بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٦١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

كل دواء ، وأما الرحمن فهوعون لكل من آمن به ، وهواسم لم يسم به غير الرحمن(١) تبارك وتعالى وأما الرحيم فرحم من عصى وتاب وآهن وعمل صالحا.

وأما قوله : « الحمدلله رب العالمين » فذلك ثناء منا على ربنا تبارك وتعالى بما أنعم علينا وأما قوله : « مالك يوم الدين » فإنه يملك نواصي الخلق يوم القيامة ، وكل من كان في الدنيا شاكا أوجبارا أدخله النار ، ولا يمتنع من عذاب الله شاك ولاجبار ، وكل من كان في الدنيا طائعا مديما محافظا إياه أدخله الجنة برحمته.(٢)

وأماقوله : « إياك نعبد » فإنا نعبد الله ولا نشرك به شيئا وأما قوله : « وإياك نستعين » فإنا نستعين بالله عزوجل على الشيطان الرجيم لا يضلنا كما أضلكم.

وأما قوله : « اهدنا الصراط المستقيم » فذلك الطريق الواضح ، من عمل في الدنيا عملا صالحا فإنه يسلك على الصراط إلى الجنة.

وأما قوله « صراط الذين انعمت عليهم » فتلك النعمة التي أنعمها الله عزوجل على من كان قبلنا من النبيين والصديقين ، فنسأل الله ربنا أن ينعم علينا كما أنعم عليهم. وأما قوله : « غير المغضوب عليهم » فاولئك اليهود بد لوانعمة الله كفرا فغضب عليهم فجعل منهم القردة والخنازير ، فنسأل الله تعالى أن لايغضب علينا كماغضب عليهم.

وأما قوله : « ولا الضالين » فأنت وأمثالك ياعابد الصليب الخبيث ضللتم من بعد عيسى بن مريم عليه‌السلام فنسأل الله ربنا أن لايضلنا كما ضللتم.

وأما سؤالك عن الماء الذي ليس من الارض ولا من السماء فذلك الذي بعثته بلقيس إلى سليمان بن داود عليه‌السلام وهو عرق الخيل إذاجرت في الحرب.

وأما سؤالك عما يتنفس ولاروح له فذلك الصبح إذا تنفس.

وأما سؤالك عن عصى موسى عليه‌السلام مما كانت؟ وما طولها؟ وما اسمها؟ وما هي؟ فإنها كانت يقال لها : البرنية الرايدة(٣) وكان إذا كان فيها الروح زادت ،

__________________

(١) في المصدر : وأما سؤالك عن الرحمن فهو عون لكل من آمن به وهو اسم لم يتسم به غير الرحمن.

(٢) في المصدر : طائعا مدنيا محا خطاياه وأدخله برحمته.

(٣) في المصدر : يقال لها البرنية وتفسير البرنية : الزائدة.

٦١

وإذا خرجت منها الروح نقصت ، وكان من عوسج ، وكانت عشرة أذرع ، وكانت من الجنة أنزلها جبرائيل عليه‌السلام.(١)

وأما سؤالك عن جارية تكون في الدنيا لاخوين وفي الآخرة لواحد ، فتلك النخلة في الدنياهي لمؤمن مثلى ولكافر مثلك ، ونحن من ولد آدم عليه‌السلام وفي الآخرة للمسلم دون الكافر المشرك ، وهي في الجنة ليست في النار ، وذلك قوله عزوجل : « فيها فاكهة ونخل ورمان » ثم طوى الكتاب وأنفذه ، فلما قرأه قيصر عمد إلى الاسارى فأطلقهم وأسلم ودعا أهل مملكته إلى الاسلام والايمان بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاجتمعت عليه النصارى وهموا بقتله فجاء بهم(٢) فقال : ياقوم إني أردت أن اجر بكم ، وإنما أظهرت منه ما أظهرت للنظر كيف تكونون ، (٣) فقد حمدت الآن أمر كم عندالاختبار فاسكنوا(٤) وأطمأنوا ، فقالوا كذلك الظن بك ، وكتم قيصر أسلامه حتى مات وهو يقول لخواص أسحابه ومن يثق به : إن عيسى ، عبدالله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله نبي بعد عيسى بشر أصحابه بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله

ويقول : من أدركه منكم فليقرأه مني السلام ، فإنه أخي وعبدالله ورسوله ، ومات قيصر على القول مسلما ، فلمامات وتولى بعده هر قل أخبروه بذلك قال : اكتموا هذاو أنكروه ولا تقروا(٥) فإنه إن ظهر طمع ملك العرب ، وفي ذلك فسادنا و هلاكنا فمن كان من خواص قيصر وخدمه وأهله على هذا الرأي كتموه ، وهر قل أظهر النصر انية وقوي أمره والحمدلله وحده وصلى الله على محمد وآله.(٦)

٥ ـ ومن الكتاب المذكور بحذف الاسناد قال : سهل بن حنيف الانصاري أقبلنا مع خالدين الوليد فانتهينا إلى دير فيه ديراني فيما بين الشام والعراق ، فأشرف

__________________

(١) في المصدر : أنزلها جبرئيل على شعيب.

(٢) في المصدر : فأجابهم.

(٣) في المصدر : وإنما أظهرت ما اظهرت لانظر كيف تكونون.

(٤) في المصدر : فسكتوا.

(٥) في المصدر : ولاتقروا به فانه إن يظهر طمع ملك العرب.

(٦) ارشاد القلوب ٢ : ١٧٥.

٦٢

علينا وقال : من أنتم؟ قلنا : نحن المسلمون امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فنزل إلينا فقال : أين صاحبكم؟ فأتينا به إلى خالدبن الوليد فسلم على خالد فرد عليه‌السلام ، قال : وإذا هو شيخ كبير.

فقال له خالد : كم أتى عليك؟ قال : مائتا سنة وثلاثون سنة قال : منذكم سكنت ديرك هذا؟ قال : سكته منذ نحومن ستين سنة قال : هل لقيت أحدا لقي عيسى؟ قال : نعم لقيت رجلين قال : وما قالالك؟ قال : قال لي أحدهما : إن عيسى عبدالله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم أمته ، وإن عيسى مخلوق غير خالق فقبلت منه وصدقته ، وقال لي الآخر : إن عيسى هو ربه فكذبته ولعنته فقال خالد : إن هذا لعجب كيف يختلفان وقد لقيا عيسى؟ قال الديراني : اتبع هذا هواه وزين له الشيطان سوء عمله ، واتبع ذلك الحق وهداه الله عزوجل.

قال : هل قرأت الانجيل؟ قال : نعم قال : فالتوراة؟ قال : نعم قال : فآمنت بموسى؟ قال نعم قال فهل لك في الاسلام أن تشهد أن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وتؤمن به؟ قال : آمنت قبل أن تؤمن به ، وإن كنت لم أسمعه ولم أره قال : فأنت الساعة تؤمن بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وبما جاء به؟ قال : وكيف لا اومن به وقد قرأته في التوراة و الانجيل وبشرني به موسى وعيسى قال فما مقامك في هذا الدير؟ قال فأين أذهب وأنا شيخ كبير ولم يكن لي عمر أنهض به(١) وبلغني مجيئكم فكنت أنتظر أن ألقيكم والقي ليكم إسلامي(٢) واخبر كم أني على ملتكم ، فمافعل نبيكم؟ قالوا : توفي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : فأنت وصيه؟ قال : لاولكن من عشيرته وممن صحبه.

قال : فمن بعثك إلى ههنا؟ وصيه؟ قال : لا ولكن خليفته ، وقال غيروصيه؟ قال : نعم قال : فوصيه حي؟ قال : نعم قال : فكيف ذلك؟ قال اجتمع الناس على هذا الرجل وهو رجل من غير عشيرته ومن صالحي الصحابة قال : وما أراك إلا أعجب من الرجلين

__________________

(١) في المصدر : ولم يكن لى من انهض به.

(٢) في المصدر : وألقى إليكم سلامى.

٦٣

اللذين اختلفا في عيسى ولقد لقياه وسمعابه ، وهوذا أنتم قد خالفتم نبيكم وفعلتم مثل مافعل ذلك الرجل.

قال : فالتفت خالد إلى من يليه وقال : هو والله ذاك اتبعنا هوانا والله ، وجعلنا رجلا مكان رجل ، ولولا ماكان بيني وبين علي من الخشونة على عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مامالات عليه أحدا.(١)

فقال له الاشتر النخعي مالك بن الحارث : ولم كان ذلك بينك وبين علي؟ وما كان؟ قال خالد : نافسته في الشجاعة ونافسني فيها ، وكان له من السوابق والقرابة مالم يكن لي ، فداخلني حمية قريش فكان ذلك ولقد عاتبتني في ذلك ام سلمة زوجة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهي الي ناصحة فلم أقبل منها.

ثم عطف على الديراني فقال : هلم حديثك وما تخبر به قال : اخبرك أني كنت من أهل دين كان جديدا فخلق حتى لم يبق منهم من أهل الحق إلا الرجلان أوالثلائة ، ويخلق دينكم حتى لايبقى منه إلا الرجلان أوالثلاثة ، واعلموا أنه بموت نبيكم قدتر كتم من الاسلام درجة ، وستتر كون بموت وسي نبيكم من الاسلام درجة اخرى(٢) حتى إذا لم يبق أحد رأى نبيكم ، (٣) وسيخلق دينكم حتى تفسد صلاتكم وحجكم وغزوكم وصومكم ، وترتفع الامانة والزكاة منكم ، ولن تزال فيكم بقية ما بقي كتاب ربكم عزوجل فيكم ، ومابقي فيكم أحد من أهل بيت نبيكم ، فإذا ارتفع هذان منكم لم يبق من دينكم إلا الشهادتان : شهادة التوحيد وشهادة أن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فعند ذلك تقوم قيامتكم وقيامتة غير كم ، ويأتيكم ماتو عدون ، ولم تقم الساعة إلا عليكم(٤) لانكم آخر الامم بكم تختم الدنيا وعليكم تقوم الساعة.

فقال له خالد : قد أخبرنا بذلك نبينا فأخبرنا بأعجب شئ رأيته منذ سكنت

__________________

(١) في المصدر : ماواليت عليه أحدا.

(٢) في نسخة وستتركون بموت وصيكم ووصى نبيكم من الاسلام درجة اخرى.

(٣) في المصدر : وفى نسخة أضاف : أوصحبه.

(٤) في المصدر : ولمن تقوم الساعة إلاعليكم.

٦٤

ديرك هذا وقبل أن تسكنه قال لقد رأيت مالا احصي(١) من العجائب وأقبلت ما لا احصي من الخلق.(٢)

قال : فحد ثنا بعض ما تذكره قال : نعم كنت أخرج بين الليالي إلى غدير كان في سفح الجبل أتوضؤ منه وأتزود من الماء ما أصعد به معي إلى ديري ، وكنت أستريح إلى النزول فيه بين العشائين فأنا عنده ذات ليلة فإذا أنا برجل قد اقبل فسلم فرددت عليه‌السلام فقال : هل مربك قوم معهم غنم وراعي أوحسستهم؟(٣) قلت : لا قال : إن قوما من العرب مروا بغنم فيها مملوك لي يرعاها فاستاقوا(٤) وذهبوا بالعبد قلت : ومن أنت؟ قال : أنا رجل من بني إسرائيل(٥) قال فما دينك؟ قلت : أنت فما دينك؟ قال : ديني اليهودية قلت : وأنا ديني النصرانية فأعرضت عنه بوجهي

قال لي : مالك فإنكم أنتم ركبتم الخطاء ودخلتم فيه وتركتم الصواب ، ولم يزل يحاورني فقلت له هل لك أن نرفع أيدينا ونبتهل فأينا كان على الباطل دعونا الله أن ينزل عليه نارا تحرقه من السماء؟ فرفعنا أيدينا فما استتم الكلام حتى نظرت إليه يلتهت نارا وما تحته من الارض ، فلم ألبث أن أقبل رجل فسلم فرددت عليه‌السلام فقال : هل رأيت رجلا من صفته كيت وكيت؟ قلت نعم وحدثته قال : كذبت ، و لكنك قتلت أخي يا عدوالله وكان مسلما فجعل يسبني فجعلت أرده عن نفسي بالحجارة ، وأقبل يشتمني ويشتم المسيح ومن هو على دين المسيح فبينا هو كذلك إذا نظرت إليه يحترق ، وقد أخذته النار التي أخذت أخاه ، ثم هوت به النار في الارض ، فبينما أنا كذلك قائما أتعجب إذ أقبل رجل ثالث فسلم فرددت عليه‌السلام

__________________

(١) في نسخة : مالا يحصى.

(٢) في نسخة : ولقيت مالايحصى « احصى خ ل » من الخلق ، وفى المصدر : وأفنيت مالا احصى

من الخلق ، ولعله مصحف.

(٣) في المصدر : هل مربك قوم معهم غنم وراع أحسستهم؟

(٤) استاق الماشية : حثها على السير من خلف عكس قادها وفى النسخة المقروءة على المصنف : فاستاقوها وفى اخرى : فاشتاقوا.

(٥) اضاف في المصدر : فمن أنت قلت : أنا رجل من بنى اسرائيل.

٦٥

فقال : هل رأيت رجلين من حالهما وصفتهما كيت وكيت؟ قلت : نعم وكرهت أن اخبره كما أخبرت أخاه فيقاتلني فقلت : هلم اريك أخويك ، فانتهيت به إلى موضعهما فنظر إلى الارض يخرج منها الدخان فقال : ماهذه؟ فأخبرته فقال : والله لئن أجابني أخواي بتصديقك لاتبعتك في دينك ، ولئن كان غير ذلك لاقتلنك أو تقتلني فصاح به : يادانيال أحق مايقول هذا الرجل؟ قال : نعم ياهارون فصدقه فقال : أشهد أن عيسى بن مريم روح الله وكلمته وعبده ورسوله

قلت : الحمدلله الذي هداك قال فإني اواخيك في الله ، (١) وإن لي أهلا وولدا وغنيمة ، ولولاهم لسحت معك في الارض ولكن مفارقتي عليهم شديدة ، (٢) وأرجو أن أكون في القيامة بهم مأجورا ، ولعلي أنطلق فآتي بهم فأكون بالقرب معك ، فانطلق فغاب عني ليلا « ليالي خ ل » ثم أتاني فهتف بي ليلة من الليالي ، فإذا هو قد جاء و معه أهله وغنمه فضرب له خيمة ههنا بالقرب مني فلم أزل أنزل إليه في آناء الليل و أتعاهده والاقيه وكان أخ صدق في الله ، (٣) فقال لي ذات ليلة : ياهذا إني قرأت في التوراة ، (٤) فإذا هو صفة محمد النبي الامي فقلت : وأنا قرأت صفته في التوراة والانجيل فآمنت به ، وعلمته به من الانجيل ، وأخبرته بصفته في الانحيل ، فآمنا أنا وهو وأحببناه و تمنينا لقاءه.

قال : فمكث كذلك زمانا وكان من أفضل مارأيت ، وكنت أستأنس إليه ، وكان من فضله أنه يخرج بغنمه يرعاها فينزل بالمكان المجدب فيصير ماحوله أخضر من البقل ، وكان إذا جاء المطر جمع غنمه فيصير حوله وحوله غنمه وخيمته مثل الاكليل من أثر المطر ولايصيب خيمته ولاغنمه منه ، فاذاكان الصيف كان على رأسه أينما توجه سحابة وكان بين الفضل ، كثير الصوم والصلاة.

__________________

(١) في المصدر : فانى اجبتك في الله

(٢) في المصدر : ولكن محنتى بقيامى عليهم شديدة

(٣) في المصدر : فلم ازل انزل اليه في اناء الليل والاقيه واقعد عنده وكان لى أخا صدق في الله.

(٤) في المصدر : إنى قرأت في التوراة شيئا.

٦٦

قال : فحضرته الوفاة فدعيت إليه فقلت له : ماكان سبب مرضك ولم أعلم به؟ قال : إني ذكرت خطيئة كنت قارفتها في حداثتي فغشي علي ثم أفقت ثم ذكرت خطيئة اخرى فغشي علي وأورثني ذلك مرضا فلست أدري ما حالى ، ثم قال لي : فإن لقيت محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله نبي الرحمة فاقرأه مني السلام ، وإن لم تلقه ولقيت وصيه فاقرأه مني السلام وهي حاجتي إليك ووصيتي. قال الديراني : وإني مودعكم إلى وصي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله مني ومن صاحبي السلام.

قال سهل بن حنيف : فلما رجعنا إلى المدينة لقيت عليا عليه‌السلام فأخبرته خبر الديراني وخبر خالد وما أودعنا إليه الديراني من السلام منه ومن صاحبه قال : فسمعته يقول : وعليهما وعلى من مثلهما السلام ، وعليك يا سهل بن حنيف السلام ، ومارأيته اكترث بما أخبرته من خالد بن الوليد وما قال ، وما رد علي فيه شيئا غير أنه قال : ياسهل بن حنيف : إن الله تبارك وتعالى بعث محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله فلم يبق في الارض شئ إلا علم أنه رسول الله إلا شقي الثقلين وعصاتهما.

قال سهل : وما في الارض من شئ فاخره إلاشقي الثقلين وعصاتهما ، قال سهل : فعبرنا زمانا(١) ونسيت ذلك ، فلما كان من أمر علي عليه‌السلام ماكان توجهنا معه فلما رجعنا من صفين نزلنا أرضا قفرا ليس بها ماء فشكونا ذلك إلى علي عليه‌السلام فانطلق يمشي على قدميه حتى انتهينا إلى موضع كان يعرفه(٢) فقال : احفروا ههنا فحفرنا فاذا بصخرة صماء عظيمة قال : اقلعوها ، قال : فجهدنا أن نقلعها فما استطعنا

قال : فتبسم أميرالمؤمنين صلوات الله عليه من عجزنا عنها ، ثم أهوى إليها بيديه جميعا ، كأنما كانت في يده كرة ، فإذا تحتها عين بيضاء كأنها من شدة بياضها اللجين المجلو فقال دونكم فاشربوا واسقوا وتزودوا ثم آذنوني بها. قال ففعلنا ثم أتيناه فأقبل يمشي إليها بغير رداء ولاحذاء ، فتناول الصخرة بيده ، ثم دحى بها في فم العين

__________________

(١) في المصدر : وما في الارض من شئ ذى حسرة الا أشقى الثقلين وعصاتهما ، قال سهل : فعمرنا زمانا اه.

(٢) في المصدر : كانه يعرفه.

٦٧

فألقمها إياها ، ثم حثا بيده التراب عليها ، (١) وكان ذلك بعين الديراني ، وكانت بالقرب منها ومنا ، يرانا ويسمع كلامنا قال : فنزل فقال أين صاحبكم؟ فانطلقنا به إلى على عليه‌السلام فقال أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، و أنك وصي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولقد كنت أرسلت بالسلام عني وعن صاحب لي مات كان أوصاني بذلك مع جيش لكم(٢) منذكذاو كذا من السنين.

قال سهل : فقلت يا أميرالمؤمنين : هذا الديراني الذي كنت أبلغتك عنه (٣)

__________________

(١) وأورد شيخنا الاكبر المفيد في الارشاد : ١٧٨ وروده عليه‌السلام بصفين وماجرى من قلع الصخرة وإسلام الراهب وشهادته ، وقال : ذلك مارواه اهل السيرواشتهر الخبر به في العامة والخاصة حتى نظمه الشعراء وخطب به البلغاء ورواه الفهماء والعلماء ، وشهرته تغنى عن تكلف ايراد الاسنادله ، ثم قال : وفى ذلك يقول اسماعيل بن الحميرى رحمه‌الله في قصيدته البائية المذهبة :

ولقد سرى فيما يسير بليلة

بعد العشاء بكربلا في موكب

حتى أتى متبتلا في قائم

ألقى قواعده بقاع مجدب

يأتيه ليس بحيث يلقى عامرا

غيرالو حوش وغيرأصلح أشيب

فدنا فصاح به فأشرف ماثلا

كالنسر فوق شظية من مرقب

هل قرب قائمك الذى بواته

ماء يصاب؟ فقال مامن مشرب

إلا بغاية فرسخين ومن لنا

بالماء بين نقى وقى سبسب

فثنى الاعنة نحو وعث فجتلى

ملساء تلمع كاللجين المذهب

قال اقلبوها انكم ان تقلبوا

ترووا ولا تروون إن لم تقلب

فاعصو صبوا في قلعها فتمنعت

منهم تمنع صعبة لم تركب

حتى إذا اعيتهم أهوى لها

كفا متى ترد المغالب تغلب

فكانها كرة بكف جزور

عبل الذراع دحى بها في ملعب

فسقاهم من تحتها متسلسلا

عذبا يزيد على الالذ الاعذب

حتى إذا شربوا جميعا ردها

ومضى فخلت مكانها لم يقرب

وزاد فيها ابن ميمون قوله :

وأبان راهبها سريرة معجز

فيها وآمن بالوصى المنجب

ومضى شهيدا صادقا في نصره

أكرم به من راهب مترهب

اعنى ابن فاطمة الوصى ومن يقل

في فضله وفعاله لا يكذب

رجلا كلا طرفيه من سام وما

حام له باب ولا باب أب

من لايفر ولا يرى في معرك

الا وصارمه الخضيب المضرب

(٢) في المصدر : كان لكم.

(٣) في المصدر : بلغتك عنه.

٦٨

وعن صاحيه السلام قال وذكر الحديث يوم مر رنا مع خالد فقال له علي عليه‌السلام : وكيف علمت أني وصي رسول الله؟ قال : أخبرني أبي وكان قدا تي عليه من العمر مثل ما اتي علي ، عن أبيه ، عن جده عمن قاتل مع يوشع بن نون وصي موسى ، حين توجه فقاتل الجبارين بعد موسى بأربعين سنة أنه مر بهذا المكان وأصحابه عطشوا ، (١) فشكوا إليه العطش ، فقال : أما إن بقربكم عينا نزلت من الجنة استخرجها آدم فقال إليها يوشع بن نون فنزع عنها الصخرة ، ثم شرب وشرب أصحابه وسقوا (٢) ثم قلب الصخرة وقال لاصحابه : لايقلبها إلا نبي أووصي نبي ، قال : فتخلف نفرمن أصحاب يوشع بعد ما مضى فجهدوا الجهد على أن يجدوا موضعها فلم يجدوه وأنما بني هذا الدير على هذه العين وعلى بركتها وطليتها فعلمت حين استخرجتها أنك وصي رسول الله أحمد الذي كنت أطلب ، وقد أحببت الجهاد معك.

قال : فحمله على فرس وأعطاه سلاحا وخرج مع الناس ، وكان ممن استشهد يوم النهر(٣) قال : وفرح أصحاب علي بحديث الديراني فرحا شديدا قال : وتخلف قوم بعد مارحل العسكر وطلبوا العين فلم يدروا أين موضعها ، فلحقوا بالناس. وقال صعصعة بن صوحان : وأنا رأيت الديراني يوم نزل إلينا حين قلب علي الصخرة عن العين وشرب منها الناس ، وسمعت حديثه لعلي عليه‌السلام ، وحدثني ذلك اليوم سهل بن حنيف بهذا الحديث حين مر وامع خالد.(٤)

بيان : المنافسة : المغالبة في الشئ النفيس.

__________________

(١) في نسخة : وأن اصحابه عطشوا اه وفى المصدر : وانه واصحابه به عطشوا اه.

(٢) في المصدر : واستقوا.

(٣) في المصدر : فكان ممن استشهد يوم النهروان.

(٤) ارشاد القوب ٢ : ١٧٦ ـ ١٨٢.

٦٩

(باب ٤)

* (احتجاجه صلوات الله عليه على الطبيب اليونانى وماظهر منه عليه السلام) *

* (من المعجزات الباهرات) *

١ ـ م ، ج : بالاسناد إلى أبي محمد العسكري عليه‌السلام ، عن زين العابدين عليه‌السلام أنه قال : كان أميرالمؤمنين عليه‌السلام قاعدا ذات يوم فأقبل إليه رجل من اليونانيين المدعين(١) للفلسفة والطب ، فقال له : يا أبا الحسن بلغني خبر صاحبك وأن به جنونا وجئت لاعالجه فلحقته وقد مضى لسبيله وفاتني ما أردت من ذلك ، وقد قيل لي : إنك ابن عمه وصهره ، وأرى بك صفارا قد علاك ، وساقين دقيقين ما أراهما يقلانك ، (٢) فأما الصفار فعندي دواؤه وأما الساقان الدقيقان فلاحيلة لي لتغليظهما ، والوجه أن ترفق بنفسك في المشي تقلله ولا تكثره وفيما تحمله على ظهرك وتحتضنه(٣) بصدرك أن تقللهما ولا تكثرهما ، فإن ساقيك دقيقان لا يؤمن عندحمل ثقيل انقصافهما ، (٤) وأما الصفار فدواؤه عندي وهو هذا ، وأخرج دواء وقال هذا لا يؤذيك ولا يخيبك ، ولكنه يلزمك حمية من اللحم أربعين صباحا ثم يزيل صفارك.

فقال له علي بن أبي طالب عليه‌السلام قد ذكرت نفع هذا الدواء لصفاري ، فهل عرفت شيئا يزيد فيه ويضره؟ فقال الرجل : بلى حبة من هذا ، وأشار إلى دواء معه وقال : إن تناوله الانسان وبه صفار أماته من ساعته وإن كان لاصفار به صار به صفار حتى يموت في يومه.

فقال علي بن أبي طالب عليه‌السلام : فأرني هذا الضار ، فأعطاه إياه فقال له : كم قدر هذا؟ قال له : قدر مثقالين سم ناقع قدر حبة منه يقتل رجلا فتناوله علي عليه‌السلام فقمحه وعرق عرقا خفيفا ، وجعل الرجل يرتعد ويقول في نفسه : الآن اؤخذ بابن

__________________

(١) في نسخة : المذعنين.

(٢) قل الشئ : حمله.

(٣) أى تضمه إلى صدرك.

(٤) أى انكسارهما.

٧٠

أبي طالب ويقال : قتله ولايقبل مني قولي : إنه هو « لهوخ » الجاني على نفسه

فتبسم علي عليه‌السلام وقال : يا عبدالله أصح ماكنت بدنا الآن لم يضر ني مازعمت أنه سم فغمض عينيك ، فغمض ثم قال : افتح عينيك ففتح ونظر إلى وجه علي عليه‌السلام فإذا هو أبيض أحمر مشرب حمرة فارتعد الرجل لمارآه ، وتبسم علي عليه‌السلام وقال : أين الصفار الذي زعمت أنه بي؟ فقال : والله لكأنك لست من رأيت من قبل ، كنت مصفرا فأنت الآن مورد.

قال علي عليه‌السلام : فزال عني الصفار بسمك الذي تزعم أنه قاتلي ، وأما ساقاي هاتان ـ ومدرجليه وكشف عن ساقيه ـ فإنك زعمت أني أحتاج إلى أن أرفق ببدني في حمل ما أحمل عليه لئلاينقصف الساقان ، وأنا اريك « أدلك خ ل » أن طب الله عزوجل خلاف طبك ، وضرب بيديه إلى اسطوانة خشب عظيمة(١) على رأسها سطح مجلسه الذي هو فيه ، وفوقه حجرتان : إحداهما فوق الاخرى ، وحركها واحتملها فارتفع السطح والحيطان وفوقهما الغرفتان ، فغشي على اليوناني فقال أميرالمؤمنين عليه‌السلام صبوا عليه ماء ، فصبوا عليه ماء فأفاق وهو يقول : والله مارأيت كاليوم عجبا

فقال له علي عليه‌السلام : هذه قوة الساقين الدقيقتين واحتمالها في طبك هذا يايوناني فقال اليوناني : أمثلك كان محمد؟ فقال علي عليه‌السلام : وهل علمي ألامن علمه؟ وعقلي إلامن عقله؟ وقوتي إلا من قوته؟ لقدأتاه ثقفي كان أطب العرب فقال له : إن كان بك جنون داويتك فقال له محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أتحب أن اريك آية تعلم بها غناي عن طبك ، وحاجتك إلى طبي قال : نعم قال : اي آية تريد؟ قال : تدعو ذلك العذق(٢) وأشار إلى نخلة سحوق فدعاها فانقلع أصلها(٣) من الارض وهي تخد الارض(٤) حتى وقف بين يديه فقال له : أكفاك؟ قال : لا قال فتريد ماذا؟ قال : تأمرها أن ترجع إلى حيث جاءت منه وتستقر في مقرها الذي انقلعت منه ، فأمرها فرجعت واستقرت في مقرها.

__________________

(١) في نسخة : غليظة.

(٢) العذق من النخل هو كالعنقود من العنب.

(٣) في نسخة : اصولها.

(٤) في النسخة المقروءة على المصنف : وجعل تخدفى الارض وخد الارض شقها.

٧١

فقال اليوناني لا ميرالمؤمنين عليه‌السلام هذا الذي تذكره عن محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله غائب عني ، وأنا أقتصر منك على أقل من ذلك : أنا أتباعد عنك فادعني وأنا لا أختار الا جابة ، فإن جئت بي إليك فهي آية.

فقال أميرالمؤمنين عليه‌السلام هذا أنما يكون آية لك وحدك لانك تعلم من نفسك أنك لم ترده وإني أزلت اختيارك من غير أن باشرت مني شيئا ، أو ممن أمرته بأن يباشرك ، أو ممن قصد إلى إجبارك وإن لم آمره إلا مايكون من قدرة الله تعالى القاهرة ، وأنت يا يوناني يمكنك أن تدعي ويمكن غيرك أن يقول : إني واطاتك على ذلك ، فاقترح إن كنت مقتر حا ماهو آية لجميع العالمين.

قال له اليوناني : إذا جعلت الاقتراح إلي فأنا أقترح أن تفصل أجزاء تلك النخلة وتفر قها وتباعد ما بينها ثم تجمعها وتعيدها كما كانت فقال علي عليه‌السلام : هذه آية وأنت رسولي إليها يعني إلى النخلة فقل لها : إن وصي محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يأمر أجزاءك أن تتفرق وتتباعد فذهب فقال لها فتفاصلت وتهافتت وتنثرت وتصاغرت(١) أجزاؤها حتى لم يرلها عين ولا أثر ، حتى كأن لم يكن هناك نخلة قط ، فارتعدت فرائص اليوناني فقال : ياوصي محمد قد أعطيتني اقتراحي الاول فأعطني الآخر فأمرها أن تجتمع وتعود كما كانت.

فقال : أنت رسولي إليها بعد(٢) فقل لها : يا أجزاء النخلة إن وصي محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يإمرك أن تجتمعي وكما كنت تعودي ، (٣) فنادى اليوناني فقال ذلك فارتفعت في الهواء كهيئة الهباء المنثور ، (٤) ثم جعلت تجتمع جزء جزء منها حتى تصور لها القضبان والا وراق وا صول السعف وشما ريخ الا عذاق ، (٥) ثم تألفت وتجمعت و استطالت وعرضت واستقر أصلها في مقرها ، وتمكن عليها ساقها ، وتركب على

__________________

(١) في التفسير : وتهافتت وتفرقت وتصاغرت.

(٢) في المصدر : انت رسولى إليها فعد فقل اه.

(٣) في المصدر : يامرك ان تجتمعى كما كنت وتعودى اه.

(٤) في التفسير المطبوع : المبثوث « المنثور؟ خ ل ».

(٥) في نسخة : والاصول والسعف والشماريخ والاعذاق.

٧٢

الساق قضبانها ، وعلى القضبان أوراقها ، في أمكنتها أعذاقها ، وكانت في الابتداء شماريخها متجردة(١) لبعدها من أوان الرطب والبسر والخلال.

فقال اليوناني : واخرى احب ان تخرج شما ريخها خلالها وتقلبها من خضرة إلى صفرة وحمرة وتراطيب وبلوغ ليؤكل وتطعمني ومن حضرك منها فقال علي عليه‌السلام أنت رسولي إليها بذلك فمرها به.

فقال لها اليوناني : يأمرك أميرالمؤمنين عليه‌السلام بكذا وكذا فأخلت(٢) وأبسرت واصفرت واحمرت وترطبت وثقلت أعذاقها برطبها.

فقال اليوناني : واخرى احبها يقرب من يدي أعذاقها ، أوتطول يدي لتنالها ، (٣) وأحب شئ إلي أن تنزل إلي إحداها ، وتطول يدي إلى الاخرى التي هي اختها

فقال أميرالمؤمنين عليه‌السلام مد اليد التي تريد أن تنالها(٤) وقل : « يا مقرب البعيد قرب يدي منها » واقبض الاخرى التي تريدأن تنزل العذق إليها وقل : « يا مسهل العسير سهل لي تناول ما يبعد عني منها » ففعل ذلك وقاله فطالت يمناه فوصلت إلى العذق وانحطت الا عذاق الاخرى فسقطت على الارض وقد طالت عراجينها ، ثم قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام إنك إن أكلت منها ولم تؤمن بمن أظهر لك عجائبها عجل الله عزوجل(٥) من العقوبة التي يبتليك بها مايعتبر بها عقلاء خلقه وجهالهم. فقال اليوناني : إني إن كفرت بعد مارأيت فقد بلغت في العنادو تناهيت في التعرض للهلاك ، أشهد أنك من خاصة الله ، صادق في جميع أقاويلك عن الله فأمرني بماتشاء أطعك.

قال علي عليه‌السلام : آمرك أن تقرلله بالوحدانية ، وتشهد له بالجود والحكمة وتنزهه عن العبث والفساد ، وعن ظلم الا ماء والعباد وتشهد أن محمد الذي أناوصيه

__________________

(١) في الاحتجاج : شماريخها متفردة وفى التفسير : مجردة.

(٢) في المصدر : فقال لها اليوناني : ما امره اميرالمؤمنين عليه‌السلام فاخلت.

(٣) في الاحتجاج : واخرى احبها ان تقرب من بين يدى اعذاقها ، أوتطول يدى لتناولها.

(٤) في المصدر : تريد ان تناولها.

(٥) في المصدر : عجل الله عزوجل إليك.

٧٣

سيد الانام ، وأفضل برية في دار السلام(١) وتشهد أن عليا الذي أراك ما أراك وأولاك من النعم ما أولاك خير خلق الله بعد محمد رسول الله ، وأحق خلق الله بمقام محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله بعده ، والقيام بشرائعه وأحكامه ، وتشهدأن أولياءه أولياء الله ، وأن اعداءه أعداء الله ، وأن المؤمنين المشاركين لك فيما كلفتك المساعدين لك على مابه أمرتك خير امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصفوة شيعة علي عليه‌السلام.

وآمرك أن تواسي إخوانك المطابقين لك على تصديق محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وتصديقي و الانقياد له ولي مما رزقك الله وفضلك على من فضلك به منهم تسد فاقتهم ، وتجبر كسرهم وخلتهم ، (٢) ومن كان منهم في درجتك في الايمان ساويته في مالك بنفسك ، ومن كان منهم فاضلا عليك في دينك آثرته بمالك على نفسك حتى يعلم الله منك أن دينه آثر عندك من مالك ، وأن أولياءه أكرم إليك من أهلك وعيالك ، وآمرك أن تصون دينك وعلمنا الذي أودعناك وأسرارنا التي حملناك ، فلاتبد علومنا لمن يقابلها بالعناد ، ويقابلك من أجلها بالشتم واللعن والتناول من العرض والبدن ولاتفش سرنا إلى من يشنع علينا عندالجاهلين بأحوالنا ، ويعرض أولياءنا لبوادر الجهال ، وآمرك أن تستعمل التقية في دينك فإن الله عزوجل يقول : « لايتخذالمؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ إلا أن تتقوا منهم تقاة » وقد أذنت لك في تفضيل أعدائنا علينا إن ألجأك خوف إليه وفي إظهار البراءة منا إن حملك الوجل إليه ، وفي ترك الصلوات المكتوبات إذا خشيت على حشاشتك الآفات والعاهات ، فإن تفضيلك أعداءنا علينا عند خوفك لاينفعهم ولايضرنا ، وإن إظهارك براءتك مناعند تقيتك لايقدح فينا ولاينقصنا ، ولئن تبرأ منا ساعة بلسانك وأنت موال لنا بجنانك لتبقى على نفسك روحها التي بها قوامها ، ومالها الذي به قيامها ، وجاهها الذي به تماسكها ، وتصون من عرف بذلك وعرفت به من أوليائناو إخواننا وأخواتنا من بعد ذلك بشهور وسنين إلى أن تنفرج تلك الكربة وتزول به تلك الغمة ، فإن ذلك أفضل

__________________

(١) في الاحتجاج : وافضل رتبة في دارالسلام وفى التفسير : وافضل رتبة من اهل دارالسلام.

(٢) أى فقرهم.

من أن تتعرض للهلاك ، وتنقطع به عن عمل في الدين وصلاح إخوانك المؤمنين ، وإياك ثم إياك أن

٧٤

تترك التقية التي أمرتك بها فإنك شائط بدمك ودماء إخوانك ، معرض لنعمك ونعمهم للزوال ، مذل لهم(١) في أيدي أعداء دين الله ، وقد أمرك الله بإعزازهم(٢) فإنك إن خالفت وصيتي كان ضررك على نفسك وإخوانك أشد من ضرر المناصب لنا(٣) الكافربنا.(٤)

بيان : « قوله : ولايخيبك » في نسخ التفسير : « ولايخيسك » من خاس بالعهد ، أي نقض ، كناية عن عدم النفع. وقال الجوهري : قمحت السويق وغيره بالكسر : إذا استففته وقال : القصف : الكسر ، والتقصف : التكسر. وقال : السحوق من النخل : الطويلة. وقال : الحشاشة : بقية الروح في المريض. وقال : شاط فلان أي ذهب دمه هدرا ، وأشاطه بدمه وأشاط دمه أي عرضه للقتل.

(باب ٥)

* (أسؤلة الشامى عن أميرالمؤمنين صلوات الله عليه في مسجد الكوفة) *

١ ـ ن ، ع : محمدبن عمربن علي بن عبدالله البصري ، عن محمدبن عبدالله بن أحمد ابن جبلة ، عن عبدالله بن أحمدبن عامر الطائي ، عن أبيه ، عن الرضا عن آبائه ، عن الحسين بن علي عليهم‌السلام قال : كان علي بن أبي طالب عليه‌السلام بالكوفة في الجامع إذقام(٥) إليه رجل من أهل الشام فقال : يا أميرالمؤمنين إني أسألك عن أشياء فقال : سل تفقها ولا تسأل تعنتا ، فأحدق الناس بأبصارهم.

فقال : أخبرني عن أول ماخلق الله تبارك وتعالى. فقال : خلق النور. قال : فمم

__________________

(١) في المصدر : مذل لك ولهم.

(٢) في التقسير : وقد أمرك الله باعزاز دينه وإعزازهم.

(٣) في التفسير : الناصب لنا.

(٤) تفسيرالعسكرى : ٦٧ ـ ٧٠. الاحتجاج : ١٢٢ ـ ١٢٥.

(٥) في نسخة : اذاقام.

٧٥

خلق السماوات؟ قال : من بخار الماء قال : فمم خلق الارض؟ قال : من زبد الماء قال : فمم خلقت الجبال؟ قال : من الامواج قال : فلم سميت مكة ام القرى؟ قال لان الارض دحيت من تحتها.

وسأله عن سماء الدنيا مماهي؟ قال : من موج مكفوف وسأله عن طول الشمس و القمر وعرضهما قال : تسعمائة فرسخ في تسعمائة فرسخ وسأله كم طول الكواكب و عرضه؟ قال : اثناعشر فرسخا في اثني عشر فرسخا وسأله عن ألوان السموات السبع و أسمائها فقال له : اسم السماء الدنيا : رفيع وهي من ماء ودخان ، واسم السماء الثانية : قيدرا ، (١) وهي على لون النحاس ، والسماء الثالثة اسمها : الماروم(٢) وهي على لون الشبه ، والسماء الرابعة اسمها : ارفلون وهي على لون الفضة ، والسماء الخامسة اسمها هيعون وهي على لون الذهب ، والسماء السادسة اسمها : عروس ، وهي ياقوتة خضراء ، والسماء السابعة اسمها : عجماء وهي درة بيضاء.

وسأله عن الثور ما باله غاض طرفه ولا يرفع رأسه إلى السماء؟ قال : حياءمن الله عزوجل ، لما عبدقوم موسى العجل نكس رأسه.(٣)

وسأله عن المد والجزر ماهما؟ قال : ملك موكل بالبحار يقال له رومان فإذا وضع قدميه في البحرفاض وإذا أخرجهما غاض.

وسأله عن اسم أبي الجن. فقال : شومان الذي خلق من مارج من نار. وسأله هل بعث الله نبيا إلى الجن؟ فقال : نعم بعث إليهم نبيا يقال له يوسف فدعاهم إلى الله فقتلوه.

وسأله عن اسم ابليس ماكان في السماء؟ فقال : كان اسمه الحارث.

وسأله لم سمي آدم آدم؟ قال : لانه خلق من أديم الارض.

وسأله لم صارالميراث للذكر مثل حظ الانثيين؟ فقال : من قبل السنبلة ، كان

__________________

(١) في المصدر : فيدوم

(٢) في العلل : اسمها المادون وفى هامش العيون أضاف الهاروم

(٣) في عيون الاخبارهنا زيادة وهى هذه : وسأله عمن جمع بين الاختين فقال : يعقوب بن إسحاق جمع بين حبار وراحيل فحرم بعد ذلك ، ففيه انزل : « وأن تجمعوا بين الاختين ».

٧٦

عليها ثلاث حبات فبادرت إليها حواء فأكلت منها حبة ، وأطعمت آدم حبتين ، فمن أجل ذلك ورث الذكر مثل حظ الانثيين.

وسأله عمن خلق الله من الا نبياء مختونا. فقال : خلق الله آدم مختونا ، وولدشيث مختونا ، وإدريس ، ونوح ، (١) وإبراهيم ، وداود ، وسليمان ، ولوط ، إسماعيل ، و موسى وعيسى ، ومحمد صلى الله عليه وعليهم أجمعين.

وسأله كم كان عمر آدم؟ فقال : تسعمائة سنة وثلاثين سنة.

وسأله عن أول من قال الشعر فقال : آدم. قال : وماكان شعره؟ قال : لما انزل إلى الارض من السماء فرأى تربتها وسعتها وهواها وقتل قابيل هابيل قال آدم عليه‌السلام :

تغيرت البلاد ومن عليها

فوجه الارض مغبر قبيح

تغير كل ذي لون وطعم

وقل بشاشة الوجه المليح(٢)

فأجابه إبليس :

تنح عن البلاد و؟ ساكنيها

ففي الفردوس ضاق بك الفسيح(٣)

وكنت بهاوزوجك في قرار

وقلبك من أذى الدنيامريح

فلم تنفك من كيدى ومكري

إلى أن فاتك الثمن الربيح(٤)

فلولا رحمة الجبار أضحى

بكفك من جنان الخلدريح(٥)

__________________

(١) زادفى العيون : وسام بن نوح.

(٢) اضاف في العيون :

أرى طول الحياة على غما

وهل انا من حياتى مستزيح

ومالى لا أجود بسكب دمع

وهابيل تضمنه الضريح

قتل قابيل هابيلا أخاه

فواحز نا لقد المليح

(٣) في العيون : فبى في الخلد ضاق بك الفسيح

(٤) في العيون هنا زيادة وهى هذه :

وبدل أهلها أثلا وخمطا

بجنات وأبواب منيح

(٥) في العيون هنازيادة وهى هذه : وسأله عن بكاء آدم على الجنة وكم كان دموعه التى جرت من عينه؟ قال : بكاء آدم مائة سنة ، وخرج من عينه اليمنى مثل دجلة ، ومن الاخرى مثل الفرات.

٧٧

وسأله كم حج آدم عليه‌السلام من حجة؟ فقال له : سبعين حجة(١) ماشيا على قدميه وأول حجة حجها كان معه الصرد يدله على مواضع الماء ، وخرج معه من الجنة ، وقدنهي عن أكل الصرد والخطاف.

وسأله ماباله لا يمشي على الارض؟ قال : لانه ناح على بيت المقدس فطاف حوله أربعين عاما يبكي عليه ، ولم يزل يبكي مع آدم عليه‌السلام فمن هناك سكن البيوت ومعه تسع آيات(٢) من كتاب الله عزوجل مما كان آدم يقرؤها في الجنة وهي معه إلى يوم القيامة : ثلاث آيات من أول الكهف ، وثلاث آيات من سبحان(٣) وهي « و إذا قرأت القرآن » وثلاث آيات من يس : « وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا ».

وسأله عن أول من كفر وأنشأ الكفر فقال : إبليس لعنه الله وسأله عن اسم نوح ماكان؟ فقال : كان اسمه السكن ، وإنما سمي نوحا لانه ناح على قومه ألف سنة إلا خمسين عاما.

وسأله عن سفينة نوح عليه‌السلام ماكان عرضها وطولها فقال : كان طولها ثمانمائة ذراع ، وعرضها خمسمائة ذراع ، وارتفاعها في السماء ثمانون ذراعا.

ثم جلس الرجل وقال إليه آخر فقال : يا أميرالمؤمنين أخبرنا عن أول شجرة غرست في الارض فقال : العوسجة ومنها عصا موسى عليه‌السلام.

وسأله عن أول شجرة نبتت في الارض فقال : هي الدبا وهو القرع وسأله عن أول من حج من أهل السماء فقال له : جبرئيل عليه‌السلام.

__________________

(١) في نسخة : سبعمائة حجة

(٢) في العيون : ونزل آدم ومعه تسع آيات

(٣) في العيون : من سبحان الذى اسرى

(٤) كذا في المصدر ، وفي هامش العيون : أمام الطوفان بدل « أيام » ويأتي في الباب الاتى عن المناقب أنه سأله عن اول بقمة علت على الماء في أيام طوفان ، فقال عليه‌السلام : ذاك موضع الكعبة لانهاكانت ربوة.

٧٨

وسأله عن أول بقعة بسطت من الارض أيام الطوفان فقال له : موضع الكعبة وكان زبرجدة خضراء.

وسأله عن أكرم واد على وجه الارض. فقال له : واد يقال له سرنديب ، سقط فيه آدم عليه‌السلام من السماء.

وسأله عن شر واد على وجه الارض فقال له : واد باليمن يقال له برهوت ، وهو من أودية جهنم وسأله عن سجن سار بصاحبه فقال : الحوت سار بيونس بن متى عليه‌السلام وسأله عن ستة لم يركضوا في رحم فقال : آدم ، وحواء وكبش إبراهيم ، وعصا موسى ، وناقة صالح ، والخفاش الذي عمله عيسى بن مريم وطار بإذن الله عزوجل.

وسأله عن شئ مكذوب عليه ليس من الجن ولا من الانس فقال الذئب الذي كذب عليه إخوة يوسف عليه‌السلام. وسأله عن شئ أوحى الله عزوجل إليه ليس من الجن ولامن الانس. فقال : أوحى الله عزوجل إلى النحل.(١) وسأله عن موضع طلعت عليه الشمس ساعة من النهار ولا تطلع عليه أبدا قال : ذلك البحر حين فلقه الله عز وجل لموسى عليه‌السلام ، فأصابت أرضه الشمس ، واطبق عليه الماء فلن تصيبه الشمس.(٢) وسأله عن شئ شرب وهو حي ، وأكل وهوميت فقال : تلك عصا موسى

وسأله عن نذير أنذر قومه ليس من الجن ولا من الانس. فقال : هي النملة وسأله عن أول من امر بالختان. قال : إبراهيم. وسأله عن أول من خفض من النساء فقال : هاجر ام إسماعيل خفضتها سارة لتخرج من يمينها.

وسأله عن أول امرأة جرت ذيلها. فقال : هاجر لما هربت من سارة. وسأله عن أول من جرذيله من الرجال. فقال : قارون. وسأله عن أول من لبس النعلين. فقال إبراهيم عليه‌السلام. وسأله عن أكرم الناس نسبا. فقال : صديق الله يوسف بن يعقوب إسرئيل الله ، ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله.

__________________

(١) في العيون هنا زيادة هى هذه : وسأله عن أطهر موضع على وجه الارض لايحل الصلاة فيه فقال له ظهر الكعبة.

(٢) في العيون : فلن تصيبه الشمس بعد ذا ابدا.

٧٩

وسأله عن ستة من الا نبياء لهم اسمان فقال : يوشع بن نون وهو ذوالكفل ، ويعقوب وهو إسرائيل ، (١) والخضر وهو تاليا ، (٢) ويونس وهو ذوالنون ، عيسى وهو المسيح ومحمد وهو أحمد صلوات الله عليهم وسأله عن شئ تنفس ليس له لحم ولادم فقال : ذاك الصبح إذا تنفس وسأله عن خميسة من الانبياء تكلموا بالعربية فقال : هود ، وشعيت ، وصالح ، وإسماعيل ، ومحمد صلى الله عليه وعليهم

ثم جلس وقام رجل آخر فسأله وتعنته فقال : يا أميرالمؤمنين أخبرنا عن قول الله عزوجل : « يوم يفر المرءمن أخيه وامه وأبيه وصاحبته وبنيه » من هم؟ فقال : قابيل يفر من هاببل ، والذى يفر من امه موسى والذي يفر من أبيه إبراهيم ، (٣) والذي يفر من صاحبته لوط ، والذي يفر من ابنه نوح يفر من ابنه كنعان

وسأله عن أول من مات فجاءة فقال : داود عليه‌السلام مات على منبره يوم الاربعاء.

وسأله عن أربعة لايشبعن من أربعة فقال : أرض من مطر ، وانثى من ذكر ، وعين من نظر ، وعالم من علم.

وسأله عن أول من وضع سكك الدنانير والدراهم فقال : نمرود بن كنعان بعد نوح.

وسأله عن أول من عمل عمل قوم لوط فقال : إبليس فإنه أمكن من نفسه وسأله عن معنى هدير الحمام الراعبية فقال : تدعو على أهل المعازف والقينات و المزامير والعيدان.

وسأله عن كنية البراق فقال : يكنى أبا هزال(٤) وسأله لم سمي تبع تبعا؟ قال : لانه كان غلاما كاتبا فكان يكتب لملك كان قبله فكان إذاكتب كتب : بسم الله الذي خلق صبحا وريحا فقال الملك : اكتب وابدء باسم ملك الرعد ، فقال : لا أبدء

__________________

(١) في العيون إسرائيل الله.

(٢) في نسخة وفى العلل جعليا ، وفى العيون : حلقيا خ ل

(٣) في العيون زيادة وهى هذه : يعنى الاب المربى لا الوالد

(٤) في نسخة وفى العبود اباهلال.

إلا باسم إلهي ، ثم اعطف على حاجتك ، فشكرالله عزوجل له ذلك ، وأعطاه ملك ذلك الملك فتابعه الناس على ذلك فسمي تبعا.

٨٠