلك.

قوله : « وإلا فمعه غيره » أي يلزم تعدد القدماء. « قوله : لان إرادته علمه » أي مانسب إلى نفسه بلفظ الارادة أرادبه العلم ، والظاهرأن اللام زيدمن النساخ ، والسائل رجع عن كلامه السابق لعجزه عن جواب مايرد عليه إلى كلام آخر. قوله : « فإن ذلك إثبات للشئ » أي في الازل ، إنما قال ذلك ظنامنه أن العلم بالشئ يستلزم وجوده.

اقول : قدمر شرح بعض أجزاء الخبر في كتاب التوحيد.(١) وقال الصدوق رحمة الله عليه في الكتابين بعد إيراد هذا الخبر : كان المأمون يجلب على الرضا عليه‌السلام من متكلمي الفرق وأهل الاهواء المضلة كل من سمع به حرصا على انقطاع الرضا عليه‌السلام من الحجة مع واحد منهم ، وذلك حسدا منه له ولمنزلته من العلم ، فكان لايكلمه أحد إلا أقرله بالفضل والتزم الحجة له عليه ، لان الله تعالى ذكره يأبى إلا أن يعلي كلمته ويتم نوره وينصر حجته ، وهكذا وعد تبارك وتعالى في كتابه فقال : « إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحيوة الدنيا » يعني بالذين آمنوا الائمة الهداة عليهم‌السلام وأتباعهم العارفين بهم والآخذين عنهم ، ينصر هم بالحجة على مخالفيهم ماداموا في الدنيا ، وكذلك يفعل بهم في الآخرة ، وإن الله لايخلف وعده.(٢)

٣ ـ ن : الهمداني والمكتب(٣) والوراق ، عن أبيه ، عن علي ، عن صفوان بن يحيى صاحب السابري قال : سألني أبوقرة صاحب الجاثليق أن اوصله إلى الرضا عليه‌السلام فاستأذنته في ذلك ، فقال : أدخله علي ، فلمادخل عليه قبل بساطه وقال : هكذا علينافي ديننا أن نفعل بأشراف أهل زماننا ، ثم قال له : أصلحك الله ماتقول في فرقة ادعت دعوى فشهدت لهم فرقة اخرى معدلون؟ قال : الدعوى لهم ، قال : فادعت فرقة اخرى دعوى فلم يجدوا شهودا من غيرهم؟ قال : لاشئ لهم قال فإنانحن ادعينا أن عيسى روح الله

__________________

(١) راجع ج ٤ ص ٩٥ و ٩٦.

(٢) التوحيد : ص ٤٧٠. عيون الاخبار : ص ١٠٦.

(٣) المكتب : معلم الكتابة. المكتب بضم الميم : من عنده كتب يكتبها الناس.

٣٤١

وكلمته ، (١) فوافقنا على ذلك المسلمون ، وادعى المسلمون أن محمدا نبي فلم نتابعهم عليه ، وما أجمعنا عليه خير مما افترقنا فيه ، فقال له الرضا عليه‌السلام : ما اسمك؟ قال يوحنا ، قال : يايوحنا إنا آمنا بعيسى روح الله وكلمته الذي كان يؤمن بمحمد ويبشر به ويقر على نفسه أنه عبدمربوب : فإن كان عيسى الذي هو عندك روح الله وكلمته ليس هو الذي آمن بمحمد وبشر به ، ولاهو الذي أقرلله بالعبودية والربوبية فنحن منه برآء ، فأين اجتمعنا ، فقام فقال لصفوان بن بحيى : قم فماكان أغناناعن هذا المجلس؟!(٢)

٤ ـ ن : تميم بن عبدالله بن تميم القرشي ، عن أبيه ، عن أحمدبن علي الانصاري ، عن أبي الصلت عبدالسلام بن صالح الهروي قال : سأل المأمون أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : « وهو الذي خلق السموات والارض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا » فقال : إن الله تبارك و تعالى خلق العرش والماء والملائكة قبل خلق السماوات والارض ، فكانت الملائكة تستدل بأنفسها وبالعرش والماء على الله عزوجل ، ثم جعل عرشه على الماء ليظهر بذلك قدرته للملائكة فتعلم أنه على كل شئ قدير ، ثم رفع العرش بقدرته ونقله فجعله فوق السماوات السبع ، ثم خلق السماوات والارض في ستة أيام وهو مستول على عرشه ، وكان قادرا على أن يخلقها في طرفة عين ، ولكنه عزوجل خلقها في ستة أيام ليظهر للملائكة ما يخلقه منها شيئا بعدشئ فتستدل بحدوث مايحدث على الله تعالى ذكره مرة بعدمرة ، ولم يخلق الله العرش لحاجة به إليه ، لانه غني عن العرش وعن جميع ما خلق ، لايوصف بالكون على العرش لانه ليس بجسم ، تعالى عن صفة خلقه علوا كبيرا.(٣)

وأما قوله عزوجل : « ليبلوكم أيكم احسن عملا » فإنه عزوجل خلق خلقه ليبلوهم بتكليف طاعته وعبادته لاعلى سبيل الامتحان والتجربة ، لانه لم يزل عليما بكل شئ. فقال المأمون : فرجت عني يا أبا الحسن فرج الله عنك ، ثم قال له : يا ابن

__________________

(١) في المصدر : ان عيسى روح الله وكلمة ألقاها.

(٢) عيون الاخبار : ص ٣٤٥.

(٣) أخرجه إلى هنا ايضا في باب نفى الزمان والمكان عنه تعالى. راجع ج ٣ ص ٣١٧ و ٣١٨.

٣٤٢

رسول الله فما معنى قول الله جل ثناؤه : « ولوشاء ربك لآمن في الارض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين * وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله » فقال الرضا عليه‌السلام : حدثني أبي موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفربن محمد ، ، عن أبيه محمدبن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسن بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم‌السلام قال : إن المسلمين قالوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لوأكرهت يارسول الله من قدرت عليه من الناس على الاسلام لكثر عددنا وقوينا على عدونا ، فقال رسول الله : ماكنت لالقى الله عزوجل ببدعة لم يحدث إلي فيها شيئا وما أنا من المتكلفين ، فأنزل الله عزوجل عليه : يا محمد « ولوشاء ربك لآمن من في الارض كلهم جميعا » على سبيل الالجاء والاضطرار في الدنيا كما يؤمنون عندالمعاينة ورؤية البأس في الآخرة ، (١) ولو فعلت ذلك بهم لم يستحقوا مني ثوابا ولامدحا ، ولكني اريد منهم أن يؤمنوا مختارين غير مضطرين ليستحقوا مني الزلفى والكرامة ودوام الخلود في جنة الخلد ، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين وأما قوله عزوجل : « وماكان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله » فليس ذلك على سبيل تحريم الايمان عليها ، ولكن على معنى أنها ماكانت لتؤمن إلا بإذن الله ، وإذنه أمره لها بالايمان ما كانت مكلفة متعبدة ، وإلجاؤه إياها إلى الايمان عندزوال التكليف والتعبد عنها ، فقال المأمون : فرجت عني يا أبا الحسن فرح الله عنك ، فأخبرني عن قول الله عزوجل : « الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لايستطيعون سمعا » فقال : إن غطاء العين لايمنع من الذكر ، الذكر لايرى بالعين ، ولكن الله عزوجل شبه الكافرين بولاية علي بن أبي طالب عليه‌السلام بالعميان لانهم كانوا يسثثقلون قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فيه ولا يستطيعون له سمعا ، فقال المأمون : فرجت عني فرج الله عنك.(٢)

ج : الهروي مثله.(٣)

٥ ـ ج : عن صفوان يحيى قال : سألني أبوقرة المحدث صاحب شبرمة أن

__________________

(١) في نسخة : ورؤية البأس وفى الاخرة.

(٢) عيون اخبار الرضا : ص ٧٧ و ٧٨.

(٣) الاحتجاج : ص ٢٢٤ و ٢٢٥.

٣٤٣

ادخله إلى أبي الحسن الرضا عليه‌السلام فاستأذنته فأذن له ، فدخل فسأله عن أشياء من الحلال والحرام والفرائض والاحكام حتى بلغ سؤاله إلى التوحيد فقال له : أخبرني جعلني الله فداك عن كلام الله لموسى ، فقال : الله أعلم بأي لسان كلمه ، بالسريانية أم بالعبرانية فأخذأبوقرة بلسانه فقال : إنما أسألك عن هذا اللسان ، فقال أبوالحسن عليه‌السلام : سبحان الله عما تقول ، ومعاذالله أن يشبه خلقه أو يتكلم بمثل ماهم متكلمون ، (١) ولكنه تبارك وتعالى ليس كمثله شئ ، ولاكمثله قائل فاعل ، قال : كيف ذلك؟ قال : كلام الخالق لمخلوق ليس ككلام المخلوق لمخلوق ، ولايلفظ بشق فم ولالسان ، ولكن يقول له : كن ، فكان بمشيته ما خاطب به موسى من الامر والنهي من غير تردد في نفس.(٢)

فقال أبوقرة : فما تقول في الكتب؟ فقال أبوالحسن عليه‌السلام : التوراة والانجيل والزبور والفرقان وكل كتاب انزل كان كلام الله تعالى ، أنزله للعالمين نورا وهدى وهي كلها محدثة وهي غيرالله ، حيث يقول : « أو يحدث لهم ذكرا » وقال : « ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون » والله أحدث الكتب كلها التي أنزلها ، فقال أبوقرة : فهل يفنى؟ فقال أبوحسن عليه‌السلام : أجمع المسلمون على أن ماسوى الله فان وماسوى الله فعل الله ، والتوراة والانجيل والزبورو الفرقان فعل الله تعالى ، ألم تسمع الناس يقولون : رب القرآن؟ وإن القرآن يقول يوم القيامة : يارب هذا فلان وهو أعرف به قد أظمأت نهاره ، وأسهرت ليله ، فشفعني فيه؟ وكذلك التوراة والانجيل والزبور كلها محدثة مربوبة ، أحدثها من ليس كمثله شئ ، هدى لقوم يعقلون ، فمن زعم أنهن لم يزلن(٣) فقد أظهر أن الله ليس بأول قديم ولا واحد ، وأن الكلام لم يزل معه وليس له بدؤ وليس بإله ، قال أبوقرة : وإنا روينا أن الكتب كلها تجئ يوم القيامة والناس في صعيد واحد ، صفوف قيام لرب العالمين ، ينظرون حتى ترجع فيه ، لانهامنه وهي جزء منه فإليه تصير ، قال ابوالحسن عليه‌السلام : فهكذا قالت النصارى

__________________

(١) في المصدر : بمثل ماهم به متكلمون.

(٢) أخرجه إلى هنا ايضا في باب كلامه تعالى. راجع ج ٤ ص ١٥٢.

(٣) في المصدر : فمن ظهر أنهن لم يزلن معه.

٣٤٤

في المسيح : إنه روحه جزء منه ويرجع فيه ، وكذلك قالت المجوس في النار والشمس : إنهما جزء منه يرجع فيه ، تعالى ربنا أن يكون متجزئا أو مختلفا ، وإنما يختلف و يأتلف المتجزئ لان كل متجزء متوهم والقلة والكثرة مخلوقة دالة على خالق خلقها

فقال أبوقرة : (١) فإنا روينا أن الله قسم الرؤية والكلام بين نبيين ، فقسم لموسى الكلام ، ولمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله الرؤية ، فقال أبوالحسن عليه‌السلام : فمن المبلغ عن الله إلى الثقلين من الجن والانس : إنه لاتدركه الابصار ، ولايحيطون به علما ، وليس كمثله شئ؟ أليس محمد؟ قال : بلى ، قال أبوالحسن عليه‌السلام : فكيف يجئ رجل إلى الخلق جميعا فيخبرهم أنه جاء من عندالله ، وأنه يدعوهم إلى الله بأمر الله ويقول : إنه لاتدركه الابصار ، ولا يحيطون به علما ، وليس كمثله شئ ، ثم يقول : أنارأيته بعيني ، وأحطت به علما ، وهو على صورة البشر؟ أما تستحيون؟ ماقدرت الزنادقة أن ترميه بهذا أن يكون أتى عن الله بأمر ثم يأتي بخلافه من وجه آخر! فقال أبوقرة : فإنه يقول : « ولقد رآه نزلة اخرى » فقال أبوالحسن عليه‌السلام : إن بعد هذه الآية ما يدل على ما رأى حيث يقول : « ما كذب الفؤاد ما رأى » يقول : ما كذب فؤاد محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ما رأت عيناه ، ثم أخبر بما رأت عيناه فقال : « لقد رأى من آيات ربه الكبرى » فآيات الله غير الله. وقال : « ولا يحيطون به علما » فإذا رأته الابصار فقد أحاطت به العلم ووقعت المعرفة ، فقال أبوقرة فتكذب بالرواية؟(٢) فقال أبوالحسن عليه‌السلام : إذا كانت الرواية خالفة للقرآن كذبتها ، وما أجمع المسلمون عليه أنه لا يحاط به علما ، ولاتدركه الابصار ، وليس كمثله شئ.

وسأله عن قول الله : « سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام » (٣) فقال أبوالحسن : قد أخبرالله تعالى أنه أسرى به ، ثم أخبر لم أسرى به فقال : لنريه من

__________________

(١) أخرج مسألة الرؤية إلى قوله : ( ليس كمثله شئ ) في التوحيد في باب الرؤية ، وتقدم هناك الكلام حولها. راجع ج ٤ ص ٣٦.

(٢) كذب بالامر : أنكره وجحده.

(٣) في المصدر زيادة وهى : إلى المسجد الاقصى.

٣٤٥

آياتنا فآيات الله غير الله ، لقد أعذر وبين لم فعل به ذلك ومارآه ، فقال : « فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون » فأخبر أنه غير الله.

فقال أبوقرة : فأين الله؟ فقال أبوالحسن عليه‌السلام : الاين مكان ، وهذه مسألة شاهد عن غائب ، والله تعالى ليس بغائب ، ولا يقدمه قادم ، وهو بكل مكان موجود ، مدبر صانع حافظ ممسك السماوات والارض.

فقال أبوقرة : أليس هو فوق السماء دون ما سواها؟ فقال أبوالحسن عليه‌السلام : هو الله في السماوات وفي الارض ، وهو الذي في السماء إله وفي الارض إله ، وهو الذي يصوركم في الارحام كيف يشاء ، وهو معكم أينما كنتم ، وهو الذي استوى إلى السماء وهي دخان ، وهو الذي استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات ، وهو الذي استوى على العرش ، قد كان ولا خلق ، وهو كما كان إذ لا خلق ، لم ينتقل مع المنتقلين.

ففال أبوقرة : فما بالكم(١) إذا دعوتم رفعتم أيديكم إلى السماء؟ فقال أبوالحسن عليه‌السلام : إن الله استعبد خلقه بضروب من العبادة ، والله مفازع يفزعون إليه ويستعبد(٢) فاستعبد عباده بالقول والعلم والعمل والتوجيه(٣) ونحو ذلك ، استعبدهم بتوجيه الصلاة إلى الكعبة ، ووجه إليها الحج والعمرة ، واستعبد خلقه عند الدعاء والطلب والتضرع ببسط الايدي ورفعها إلى السماء لحال الاستكانة وعلامة العبودية و التذلل له.

ففال أبوقرة : فمن أقرب إلى الله؟ الملائكة أو أهل الارض؟ قال أبوالحسن عليه‌السلام : إن كنت تقول بالشبر والذراع فإن الاشياء كلها باب واحد هي فعله ، لا يشتغل ببعضها عن بعض ، يدبر أعلى الخلق من حيث يدبر أسفله ، ويدبر أوله من حيث بدبر آخره ، من غير عناء ولا كلفة ولا مؤونة ولا مشاورة ولا نصب ، وإنكنت تقول : من أقرب إليه في الوسيلة؟ فأطوعهم له ، وأنتم تروون أن أقرب ما يكون العبد إلى الله

__________________

(١) في نسخة : فما لكم.

(٢) في نسخة : ومستعبد.

(٣) في المصدر : والعمل والتوجه.

٣٤٦

وهو ساجد ، ورويتم أن أربعة أملاك التقوا أحدهم من أعلى الخلق ، وأحدهم من أسفل الخلق ، وأحدهم من شرق الخلق ، وأحدهم من غرب الخلق ، فسأل بعضهم بعضا فكلهم قال : من عندالله ، أرسلني بكذا وكذا ، ففي هذا دليل على أن ذلك في المنزلة دون التشبيه والتمثيل.(١)

فقال أبوقرة : أتقر أن الله تعالى محمول؟ فقال أبوالحسن عليه‌السلام : كل محمول مفعول ومضاف إلى غيره محتاج ، فالمحمول اسم نقص في اللفظ ، والحامل فاعل ، و هو في اللفظ ممدوح ، وكذلك قول القائل : فوق وتحت وأعلى وأسفل ، وقد قال الله تعالى : « والله الاسماء الحسنى فادعوه بها » ولم يقل في شئ من كتبه أنه محمول ، بل هو الحامل في البر والبحر ، والممسك للسماوات والارض ، والمحمول ما سوى الله ، ولم نسمع أحدا آمن بالله وعظمه قط قال في دعائه : يا محمول.

قال أبوقرة : أفتكذب بالرواية : إن الله إذا غضب إنما يعرف غضبه ، إن الملائكة الذين يحملون العرش يجدون ثقله على كواهلهم فيخرون سجدا ، فإذا ذهب الغضب خف فرجعوا إلى مواقفهم؟(٢) فقال عليه‌السلام : أخبرني عن الله تبارك وتعالى وتعالى منذ لعن إبليس إلى يومك هذا وإلى يوم القيامة غضبان هو على إبليس وأوليائه أو راض عنهم؟ فقال : نعم هو غضبان عليه ، قال فمتى رضي فخفف وهو في صفتك لم يزل غضبان عليه(٣) وعلى أتباعه؟! ثم قال : ويحك كيف تجترئ أن تصف ربك بالتغير من حال إلى حال ، وأنه يجري عليه ما يجري على المخلوقين؟ سبحانه لم يزل مع الزائلين ، ولم يتغير مع المتغيرين. قال صفوان : فتحير أبوقرة ولم يحرجوابا حتى قام وخرج.(٤)

بيان : قوله : « وليس له بدؤ » أي ليس للكلام علة ، لان القدم غير مصنوع « وليس بإله » أي والحال أن الكلام ليس بإله حتى لايحتاج إلى الصانع ، أو الصانع

__________________

(١) تقدم مثله في باب نفى الزمان والمكان عنه تعالى راجع ج ٣ ص ٣٢٥ ، وقد تقدم هناك ما يتعلق بمسألة الزمان والمكان وغيرهم من الحركة والانتقال.

(٢) في نسخة : فيرجعون إلى مواقفهم.

(٣) في المصدر : لم يزل غضبانا عليه.

(٤) الاحتجاج : ٢٢١ و ٢٢٢.

٣٤٧

يلزم أن لا يكون إلها لوجود الشريك معه في القدم. وفي بعض النسخ : « وليس بآلة » بالتاء أي يلزم أن لايكون الكلام آلة للتفهيم ، وليس في بعض النسخ قوله : « وليس له بدؤ » والاظهر حينئذ كون الضمير راجعا إلى الصانع كمامر في الوجه الثاني.

قوله : « لان كل متجزء متوهم » كأنه على سبيل القلب : أي كل ما يتوهم فيه العقل الاختلاف والايتلاف يكون متجزئا ، أو المعنى : أن كل متجز يتوهم فيه العقل القلة والكثرة والزيادة والنقصان ، وهذه صفات الامكان والمخلوقية. قوله : « وما أجمع المسلمون » معطوف على القرآن.

أقول : قدمر شرح أجزاء الخبر في كتاب التوحيد.

٦ ـ قب : روى ابن جرير بن رستم الطبري ، عن أحمد الطوسي ، عن أشياخه في حديث أنه انتدب للرضا عليه‌السلام قوم يناظرون في الامامة عند المأمون فأذن لهم ، فاختاروا يحيى بن الضحاك السمرقندي فقال : سل يا يحيى ، فقال يحيى : بل سل أنت يا ابن رسول الله لتشر فني بذلك ، فقال عليه‌السلام : يا يحيى ما تقول في رجل ادعى الصدق لنفسه وكذب الصادقين؟ أيكون صادقا محقا في دينه أم كاذبا؟ فلم يحرجوابا ساعة ، فقال المأمون : أجبه يا يحيى ، فقال : قطعني يا أميرالمؤمنين ، فالتفت إلى الرضا عليه‌السلام فقال : ما هذه المسألة التي أقر يحيى بالانقطاع فيها؟ فقال عليه‌السلام : إن زعم يحيى أنه صدق الصادقين فلا إمامة لمن شهد بالعجز على نفسه فقال على منبر الرسول : « وليتكم ولست بخيركم » والامير خير من الرعية ، وإن زعم يحيى أنه صدق الصادقين فلا إمامة لمن أقر على نفسه على منبر الرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إن لي شيطانا يعتريني » (١) والامام لا يكون فيه شيطان ، وإن زعم يحيى أنه صدق الصادقين فلا إمامة لمن أقر عليه صاحبه فقال : « كانت إمامة أبي بكر فلتة(٢) وقى الله شرهافمن عاد إلى مثلها فاقتلوه « فصاح المأمون عليهم فتفرقوا ، ثم التفت إلى بني هاشم فقال لهم : ألم أقل لكم أن لا تفاتحوه ولا تجمعوا عليه فإن هؤلاء علمهم من علم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .(٣)

__________________

(١) أى يصيبنى.

(٢) الفلتة المرة من فلت : ما يقع من غير احكام.

(٣) مناقب آل أبى طالب ج ٢ : ٤٠٤ ـ ٤٠٥.

٣٤٨

٧ ـ وفي كتاب الصفواني أنه قال الرضا عليه‌السلام لابن قرة النصراني : ما تقول في المسيح؟ قال : يا سيدي إنه من الله ، فقال : وما تريد بقولك : « من » و « من » على أربعة أوجه لاخامس لها ، أتريد بقولك : « من » كالبعض من الكل فيكون مبعضا ، أو كالخل من الخمر فيكون على سبيل الاستحالة ، أو كالولد من الوالد فيكون على سبيل المناكحة ، أو كالصنعة من الصانع فيكون على سبيل المخلوق من الخالق ، أو عندك وجه آخر فتعرفناه؟ فانقطع.(١)

٨ ـ أبوإسحاق الموصلي : إن قوما من ماوراء النهر سألوا الرضا عليه‌السلام عن الحورالعين مم خلقن؟ وعن أهل الجنة إذا دخلوها ما أول ما يأكلون؟ وعن معتمد رب العالمين أين كان وكيف كان إذ لا أرض ولا سماء ولا شئ؟ فقال عليه‌السلام : أما الحور العين فإنهن خلقن من الزعفران والتراب لا يفنين ، وأما أول ما يألكون أهل الجنة فإنهم يأكلون أول ما يدخلونها من كبد الحوت التي عليها الارض ، وأما معتمد الرب عزوجل فإنه أين الاين ، وكيف الكيف ، وإن ربي بلا أين ولا كيف ، وكان معتمده على قدرته سبحانه وتعالى.(٢)

٩ ـ أقول : وروي السيد المرتضى رضي‌الله‌عنه في كتاب الفصول عن شيخه المفيد رحمه‌الله أنه قال : روى أنه لما سار المأمون إلى خراسان وكان معه الرضا علي بن موسى عليهما‌السلام فبينا هما يسيران إذ قال له المأمون : يا أبا الحسن إني فكرت في شئ فنتج لي الفكر الصواب فيه ، فكرت في أمرنا وأمركم ونسبنا ونسبكم فوجدت الفضيلة فيه واحدة ، ورأيت اختلاف شيعتنا في ذلك محمولا على الهوى والعصبية ، فقال له أبوالحسن عليه‌السلام : إن لهذا الكلام جوابا إن شئت ذكرته لك ، وإن شئت أمسكت ، فقال له المأمون : إني لم أقله إلا لاعلم ما عندك فيه ، قال له الرضا عليه‌السلام : انشدك الله يا أميرالمؤمنين لو أن الله بعث نبيه محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله فخرج علينا من وراء أكمة(٣) من هذه الآكام يخطب إليك ابنتك كنت مزوجه إياها؟ فقال : يا سبحان الله وهل يرغب أحد

__________________

(١ ـ ٢) مناقب آل أبى طالب ج ٢ : ٤٠٥ و ٤٠٨.

(٣) الاكمة : التل.

٣٤٩

عن رسول الله (ص)؟! فقال له الرضا عليه‌السلام : أفتراه كان يحل له أن يخطب إلي؟ قال فسكت المأمون هنيئة ثم قال : أنتم والله أمس برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رحما.

قال الشيخ : وإنما المعنى في هذا الكلام أن ولد عباس يحلون لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كما تحل له البعداء في النسب منه ، وأن ولد أميرالمؤمنين عليه‌السلام من فاطمة عليهما‌السلام ومن أمامة بنت زينب ابنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يحرمن عليه ، لانهن من ولده في الحقيقة ، فالولد ألصق بالوالد وأقرب وأحرز للفضل من ولد العم بلا ارتياب بين أهل الدين ، وكيف يصح مع ذلك أن يتساووا في الفضل بقرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فنبهه الرضا عليه‌السلام على هذا المعنى وأوضحه له.(١)

١٠ ـ قال : وحدثني الشيخ أدام الله عزه أيضا قال : قال المأمون يوما للرضا عليه‌السلام أخبرني بأكبر فضيلة لاميرالمؤمنين عليه‌السلام يدل عليها القرآن ، قال : فقال له الرضا عليه‌السلام : فضيلة في المباهلة ، قال الله جل جلاله : « فمن حاجك فيه من بعدما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين » فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الحسن والحسين عليهما‌السلام فكانا ابنيه ، ودعا فاطمة عليها‌السلام فكانت في هذا الموضع نساؤه ، ودعا أميرالمؤمنين عليه‌السلام فكان نفسه بحكم الله عزوجل ، فقد ثبت أنه ليس أحد من خلق الله تعالى أجل من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله و أفضل ، فوجب أن لا يكون أحد أفضل من نفس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بحكم الله تعالى.

قال : فقال له المأمون : أليس قد ذكر الله تعالى الابناء بلفظ الجمع وإنما دعا رسول الله ابنيه خاصة؟ وذكر النساء بلفظ الجمع وإنما دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ابنته وحدها؟ فألا جاز أن(٢) يذكر الدعاء لمن هو نفسه ، ويكون المراد نفسه في الحقيقة دون غيره فلا يكون لاميرالمؤمنين عليه‌السلام ما ذكرت من الفضل؟ قال : فقال له الرضا عليه‌السلام : ليس يصح ما ذكرت يا أميرالمؤمنين ، وذلك أن الداعي إنما يكون داعيا لغيره ، كما أن الآمر آمر لغيره ، ولا يصح أن يكون داعيا لنفسه في الحقيقة ، كمالا يكون آمرا لها في الحقيقة ،

__________________

(١) الفصول المختارة ١. ١٥.

(٢) في المصدر : فلم لا جاز أن يذكر.

٣٥٠

وإذا لم يدع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رجلا في المباهلة إلا أميرالمؤمنين عليه‌السلام فقد ثبت أنه نفسه التي عناها الله سبحانه في كتابه وجعل حكمه ذلك في تنزيله ، (١) قال : فقال المأمون : إذا ورد الجواب سقط السؤال.(٢)

١١ ـ الدرة الباهرة من الاصداف الطاهرة : قال للرضا عليه‌السلام الصوفية : إن المأمون قدرد إليك هذا الامر وأنت أحق الناس به إلا أنه تحتاج أن تلبس الصوف وما يحسن لبسه ، فقال عليه‌السلام : ويحكم إنما يراد من الامام قسطه وعدله ، إذا قال صدق ، وإذا حكم عدل ، وإذا وعد أنجز ، قال الله تعالى : « قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق » إن يوسف عليه‌السلام لبس الديباج المنسوج بالذهب ، وجلس على متكآت آل فرعون.

١٢ ـ وأراد المأمون قتل رجل فقال له : ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال : إن الله لا يزيد لحسن العفو إلا عزا ، فعفا عنه.

١٣ ـ واتي المأمون بنصراني زنى بهاشمية ، فلما رآه أسلم ، فقال الفقهاء : أهدر الاسلام ما قبله ، فسأل الرضا عليه‌السلام فقال : اقتله فإنه ما أسلم حتى رأى البأس قال الله تعالى : « فلما رأوا بأسنا » الآيتان.(٣)

__________________

(١) أضف إلى ذلك أن أميرالمؤمنين عليه‌السلام لولم يكن هو المراد من « انفسنا » لكان دعاء الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله له من عند نفسه من دون أمر ربه ، حيث لم يأمره الله إلا ان يدعو الابناء والنساء والانفس قط دون غيرهم.

(٢) الفصول المختارة ١ : ١٦.

(٣) الدرة الباهرة : مخطوط ، وأخرجه ابن أبى الحديد في شرح نهج البلاغة ٣ : ١٢ مع اختلاف في الفاظه راجعه.

٣٥١

(باب ٢٠)

* (ما كتبه صلوات الله عليه للمأمون من محض الاسلام وشرايع) *

* (الدين وساير ماروى عنه عليه السلام من جوامع العلوم) *

١ ـ ن : حدثنا عبدالواحد بن محمدبن عبدوس النيسابوري رضي‌الله‌عنه بنيسابور في شعبان سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة ، قال حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري عن الفضل بن شاذان قال : سأل المأمون علي بن موسى الرضا عليه‌السلام أن يكتب له محض الاسلام على الايجاز والاختصار فكتب عليه‌السلام :

إن محض الاسلام شهادة أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له إلها واحدا أحدا صمدا(١) قيوما سميعا بصيرا قديرا قديما باقيا ، (٢) عالما لايجهل ، قادرا لايعجز ، غنيا لايحتاج ، عدلا لايجور ، وإنه خالق كل شئ ، وليس كمثله شئ ، لاشبه له ولا ضد له ولا كفوله ، (٣) وأنه المقصود بالعبادة والدعاء والرغبة والرهبة ، وأن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله عبده ورسوله ، وأمينه وصفيه ، وصفوته من خلقه ، وسيدالمرسلين وخاتم النبيين ، وأفضل العالمين ، لانبي بعده ، ولاتبديل لملته ، ولا تغيير لشريعته ، و أن جميع ماجاء به محمدبن عبدالله هوالحق المبين ، والتصديق به وبجميع من مضى قبله من رسل الله وأنبيائه وحججه ، والتصديق بكتابه الصادق العزيز الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، وأنه المهيمن(٤) على الكتب كلها ،

__________________

(١) في المصدر : احدا فردا صمدا.

(٢) في المصدر : قديرا قائما باقيا.

(٣) في المصدر : ولاضدله ولاندله ولا كفوله.

(٤) ما من هيمن الطائر على فراخه أى رفرف ، والمعنى أن القرآن أحاط بجميع مافى الكتب المنزلة مما يؤثر في سعادتى البشر : سعادة الدنيا والاخرة. أومن هيمن فلان على كذا ، أى صار رقيبا عليه وحافظا ، وذلك لان القرآن يحفظ الشرائع المنزلة على النبيين في الكتب السالفة ويكملها ، ويراقبها وينفى عنها تحريف الغالين ، ويذود عنها كيد المبطلين. والمهيمن من أسماء الله تعالى بمعنى المؤمن « من آمن غيره من الخوف » او المؤتمن ، اوالشاهد أوالقائم على خلقه بأعمالهم وأرزاقهم وآجالهم.

٣٥٢

وأنه حق من فاتحته إلى خاتمته ، نؤمن بمحكمه ومتشابهه وخاصه وعامه ووعده ووعيده وناسخه ومنسوخه وقصصه وأخباره ، لايقدر أحد من المخلوقين أن يأتي بمثله.

وأن الدليل بعده والحجة على المؤمنين والقائم بأمر المسلمين والناطق عن القرآن والعالم بأحكامه أخوه وخليفته ووصيه ووليه ، الذي كان منه بمنزلة هارون من موسى علي بن أبي طالب عليه‌السلام أميرالمؤمنين ، وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين ، وأفضل الوصيين ، ووارث علم النبيين ، والمرسلين ، وبعده الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، ثم علي بن الحسين زين العابدين ، ثم محمدبن علي باقر علم الاولين ، ثم جعفربن محمد الصادق وارث علم الوصيين ، ثم موسى بن جعفر الكاظم ، ثم علي بن موسى الرضا ، ثم محمد بن علي ، ثم علي بن محمد ، ثم الحسن بن علي ، ثم الحجة القائم المنتظر ولده صلوات الله عليهم أجمعين ، أشهدلهم بالوصية والامامة ، وأن الارض لاتخلو من حجة الله تعالى على خلقه كل عصر وأوان ، وأنهم العروة الوثقى ، وأئمة الهدى ، والحجة على أهل الدنيا إلى أن يرث الله الارض ومن عليها.

وأن كل من خالفهم ضال مضل ، تارك للحق والهدى ، وأنهم المعبرون عن القرآن ، (١) والناطقون عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بالبيان ، من مات ولم يعرفهم مات(٢) ميتة جاهلية ، وأن من دينهم الورع والعفة ، والصدق والصلاح ، والاستقامة والاجتهاد ، وأداء الامانة إلى البروالفاجر ، وطول السجود ، وصيام النهار ، وقيام الليل ، واجتناب المحارم ، وانتظار الفرج بالصبر ، وحسن العزاء ، وكرم الصحبة.

ثم الوضوء كما أمرالله عزوجل في كتابه : غسل الوجه واليدين إلى المرفقين.

__________________

(١) من عبر عن كذا : تكلم. أومن عبر عما في نفسه أى بين وأعرب. وأما التعبير بمعنى التفسير فهو يتعدى بنفسه ، يقال : عبر الرؤيا أى فسرها. والمعنى انهم يتكلمون بمعانى القرآن وحقائقه ، ويبينون محكمه من متشابهه ، وناسخه من منسوخه ، وخاصه من عامه ، وأن عندهم علم الكتاب ، وأما غيرهم فهم عيالهم في ذلك ، محتاجون إلى أن يستنيرون من مشكاة علومهم ، ويقتبسون من قبسات معارفهم.

(٢) في نسختين من الكتاب : من مات ولم يعرف امام زمانه مات خ ل.

٣٥٣

ومسح الرأس والرجلين مرة واحدة ، ولاينقض الوضوء إلا غائط أوبول أوريح أو نوم أوجنابة ، وإن مسح على الخفين(١) فقد خالف الله تعالى ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله وترك فريضته وكتابه.

وغسل يوم الجمعة سنة ، وغسل العيدين وغسل دخول مكة والمدينة وغسل الزيارة وغسل الاحرام وأول ليلة من شهر رمضان وليلة سبعة عشر وليلة تسعة عشر وليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان هذه الاغسال سنة ، وغسل الجنابة فريضة ، وغسل الحيض مثله.

والصلاة الفريضة الظهر أربع ركعات ، والعصر أربع ركعات ، والمغرب ثلاث ركعات ، والعشاء الآخرة أربع ركعات ، والغداة ركعتان ، هذه سبع عشرة ركعة ، والسنة أربع وثلاثون ركعة : ثمان ركعات قبل فريضة الظهر ، وثمان ركعات قبل العصر ، وأربع ركعات بعد المغرب ، وركعتان من جلوس بعد العتمة تعدان بركعة(٢) وثمان ركعات في السحر ، والشفع والوتر ثلاث ركعات تسلم بعد الركعتين ، وركعتا الفجر.

والصلاة في أول الوقت ، (٣) وفضل الجماعة على الفرد أربع وعشرون ، ولاصلاة خلف الفاجر ، ولايقتدى إلا بأهل الولاية ، ولا تصلى في جلود السباع ، (٤) ولايجوز أن تقول في التشهد الاول : السلام علينا وعلى عبادالله الصالحين ، لان تحليل الصلاة التسليم فإذا قلت هذا فقد سلمت. والتقصير في ثمانية فراسخ ومازاد ، وإذا قصرت أفطرت ، ومن لم يفطر لم يجزعنه صومه في السفر وعليه القضاء لانه ليس عليه صوم في السفر ، والقنوت سنة واجبة في الغداة والظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة. والصلاة على الميت خمس تكبيرات ، فمن نقص فقد خالف ، (٥) والميت يسل(٦) من قبل رجليه

__________________

(١) في المصدر. وأن من مسح الخفين اه.

(٢) في نسخة : تعدان بركعة واحدة.

(٣) والصلاة في اول الوقت أفضل.

(٤) في المصدر : ولايصلى في جلود الميتة ولا في جلود السباع.

(٥) في المصدر : فمن نقص فقد خالف السنة.

(٦) سل الشئ من الشئ : انتزعه وأخرجه برفق.

٣٥٤

ويرفق به إذا ادخل قبره. والاجهار ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع الصلوات سنة.

والزكاة الفريضة في كل مائتي درهم خمسة دراهم ، ولايجب فيمادون ذلك شئ ولاتجب الزكاة على المال حتى يحول عليه الحول ، ولايجوز أن يعطى الزكاة غيرأهل الولاية المعروفين ، والعشر من الحنطة والشعير والتمر والزبيب إذا بلغ خمسة أوساق ، والوسق ستون ساعا ، والصاع أربعة أمداد ، وزكاة الفطر فريضة ، على كل رأس صغير أو كبير حر أوعبد ذكر أو انثى من الحنطة والشعير والتمر والزبيب صاع ، وهو أربعة أمداد ، ولا يجوز دفعها إلا على أهل الولاية.

وأكثر الحيض عشرة أيام ، وأقله ثلاثة أيام ، والمستحاضة تحتشي وتغتسل و تصلي ، والحائض تترك الصلاة ولاتقضي ، وتترك الصوم وتقضي.

وصيام شهر رمضان فريضة ، يصام للرؤية ويفطر للرؤية ، ولا يجوز أن يصلى تطوع في الجماعة ، (١) لان ذلك بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ، وصوم ثلاثة أيام في كل شهرسنة ، في كل عشرة أيام يوم : أربعاء بين خميسين. وصوم شعبان حسن لمن صامه ، وإن قضيت فوائت شهر رمضان متفرقا أجزأ

وحج البيت فريضة على من استطاع إليه سببلا ، والسبيل : الزاد والراحلة مع الصحة ، ولايجوز الحج إلا تمتعا ، ولايجوز القران والافراد الذي يستعمله العامة إلا لاهل مكة وحاضريها ، ولايجوز الاحرام دون الميقات ، قال الله عزوجل : « وأتموا الحج والعمرة لله » ولايجوزأن يضحى بالخصي لانه ناقص ، ويجوزالوجئ. والجهاد واجب مع الامام العادل ، (٣) ومن قتل دون ماله فهو شهيد ، ولا يجوز قتل أحد من الكفار والنصاب في دار التقية إلا قاتل أوساع في فساد ، وذلك إذا لم تخف على نفسك وعلى أصحابك ، والتقية في دارالتقية واجبة ، ولاحنث على من حلف تقية يدفع بها ظلما عن نفسه.

__________________

(١) في نسخة : في جماعة. وفى المصدر : ولايجوز أن يصلى التطوع في جماعة.

(٢) في نسخة وفى المصدر : الموجئ. قلت : الوجئ والموجوء : هومرضوض عروق الخصيتين حتى تفسد.

(٣) في نسخة وفى المصدر : مع الامام العدل.

٣٥٥

والطلاق للسنة على ماذكره الله عزوجل في كتابه وسنة رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا يكون طلاق لغير السنة ، وكل طلاق يخالف الكتاب فليس بطلاق ، كما أن كل نكاح يخالف الكتاب فليس بنكاح ، ولايجوز الجمع بين أكثر من أربع حرائر ، وإذا طلقت المرأة للعدة ثلاث مرات لم تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره.

وقال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : اتقوا تزويج المطلقات ثلاثا في موضع واحد ، فإنهن ذوات أزواج. والصلاة على النبي وآله عليهم‌السلام واجبة في كل موطن وعند العطاس والذبائح(١) وغير ذلك.

وحب أولياء الله عزوجل واجب ، وكذلك بغض أعداءالله والراءة منهم ومن أئمتهم. وبر الوالدين واجب وإن كانا مشركين ، ولاطاعة لهما في معصية الخالق ولا لغيرهما ، فإنه لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق. وذكاة الجنين ذكاة امه إذا أشعر وأوبر.

وتحليل المتعتين اللتين أنزلهما الله عزوجل في كتابه وسنهما رسول الله عليه و على آله السلام : متعة النساء ومتعة الحج.

والفرائض على ما أنزل الله عزوجل في كتابه ، (٢) ولاعول فيها ، ولايرث مع الولد والوالدين أحد إلا الزوج والمرأة ، وذوالسهم أحق ممن لاسهم له ، وليست العصبة(٣) من دين الله عزوجل.

والعقيقة عن المولود الذكر والانثى واجبة ، وكذلك تسميته ، وحلق رأسه يوم السابع ، ويتصدق بوزن الشعرذهبا أوفضة ، والختان سنة واجبة للرجال ، ومكرمة للنساء.

وأن الله تبارك وتعالى لايكلف نفسا إلا وسعها ، وأن أفعال العباد مخلوقة لله حلق تقدير لاخلق تكوين ، (٤) والله خالق كل شئ ، ولا يقول بالجبر والتفويض ، ولايأخذ

__________________

(١) في نسخة : وعند العطاس والرياح وغير ذلك.

(٢) في المصدر : والفرائض على ما أنزل الله تعالى في الميراث.

(٣) يأتى تفسير العول والعصبة وبيان المذهب الحق فيهما في كتاب الفرائض.

(٤) قدمضى الكلام حول مسألة افعال العباد ومابعدها في كتاب العدل.

٣٥٦

الله عزوجل البرئ بالسقيم ، ولايعذب الله تعالى الاطفال بذنوب الآباء ، ولاتزر وازرة وزراخرى ، وأن ليس للانسان إلا ماسعى ، ولله عزوجل أن يعفو ويتفضل ولايجور ولايظلم لانه تعالى منزه عن ذلك ، ولايفرض الله تعالى طاعة من يعلم أنه يضلهم ويغويهم ، ولايختار لرسالته ولايصطفي من عباده من يعلم أنه يكفربه وبعبادته ويعبد الشيطان دونه.

وإن الاسلام غير الايمان ، وكل مؤمن مسلم ، وليس كل مسلم مؤمنا ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولايزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، (١) و أصحاب الحدود مسلمون لامؤمنون ولا كافرون ، والله عزوجل لايدخل النار مؤمنا وقد وعده الجنة ، ولايخرج من النار كافرا وقد أوعده النار والخلود فيها ، ولايغفرأن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومذنبوا أهل التوحيد يدخلون في النار و يخرجون منها ، (٢) والشفاعة جائزة لهم ، وإن الدار اليوم دارتقية وهي دارالاسلام ، لادار كفر ولا دار إيمان ، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان إذا أمكن ولم يكن خيفة على النفس ، والايمان هوأداء الامانة ، واجتناب جميع الكبائر ، وهومعرفة بالقلب ، وإقرار باللسان ، وعمل بالاركان.

والتكبير في العيدين واجب في الفطر في دبر خمس صلوات ، ويبدء به في دبر صلاة المغرب ليلة الفطر ، وفي الاضحى في دبر عشر صلوات ، يبدء به من صلاة الظهر يوم النحر وبمنى في دبر خمس عشرة صلاة.

__________________

(١) قيل في معناه وجوه : احدها أن يحمل على نفى الفضيلة عنه حيث اتصف منها بمالا يشبه أوصاف المؤمنين ولايليق بهم. وثانيها ان يقال : لفظه خبر ومعناه نهى ، وقد روى ( لايزن ) على صيغة النهى لا الثالث ان يقال : وهومؤمن من عذاب الله ، أى ذوأمن من عذابه. الرابع ان يقال : وهو مصدق بماجاء فيه من النهى والوعيد. الخامس ان يصرف إلى المستحل. وفيه توجيه آخر وهو انه وعيد يقصد به الروع ، كقوله : لا ايمان لمن لا امانة له ، والمسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه. وقيل : معناه إن الهوى يغطى الايمان ، فصاحب الهوى لايرى إلا هواه ولاينظر إلى ايمانه الناهى له عن ارتكاب الفاحشة ، فكان الايمان في تلك الحالة منعدم ، ويمكن أن يحمل على المقاربة والمشارفة ، بمعنى ان الزانى حال حصوله في حالة مقاربة لحالة الكفر مشارفة له فاطلق عليه الاسم مجازا.

(٢) في المصدر : ومذنبوا أهل التوحيد لايخلدون في النار ويخرجون منها.

٣٥٧

والنفساء لاتقعد عن الصلاة أكثر من ثمانية عشريوما ، (١) فإن طهرت قبل ذلك صلت وإن لم تطهر حتى تجاوزت ثمانية عشر يوما اغتسلت وصلت وعملت ماتعمل المستحاضة.

وتؤمن بعذاب القبر ومنكر ونكير والبعث بعد الموت والميزان والصراط. والبراءة من الذين ظلموا آل محمد عليهم‌السلام وهموا بإخراجهم وسنوا ظلمهم و غيروا سنة نبيهم صلى‌الله‌عليه‌وآله والبراءة من الناكثين والقاسطين والمارقين الذين هتكوا حجاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ونكثوا بيعة إمامهم وأخرجوا المراءة وحاربوا أميرالمؤمنين عليه‌السلام وقتلوا الشيعة رحمة الله عليهم(٢) واجبة ، والبراءة ممن نفى الاخبار وشر دهم وآوى الطرداء اللعناء وجعل الاموال دولة بين الاغنياء واستعمل السفهاء مثل معاوية وعمر وبن العاص لعيني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والبراءة من أشياعهم الذين حاربوا أميرالمؤمنين عليه‌السلام وقتلوا الانصار والمهاجرين وأهل الفضل والصلاح من السابقين ، والبراءة من أهل الاستيثار ومن أبي موسى الاشعري وأهل ولايته الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، اولئك الذين كفروا بآيات ربهم بولاية أميرالمؤمنين ولقائه عليه‌السلام ، كفروا بأن لقوا الله بغير إمامته ، فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا فهم كلاب أهل النار ، والبراءة من الانصاب والازلام أئمة الضلال وقادة الجور كلهم أولهم وآخرهم ، والبراءة من أشباه عاقري الناقة(٣) أشقياء الاولين و الآخرين وممن يتولاهم.

والولاية لاميرالمؤمنين والذين مضوا على منهاج نبيهم صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يغيروا ولم يبدلوا مثل سلمان الفارسي ، وأبي ذر العفاري ، والمقداد بن الاسود ، وعمار بن ياسر ، وحذيفة بن اليمان ، وأبي الهيثم بن التيهان وسهل بن حنيف ، وعبادة بن الصامت ، وأبي أيوب الانصاري ، وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين ، وأبي سعيد

__________________

(١) هذا محمول على التقية ، والصحيخح انها تقعد أيامها التى كانت تقعدفى الحيض وهى عشرة أيام. ويأتى بيان ذلك في محله.

(٢) في المصدر : وقتلوا الشيعة المتقين.

(٣) في نسخة : والبراءة من أشباه عاقر الناقة.

الخدري وأمثالهم رضي الله عنهم ، والولاية لاتباعهم وأشياعهم والمهتدين بهداهم السالكين منهاجهم رضوان الله عليهم ورحمته.

٣٥٨

وتحريم الخمر قليلها وكثيرها ، وتحريم كل شراب مسكر قليله وكثيره ، وما أسكر كثيره فقليله حرام ، والمضطر لا يشرب الخمر لانها تقتله.

وتحريم كل ذي ناب من السباع ، وكل ذي مخلب من الطير ، وتحريم الطحال فإنه دم ، وتحريم الجري والسمك الطافي والمار ماهي والزمير وكل سمك لا يكون له فلس.(١) واجتناب الكبائر وهي قتل النفس التي حرم الله عزوجل ، والزناء ، والسرقة ، وشرب الخمر ، وعقوق الوالدين ، والفرار من الزحف ، (٢) وأكل مال اليتيم ظلما ، وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل لغير الله به من غير ضرورة ، وأكل الربا بعد البينة ، والسحت ، والميسر وهو القمار ، والبخس في المكيال والميزان ، وقذف المحصنات ، واللواط ، وشهادة الزور ، واليأس من روح الله ، والامن من مكر الله ، و القنوط من رحمة الله ، ومعونة الظالمين ، والركون إليهم ، واليمين الغموس ، (٣) وحبس الحقوق من غير عسر ، والكذب ، والكبر ، والاسراف ، والتبذير ، والخيانة ، و الاستخفاف بالحج ، والمحاربة لاولياء الله تعالى ، والاشتغال بالملاهي ، والاصرار على الذنوب.

وحدثني بذلك حمزة بن محمد بن أبي جعفر بن محمد بن(٤) زيدبن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : حدثني أبونصر قنبر بن علي بن شاذان ، عن أبيه ، عن الفضل بن شاذان ، عن الرضا عليه‌السلام : إلا أنه لم يذكر في حديثه أنه كتب ذلك إلى

__________________

(١) قد مضى سابقا تفسيرها.

(٢) أى الفرار من الجهاد ولقاء العدو في الحرب.

(٣) هى اليمين الكاذبة الفاجرة كالتى يقتطع بها الحالف مال غيره ، سميت غموسا لانها تغمس صاحبها في الاثم ثم في النار.

(٤) هكذا في النسخ ، والصحيح كما في مواضع من العيون وفى التدوبن للرافعى وقى التعليقة للبهبهانى : حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب عليهم السلم.

٣٥٩

المأمون ، وذكر فيه : الفطرة مدين من حنطة وصاع من الشعير والتمر والزبيب. وذكر فيه : أن الوضوء مرة مرة فريضة ، واثنتان إسباغ. وذكر فيه : أن ذنوب الانبياء عليهم‌السلام صغائرهم موهوبة. وذكر فيه : أن الزكاة على تسعة أشياء : على الحنطة والشعير والتمر والزبيب والابل والبقر والغنم والذهب والفضة.

وحديث عبدالواحد بن محمد بن عبدوس رضي‌الله‌عنه عندي أصح ولا قوة إلا بالله. وحدثنا الحاكم أبومحمد جعفر بن نعيم بن شاذان رضي‌الله‌عنه عن عمه أبي عبدالله محمد بن شاذان ، عن الفضل بن شاذان ، عن الرضا عليه‌السلام مثل حديث عبدالواحد بن محمد بن عبدوس.(١)

بيان : قوله عليه‌السلام : « من أهل الاستيثار » أي الاستبداد بالخلافة من غير استحقاق ، وإنما أجمل ذلك تقية ، وفي بعض النسخ : « من أهل الاستثارة من أبي موسى » بدون الواو ، فارمدا البراءة من أبي موسى وأتباعه الذين طلبوا إثارة الفتنة بالتحكيم ، فكلمة « من » للبيان.

٢ ـ ف : روي أن المأمون بعث الفضل بن سهل ذا الرباستين إلى الرضا عليه‌السلام فقال له : إني احب أن تجمع لي من الحلال والحرام والفرائض والسنن ، فإنك حجة الله على خلقه ومعدن العلم ، فدعا الرضا عليه‌السلام بدواة وقرطاس وقال للفضل : اكتب :

بسم الله الرحمن الرحيم حسبنا شهادة أن لا إله إلا الله أحدا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولد ، قيوما سميعا بصيرا قويا قائما باقيا نورا ، عالم لايجهل ، قادرا لا يعجز ، غنيا لا يحتاج ، عدلا لايجور ، خلق كل شئ ، ليس كمثله شئ ، لا شبه له ولا ضد ولا ند ولا كفو ، وأن محمدا عبده ورسوله وأمينه وصفوته من خلقه ، سيد المرسلين ، وخاتم النبيين ، وأفضل العالمين ، لانبي بعده ، ولا تبديل لملته ولا تغيير ، وأن جميع ما جاء به محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله هو الحق المبين ، نصدق به وبجميع من مضى قبله من رسل الله وأنبيائه وحججه ، ونصدق بكتابه الصادق الذي لا يأتيه الباطل من بين

__________________

(١) عيون الاخبار : ص ٢٦٥ ـ ٢٦٩.

٣٦٠