بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٦١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

حتى وقف على عمر فقال له : اليهودي يا أميرالمؤمنين أيكم اعلم بعلم نبيكم وكتاب ربكم حتى اسأله عما اريد؟ فأشار عمر إلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال له اليهودي : أكذلك أنت يا على؟ قال عليه‌السلام : نعم سل عما تريد.

قال : إني اسألك عن ثلاث ، وعن ثلاث ، وواحدة فقال له علي عليه‌السلام : لم لا تقول : إني أسألك عن سبع؟ قال له اليهودي : أسألك عن ثلاث فإن أصبت فيهن سألتك عن الثلاث الا خرى ، فإن أصبت سألتك عن الواحدة وإن أخطأت في الثلاث الاولى لم أسألك عن شئ.

فقال له علي عليه‌السلام : وما يدريك إذا سألتني فأجبتك أصبت أم أخطأت؟ فضرب بيده إلى كمه فاستخرج كتابا عتيقا فقال : هذا ورثته عن آبائي وأجدادي إملاء موسى ابن عمران وخط هارون ، وفيه هذه الخصال التي اريد أن أسألك عنها فقال له علي عليه‌السلام إن عليك(٢) إن أجبتك فيهن بالصواب أن تسلم؟ فقال اليهودي : والله إن أجبتني فيهن بالصواب لاسلمن الساعة على يديك قال له علي عليه‌السلام : سل.

قال : أخبرني عن أول حجر وضع على وجه الارض ، وأخبرني عن أول شجرة نبتت على وجه الارض ، وأخبرني عن أول عين نبعت على وجه الارض فقال له علي عليه‌السلام : يا يهودي أما أول حجر وضع على وجه الارض فإن اليهود يزعمون أنها صخر بيت المقدس وكذبوا ، ولكنه الحجر الاسود نزل به آدم عليه‌السلام من الجنة(٢) فوضعه في ركن البيت والناس يتمسحون به ويقبلونه ويجددون العهد والميثاق فيما بينهم و بين الله عزوجل قال اليهودي : أشهد بالله لقد صدقت.

قال له علي عليه‌السلام : وأما أول شجرة نبتت على وجه الارض فإن اليهود يزعمون أنها الزيتونة وكذبوا ولكنها النخلة من العجوة نزل بها آدم عليه‌السلام معه من الجنة ، فأصل النخل كله من العجوة قال له اليهودي اشهد بالله لقد صدقت

قال له علي عليه‌السلام وأما أول عين نبعت على وجه الارض فإن اليهود يز عمون

__________________

(١) في الصدر : إن لى عليك

(٢) في المصدر : نزل به آدم معه من الجنة

٢١

أنها العين التي نبعت تحت صخرة بيت المقدس وكذبوا ، ولكنها عين الحياة(١) التي نسي عندها صاحب موسى السمكة المالحة ، فلما أصابها ماء العين عاشت وسربت فاتبعها موسى وصاحبه فلقيا الخضر. قال له اليهودي : اشهد بالله لقد صدقت.

قال له علي عليه لسلام سل(٢) قال : أخبرني عن هذه الامة كم لهابعد نبيها من إمام عادل؟ وإخبرني عن منزل محمدأين هو من الجنة؟ ومن يسكن معه في منزله؟ قال له علي عليه‌السلام : يا يهودي يكون لهذه الامة بعد نبيها اثناعشر إماما عدلا لا يضرهم خلاف من خالف عليهم(٣) قال له اليهودي أشهد(٤) لقد صدقت.

قال له علي عليه‌السلام : وأما منزل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله من الجنة في جنة عدن ، وهي وسط الجنان وأقربها إلى عرش الرحمن جل جلاله قال له اشهد بالله لقد صدقت قال له علي عليه‌السلام والذين يسكنون معه في الجنة هؤلاء الاثنا عشر إماما(٥) قال له اليهودي : شاهد بالله لقد صدقت

قال له علي عليه‌السلام : سل(٦) قال : أخبرني عن محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله من أهله(٧) كم يعيش من بعده؟ وهل يموت موتا أويقتل قتلا؟ فقال له علي عليه‌السلام : يا يهودي يعيش بعده ثلاثين سنة ويخضب منه هذه من هذا ـ وأشار إلى رأسه

قال : فوثب إليه اليهودي فقال : أشهدأن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنك وصي رسول الله(٨)

١١ ـ نى : ابن عقدة عن محمد الفضل ، (٩) عن ابراهيم بن مهزم عن خاقان ابن سليمان ، (١٠) عن إبراهيم بن أبي يحيى المدني ، (١١) عن أبي هارون العبدي(١٢)

__________________

(١) في المصدر : ولكتها عين الحيوان

(٢) في المصدر : سل عن الثلاث الاخر

(٣) في المصدر : من خالفهم (٤) في المصدر : اشهد بالله

(٥) في المصدر : هؤلاء الائمة الاثناعشر (٦) في المصدر : سل عن الواحدة

(٧) في المصدر في اهله. (٨) كمال الدين : ١٧٢

(٩) في المصدر : حدثنا محمد بن الفضل بن الفضل بن إبراهيم بن قيس بن رمانة الاشعرى من كتابه.

(١٠) وصفه في المصدر بالخزاز.

(١١) لعله ابراهيم بن محمدبن أبى يحيى الا سلمى أبواسحاق المدنى المتوفى سنة ١٨٤ ، أو ١٩١ المترجم في التقريب ص ٢٦

(١٢) هو عمارة بن جوين المتقدم ذكره.

٢٢

عن عمربن أبي سلمة ربيب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (١) وعن أبي الطفيل قالا : شهدنا الصلاة على أبي بكر ، وساقا الحديث إلى آخره(٢)

ك : ماجيلويه ، عن محمدبن الهيثم ، (٣) عن البرقي ، عن أبيه ، عن عبدالله بن القاسم ، عن حيان السراج ، عن داود بن سليمان ، عن ابي الطفيل مثله.(٤)

١٢ ـ ك : أبي وابن الوليد معا ، عن سعد ومحمد العطار وأحمدبن إدريس جميعا عن البرقي وابن يزيد وابن هاشم جميعا ، ابن فضال ، عن أيمن بن محرز عن محمد ابن سماعة ، عن إبراهيم بن أبي يحيى المدني ، (٥) عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله(٦) وقد أوردنا اخبر بهذين السندين في باب نص أميرالمؤمنين عليه‌السلام على الاثني عشر صلوات الله عليهم ، وقد أوردنا هناك خبرا آخر قريبا مما أوردنا ههنا.

١٣ ـ نى : ابن عقدة عن حميد بن زياد ، عن جعفربن إسماعيل ، عن ابن أبي نجران ، عن إسماعيل بن علي البصري ، عن أبي أيوب المؤدب ، عن أبيه ـ وكان مؤدبا

__________________

(١) هو عمربن أبى سلمة بن عبدالاسد بن هلال بن عبدالله بن عمربن مخزوم القرشى المخزومى ربيب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، امه ام سلمة المخزومية ام المؤمنين ، يكنى أباحفص ولد في السنة الثانية بأرض الحبشة ، وقيل : إنه كان يوم قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ابن تسع سنين ، وشهد مع على رضي‌الله‌عنه الجمل ، واستعمله على رضي‌الله‌عنه على فارس و البحرين ، وتوفى بالمدينة في خلافة عبدالملك بن مروان سنة ثلاث وثمانين ، قاله ابن عبدالبرفى الاستيعاب قلت : روى السيد الرضى رحمة الله تعالى عليه في نهج البلاغة أن عليا عليه‌السلام عزله عن البحرين وولى النعمان بن عجلان الزرقى مكانه ، وكتب له معه : أما بعدفانى قد وليت النعمان بن الزرقى على البحرين ، ونزعت يدك بلاذم لك ولا تشريب عليك فلقد أحسنت الولاية وأديت الامانة ، فاقبل غيرظنين ولاملوم ولامتهم ولامأثوم فلقد اردت المسير إلى ظلمة أهل الشام ، وأجببت أن تشهد معى فانك ممن أستظهر به على جهاد العدوو اقامة عمودالدين ان شاء الله. (٢) غيبة النعمانى : ٥١ ، وفيه زيادة واختلاف في الالفاض

(٣) في المصدر : محمدبن أبى القاسم ولعله الصحيح

(٤) كمال الدين : ١٧٤

(٥) في المصدر : يحيى بن ابراهيم المدنى

(٦) كمال الدين : ١٧٣.

٢٣

لبعض ولد جعفر بن محمد عليمها السلام ـ قال : لما توفي رسول الله (ص) دخل المدينة رجل منولد داود على دين اليهودية فرأى السكك خالية ، فقال لبعض أهل المدينة : ما حالكم؟ فقيل له : توفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقال الداودي : أما إنه توفي اليوم الذي هو في كتابنا ثم قال : فأين الناس؟ فقيل له : في المسجد ، فأتى المسجد فاذا ابوبكر وعمر وعثمان وعبدالرحمن عوف و أبوعبيدة بن الجراج والناس قد غص المسجد بهم فقال : أوسعوا حتى أدخل ، وأرشدوني إلى الذي خلفه نبيكم ، فأرشدوه إلى أبي بكر فقال له : إنني من ولد داود على دين اليهودية ، وقد جئت لا سأل عن أربعة أحرف ، فإن خبرت بها أسلمت ، فقالوا له : انتظر قيلا ، وأقبل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام من بعض ابواب المسجد. فقالوا له : عليك بالفتي فقام إليه فلما دنا منه قال له : أنت علي بن أبي طالب؟

فقال له علي عليه‌السلام : أنت فلان بن داود؟ قال : نعم ، فأخذ على يده وجاء به إلى أبي بكر فقال له اليهودي : إني سألت هؤلاء عن أربعة أحرف فأرشدوني اليك لاسألك قال : اسأل.

قال : ما أول حرف كلم الله تعالى به نبيكم لما اسري به ورجع من عند ربه؟ وخبرني عن الملك الذي زحم نبيكم ولم يسلم عليه ، وخبرني عن الاربعة الذين كشف عنهم مالك طبقا من النار وكلموا نبيكم ، وخبرني عن منبر نبيكم أي موضع هي من الجنة؟

قال علي عليه‌السلام : أول ماكلم الله به نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله قول الله تعالى : « آمن الرسول بما انزل إليه من ربه »؟ قال : ليس هذا أردت قال فقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « والمؤمنون كل آمن بالله » قال : ليس هذا أردت قال : اترك الامر مستورا.

قال لتخبرني أولست أنت هو؟ قال : أما إذ أبيت فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما رجع من عند ربه والحجب ترفع له قبل أن يصير إلى موضع جبرئيل عليه‌السلام ناداه ملك : يا أحمد قال : لبيك قال : إن الله تعالى يقرء عليك السلام ويقول لك : اقرء على

٢٤

السيد الولي(١) فقال الملك : علي بن أبي طالب عليه‌السلام. قال اليهودي : صدقت والله إني لاجد ذلك في كتاب أبي.

فقال علي عليه‌السلام : وأما الملك الذي زخم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فملك الموت جاء من عند جبار من أهل الدنيا ، قد تكلم بكلام عظيم فغضب لله ، فزحم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يعرفه فقال جبرئيل عليه‌السلام : ياملك الموت هذا رسول الله أحمد حبيب الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فرجع إليه فلصق به واعتذر ، وقال : يا رسول الله إني أتيت ملكا جبارا قد تكلم بكلام عظيم فغضبت لله ولم أعرفك ، فعذره ، وأما الاربعة الذين كشف عنهم مالك طبقا من النار فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وآله مر بمالك ولم يضحك قط(٢) فقال جبرئيل عليه‌السلام يا مالك هذا نبي الرحمة ، (٣) فتبسم في وجهه ، (٤) فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مره يكشف طبقا من النار(٥) فكشف طبقا فإذا قابيل ونمرود وفرعون وهامان فقالوا : يامحمد اسأل ربك أن يردنا إلى دارالدنيا حتى نعمل صالحا ، فغضب جبرئيل وقال بريشة من ريش جناحه فرد عليهم طبق النار ، وأما منبر رسول الله فإن مسكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جنة عدن هي جنة(٦) خلقها الله تعالى بيده ومعه فيها اثنا عشر وصيا ، وفوقه(٧) قبة يقال لها الرضوان ، وفوق قبة الرضوان منزل يقال لها الوسيلة ، وليس في الجنة منزل يشبهه ، هومنبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

قال اليهودي : صدقت والله إنه لفي كتاب أبي داود يتوارثونه واحد بعد واحد حتى صار إلي ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وأنه الذي بشر

__________________

(١) في هامش المصدر : اقره على السيد الولى منا السلام فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من السيد

الولى؟ فقال اه

(٢) في هامش المصدر : منذ خلق خ ص.

(٣) زاد في هامش المصدر : محمد خ ص.

(٤) في هامش المصدر : ولم يتبسم لاحد غيره خ ص.

(٥) في هامش المصدر : مره أن يكشف لاحد طبقا خ ص.

(٦) في هامش المصدر : وهى جنة خ.

(٧) في هامش المصدر : فوقها خ ص.

٢٥

به موسى عليه‌السلام وأشهد أنك عالم هذه الامة ووصي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله . قال : فعلمه أمير المؤمنين شرائع الدين.(١)

١٤ ـ يل ، فض : بالاسناد يرفعه إلى أنس بن مالك قال : دخل يهودي في خلافة أبي بكر وقال : اريد خليفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فجاؤوا به إلى أبي بكر فقال له اليهود : أنت خليفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال : نعم أما تنظرني في مقامه ومحرابه؟! فقال له : إن كنت كما تقول يا أبابكر اريد أن أسألك عن أشياء(٢) قال : اسأل عما بدالك وما تريد.

فقال اليهودي : أخبرني عماليس لله ، وعما ليس عندالله ، وعما لا يعلمه الله فقال عند ذلك أبوبكر : هذه مسائل الزنادقة يا يهودي ، فعند ذلك هم المسلمون بقتله ، وكان فيمن حضر ابن عباس رضي‌الله‌عنه فزعق بالناس وقال : يا أبابكر امهل في قتله.

قال له : أما سمعت(٣) ماقد تكلم به؟ فقال ابن عباس : فإن كان جوابه عندكم وإلا فأخر جوه حيث شاء من الارض قال فأخرجوه وهو يقول : لعن الله قوما جلسوا في غير مراتبهم(٤) يريدون قتل النفس التي قدحرم الله بغير علم قال : فخرج وهو يقول : أيها الناس ذهب الاسلام حتى لايجيبون ، (٥) اين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ وأين خليفة رسول الله؟

قال : فتبعه ابن عباس وقال له : اذهب(٥) إلى عيبة علم النبوة إلى منزل علي ابن أبي طالب عليه‌السلام قال فعند ذلك أقبل أبوبكر والمسلمون في طلب اليهودي فلحقوه في بعض الطرق فأخذوه وجاؤوا به إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام

__________________

(١) غيبة النعمانى : ٥٣

(٢) في الفضائل : اسألك عن أشياء إن كنت تجيب سألتك

(٣) في الفضائل : قال فعندها هم المسلمون بقتل اليهودى وكان ممن حضر ذلك ابن عباس فزعق بالناس وقال : يا ابابكر ما انصفتم الرجل ، فقال : أما سمعت اه.

(٤) في الفضائل : لعن الله قوما جلسوا في مقام النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله بغير مراتبهم

(٥) في المصدر : ذهب الاسلام حتى لاتجيبواعن مسألة واحدة

(٦) في المصدر : ويلك اذهب.

٢٦

فأستأذنوا عليه ثم دخلوا عليه وقد ازدحم الناس ، قوم يبكون ، وقوم يضحكون.

قال : فقال أبوبكر : يا أبا الحسن إن هذا اليهودي سألني عن مسألة من مسائل الزنادقة. فقال الامام عليه‌السلام : ما تقول يايهودي؟

فقال اليهودي : أسأل وتفعل بي مثل ما فعل بي هؤلاء. قال : وأي شئ أرادوا يفعلون بك؟(١) قال : أرادوا أن يذهبوا بدمي فقال الامام عليه‌السلام : دع هذا واسأل عما شئت.

فقال : سؤالي لايعلمه إلا نبي أووصي نبي. قال : اسأل عما بدالك.(٢) فقال اليهودي : أجبني عما ليس لله ، وعماليس عندالله ، وعما لايعلمه الله. فقال له علي عليه‌السلام : على شرط يا أخا اليهود. قال : وما الشرط؟ قال : تقول معي قولا عدلا مخلصا : (٣) لا إله إلا الله ، محمد رسول الله. فقال : نعم يامولاي.(٤)

فقال عليه‌السلام : يا أخا اليهود أما قولك : ماليس لله فليس لله صاحبة ولاولد. قال : صدقت يامولاي.

وأما قولك : ماليس عندالله فليس عندالله الظلم. قال : صدقت يامولاي. وأما قولك : ماليس يعلمه الله فإن الله لايعلم أن له شريكا ولا وزيرا وهو على كل شئ قدير.(٥) فعند ذلك قال : مديدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله رسول ، وأنك خليفته حقا ووصيه ووارث علمه ، فجزاك الله عن الاسلام خيرا.

قال : فضج الناس عند ذلك. فقال أبوبكر : يا كاشف الكربات يا علي أنت فارج الهم.

__________________

(١) في المصدر : أى شئ أرادوا ان يفعلوا بك؟.

(٢) في المصدر : سل عماتريد. فقال اليهودى : انبئنى. وفى الفضائل : فعند ذلك قال اليهودى :

اخبرنى.

(٣) في الفضائل : مخلصا بالرضا.

(٤) زاد في الفضائل : كيف ما أقول.

(٥) في الفضائل : وهو قادر على مايريد وفى الروضة : وهو القادر على مايشاء ويريد.

٢٧

قال : فعند ذلك خرج أبوبكر ورقى المنبر وقال : أقيلوني أقيلوني أقيلوني ، لست بخير كم وعلي فيكم. قال : فخرج إليه عمر وقال : أمسك يا أبابكر عن هذا الكلام فقد ارتضيناك لا نفسنا ، ثم أنزله عن المنبر فاخبر بذلك أميرالمؤمنين عليه‌السلام(١)

بيان : الزعق الصياح.

(باب ٢)

* (آخر في احتجاجه صلوات الله عليه على بعض اليهود بذكر) *

* (معجزات النبى صلى الله عليه وآله) *

١ ـ ج : روي عن موسى بن جعفر عليهما‌السلام عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي عليه‌السلام أن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم كان قد قرأ التوراة والانجيل والزبور وصحف الانبياء عليهم‌السلام وعرف دلائلهم جاء إلى مجلس فيه أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وفيهم علي بن أبي طالب عليه‌السلام وابن عباس وأبومعبد الجهني ، (٢) فقال : يا امة محمد ماتركتم لنبي درجة ولا لمرسل فضيلة إلا نحلتموها نبيكم ، فهل تجيبوني عما أسألكم عنه؟ فكان القوم عنه.

فقال علي بن أبي طالب عليه‌السلام : نعم ما أعطى الله عزوجل نبيا درجة ولامرسلا فضيلة إلا وقد جمعها لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وزاد محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله على الانبياء أضعافا مضاعفة.

فقال له اليهودي : فهل أنت مجيبني؟ قال له : نعم ، سأذكرلك اليوم من فضائل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مايقر الله به أعين المؤمنين ، ويكون فيه أزالة لشك الشاكين في فضائله إنه عليه الصلاة والسلام كان إذا ذكر لنفسه فضيلة قال : ولافخر ، وأنا أذكر لك فضائله غير مزر بالانبياء ولا منتقص لهم ، ولكن شكر الله عزوجل على ما أعطى محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله مثل ما أعطاهم ، ومازاده الله وما فضله عليهم.

__________________

(١) الفضائل : ١٧٨ ، الروضة : ١٣٧ وفيهما اختلافات لفظية يسيرة.

(٢) في المصدر : أبوسعيد الجهني ، والظاهر أنه مصحف ، وهو عبدالله بن حكيم الجهنى ، قال ابن الاثير في اسد الغابة ٣ : ١٤٥ عبدالله بن حكيم الجهنى أدرك النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا يعرف له سماع قاله البخارى ، وقال أبوحاتم الرازى انما هو عبدالله بن حكيم أبومعبد الجهنى.

٢٨

فقال له اليهودي : إني أسألك فأعد له جوابا فقال له على عليه‌السلام : هات. قال له اليهودي : هذا آدم عليه‌السلام أسجد الله له ملائكته ، فهل فعل بمحمد شيئا من هذا؟ فقال له علي عليه‌السلام : لقد كان ذلك ، ولئن أسجد الله لآدم ملائكته فإن سجودهم لم يكن سجود طاعة إنم عبدوا آدم(١) من دون الله عزوجل ، ولكن اعترفوا « اعترافا خ ل » لآدم بالفضيلة ورحمة من الله له ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله اعطي ماهو افضل من هذا ، إن الله تعالى صلى عليه في جبروته ، والملائكة باجمعها ، وتعبد المؤمنين بالصلاة عليه فهذه زيادة له يا يهودي.

قال له اليهودي : فإن آدم تاب الله عليه من بعد خطيئته قال له علي عليه‌السلام لقد كان كذلك ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله نزل فيه ماهو اكبر من هذا من غير ذنب أتى ، قال الله عز وجل : « ليغفرلك الله ماتقدم من ذنبك وما تأخر » إن محمدا غير مواف القيامة بوزر ولا مطلوب فيها بذنب.

قال له اليهودي : فإن هذا إدريس عليه‌السلام رفعه الله عزوجل مكانا عليا وأطعمه من تحف الجنة بعد وفاته قال له علي عليه‌السلام لقد كان كذلك ، محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله اعطي ماهو أفضل من هذا إن الله جل ثناؤه قال فيه : « ورفعنا لك ذكرك » فكفى بهذا من الله رفعة ، ولئن اطعم إدريس من تحف الجنة بعد وفاته فإن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله اطعم في الدنيا في حياته بينما يتضورجوعا(٢) فأتاه جبرئيل بجام من الجنة فيه تحفة ، فهلل الجام وهللت التحفة في يده وسبحا وكبرا وحمدا ، فناولها أهل بيته ففعل الجام مثل ذلك ، فهم أن يناولها بعض أصحابه فتناولها جبرئيل عليه‌السلام فقال له : كلها فإنها تحفة من الجنة أتحفك الله بها ، وإنها لاتصلح إلا لنبي اووصي نبي ، فأكل صلى‌الله‌عليه‌وآله وأكلنا معه « منه خ ل » وإني لا جد حلاوتها ساعتي هذه.

فقال له اليهودي : فهذا نوح عليه‌السلام صبرفي ذات الله عزوجل وأعذار قومه إذكذب. قال له علي عليه‌السلام : لقد كان كذلك ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله صبر في ذات الله وأعذر قومه إذكذب

__________________

(١) في المصدر : وانهم عبدوا آدم

(٢) اى يتلوى من وجع الجوع.

٢٩

وشرد وحصب بالحصى وعلاه أبولهب بسلا شاة ، (١) فأوحى الله تبارك وتعالى إلى جابيل(٢) ملك الجبال : أن شق الجبال ، وانته إلى أمر محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاتاه فقال له : إني قد امرت لك بالطاعة ، فإن أمرت أن أطبق عليهم الجبال(٣) فأهلكتهم بها.

قال عليه الصلاة والسلام : إنما بعثت رحمة رب اهد امتي فإنهم لايعلمون ويحك يا يهودي إن نوحا لما شاهد غرق قومه رق عليهم رقة القرابة وأظهر عليهم شفقة ، فقال : « رب إن ابنى من أهلي » فقال الله تبارك وتعالى اسمه : « إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح » إراد جل ذكره إن يسليه بذلك ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله لما علنت من قومه المعاندة(٤) شهر علهيم سيف النقمة ولم تدركه فيهم رقة القرابة ، ولم ينظر إليهم بعين مقة.

قال له اليهودي فإن نوحا دعا ربه فهطلت له السماء بماء منهمر(٥) قال له عليه‌السلام لقد كان كذلك وكانت دعوته دعوة غضب ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله هطلت له السماء بماء منهمر رحمة ، إنه عليه‌السلام(٦) لما هاجر إلى المدينة أتاه اهلها في يوم جمعة ، فقالوا له : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله احتبس القطر ، واصفر العود ، وتهافت الورق ، (٧) فرفع يده المباركة حتى رئي بياض إبطيه ، وماترى في السماء سحابة ، فمابرح حتى سقاهم الله ، حتى أن الشاب المعجب بشبابه لتهمه نفسه في الرجواع إلى منزله فمايقدر من شدة السيل ، فدام اسبوعا ، فأتوه في الجمعة الثانية فقالوا : يارسول الله لقد تهدمت الجدر ، واحتبس الركب والسفر ، فضحك عليه الصلاة والسلام وقال : هذه سرعة ملالة ابن آدم ثم قال : اللهم حوالينا ولا علينا اللهم في اصول الشيح ومراتع البقع) فرئي حوالي المدينة

__________________

(١) في المصدر بسلاناقة وشاة.

(٢) في نسخة : إلى حامل. وفى اخرى : إلى جاجائيل. وفى ثالثة. حبابيل

(٣) في نسخة : وان امرت أطبقت عليهم الجبال.

(٤) في المصدر : لما غلبت عليه من قومه المعاندة.

(٥) انهمر الماء : انسكب وسال.

(٦) في المصدر : وذلك انه عليه‌السلام.

(٧) اى تساقط وتتابع.

٣٠

المطر يقطر قطرا ، وما يقع في المدينة قطرة لكرامته على الله عزوجل.

قال له اليهودي : فإن هذا هود عليه‌السلام قد انتصرالله له من أعدئه بالريح ، فهل فعل بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله شيئا من هذا؟ قال عليه‌السلام لقد كان كذلك محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله اعطي ماهو أفضل من هذا إن الله عزوجل ذكره قدانتصر له من أعدائه بالريح يوم الخندق إذأرسل عليهم ريحا تذروالحصى ، وجنودا لم يروها فزاد الله تبارك وتعالى محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله على هود بثمانية آلاف ملك وفضله على هود بأن ريح عاد ريح سخط ، وريح محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ريح رحمة ، قال الله تبارك وتعالى : « يا إيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذجاء تكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها » قال له اليهودي : فإن هذا صالح إخرج الله له ناقة جعلها لقومه عبرة قال علي عليه‌السلام لقدكان كذلك ، ومحمد عليه وآله السلام اعطي ماهو أفضل من ذلك إن ناقة صالح لم تكلم صالحا ولم تناطقه ولم تشهد له بالنبوة ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله بينما نحن معه في بعض غزواته إذا هو ببعير قددنا ثم رغا(١) فأنطقه الله عزوجل فقال : يارسول الله إن فلانا استعملني حتى كبرت ويريد نحري ، فأنا أستعيذ بك منه ، فأرسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى صاحبه فاستوهبه منه فوهبه له وخلاه ، ولقد كنا معه فاذانحن بأعرابي معه ناقة له يسوقها وقد استسلم للقطع لما زور عليه من الشهود ، فنطقت له الناقة فقالت : يا رسول الله إن فلانا مني برئ ، وإن الشهود يشهدون عليه بالزور ، وإن سارقي فلان اليهودي.

قال له اليهودي : فإن هذا إبراهيم قد تيقظ بالاعتبار على معرفة الله تعالى ، وأحاطت دلالته بعلم الايمان به قال له علي عليه‌السلام لقد كان كذلك ، واعطي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله افضل من ذلك قد تيقظ بالاعتبار على معرفة الله تعالى وأحاطت دلالته « دلائله خ ل » بعلم الايمان به ، وتيقظ إبراهيم وهو ابن خمسة عشرة سنة ، ومحمد صلى الله عليه وآله كان ابن سبع سنين قدم تجار من النصارى فنزلوا بتجرتهم بين الصفا والمروة ، فنظر إليه بعضهم فعرفه بصفته ونعته وخبر مبعثه وآياته صلى‌الله‌عليه‌وآله .

__________________

(١) رغا البعير : صوت وضج.

٣١

فقالواله : ياغلام ما اسمك؟ قال : محمد قالوا : ما اسم أبيك؟ قال : عبدالله. قالوا ما اسم هذه؟ ـ وأشاروا بأيديهم إلى الارض ـ قال : الارض. قالو : فما اسم هذه؟ ـ وأشاروا بأيديهم إلى السماء ـ قال : السماء قالوا : فمن ربهما؟ قال : الله ، ثم انتهرهم وقال : أتشككونني في الله عزوجل؟ ويحك يا يهودي لقد تيقظ بالاعتبار على معرفة الله عزوجل مع كفر قومه إذهو بينهم يستقسمون بالا زلام ويعبدون الاوثان ، وهو يقول : لا إله إلا الله.

قال اليهودي : فإن إبراهيم عليه‌السلام حجب عن نمرود بحجب ثلاثة فقال علي عليه‌السلام : لقد كان كذلك ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله حجب عمن أراد قتله بحجب خمس ، فثلاثة بثلاثة واثنان فضل ، قال الله عزوجل وهويصف أمر محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : « وجعلنا من بين أيديهم سدا » فهذا الحجاب الاول « ومن خلفهم سدا » فهذا الحجاب الثاني « فإغشيناهم فهم لا يبصرون » فهذا الحجاب الثالث ، ثم قال : « وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا » فهذا الحجاب الرابع ، ثم قال : « فهى إلى الا ذقان فهم مقمحون » فهذه حجب خمسة.

قال له اليهودي : فإن إبراهيم عليه‌السلام قد بهت الذي كفر ببرهان نبوته قال له علي عليه‌السلام : لقد كان كذلك ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أتاه مكذب بالبعث بعد الموت وهوابي بن خلف الجمحي معه غظم نخرففر كه(١) ثم قال : يا محمد « من يحيي العظام وهى رميم » فأنطق الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله بمحكم آياته وبهته ببرهان نبوته ، فقال : « يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم » فانصرف مبهوتاً.

قال له اليهودي : فانهذا إبراهيم جذ(٢) أصنام قومه غضبا لله عزوجل. قال له علي عليه‌السلام لقد كان كذلك ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله قد نكس عن الكعبة ثلاث مائة و ستين صنما ، ونفاها من جزيرة العرب ، وأذال من عبدها بالسيف.

قال له اليهودي : فان هذا إبراهيم عليه‌السلام قدأ ضجع ولده وتله(٣) للجبين فقال

__________________

(١) نخرالعظم : بلى وتفتت ، فهو ناخر ونخر فرك الشئ : حكه حتى تفتت.

(٢) جذه : كسره فانكسر

(٣) تله اى صرعه.

٣٢

له على عليهم‌السلام لقد كان كذلك ولقد اعطي إبراهيم عليه‌السلام بعد الاضجاع « الاضطجاع خ ل » الفداء ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله اصيب بأفجع منه فجيعة إنه وقف عليه وآله الصلاة والسلام على عمه حمزة أسدالله ، وأسد رسوله ، وناصر دينه ، وقد فرق بين روحه وجسدة ، فلم يبين عليه حرقة ، ولم يفض عليه عبرة ، ولم ينظر إلى موضعه من قلبه وقلوب أهل بيته ليرضي الله عزوجل بصبره ويستسلم لامره في جميع الفعال ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لولا أن تحزن سفية لتركته حتى يحشر من بطون السباع وحواصل الطير ، ولولا أن يكون سنة بعدي لفعلت ذلك.

قال له اليهودي : فإن أبراهيم عليه‌السلام قد أسلمه قومه إلى الحريق فصبر فجعل الله عزوجل النار عليه بردا وسلاما فهل فعل بمحمد شيئا من ذلك؟ قال له علي عليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله لما نزل بخيبر سمته الخيبرية فسترالله السم(١) في جوفه بردا وسلاما إلى منتهى أجله ، فالسم يحرق إذا استقر في الجوف ، كما أن النار تحرق ، فهذا من قدرته لاتنكره.

قال له اليهودي : فإن هذا يعقوب عليه‌السلام أعظم في الخير نصيبه ، إذ جعل الاسباط من سلالة صلبه ، ومريم ابنة عمران من بناته قال له علي عليه‌السلام لقد كان كذلك ، و محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أعظم في الخير نصيبا منه إذجعل فاطمة عليها‌السلام سيدة نساء العالمين من بناته والحسن والحسين من حفدته.

قال له اليهودي : فإن يعقوب عليه‌السلام قد صبر على فراق ولده حتى كاد يحرض(٢) من الحزن قال علي عليه‌السلام لقد كان كذلك وكان حزن يعقوب حزنا بعده تلاق ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله قبض ولده إبراهيم قرة عينه في حياة منه ، وخصه بالاختبار لعظم له الادخار ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : تحزن النفس ، ويجزع القلب ، وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون ولا نقول ما يسخط الرب في كل ذلك يؤثر الرضا عن الله عز ذكره والاستسلام له في جميع الفعال.

__________________

(١) في المصدر : فصيرالله السم.

(٢) حرض : كان مضنى مرضا فاسدا.

٣٣

فقال اليهودي : فإن هذا يوسف عليه‌السلام قاسى مرارة الفرقة ، وحبس في السجن توقيا للمعصية ، فالقي في الجب وحيدا. قال له علي عليه‌السلام : لقد كان كذلك ، محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله قاسى مرارة الغربة وفارق الاهل والا ولاد والمال مهاجرا من حرم الله تعالى وأمنه فلما رأى الله عزوجل كأبته واستشعاره الحزن(١) أراه تبارك وتعالى اسمه رؤيا توازي رؤيا يوسف عليه‌السلام في تأويلها ، وأبان للعالمين صدق تحقيقها ، فقال : « لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم و مقصرين لا تخافون » ولئن كان يوسف عليه‌السلام حبس في السجن فلقد حبس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نفسه في الشعب ثلاثة سنين ، وقطع منه أقار به وذووا الرحم ، و ألجؤوه إلى أضيق المضيق ، فلقد كادهم الله عز ذكره له كيدا مستبينا ، إذبعث أضعف خلقه فأكل عهدهم الذي كتبوه بينهم في قطيعة رحمه ، ولئن كان يوسف عليه‌السلام القي في الجب فلقد حبس محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله نفسه مخافة عدوه في الغار حتى قال لصاحبه : « لاتحزن إن الله معنا » ومدحه الله بذلك في كتابه.

فقال له اليهودي : فهذا موسى بن عمران عليه‌السلام آتاه الله التوراة التي فيها حكم(٢) قال له علي عليه‌السلام : لقد كان كذلك ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله اعطي ماهو أفضل منه ، أعطى محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله سورة البقرة والمائدة بالانجيل ، وطواسين وطه ونصف المفصل و الحواميم بالتوراة ، وأعطى نصف المفصل والتسابيح بالزبور ، وأعطى سورة بني إسرائيل وبراءة بصحف إبراهيم عليه‌السلام وصحف موسى عليه‌السلام ، وزاد الله عزذكره محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله السبع الطوال ، وفاتحة الكتاب وهي السبع المثاني والقرآن العظيم وأعطى الكتاب والحكمة.

قال له اليهودى : فإن موسى عليه‌السلام ناجاه الله عزوجل على طورسيناء. قال له علي عليه‌السلام : لقد كان كذلك ، ولقد أوحى الله عزوجل إلى محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله عند سدرة المنتهى ، فمقامه في السماء محمود ، وعند منتهى العرش مذكور.

قال له اليهودي فلقد ألقى الله على موسى عليه‌السلام محبة منه. قال له علي عليه‌السلام

__________________

(١) الكأبة : الغم وسوء الحال والانكسار من الحزن. استشعر الخوف أى جعله شعار قلبه.

(٢) في المصدر : فيها حكم.

٣٤

لقد كان كذلك ، ولقد أعطى الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله ماهو أفضل منه ، لقد ألقى الله عزوجل عليه محبة منه ، فمن هذا الذي يشر كه في هذا الاسم إذتم من الله عزوجل به الشهادة فلاتتم الشهادة إلا أن يقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهدأن محمدا رسول الله ، ينادى به على المنابر ، فلايرفع صوت بذكر الله عزوجل إلا رفع بذكر محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معه.

قال له اليهودي : لقد أوحى الله إلى ام موسى لفضل منزلة موسى عليه‌السلام عندالله عزوجل. قال علي عليه‌السلام : لقد كان كذلك ، ولقد لطف الله جل ثناؤه لام محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله بأن أوصل إليها اسمه حتى قالت : إشهد والعالمون أن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله منتظر ، وشهد الملائكة على الانبياء أنهم أثبتوه في الاسفار ، (١) وبلطف من الله عزوجل ساقه إليها ووصل إليها اسمه لفضل منزلته عنده حتى رأت في المنام أنه قيل لها : إنما في بطنك سيد فإذا ولدته فسميه محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاشتق الله له اسما من أسمائه ، فالله محمود وهذا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله قال له اليهودي : فإن هذا موسى بن عمران قد أرسله إلى فرعون وأراه الآية الكبرى. قال له علي عليه‌السلام : لقد كان كذلك ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أرسله إلى فراعنة شتى ، مثل أبي جهل بن هشام ، وعتبة بن ربيعة ، وشيبة ، وأبي البختري ، والنضربن الحارث وابي بن خلف ، ومنبه وبنيه ابني الحجاج ، وإلى الخمسة المستهزئين : الوليدبن المغيرة المخزومي ، والعاص بن وائل السهمي ، والا سودبن عبد يغوث الزهري ، و الاسودبن المطلب ، والحارث بن الطلاطلة(٢) فأراهم الآيات في الآفاق وفي أنفسهم حتى تبين لهم أنه الحق.

قال له اليهودي : لقد انتقهم الله لموسى عليه‌السلام من فرعون. قال له علي عليه‌السلام : لقد كان كذلك ، ولقدانتقم الله جل اسمه لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله من الفراعنة ، فأما المستهزؤون فقد قال الله تعالى : « إنا كفيناك المستهزئين » فقتل الله كل واحد منهم بغيرقتلة صاحبه في يوم واحد ، فإما الوليد المغيرة فمر بنبل لرجل من خزاعة قد راشه ووضعه في الطريق فأصابه شظية منه فانقطع أكحله حتى أدماه فمات وهو يقول : قتلني رب محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله .

__________________

(١) الاسفار جمع السفر بالكسر فالسكون : التوراة.

(٢) في المصدر : والحارث بن أبى الطلالة.

٣٥

وأما العاص بن وائل فإنه خرج في حاجة له إلى موضع فتدهده(١) تحته حجر فسقط فتقطع قطعة قطعة فمات وهو يقول : قتلني رب محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ.

وأما الاسودبن عبديغوث فإنه خرج يستقبل ابنه زمعة فاستظل بشجرة فأتاه جبرئيل عليه‌السلام فأخذ رأسه فنطح به الشجرة ، فقال لغلامه : امنع عني هذا فقال : ما أرى أحدا يصنع بك شيئا إلا نفسك فقتله وهو يقول : قتلني رب محمد وأما الا سودبن المطلب فإن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله دعا عليه أن يعمي الله بصره وأن يثكله ولده فلما كان في ذلك اليوم خرج حتى صار إلى موضع فأتاه جبرئيل بورقة خضراء فضرب بها وجهه فعمي وبقى حتى أثكله الله عزوجل ولده.

وأما الحارث بن الطلاطلة(١) فإنه خرج من بينه في السموم(٢) فتحول حبشيا فرجع إلى أهله فقال : أنا الحارث فغضبوا عليه فقتلوه وهو يقول : قتلني رب محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ.

وروي أن الاسودبن الحارث أكل حوتا مالحا فأصابه العطش فلم يزل يشرب الماء حتى انشق بطنه فمات وهو يقول : قتلني رب محمد كل ذلك في ساعة واحدة ، وذلك أنهم كانوا بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالواله : يا محمد ننتظر بك إلى الظهر فإن رجعت عن قولك وإلا قتلناك ، فدخل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في منزله فأغلق عليه بابه مغتما لقولهم فأتاه جبرئيل عليه‌السلام عن الله ساعته فقال له : يامحمد السلام يقرء عليك السلام وهو يقول : « اصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين » يعني أظهر أمرك لاهل مكة و ادعهم إلى الا يمان.

قال : يا جبرئيل كيف أصنع بالمستهزئين وما أوعدوني؟ قال له : « إنا كفيناك المستهزئين »

قال : يا جبرئيل كانوا الساعة بين يدي قال قد كفيتهم ، فأظهر أمره عند ذلك ،

__________________

(١) أى فتدحرج.

(٢) في المصدر : وأما الحارث بن أبى الطلالة.

(٣) السموم : الريح الحارة.

٣٦

وأما بقيتهم من الفرعنة(١) فقتلوا يوم بدر بالسيف ، وهزم الله الجمع وولوا الدبر.

قال له اليهودي : فإن هذا موسى بن عمران قد اعطي العصا فكانت تتحول ثعبانا. قال له علي عليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله اعطي ماهو افضل من هذا ، إن رجلا كان يطالب أباجهل بن هشام بدين ثمن جزور قد اشتراه ، فاشتغل عنه و جلس يشرب ، فطلبه الرجل فلم يقدر عليه فقال له بعض المستهزئين : من تطلب؟ قال : عمروبن هشام ـ يعني أباجهل ـ لي عليه دين ، قال : فأدلك على من يستخرج الحقوق؟ قال : نعم ، فدله على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان أبوجهل يقول : ليت لمحمد إلي حاجة فأسخر به وأرده ، فاتى الرجل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له : يا محمد بلغني أن بينك و بين عمر وبن هشام حسن ، (٢) وأنا أستشفع بك إليه ، فقام معه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأتى بابه ، فقال له : قم يا أباجهل فأد إلى الرجل حقه ، وإنما كناه أباجهل(٣) ذلك اليوم ، فقام مسرعا حتى أدى إليه حقه ، فلما رجع إلى مجلسه قال له بعض أصحابه : فعلت ذلك فرقا من محمد ، قال : ويحكم أعذروني ، إنه لما أقبل رأيت عن يمينه رجالا بأيديهم حراب تتلالؤ ، وعن يساره ثعبانان تصطك أسنانهما وتلمع النيران من أبصارهما ، لوامتنعت لم آمن أن يبعجوا بالحراب بطني ويقضمني الثعبانان ، هذا أكبر مما اعطي ، (٤) ثعبان بثعبان موسى عليه‌السلام ، وزاد الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله ثعبانا وثمانية أملاك معهم الحراب ، ولقد كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يؤذي قريشا بالدعاء ، فقام يوما فسفه أحلامهم ، وعاب دينهم ، وشتم أصنامهم ، وضلل آباءهم فاغتموامن ذلك غما شديدا ، فقال أبوجهل : والله للموت خيرلنا من الحياة ، فليس فيكم معاشر قريش أحد يقتل محمدا فيقتل به؟ فقالواله : لا ، قال : فأنا أقتله ، فإن شاءت بنوعبدالمطلب قتلوني به ، وإلا تركوني ، قالوا : إنك إن فعلت ذلك اصطنعت إلى أهل الوادي معروفا لا تزال تذكر به.

__________________

(١) في المصدر : وأما بقية الفراعنة.

(٢) في هامش الكتاب : خشن ظ. وفي المصدر : حسن صداقة.

(٣) في المصدر : وانما كناه بابى جهل اه.

(٤) في المصدر : مما اعطى موسى.

٣٧

قال : إنه كثير السجود حول الكعبة فإذا جاء وسجد أخذت حجرا فشد خته به ، فجاء رسوالله صلى‌الله‌عليه‌وآله فطاف بالبيت اسبوعا ، ثم صلى وأطال السجود ، فأخذ أبوجهل حجرا فأتاه من قبل رأسه ، فلما أن قرب أقبل فحل من قبل رسول الله فاغرا فاه نحوه ، فلما أن رآه أبوجهل فزع منه وارتعدت يده ، وطرح الحجر فشدخ رجله فرجع مدمى متغير اللون يفيض عرقا فقال له أصحابه : ما رأينا كاليوم ، (١) قال : ويحكم أعذروني فإنه من عنده فحل فاغرا فاه فكاد يبتلعني فرميت بالحجر فشدخت رجلي.

قال له اليهودي : فإن موسى عليه‌السلام قد اعطي اليد البيضاء ، فهل فعل بمحمد شئ من هذا؟ قال له علي عليه‌السلام لقد كان كذلك ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله اعطي ماهو أفضل من هذا إن نوراكان يضئ عن يمينه حيثما جلس ، وعن يساره أينما جلس ، وكان يراه الناس كلهم.

قال له اليهودي : فإن موسى عليه‌السلام قد ضرب له في البحر طريق ، فهل فعل بمحمد شئ من هذا؟ فقال له علي عليه‌السلام لقد كان كذلك ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله اعطي ماهو أفضل من هذا خرجنا معه إلى حنين فإذا نحن بواد يشخب ، (٢) فقد رناه فإذا هو أربع عشرة قامة ، فقالوا : يا رسول الله العدو من ورائنا والوادي أمامنا ، كما قال أصحاب موسى : إنا لمدركون ، فنزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قال : « اللهم إنك جعلت لكل مرسل دلالة فأرني قدرتك » وركب صلى‌الله‌عليه‌وآله فعبرت الخيل لاتندى(٣) حوافرها ، والابل لاتندى أخفانها ، فرجعنا فكان فتحنا فتحا.

قال له اليهودي : فإن موسى عليه‌السلام قد اعطي الحجر فانبجست منه اثنتاعشرة عينا. قال له علي عليه‌السلام : لقد كان كذلك ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله لما نزل الحديبية وحاصره أهل مكة قد اعطي ماهو أفضل من ذلك ، وذلك أن أصحابه شكوا إليه الظماء وأصابهم ذلك حتى التفت خواصر الخيل ، فذكرواله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك فدعا بركوة يمانية ثم نصب

__________________

(١) في المصدر : مارايناك كاليوم.

(٢) اى يسيل.

(٣) اى لاتبتل.

٣٨

يده المبار كة فيها فتفجرت من بين أصابعه عيون الماء ، فصدرنا وصدرت الخيل(١) رواء ، وملانا كل مزادة(٢) وسقاء ، ولقد كنامعه بالحديبية وإذاثم قليب(٣) جافة ، فأخرج صلى‌الله‌عليه‌وآله سهما من كنانته فناوله البراء بن عازب فقال له : اذهب بهذا السهم إلى تلك القليب الجافة فأغر سه فيها ففعل ذلك فتفجرت منه اثنتا عشرة عينا من تحت السهم ، ولقد كان يوم الميضأة(٤) عبرة وعلامة للمنكرين لنبوته كحجر موسى حيث دعا بالميضأة فنصب يده فيها ففاضت بالماء وارتفع حتى توضأ منه ثمانية آلاف رجل ، وشربوا حاجتهم ، وسقوا دوابهم وحملوا ما أرادوا.

قال له اليهودي : فإن موسى عليه‌السلام قد اعطي المن والسلوى ، فهل اعطي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله نظير هذا؟(٥) قال له علي عليه‌السلام لقد كان كذلك ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله اعطي ماهو أفضل من هذا إن الله عزوجل أحل له الغنائم ولامته ولم تحل لا حد قبله ، فهذا أفضل من المن والسلوى ، ثم زاده أن جعل النية له ولامته عملا صالحا ، (٦) ولم يجعل لا حد من الا مم ذلك قبله فإذاهم أحدهم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة ، وإن عملها كتبت له عشرة.

قال له اليهودي : فإن موسى عليه‌السلام قد ظلل عليه الغ؟ ام. قال له علي عليه‌السلام : لقد كان كذلك ، وقد فعل ذلك لموسى عليه‌السلام في التيه ، واعطي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل مما اعطي موسى عليه‌السلام.

قال له اليهودي : فهذا داود قد ألان الله عزوجل له الحديد(٧) فعمل منه الدروع. قال له عليه‌السلام لقد كان كذلك ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله اعطي ماهو أفضل منه إنه لين

__________________

(١) صدر عن الماء : رجع عنه.

(٢) المزادة : مايوضع فيه الزاد.

(٣) القليب : البئر وقيل : البئر القديمة.

(٤) الميضأة والميضاءة : الموضع يتوضأ فيه المطهرة يتوضأ منها.

(٥) في نسخة : فهل فعل بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله هذا؟

(٦) في المصدر : ثم زاده أن جعل النية له ولامته بلا عمل عملا صالحا.

(٧) في المصدر : قدلين الله له الحديد.

٣٩

الله عزوجل له الصم الصخور الصلاب وجعلها غارا ، ولقد غارت الصخرة تحت يده ببيت المقدس لينة حتى صارت كهيئة العجين ، قد رأينا ذلك والتمسناه تحت رايته

قال له اليهودي : فإن هذا داود بكى على خطيئته حتى سارت الجبال معه لخوفه. قال له علي عليه‌السلام لقد كان كذلك ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله اعطي ما هو افضل من هذا ، إنه كان إذاقام إلى الصلاة سمع لصدره وجوفه أزيز كأزيز المرجل على الا ثافي من شدة البكاء وقدأمنه الله عزوجل من عقابه ، فأراد أن يتخشع لربه ببكائه ، ويكون إماما لمن اقتدى به ولقد قام عليه وآله السلام عشر سنين على أصراف أصابعة حتى تورمت قدماه واصفر وجهه ، يقوم الليل أجمع حتى عوتب في ذلك فقال الله عزوجل « طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى » بل لتسعد به ، ولقد كان يبكي حتى يغشى عليه ، فقيل له : يا رسول الله أليس الله عزوجل قد غفرلك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال : بلى أفلا أكون عبدأ شكورا؟ ولئن سارت الجبال وسبحت معه لقد عمل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ما هو أفضل من هذا إذكنا معه على جبل حراء إذ تحرك الجبل فقال له : قر فليس عليك إلا نبي وصديق شهيد ، فقر الجبل مجيبا لامره ومنتهيا إلى طاعته ، ولقد مررنامعه بجبل وإذا الدموع تخرج من بعضه فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما يبكيك يا جبل فقال : يارسول الله كان المسيح مربي وهو يخوف الناس بنار(١) وقودها الناس والحجارة فأنا أخاف أن أكون من تلك الحجارة ، قال له : لاتخف تلك حجارة الكبريت ، فقر الجبل وسكن وهدأ ، وأجاب لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

قال له اليهودي : فإن هذا سليمان ، اعطي ملكا لاينبغي لاحد من بعده. فقال له علي عليه‌السلام لقد كان كذلك ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله اعطي ماهو أفضل من هذا ، إنه هبط إليه ملك لم يهبط إلى الارض قبله وهو ميكائيل؟ فقال له : يا محمد عش ملكا منعما ، وهذه مفاتيح خزائن الارض معك ، وتسير معك جبالها ذهبا وفضة ، لاينقص لك فيما ادخر لكفي الآخرة شئ ، فأومأ إلى جبرئيل عليه‌السلام وكان خليله من الملائكة ـ فأشار إليه : أن تواضع فقال : بل أعيش نبيا عبدا ، آكل يوما ولا آكل

__________________

(١) في المصدر : وهو يخوف الناس من نار.

٤٠