بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٦١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

فالحمد لله شكرا لاشريك له

البربالعبد والباقي بلا أمد(١)

قال : فتبسم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال له : صدقت يا علي. وفي ذلك أيضا يقول الشاعر :

إن علي بن أبي طالب

جدا رسول الله جداه

وأبوعلي وأبوالمصطفى

من طينه طيبها الله(٢)

(باب ٢٢)

*(احتجاجات أبى جعفر الجواد ومناظراته صلوات الله عليه)*

١ ـ فس : محمدبن الحسن ، عن محمدبن عون النصيبي قال : لما أراد المأمون أن يزوج أباجعفر محمدبن علي بن موسى عليهم‌السلام ابنته ام الفضل اجتمع عليه أهل بيته الادنين منه فقالوا : يا أميرالمؤمنين ننشدك الله أن تخرج عنا أمرا قد ملكناه ، وتنزع عنا عزا قدألبسنا الله ، فقد عرفت الامر الذي بيننا وبين آل علي عليه‌السلام قديما وحديثا ، فقال المأمون : اسكتوا فوالله لاقبلت من أحد منكم في أمره ، فقالوا : يا أميرالمؤمنين أفتزوج قرة عينك صبيالم يتفقه في دين الله ، ولايعرف فريضة من سنة ، ولا يميزبين الحق والباطل؟ ولابي جعفر عليه‌السلام يومئذعشر سنين ، أو إحدى عشرة سنة فلو صبرت عليه حتى يتأدب ويقرأ القرآن ويعرف فرضا من سنة ، فقال لهم المأمون : والله إنه أفقه منكم ، وأعلم بالله وبرسوله وفرائضه وسننه وأحكامه ، وأقرء لكتاب الله ، وأعلم بمحكمه ومتشابهه وخاصه وعامه وناسخه ومنسوخه وتنزيله وتأويله منكم ، فاسألوه فإن كان الامر كما قلتم قبلت منكم في أمره ، وإن كان كما قلت علمتم أن الرجل خيرمنكم ،

__________________

(١) في المصدر هنا زيادة وهى هذه :

صدقته وجميع الناس في بهم

من الصلالة والاشراك والكند

قلت : بهم بضم الهاء وسكونها : جمع البهيم ، يقال : ليل بهيم أى لاضوء فيه إلى الصباح. والكند : كفران النعمة.

(٢) الفصول المختارة ١ : ١١٥ و ١١٦.

٣٨١

فخرجوا عنده وبعثوا إلى يحيى بن أكثم وأطمعوه في هدايا أن يحتال على أبي جعفر عليه‌السلام بمسألة لايدري كيف الجواب فيها عندالمأمون إذا اجتمعوا للتزويج ، فلما حضروا وحضر أبوجعفر عليه‌السلام قالوا : يا أميرالمؤمنين هذا يحيى بن أكثم إن أذنت له سأل أباجعفر عليه‌السلام عن مسألة ، فقال المأمون : يايحيى سل أباجعفر عن مسألة في الفقه لننظر كيف فقهه.

فقال يحيى : يا أباجعفر أصلحك الله ما تقول في محرم قتل صيدا؟ فقال أبوجعفر عليه‌السلام : قتله في حل أوفي حرم؟ عالما أوجاهلا؟ عمدا أو خطأ؟ عبدا أوحرا ، صغيرا أو كبيرا مبدئا أومعيدا؟ من ذوات الطيرأومن غيرها؟ من صغار الصيد أومن كبارها؟ مصرا عليها أونادما؟ بالليل في وكرها(١) أوبالنهار عيانا؟ محرما للحج أو للعمرة؟ قال : فانقطع يى بن أكثم انقطاعا لم يخف على أهل المجلس ، وكثر الناس تعجبا من جوابه ، ونشط المأمون ، فقال : تخطب يا أبا جعفر؟ فقال أبوجعفر عليه‌السلام : نعم يا أميرالمؤمنين ، فقال المأمون :

الحمدلله إقرارا بنعمته ، ولا إلى إلا الله إخلاصا لعظمته ، وصلى الله على محمد عند ذكره ، وقد كان من فضل الله على الانام أن أغناهم بالحلال عن الحرام فقال : « وأنكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم » ثم إن محمدبن علي ذكرام الفضل بنت عبدالله ، وبذل لها من الصداق خمس مائة درهم ، وقد زوجت ، فهل قبلت يا أباجعفر؟ فقال أبوجعفر عليه‌السلام : نعم يا أميرالمؤمنين قدقبلت هذا التزويج بهذا الصداق ، ثم أولم(٢) عليه المأمون ، وجاءالناس على مراتبهم في الخاص والعام ، قال فبينا نحن كذلك إذ سمعنا كلاما كأنه كلام الملاحين في مجاو باتهم ، فإذا نحن بالخدم يجرون سفينة من فضة فيها نسائج من أبريسم مكان القلوس ، والسفينة مملوءة غالية فضمخوا لحى أهل الخاص بها(٣) ثم مدوها إلى دارالعامة فطيبوهم.

__________________

(١) الوكر : عش الطائر وموضعه.

(٢) أولم : عمل الوليمة ، وهى كل طعام يتخذ لجمع أولدعوة.

(٣) ضمخ وضمخ جسده بالطيب : لطخه به حتى كانه يقطر. وفى المصدر : فخضبوا اهل الخاص يها ثم مروا بها إلى دار العامة.

٣٨٢

فلما تفرق الناس قال المأمون : يا أباجعفر إن رأيت أن تبين لنا ما الذي يجب على كل صنف من هذه الاصناف التي ذكرت في قتل الصيد ، فقال أبوجعفر عليه‌السلام : نعم يا أميرالمؤمنين ، إن المحرم إذاقتل صيدا في الحل والصيد من ذوات الطير من كبارها فعليه شاة وإذا أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا ، وإذا قتل في الحرم فعليه حمل قدفطم ، وليس عليه قيمته لانه ليس في الحرم ، وإذا قتله في الحرم فعليه الحمل ز قيمته لانه في الحرم ، فإذا كان من الوحوش فعليه في حمار وحش بدنة ، (١) وكذلك في النعامة ، فإن لم يقدر فإطعام ستين مسكينا ، فإن لم يقدر فصيام ثمانية عشر يوما ، وإن كانت بقرة فعليه بقرة ، فإن لميقدر فعليه إطعام ثلاثين مسكينا ، فإن لم يقدر فليصم تسعة أيام ، وإن كان ظبيا فعليه شاة ، فإن لم يقدر فعليه إطعام عشرة مساكين ، فإن لم يقدر فصيام ثلاثة أيام ، وإن كان في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا هديا بالغ الكعبة حقا واجبا عليه أن ينحره ، فإنكان في حج بمنى حيث ينحر الناس ، وإن كان في عمرة ينحره بمكة ، ويتصدق بمثل ثمنه حتى يكون مضاعفا ، وكذلكإذا أصاب أرنبا فعليه شاة ، وإذا قتل الحمامة تصدق بدرهم ، أو يشتري به طعاما لحمام الحرم ، وفي الفرخ نصف درهم ، وفي البيضة ربع درهم ، وكل ما أتى به المحرم بجهالة فلا شئ عليه فيه إلا الصيد ، فإن عليه الفداء بجهالة كان أو بعلم ، بخطأ كان أو بعمد ، وكل ما أتى العبد(٢) فكفارته على صاحبه بمثل ما يلزم صاحبه ، وكل ما أتى به الصغير الذي ليس ببالغ فلا شئ عليه فيه ، وإن كان ممن عاد فهو ممن ينتقم الله منه ، ليس عليه كفارة ، والنقمة في الآخرة ، وإن دل على الصيد وهو محرم فقتل فعليه الفداء ، والمصر عليه يلزمه بعد الفداء عقوبة في الآخرة ، والنادم عليه لا شئ عليه بعدالفداء ، وإذا أصاب ليلا في وكرها خطأ فلا شئ عليه إلا أن يتعمده ، فإن تعمد بليل أو نهار فعليه الفداء ، والمحرم للحج ينحر الفداء بمنى حيث ينحر الناس ، والمحرم للعمرة ينحر بمكة.

فأمر المأمون أن يكتب ذلك كله عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : ثم دعا أهل بيته

__________________

(١) في المصدر : وإذا كان من الوحش فعليه في الحمار الوحش بدنة.

(٢) في المصدر : وكل ما أتى به العبد.

٣٨٣

الذين أنكروا تزويجه عليه فقال لهم : هلفيكم أحد يجيب بمثل هذا الجواب؟ قالوا : لا والله ولا القاضي ، ثم قال : ويحكم أهل هذا البيت خلومنكم ومن هذا الخلق ، أو ما علمتم أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بايع الحسن والحسين عليهما‌السلام وهما صبيان غير بالغين ، ولم يبايع طفلا غيرهما؟ أو ما علمتم أن أباه عليا عليه‌السلام آمن بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو ابن عشرة سنة؟(١) وقبل الله ورسوله منه إيمانه ولم يقبل من طفل غيره ، ولا دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله طفلا غيره إلى الايمان؟ أو ما علمتم أنها ذرية بعضها من بعض يجري لآخرهم مثل ما يجرى لاولهم؟ فقالوا : صدقت يا أميرالمؤمنين كنت أنت أعلم به منا.

قال : ثم أمر المأمون أن ينثر على أبي جعفر عليه‌السلام ثلاثة أطباق رقاع زعفران و مسك معجون بماء الورد ، وجوفها رقاع ، على طبق رقاع عمالات ، والثاني ضياع طعمة لمن أخذها ، والثالث فيه بدر ، فأمر أن يفرق الطبق الذي عليه عمالات على بني هاشم خاصة ، والذي عليه ضياع طعمة على الوزراء ، والذي عليه البدر على القواد ، ولم يزل مكرما لابي جعفر عليه‌السلام أيام حياتهحتى كان يؤثره على ولده.(٢)

بيان : قال الجوهري : القلس : حبل ضخم من ليف أو خوص من قلوس السفن والبدر بكسر الباء وفتح الدال : جمع بدرة التي يجعل فيها الدراهم والدنانير.

ف : مرسلا مثله.(٣)

ختص : علي بن إبراهيم رفعه وذكر مثله.(٤)

__________________

(١) في المصدر : وهو ابن اثني عشر سنة. وفى التحف : وهو ابن تسع سنين.

(٢) تفسير القمى : ١٦٩ ـ ١٧٢.

(٣) تحف العقول : ص ٤٥١ ـ ٤٥٣ ، إلا أن فيه : ولابى جعفر عليه‌السلام تسع سنين.

وفيه : ثم إن محمد بن على خطب ام الفضل.

وفيه : وأجاز الناس على مراتبهم أهل الخاصة واهل العامة والاشراف والعمال وأوصلالى كل طبعة برا على ما يستحقه. ولم يذكر قصة السفينة.

وفيه : وإذا قتله في الحرم فعليه الحمل وقيمة الفرخ.

وفيه : وكذلك إذا أصاب ارنبا او ثعلبا فعليه شاة ، ويتصدق بمثل ثمن شاة ، وإن قتل حماما من حمام الحرم فعليه درهم يتصدق به ودرهم يشترى به علفا لحمام الحرم. إلى غير ذلك من الاختلاف.

(٤) الاختصاص مخطوط. وأخرجه ايضا المفيد في الارشاد ص ٣٤٢ ـ ٣٤٦ باسناده عن الحسن بن محمد بن سليمان عن على بن ابراهيم عن ابيه عن الريان بن شبيب. والطبرى في دلائل الامامة ص ٢٠٦ ـ ٢٠٨ والاربلى في كشف الغمة ص ٢٨٥ ـ ٢٨٦ والطبرسى في الاحتجاج ص ٢٤٥ ـ ٢٤٦ ، والفتال في الروضة مع اختلاف في الالفاظ.

٣٨٤

٢ ـ ف : قال المأمون ليحيى بن أكثم : اطرح على أبي جعفر محمد بن الرضا عليه‌السلام مسألة تقطعه فيها ، فقال يحيى : يا أبا جعفر ما تقول في رجل نكح امرأة على زنى أتحل له أن يتزوجها؟ فقال عليه‌السلام : يدعها حتى يستبرأها من نطفته ونطفة غيره ، إذ لا يؤمن منها أن تكون قد أحدثت مع غيره حدثا كما أحدثت معه ، ثم يتزوج بها إن أراد ، فإنما مثلها مثل نخلة أكل رجل منها حراما ثم اشتراها فأكل منها حلالا. فانقطع يحيى ، فقال له أبوجعفر عليه‌السلام : يا أبا محمد ما تقول في رجل حرمت عليه امرأة بالغداة ، وحلت له ارتفاع النهار ، وحرمت عليه نصف النهار ، ثم حلت له الظهر ، ثم حرمت عليه العصر ، ثم حلت له المغرب ، ثم حرمت عليه نصف الليل ، ثم حلت له مع الفجر ، ثم حرمت عليه ارتفاع النهار ، ثم حلت له نصف النهار؟ فبقي يحيى والفقهاء بلسا خرسا ، (١) فقال المأمون : يا أبا جعفر أعزك الله بين لنا هذا ، قال : هذا رجل نظر إلى مملوكة لا تحل له فاشتراها فحلت له ، ثم أعتقها فحرمت عليه ، ثم تزوجها فحلت له ، فظاهر منها فحرمت عليه ، فكفر للظهار فحلت له ، ثم طلقها تطليقة فحرمت عليه ، ثم راجعها فحلت له ، فارتد عن الاسلام فحرمت عليه ، فتاب ورجع إلى الاسلام فحلت له بالنكاح الاول ، كما أقر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نكاح زينب مع أبي العاص بن الربيع حيث أسلم على النكاح الاول.(٢)

__________________

(١) قول : ( بلسا ) من بلس في أمره : تحير. خرس : انعقد لسانه عن الكلام.

(٢) تحف العقول : ٤٥٤. وقد اخرج سؤال ابى جعفر عليه‌السلام عن يحيى المفيد في الارشاد والطبرسى في الاحتجاج والفتال في الروضة والاربلى في كشف الغمة ذيل الحديث السابق.

٣٨٥

(باب ٢٣)

*(احتجاجات أبى الحسن على بن محمد النقى ـ صلوات الله عليه وأصحابه)*

*(وعشائره ـ على المخالفين والمعاندين)*

١ ـ ف : قال موسى بن محمد بن الرضا : لقيت يحيى بن أكثم في دار العامة فسألني عن مسائل فجئت إلى أخي علي بن محمد فدار بيني وبينه من المواعظ ما حملني و بصرني طاعته ، فقلت له : جعلت فداك إن ابن أكثم كتب يسألني عن مسائل لا فتيه فيها ، فضحك ثم قال : فهل أفتيته؟ قلت : لا ، قال : ولم؟ قلت : لم أعرفها ، قال : وما هي؟ قلت : كتب يسألني عن قول الله : « وقال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك » نبي الله كان محتاجا إلى علم آصف؟

وعن قوله تعالى : « ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا » أسجد يعقوب وولده ليوسف وهم أنبياء؟ وعن قوله : « فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسئل الذين يقرءون الكتاب » من المخاطب بالآية؟ فإن كان المخاطب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقد شك وإن كان المخاطب غيره فعلى من إذا انزل الكتاب؟

وعن قوله تعالى : « ولو أن ما في الارض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله » ما هذه الابحر؟ وأين هي؟ وعن قوله تعالى : « فيها ما تشتهي الانفس وتلذ الاعين » فاشتهت نفس آدم أكل البر فأكل وأطعم فكيف عوقب؟ وعن قوله : « أويزوجهم ذكرانا وإناثا » يزوج الله عباده الذكران فقد عاقب قوما فعلوا ذلك؟!.

وعن شهادة المرأة جازت وحدها وقد قال الله : « وأشهدوا ذوي عدل منكم ». وعن الخنثى وقول علي : « يورث من المبال » فمن ينظر إذا بال إليه مع أنه عسى أن يكون امرأة وقد نظر إليها الرجال ، أو عسى أن يكون رجلا وقد نظرت إليه النساء وهذا ما لا يحل.

٣٨٦

وشهادة الجار إلى نفسه لا تقبل. وعن رجل أتى إلى قطيع غنم فرأى الراعي ينزو(١) على شاة منها ، فلما بصر بصاحبها خلى سبيلها فدخلت بين الغنم ، كيف تذبح؟ وهل يجوز أكلها أم لا؟ وعن صلاة الفجر لم يجهر فيها بالقراءة وهي من صلاة النهار ، وإنما يجهر في صلاة الليل. وعن قول علي عليه‌السلام لابن جرموز : « بشر قاتل ابن صفية بالنار » فلم لم يقتله وهو إمام؟.(٢)

وأخبرني عن علي عليه‌السلام لم قتل أهل صفين وأمر بذلك مقبلين ومدبرين ، و أجاز على الجرحى ، وكان حكمه يوم الجمل أنه لم يقتل موليا ، ولم يجز على جريح ، ولم يأمر بذلك ، وقال : « من دخل داره فهو أمن ، ومن ألقى سلاحه فهو آمن » لم فعل ذلك؟ فإن كان الحكم الاول صوابا فالثاني خطاء. وأخبرني عن رجل أقر باللواط على نفسه أيحد أم يدرء عنه الحد؟.

قال : اكتب إليه ، قلت : وما أكتب؟ قال : اكتب :

بسم الله الرحمن الرحيم ، وأنت فألهمك الله الرشد أتاني كتابك وما امتحنتنا به من تعنتك لتجد إلى الطعن سبيلا إن قصرنا فيها ، والله يكافئك على نيتك ، وقد شرحنا مسائلك فأصغ إليها سمعك ، وذلل لها فهمك ، واشغل بها قلبك ، فقد لزمتك الحجة ، والسلام.

سألت عن قول الله عزوجل : « قال الذي عنده علم من الكتاب » فهو آصف ابن برخيا ، ولم يعجز سليمان عن معرفة ما عرف آصف ، لكنه صلوات الله عليه أحب أن يعرف امته من الجن والانس أنه الحجة من بعده ، وذلك من علم سليمان عليه‌السلام أو دعه آصف بأمرالله ففهمه ذلك لئلا يختلف عليه في إمامته ودلالته ، كما فهم سليمان في حياة داود عليهما‌السلام لتعرف نبوته وإمامته من بعده لتأكد الحجة على الخلق.

وأما سجود يعقوب وولده كان طاعة لله ومحبة ليوسف ، كما أن السجود من

__________________

(١) نزا عليه : سفده.

(٢) في نسخة : فلم لايقتله وهو إمام؟.

٣٨٧

الملائكة لآدم لم يكن لآدم وإنما كان ذلك طاعة لله ومحبة منهم لآدم ، فسجد يعقوب عليه‌السلام وولده ويوسف معهم شكرا لله(١) باجتماع شملهم ، ألم تره يقول في شكره ذلك الوقت : ( رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الاحاديث ) إلى آخر الآية.

وأما قوله : « فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسئل الذين يقرءون الكتاب » فإن المخاطب به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم يكن في شك مما انزل إليه ، ولكن قال الجهلة : كيف لم يبعث الله نبيا من الملائكة إذ لم يفرق بين نبيه وبيننا في الاستغناء عن المآكل والمشارب والمشي في الاسواق؟ فأوحى الله تعالى إلى نبيه : « فاسئل الذين يقرءون الكتاب » بمحضر الجهلة هل بعث الله رسولا قبلك إلا وهو يأكل الطعام ، و يمشي في الاسواق ، ولك بهم اسوة ، وإنما قال : « فإن كنت في شك » ولم يكن(٢) ولكن للنصفة ، كما قال تعالى : « تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم و أنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين » ولو قال : عليكم(٣) لم يجيبوا إلى المباهلة ، وقد علم الله أن نبيه يؤدي عنه رسالاته وما هو من الكاذبين ، فكذلك عرف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه صادق فيما يقول ، ولكن أحب أن ينصف من نفسه.

وأما قوله : « ولو أن ما في الارض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله » فهو كذلك ، لو أن أشجار الدنيا أقلام والبحر يمده سبعة أبحر وانفجرت الارض عيونا لنفدت قبل أن تنفد كلمات الله ، وهي : عين الكبريت ، وعين النمر ، (٤) وعين البرهوت(٥) وعين طبرية ، وحمة ما سبذان ، (٦) وحمة إفريقية

__________________

(١) في نسخة : فسجد يعقوب وولده يوسف معهم شكرا لله. وفى المصدر : فسجود يعقوب و ولده ويوسف معهم كان شكرا لله.

(٢) في المصدر : ولم يكن شك.

(٣) أى ولو قال على سبيل الجزم والتحقيق : فنجعل لعنة الله عليكم لم يجيبوا إلى المباهلة.

(٤) في الاحتجاج والمناقب : وعين اليمن.

(٥) البرهوت كحلزون : واد او بئر بحضرموت.

(٦) في نسخة وفى الاحتجاج والمناقب : ( ما سيدان ) وفى المصدر : ( وما سبندان ) والحمة بفتح الحاء ففتح الميم المشدد : العين الحارة الماء يستشفى بها الاعلاء.

٣٨٨

يدعى لسان ، وعين بحرون ، (١) ونحن كلمات الله التي لا تنفد ولا تدرك فضائلنا.

وأما الجنة فإن فيها من المآكل والمشارب والملاهي ما تشتهي الانفس وتلذ الاعين ، وأباح الله ذلك كله لآدم ، والشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته أن يأكلا منها شجرة الحسد ، (٢) عهد إليهما أن لا ينظر إلى من فضل الله على خلائقه بعين الحسد ، فنسي ونظر بعين الحسد ولم نجد له عزما.

وأما قوله : « أو يزوجهم ذكرانا وإناثا » أي يولد له ذكور ، ويولد له إناث ، يقال لكل اثنين مقرنين : زوجان ، كل واحد منهما زوج ، ومعاذ الله أن يكون عنى الجليل ما لبست به على نفسك ، (٣) تطلب الرخص لارتكاب المآثم ، ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إن لم يتب.

وأما شهادة المرأة وحدها التي جازت فهي القابلة جازت شهادتها مع الرضى ، فإن لم يكن رضى فلا أقل من المرأتين ، تقوم المرأة بدل الرجل للضرورة ، لان الرجل لا يمكنه أن يقوم مقامها ، فإن كانت وحدها قبل قولها مع يمينها.

وأما قول علي عليه‌السلام في الخنثى فهي كما قال : ينظر قوم عدول يأخذ كل واحد منهم مرآة ويقوم الخنثى خلفهم عريانة وينظرون في المرايافيرون الشبح فيحكمون عليه. وأما الرجل الناظر إلى الراعي وقد نزا على شاة فإن عرفها ذبحها وأحرقها ، وإن لم يعرفها قسم الغنم نصفين وساهم بينهما(٤) فإذا وقع على أحد النصفين فقد نجا النصف الآخر ، ثم يفرق النصف الآخر فلا يزال كذلك حتى تبقى شاتان فيقرع بينهما فأيها وقع السهم بها ذبحت واحرقت ونجا سائر الغنم.

وأما صلاة الفجر فالجهر فيها بالقراءة ، لان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يغلس بها(٥) فقراءتها من الليل.

__________________

(١) اخرج قوله : ولو ان ما في الارض إلى قوله : ولا تدرك فضائلنا في ج ٤ ص ١٥١ عن الاحتجاج ، وفيه : عن باجوران ، وعن نسخ : باحروان. باحوران. باجروان.

(٢) لا يخلو ذلك عن غرابة ، وسيأتى الكلام حول ذلك في كتاب القصص باب قصص آدم.

(٣) أى مادلست على نفسك ، وذلك إيعاز إلى ما كان يشتهربه يحيى بن اكثم من اللواط.

(٤) أى قارع بينهما.

(٥) أى كان يصلى بالغلس ، والغلس بالتحريك : ظلمة آخر الليل. وفى نسخة : كان يغلس بها لقربها من الليل.

٣٨٩

وأما قول علي عليه‌السلام : « بشر قاتل ابن صفية بالنار » فهو لقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان ممن خرج يوم النهر فلم يقتله أميرالمؤمنين عليه‌السلام بالبصرة لانه علم أن يقتل في فتنة النهروان.

وأما قولك : إن عليا قتل أهل صفين مقبلين ومدبرين ، وأجاز على جريحهم وأنه يم الجمل لم يتبع موليا ولم يجز على جريح ، ومن ألقى سلاحه آمنه ، ومن دخل داره آمنه ، فإن أهل الجمل قتل إمامهم ، ولم تكن لهم فئة يرجعون إليها ، وإنما رجع القوم إلى منازلهم غير محاربين ولا مخالفين ولا منابذين ، رضوا بالكف عنهم ، فكان الحكم فيهم رفع السيف عنهم والكف عن أذاهم ، إذ لم يطلبوا عليه أعوانا ، وأهل صفين كانوا يرجعون إلى فئة مستعدة ، وإمام يجمع لهم السلاح والدروع والرماح و السيوف ، ويسني لهم العطاء ، ويهئ لهم الانزال ، (١) ويعود مريضهم ويجبر كسيرهم ويداوي جريحهم ، ويحمل راجلهم ، ويكسو حاسرهم ، (٢) ويردهم فيرجعون إلى محاربتهم وقتالهم ، فلم يساوبين الفريقين في الحكم لما عرف من الحكم(٣) في قتال أهل التوحيد لكنه شرح ذلك لهم فمن رغب عرض على السيف أو يتوب من ذلك.

وأما الرجل الذي اعترف باللواط فإنه لم تقم عليه بينة ، وإنما تطوع بالاقدار من نفسه ، (٤) وإذا كان للامام الذي من الله أن يعاقب عن الله كان له أن يمن عن الله ، أما سمعت قول الله : « هذا عطاؤنا » الآية قد أنبئناك بجميع ما سألتناه فاعلم ذلك.(٥)

ختص : محمد بن عيسى بن عبيد البغدادي ، عن محمد بن موسى مثله(٦).

__________________

(١) أسنى له العطاء : جعله سنية. والانزال : الارزاق.

(٢) الحاسر : من كان بلا عمامة أو بلا درع.

(٣) في المناقب : ولولا اميرالمومنين عليه‌السلام وحكمه في أهل صفين والجمل لما عرف الحكم.

(٤) في المصدر : وانما تطوع بالاقرار من نفسه.

(٥) تحف العقول : ٤٧٦ ـ ٤٨١.

(٦) الاختصاص مخطوط.

٣٩٠

اقول : قدأوردنا هذه الاجوبة بأدنى تغيير في أبواب تاريخه عليه‌السلام ، وشرح أجزاء الخبر مفرق على الابواب المناسبة لها.

٢ ـ وروى السيد المرتضى رحمه‌الله عن شيخه المفيد رضي‌الله‌عنه قال : دخل أبوهاشم داودبن القاسم الجعفري على محمدبن طاهر بعد قتل يحيى بن عمر المقتول بشاهي فقال له : أيها الامير إناقد جئناك لنهنأك بأمر لوكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حيالعز يناه به. (١)

٣ ـ قال السيد المرتضى رضي‌الله‌عنه : أخبرني الشيخ أدام الله عزه مر سلاعن محمدبن عيسى بن عبيد اليقطيني ، عن سعيدبن جناح ، عن سليمان بن جعفر قال : قال لي أبوالحسن العسكري عليه‌السلام : نمت وأنا افكر في بيت ابن أبي حفصة :

أنى يكون وليس ذاك بكائن

لبني البنات وراثة الاعمام

فإذا إنسان يقول لي :

قد كان إذ نزل القرآن بفضله

ومضى القضاء به من الحكام(٢)

ان ابن فاطمة المنوه باسمه(٣)

حاز الوراثة عن بني الاعمام

وبقى ابن نثلة واقفا متحيرا(٤)

يبكي ويسعده ذو والارحام(٥)

بيان : نثلة اسم ام العباس ، ويقال : نثيلة. ولعل المراد بابن فاطمة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ويحتمل أن يكون المراد بفاطمة البتول عليها‌السلام وبابنها جنس الابن ، أو القائم عليه‌السلام ، والاول أظهر.

٤ ـ كتاب الاستدراك : قال : نادى المتو كل يوما كاتبا نصرانيا : أبانوح ، فأنكروا كنى الكتابيين ، فاستفتى فاختلف عليه ، فبعث إلى أبي الحسن فوقع عليه‌السلام : بسم الله الرحمن الرحيم : « تبت يدا أبي لهب » فعلم المتوكل أنه يحل ذلك لان الله قد كنى الكافر.(٦)

__________________

(١) الفصول المختارة ١ : ١٩.

(٢) في المصدر :

قد كان إذنزل الكتاب بفضله

ومضى القضاء به من الاحكام

(٣) نوه بالحديث اى أشادبه وأظهره. نوه باسمه : دعاه ايضا.

(٤) هكذا في النسخ ، والصحيح كما في المصدر بالتاء ، وهو نتلة أو بنت خباب بن كليب بن مالك بن عمروبن عامربن زيدمناة بن عامر.

(٥) الفصول المختارة ١ : ٦٥

(٦) الاستدراك مخطوط.

٣٩١

(باب ٢٤)

*(احتجاج أبى محمد الحسن بن على العسكرى عليهما السلام)*

١ ـ قب : أبوالقاسم الكوفي كتاب التبديل إن إسحاق الكندي(١) كان فيلسوف العراق في زمانه ، أخذ في تأليف تناقض القرآن وشغل نفسه بذلك وتفرد به في منزله ، وإن بعض تلامذته دخل يوما على الامام الحسن العسكري عليه‌السلام ، فقال له أبومحمد عليه‌السلام : أمافيكم رجل رشيد يردع استادكم الكندي عما أخذ فيه من تشاغله بالقرآن؟ فقال التلميذ : نحن من تلامذته كيف يجوزمنا الاعتراض عليه في هذا أؤ في غيره ، فقال له أبومحمد عليه‌السلام : أتؤدي إليه ما القيه إليك؟ قال : نعم ، قال : فصر فسرخ إليه وتلطف في مؤانسته ومعونته على ماهو بسبيله ، فإذا وقعت المؤانسة في ذلك فقال : قد حضرتني مسألة ، أسألك عنها؟ فإنه يستدعي ذلك منك ، فقل له : إن أتاك هذا المتكلم بهذا القرآن هل يجوز أن يكون مراده بما تكلم به منه غير المعاني التي قد ظننتها أنك ذهبت إليها؟ فإنه سيقول : إنه من الجائز ، لانه رجل يفهم إذا سمع ، فإذا أوجب ذلك فقل له : فما يدريك لعله قد أراد غير الذي ذهبت أنت إليه ، فتكون واضعا لغير معانيه. فصار الرجل إلى الكندي وتلطف إلى أن ألقى عليه هذه المسألة ، فقال له : أعد علي ، فأعاد عليه فتفكر في نفسه ورأى ذلك محتملا في اللغة ، وسائغا في النظر.(٢)

أقول : قدأوردنا وسنورد عمدة احتجاجاتهم عليهم‌السلام وحلها في أبواب تاريخهم صلوت الله عليهم ، وأبواب المواعظ والحكم ، وأبواب التوحيد والعدل والمعاد ، وسائر أبواب الكتاب ، وإنما أوردنا ههنا مالا يخص بابا من الابواب ، وسيأتي احتجاجات القائم وماروي عنه عليه‌السلام من جوامع العلوم في كتاب الغيبة إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) هواسحاق بن حنين بن اسحاق الكندى طبيب وفيلسوف كان هو كأبيه قد نقل إلى العربية عن اليونانية او عن ترجماتها كتب الفلسفة والرياضيات كاصول الهندسة لاقليدس ، والمجسطى لبطلميوس ، والكرة والا سطوانة لارخميدس ، وسوفسطس لافلاطون ، والمقولات لارسطو ، توفى في بغداد في ربيع الاخرسنة ٢٩٨ او ٢٩٩ ، كان قد خدم مع الخلفاء والرؤساء من خدمه أبوه ، ثم انقطع إلى القاسم بن عبيدالله وزير المعتضد بالله.

(٢) مناقب آل أبى طالب ج ٢ : ٤٥٩.

٣٩٢

(باب ٢٥)

*(نادر فيما بين الصدوق محمدبن بابويه رحمة الله عليهما من مذهب)*

*(الامامية ، وأملى على المشائخ في مجلس واحد على ما أورده)*

*(في كتاب المجالس)*

فقال رضي‌الله‌عنه : دين الامامية هوالاقرار بتوحيد الله تعالى ذكره ، (١) ونفي التشبيه عنه ، وتنزيهه عما لايليق به ، والاقرار بأنبياء الله ورسله وحججه وملائكته و كتبه ، والاقرار بأن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله هو سيد الانبياء والمرسلين ، وأنه أفضل منهم ومن جميع الملائكة المقربين ، وأنه خاتم النبيين فلانبي بعده إلى يوم القيامة ، وأن جميع الانبياء والرسل والائمة عليهم‌السلام أفضل من الملائكة ، وأنهم معصومون مطهرون من كل دنس ورجس ، لايهمون بذنب صغير ولا كبير ولاير تكبونه ، وأنهم أمان لاهل الارض ، كما أن النجوم أمان لاهل السماء.

وأن الدعائم التي بني الاسلام عليها خمس : الصلاة ، والزكاة ، والصوم ، و الحج ، وولاية النبي والائمة بعده صلوات الله عليهم ، وهم اثناعشر إماما : أولهم أميرامؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، ثم الحسن ، ثم الحسين ، ثم علي بن الحسين ، ثم الباقر محمدبن علي ، ثم الصادق جعفربن محمد ، ثم الكاظم موسى بن جعفر ، ثم الرضا علي بن موسى ، ثم الجواد محمدبن علي ، ثم الهادي علي بن محمد ، ثم العسكري الحسن بن علي ، ثم الحجة بن الحسن بن علي عليهم‌السلام.

والاقرار بأنهم اولو الامر الذين أمرالله عزوجل بطاعتهم فقال : « أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم » وأن طاعتهم طاعة الله ، ومعصيتهم معصية الله و وليهم ولي الله ، وعدم هم عدوالله عزوجل ، ومودة ذرية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا كانوا على

__________________

(١) في المجالس : اجتمع في هذا اليوم أى يوم الجمعة الثانى عشرمن شعبان سنة ثمان وستين وثلاثمائة إلى الشيخ الفقيه أبى جعفر محمدبن على بن الحسين بن موسى بن بابويه القمى رضى الله عنه أهل مجلسه والمشائخ فسألوه أن يملى عليهم وصف دين الامامية على الايجازو الاختصار فقال : دين الامامية هوا لاقرار بتوحيد الله إه.

٣٩٣

منهاج آبائهم الطاهرين فريضة واجبة في أعناق العباد إلى يوم القيامة ، وهي أجر النبوة لقول الله عزوجل : « قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ».

والاقرار بأن الاسلام هو الاقرار بالشهادتين ، والايمان هو إقرار باللسان ، وعقد بالقلب ، وعمل بالجوارح ، لايكون الايمان إلا هكذا.

ومن شهد الشهادتين فقد حقن ماله(١) ودمه إلا بحقهما ، وحسابه على الله عزوجل. والاقرار بالمساء لة في القبر حين يدفن الميت وبمنكر ونكير ، وبعذاب القبر ، والاقرار بخلق الجنة والنار ، وبمعراج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى السماء السابعة ، ومنها إلى سدرة المنتهى ، ومنها إلى حجب النور ، وبمناجات الله عزوجل إياه ، وأنه عرج به بجسمه وروحه على الصحة والحقيقة لاعلى الرؤيافي المنام ، وأن ذلك لم يكن لان الله عز وجل في مكان هناك ، (٢) لانه متعال عن المكان ، ولكنه عزوجل عرج به عليه‌السلام تشريفا له ، وتعظيما لمنزلته ، وليريه ملكوت السماوات كما أراه ملكوت الارض ، ويشاهد مافيها من عظمة الله عزوجل ، وليخبر امته بماشاهد في العلومن الآيات والعلامات.

والاقرار بالحوض والشفاعة للمذنبين من أصحاب الكبائر ، والاقرار بالصراط والحساب والميزان واللوح والقم والعرش والكرسي.

والاقرار بأن الصلاة عمودالدين ، وأنها أول مايحاسب عليه العبد يوم القيامة من الاعمال ، وأول مايسأل عنه العبد بعدالمعرفة ، فإن قبلت قبل ماسواها ، وإن ردت رد ماسواها ، وأن المفروضات من الصلوات في اليوم والليلة خمس صلوات ، وهي سبع عشر ركعة : الظهر أربع ركعات ، والعصر أربع ركعات ، والمغرب ثلاث ركعات ، والعشاء الآخرة أربع ركعات ، والغداة ركعتان.

وأما النافلة فهي مثلا الفريضة : أربع وثلاثون ركعة : ثمان ركعات قبل الظهر ، وثمان بعدها قبل العصر ، وأربع ركعات بعد المغرب ، وركعتان من جلوس بعدالعشاء الآخرة يحسبان بركعة ، وهي وترلمن لم يلحق الوتر آخرا لليل ، وصلاة الليل ثماني ركعات ،

__________________

(١) حقن دمه : صانه ولم يرقه.

(٢) أى عروجه إلى السماوات وسدرة المنتهى والحجب ماكان بسبب أنه تعالى كان في مكان هناك ، لانه متعال عن المكان ، بل كان عروجه اليها تشريقا له وتعظيما لمنزلته.

٣٩٤

كل ركعتين بتسليمة ، والشفع ركعتان بتسليمة ، والوتر ركعة واحدة ، ونافلة الغداة ركعتان ، فجملة الفرائض والنوافل في اليوم والليلة إحدى وخمسون ركعة ، والاذان و الاقامة مثنى مثنى ، وفرائض الصلاة سبع : الوقت ، والطهور ، والتوجه ، (١) والقبلة ، والركوع والسجود ، والدعاء.(٢) والقنوت في كل صلاة فريضة ونافلة في الركعة الثانية قبل الركوع وبعدالقراءة ، ويجزي من القول في القنوت : ( رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الاعز الاحل الاكرم ) ويجزى فيه أيضا ثلاث تسبيحات ، وإن أحب المصلي أن يذكر الائمة عليهم‌السلام في قنوته ويصلي عليهم فيجملهم.(٣) وتكبيرة الافتتاح واحدة ، وسبع أفضل. ويجب الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة عند افتتاح الفاتحة ، وعندافتتاح السورة بعدها ، وهي آية من القرآن ، وهي أقرب إلى اسم الله الاعظم من سواد العين إلى بياضها. ويستحب رفع اليدين في كل تكبيرة في الصلاة وهو زين الصلاة. والقراءة في الاوليين من الفريضة الحمدو سورة ، ولاتكون من العزائم التي يسجد فيها ، وهي سجدة لقمان ، وحم السبحدة ، والنجم ، وسورة اقرء باسم ربك. ولاتكن السورة أيضا لايلاف أوألم تركيف أوالضحى أوألم نشرح ، لان الايلاف وألم تركيف سورة واحدة ، والضحى وألم نشرح سورة واحدة ، فلايجوز التفرد بواحدة منها في ركعة فريضة ، فمن أراد أن يقرأ بها في الفريضة فليقرأ لايلاف وألم تركيف في ركعة ، والضحى وألم نشرح في ركعة ولا يجوز القران بين سورتين في الفريضة ، فأما في النافلة فلابأس بأن يقرأ الرجل ماشاء ، (٤) ولابأس بقراءة العزائم في النوافل لانه إنما يكره ذلك في الفريضة.

ويجب أن يقرأ في صلاة الظهر يوم الجمعة سورة الجمعة والمنافقين فبذلك جرت

__________________

(١) المراد بالتوجه قوله : ( وجهت للذى فطرالسموات والارض ) اه أومطلق الدعاء عند الدخول في الصلاة في اثناء التكبيرات وبعدها ، ولعل اطلاق الفريضة عليه باعتبار تضمنه النية أوتكبيرة الاحرام.

(٢) المراد بالدعاء مايقرء في الركعات والذكر في الركوع والسجود.

(٣) في نسخة : فليجملهم.

(٤) في نسخة من الكتاب ومصدره : فلابأس بأن يقرن الرجل ماشاء.

٣٩٥

السنة ، والقول في الركوع والسجود ثلاث تسبيحات ، وخمس أحسن ، وسبع أفضل ، وتسبيحة تامة تجزي الركوع والسجود للمريض والمستعجل ، فمن نقص من الثلاث تسبيحات في ركوعه أو في سجوده تسبيحة ولميكن بمريضولا مستعجلفقد نقص ثلث صلاته ، ومنترك تسبيحتين فقد نقص ثلثي صلاته ، ومن لم يسبح في ركوعه وسجوده فلا صلاة له إلا أن يهلل أو يكبر أو يصلي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بعدد التسبيح ، فإن ذلك يجزيه.

ويجزي في التشهد الشهادتان ، فمازاد فتعبد. والتسليم في الصلاة يجزي مرة واحدة مستقبل القبلة ، ويميل بعينه إلى يمينه ، ومن كان في جمع من أهل الخلاف سلم تسليمتين : عن يمينه تسليمة ، وعن يساره تسليمة كما يفعلون ، للتقية.

وينبغي للمصلي أن يسبح بتسبيح الزهراء فاطمة عليها‌السلام في دبر كل فريضة ، وهي أربع وثلاثون تكبيرة ، وثلاث وثلاثون تسبيحة ، وثلاث وثلاثون تحميدة ، فانه من فعل ذلك بعدالفريضة قبل أن يثنى رجليه غفر الله له ، ثم يصلي على النبي والائمة عليهم‌السلام ، ويدعو لنفسه بما أحب ، ويسجد بعد فراغه من الدعاء سجدة الشكر يقول فيها ثلاث مرات : « شكر الله » ولا يدعها إلا إذا حضر مخالف للتقية.

ولا يجوز التكفير(١) في الصلاة ، ولا قول آمين بعد فاتحة الكتاب ، ولا وضع الركبتين على الارض في السجود قبل اليدين ، ولا يجوز السجود إلا على الارض أو ما أنبتته الارض إلا ما اكلاو لبس ، ولا بأس بالصلاة في شعر ووبر كل ما اكله لحمه ، وما لا يؤكل لحمه فلا يجوز الصلاة في شعره ووبره إلا ما خصته الرخصة وهي الصلاة في السنجاب والسمور والفنك والخز ، والاولى أن لا يصلى فيها ، ومن صلى فيها جازت صلاته ، وأما الثعالب فلا رخصة فيها إلا في حال التقية والضرورة.

والصلاة يقطعها الريح إذا خرج من المصلي ، أو غيرها مما ينقض الوضوء ، أو يذكر أنه على غير وضوء ، أو وجد أذى أو ضربانا لا يمكنه الصبر عليه ، أو رعف فخرج من أنفه دم كثير ، أو التفت حتى يرى من خلفه. ولا يقطع صلاة المسلم شئ مما يمربين يديه من كلب أو امرأة أو حمار أو غير ذلك.

__________________

(١) التكفير. وضع الرجل احدى يديه على الاخرى في الصلاة كما يفعله العامة.

٣٩٦

ولا سهو في النافلة ، فمن سها في نافلة فليس عليه شئ فليبن على ما شاء ، وإنما السهو في الفريضة ، فمن سها في الاوليين أعاد الصلاة ، ومن شك في المغرب أعاد الصلاة ، ومن شك في الغداة أعاد الصلاة. ومن شك في الثانية والثالثة(١) أو في الثالثة والرابعة فليبن على الاكثر ، فإذا سلم أتم ما ظن أنه قد نقص. ولا تجب سجدتا السهو على المصلي إلا إذا قام في حال قعوإه ، أو قعد في حال قيامه ، أو ترك التشهد ، أو لم يدر زاد في صلاته أو نقص منها ، وهما بعد التسليم في الزيادة والنقصان ، ويقال فيهما : « بسم الله وبالله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته » وأما سجدة العزائم فيقال فيها : « لا إله إلا الله حقا حقا ، لا إله إلا الله إيمانا وتصديقا ، لا إله إلا الله عبودية ورقا ، سجدت لك يارب تعبدا ورقا لا مستنكفا ولا مستكبرا ، بل أنا عبد ذليل خائف مستجير » ويكبر إذا رفع رأسه. ولا يقبل من صلاة العبد إلا ما أقبل عليه منها بقلبه حتى أنه ربما قبل من صلاته ربعها أو ثلثها أو نصفها أو أقل من ذلك أو أكثر ، ولكن الله عزوجل يتمها بالنوافل.

وأولى الناس بالتقدم في جماعة أقرؤهم للقرآن ، فإن كانوا في القرآن سواء فأقدمهم هجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء فأسنهم ، فإن كانوا في السن سواء فأصبحهم وجها ، وصاحب المسجد أولى بمسجده ، ومن صلى بقوم وفيهم من هو أعلم منه لم يزل أمرهم إلى سفال(٢) إلى يوم القيامة. والجماعة يوم الجمعة فريضة واجبة ، وفي سائر الايام سنة ، من تركها رغبة عنها وعن جماعة المسلمين من غير علة فلا صلاة له.

ووضعت الجمعة عن تسعة : عن الصغير ، والكبير ، (٣) والمجنون ، والمسافر ، و العبد ، والمرءة ، والمريض ، والاعمى ، ومن كان على رأس فرسخين. ويفضل صلاة الرجل(٤) في جماعة على صلاة الرجل وحده خمس وعشرين درجة في الجنة.

__________________

(١) وذلك بعد تحقق الثانية وهى تحصل باكمال السجدتين.

(٢) السفال : ضد العلو.

(٣) المراد بالكبير الهم والهمة.

(٤) في نسخة : لفضل صلاة الرجل في جماعة على صلاة الرجل وحده خمسة وعشرون درجة. وفى المصدر : تفضل صلاة الرجل اه.

٣٩٧

وفرض السفر ركعتان إلا المغرب ، فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تركها على حالها في السفر والحضر. ولا يصلى في السفر من نوافل النهار شئ ، ولا يترك فيه من نوافل الليل شئ ، ولا يجوز صلاة الليل من أول الليل إلا في السفر ، (١) وإذا قضاها الانسان فهو أفضل له من أن يصليها من « في خ ل » أول الليل.

وحد السفر الذي يجب فيه التقصير في الصلاة والافطار في الصوم ثمانية فراسخ ، فإن كان سفر الرجل أربعة فراسخ ولم يرد الرجوع من يومه فهو بالخيار إن شاء أتم وإن شاء قصر ، وإن أراد الرجوع من يومه فالتقصير عليه واجب ، ومن كان سفره معصية فعليه التمام في الصوم والصلاة ، والمتمم في السفر كالمقصر في الحضر ، والذين يجب عليهم التمام في الصلاة والصوم في السفر : المكاري والكري(٢) والاشتقان وهو البريد(٣) والراعي والملاح لانه عملهم ، وصاحب الصيد إذا كان صيده بطرا وأشرا(٤) وإن كان صيده مما يعود به على عياله فعليه التقصير في الصوم والصلاة ، وليس من البر أن يصوم الرجل في سفره تطوعا ، ولا يجوز للمفطر في السفر في شهر رمضان أن يجامع.

والصلاة ثلاثة أثلاث : ثلث طهور ، وثلث ركوع ، وثلث سجود ، ولا صلاة إلا بطهور. والوضوء مرة مرة ، ومن توضأ مزتين فهو جائز إلا أنه لا يوجر عليه. و الماء كله طاهر حتى يعلم أنه قذر ، ولا يفسد الماء إلا ما كانت له نفس سائلة ، ولا بأس بالوضوء بماء الورد ، والاغتسال به من الجنابة ، وأما الماء الذي تسخنه الشمس فلا بأس بالوضوء منه ، وإنما يكره الوضوء به وغسل الثياب والاغتسال لانه يورث البرص ، والماء إذا كان قدر كر لم ينجسه شئ ، والكر ألف رطل ومائتا رطل بالمدني.(٥)

__________________

(١) ويجوز لغيره من ذوى الاغدار ، وسيأتى شرحه في بابه.

(٢) في نسخة. والمكرى.

(٣) البريد : الرسول.

(٤) بطر : طغى بالنعمة أو عندها فصرفها إلى غير وجهها. أشر : شرح : مرح أى اشتد فرحه ونشاطه حتى جاوز.

(٥) هكذا في المصدر وفى نسخ من الكتاب ، وفى هامش تلك النسخ بدله : ( بالعراقى ) ، وهو يطابق ما عليه المشهور.

٣٩٨

وروي أن الكر هو ما يكون ثلاثة أشبار طولا في ثلاثة أشبار عرضا في ثلاثة أشبار عمقا ، (١) وماء البئر طهور كله مالم يقع فيه شئ ينجسه ، وماء البحر طهور كله.

ولا ينقض الوضوء إلا ما خرج من الطرفين من بول أو غائط أو ريح أو مني ، والنوم إذا ذهب بالعقل ولا يجوز المسح على العمامة ، ولا على القلنسوة ، ولا يجوز المسح على الخفين والجوربين إلا من عدو يتقى ، أو ثلج يخاف منه على الرجلين ، فيقام الخفان مقام الجبائر فيمسح عليهما.

وروت عائشة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : أشد الناس حسرة يوم القيامة من رأى وضوءه على جلد غيره. وقالت عائشة : لئن أمسح على ظهر عير بالفلاة أحب إلي من أن أمسح على خفي.

ومن لم يجد الماء فليتيمم كما قال الله عزوجل : « فتيمموا صعيدا طيبا » و الصعيد : الموضع المرتفع ، والطيب : الذي ينحدر عنه الماء ، فإذا أراد الرجل أن يتيمم ضرب بيديه على الارض مرة واحدة ثم ينفضهما فيمسح بهما وجهه ، ثم يضرب بيده اليسرى الارض فيمسح بها يده اليمنى من المرفق إلى أطراف الاصابع ، ثم يضرب بيمينه الارض فيمسح بها يساره من المرفق إلى أطراف الاصابع ، وقد روي(٢) أن يمسح الرجل جبينه وحاجبه(٣) ويمسح على ظهر كفيه ، وعليه مضى مشائخنا رضي الله عنهم ، وما ينقض الوضوء ينقض التيمم ، والنظر إلى الماء ينقض التيمم ، ومن يتمم وصلى ثم وجد الماء وهو في وقت الصلاة أو قد خرج الوقت فلا إعادة عليه ، لان التيمم أحد الطهورين ، فليتوضأ لصلاة اخرى. ولا بأس أن يصلي الرجل بوضوء واحد صلاة الليل

__________________

(١) في نسخة : وهو ثلاثة أشبار في طول في ثلاثة اشبارفى عرض في ثلاثة اشبار في عمق.

(٢) وفى هامش الكتاب : فاذا أراد الرجل أن يتيمم ضرب بيده على الارض ضربة للوضوء ثم ينفضهما فيمسح بهما وجهه من قصاص شعر الرأس إلى طرف الانف الا على ، والى الاسفل أولى ، ثم يمسح بيده اليسرى يده اليمنى ، ثم يمسح ظهر يده اليسرى كذلك ، ويضرب بدل غسل الجنابة ضربتين : ضربة يمسح وجهه ، وضربة اخرى يمسح بها ظهر كفيه ، وقد روى ( خ ل ).

(٣) في نسخة : جبينيه وحاجبيه.

٣٩٩

والنهار كلها مالم يحدث ، وكذلك التيمم مالم يحدث أو يصيب ماء.(١)

والغسل في سبعة عشر موطنا : ليلة سبع عشرة من شهر رمضان ، (٢) وليلة تسع عشرة ، وليلة إحدى وعشرين ، وليلة ثلاث وعشرين ، وللعيدين ، وعند دخول الحرمين ، وعند الاحرام ، وغسل الزيارة ، وغسل الدخول إلى البيت ، ويوم التروية ، ويوم عرفة ، وغسل الميت ، وغسل من غسل ميتا أو كفنه أومسه بعدما برد ، (٣) وغسل يوم الجمعة ، وغسل الكسوف إذا احترق القرص كله ولم يعلم به الرجل ، وغسل الجنابة فريضة ، وكذلك غسل الحيض ، لان الصادق عليه‌السلام قال : « غسل الجنابة والحيض واحد » و كل غسل فيه وضوء في أوله إلا غسل الجنابة لانه فريضة ، وإذا اجتمع فرضان فأكبرهما يجزي عن أصغرهما. ومن أراد الغسل من الجنابة فليجتهد أن يبول ليخرج ما في إحليله من المني ، (٤) ثم يغسل يديه ثلاثا من قبل أن يدخلهما الاناء ، ثم يستنجي وينقي فرجه ، ثم يضع على رأسه ثلاث أكف من ماء ، ويميز الشعر بأنامله حتى يبلغ الماء أصل الشعر كله ، ثم يتناول الاناء بيده ويصبه على رأسه وبدنه مرتين ، ويمر يده على بدنه كله ، ويخلل اذنيه بإصبعيه ، وكل ما أصابه الماء فقد طهر ، وإذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك من غسله ، وإن قام في المطر حتى يغسله فقد اجزأه ذلك من غسله ، ومن أحب أن يتمضمض ويستنشق في غسل الجنابة فليفعل ، و ليس ذلك بواجب ، لان الغسل على ما ظهر لا على ما بطن ، غير أنه إذا أراد أن يأكل أو يشرب قبل الغسل لم يجزله إلا أن يغسل يديه ويتمضمض ويستنشق ، فإنه إن أكل أو شرب قبل ذلك خيف عليه البرص ، وإذا عرق الجنب في ثوبه وكانت الجنابة من حلال فحلال الصلاة في الثوب ، وإن كانت من حرام فحرام الصلاة فيه.

وأقل الحيض ثلاثة أيام ، (٥) وأكثرها عشرة أيام ، وأقل الطهر عشرة أيام ،

__________________

(١) في نسخة : وكذلك المتيمم مالم يحدث أو يصب الماء.

(٢) في المصدر : الغسل ليلة سبع عشرة من شهر رمضان.

(٣) في نسخة : أو مسه بعد برده بالموت وقبل تطهيره بالماء ، وهذه الاغسال الثلاثة فريضة ، وغسل يوم الجمعة.

(٤) في نسخة : فليجهد ان يبول ليخرج ما بقى في احليله من المنى.

(٥) في نسخة : وأقل ايام الحيض ثلاثة ايام.

٤٠٠