والكاف فى جميع ذلك مخفوضة بحرف الجر أو بإضافة الظرف إليها (١) ، والظروف والمجرورات فى هذا الباب متحملة ضمير الفاعل ، وهو المخاطب ، فإن أتبعت الضمير المجرور ، قلت : «عليك نفسك زيدا» ، وإن أتبعت الضمير المرفوع ، قلت : عليك أنت نفسك زيدا.
ولا يغرى إلا المخاطب (٢) ، فلا تقول : على زيد (٣) عمرا ، فإن جاء من إغراء الغائب شىء حفظ ، ولم يقس عليه ؛ نحو ما حكى من قول بعضهم : «عليه رجلا ليسنى» ، وأمّا قوله ـ عليه السّلام ـ : «من استطاع منكم الباءة فليتزوّج ، وإلا فعليه بالصّوم ؛ فإنّه وجاء» (٤) ـ فيتخّرج على أن تكون الباء زائدة فى المبتدأ ؛ كأنه قال : وإلا فعليه الصّوم ؛ فلا يكون من الإغراء.
وأمّا المغرى به : فيكون غائبا ومتكلّما ، ومخاطبا ، فإن كان غائبا أو متكلما ، اتصل ضميره بالظرف / أو المجرور ، وقد ينفصل ، فتقول : عليكه ، وعليكنى ، وعليك إياه ، وعليك إياى ، وإن كان مخاطبا لم يتصل ضميره بها ، بل ينفصل ، أو تأتى بدله بالنّفس ، فتقول : عليك إيّاك ، وعليك نفسك ، ولا تقل : عليكك ؛ لأنه لا يتعدّى فعل المضمر المتصل إلى مضمر المتصل إلا فى باب ظننت ، وفى فقدتّ ، وعدمت ،
__________________
(١) م : باب الإغراء.
قولى : «والكاف في جميع ذلك مخفوضة بحرف الجر أو بإضافة الظرف إليها» إن قال قائل : هلا جعلتم الكاف فى «مكانك» وأمثاله حرفا لا موضع لها من الإعراب مثلها فى : رويدك ؛ لأن الظرف قد جعل اسما للفعل ، والأفعال ـ كما تقدم ـ لا تضاف ؛ فكذلك ما جعل اسما لها ، وأقيم مقامها ، فالجواب : أن الظروف فى أصل وضعها ، لم تجعل اسما للأفعال ، إنما طرأ ذلك فيها بعد استعمالها ظروفا ؛ فلم يكن فيها إضافة إلا قبل تسمية الفعل بها ، ثم سمى الفعل بها بعد ما أضيفت. أه.
(٢) م : وقولى : «ولا يغرى إلا المخاطب» إنما لم يجز إغراء الغائب ؛ لأنه يلزم فيه إقامة الظرف أو المجرور مقام فعلين ؛ ألا ترى أنك لو قلت : على عمرو زيدا ، لكان المعنى : لتقل أنت أيها المخاطب لعمرو : خذ زيدا ؛ فيكون قد أناب شيئا واحدا مناب جملتين ؛ فلما لزم فى ذلك ما ذكرناه من كثرة الحذف ، لم يجيزوا ذلك بقياس. أه.
(٣) في ط : يد.
(٤) أخرجه البخارى (٩ / ٨) : كتاب النكاح : باب «من استطاع منكم الباءة ...» رقم (٥٠٦٥ ، ٥٠٦٦) ، ومسلم (٢ / ١٠١٨) : كتاب النكاح : باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، رقم (١٤٠٠) عن ابن مسعود.