من هدى القرآن - ج ١

السيّد محمّد تقي المدرّسي

من هدى القرآن - ج ١

المؤلف:

السيّد محمّد تقي المدرّسي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار محبّي الحسين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-5648-04-1
ISBN الدورة:
964-5648-03-3

الصفحات: ٧٣٦

التقوى الاجتماعية

هدى من الآيات :

من ميزات الشخصية الاسلامية في الفرد أو في الامة ، التقوى وإخضاع الشهوات للرسالة والتمحور حول الحق ، وقد حدثنا القرآن الحكيم في الآيات السابقة عن التقوى في عدة مظاهر واخرها حول الدفاع عن المبادئ بالقتال ، والآن يحدثنا عن مظاهر اخرى للتقوى وهي ، في الوقت الذي تحدد المحرّمات في الإسلام ، تضرب امثلة واقعية للتقوى.

يبدأ القرآن الحديث عن الخمر والمسير ، باعتبارهما محرّمان يشيعان عادة في الأمم المترهلة اللامبالية بواقعها ، وعلى المسلمين ان يكونوا امة جدية مسئولة ، تحارب من أجل مصالح الحق كل طواغيت الأرض ، فكان من الطبيعي ان يأتى ذكر الخمر والميسر مباشرة بعد آيات القتال.

وبعدئذ يوجهنا الى التقوى في المال وحقوق الناس ، والتقوى في ممارسة الجنس كواحد من أهم حقوق المجتمع ، وبمناسبة ذكر حقوق الناس ، يذكرّنا بدور اليمين في

٣٨١

تأدية هذه الحقوق والدفاع عنها ، لا في هضمها والاحتيال على المجتمع بالأيمان الباطلة.

بينات من الآيات :

[٢١٩] الخمر وكل مسكر ، والميسر وكل مقامرة ، يلهيان الإنسان عن واقعه ، ويدفعان بالمجتمع الى زاوية الصراع والتشرذم. وإذا أراد الله : بناء امة قوية متماسكة ، وجب ان نسد كل أبواب الاختلاف والترهل ، وكل النوافذ التي قد تهب منها رياح الانقسام ، وليس من الصحيح ان يفكر المرء بأنه يشرب كأسا من الخمر أو يلعب شوطا من القمار. فما يضر ذلك؟ كلا.

اولا : لان الخمر تدمن وتسحبك الى الازدياد منها وكذلك القمار.

وثانيا : لان الإسلام حين يمنع الزنا يمنع التبرج ، لأنه باب يؤدي الى الزنا شئنا أم أبينا ، وكذلك حين يمنع الخمر والميسر يمنع حتى الجلوس في محافلهما ، حتى يسد كل الأبواب مرة واحدة.

(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ).

متمثلة في ملء الفراغ ، وقضاء الوقت ، والانتعاش الموقّت.

(وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما).

حيث انهما يسببان توزع المجتمع وانقسامه وإلهائه عن واجباته النضالية.

ان الهدف الأكبر من وراء حرمة الخمر والميسر هو المحافظة على وحدة الامة ومنع الحساسيات عنها (كما يظهر من آية اخرى في القرآن) ، وبهذه المناسبة تحدث القرآن عن العفو باعتباره الوسيلة الثانية لذات الهدف ، فلو افترضنا ان الحساسية

٣٨٢

نمت بين أبناء المجتمع ، فعلينا تصفيتها بالعفو ، وقد ورد في بعض الروايات ان المقصود بالعفو هنا التوسط في الإنفاق (!).

(وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ).

وحين تقع الحساسية بين أبناء المجتمع ، تلهيهم عن مشاكلهم الرئيسية وعن جدية مواجهتها ، لذلك ذكرنا القرآن هنا باهمية التفكر ، ليس في أمور الاخرة فقط بل في شؤون الدنيا أيضا وقال :

(كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ)

[٢٢٠] (فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ)

التقوى والحقوق الاجتماعية :

وتجربة التقوى في الحقوق الاجتماعية الاخرى تبرز بوضوح في حقوق اليتامى. إذ انهم أضعف حلقة في المجتمع ، إذ لا يقدرون على الدفاع عن أنفسهم تجاه نهم الطامعين في أموالهم ، لذلك نجد القرآن يضرب من واقعهم مثالا لحرمة الحقوق في أكثر من مناسبة. وهنا يقول :

(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى).

هل يبقون وحدهم ، أم يخالطوهم ، وبالتالي هل تفرز أموالهم ويقوم الولي بإصلاحها واستثمارها ، أم تبقى مع اموال الولي يصلحها معها.

(قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ).

وليس يضركم لو نقص شيء منكم أو منهم في الشراكة. لان الحرام هو تعمد

٣٨٣

الاعتداء على اموال الآخرين ، اما لو خلصت النية وكان المشرف عليها محسنا ، في تصرفاته تجاه اليتيم ، فان الله لا يحاسبه على خطئه ١٣ (٢) «ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ» وجاء في بعض النصوص : انه حين نزلت آية «وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ» تحرج الناس في التعامل من اليتيم مما جعل الأيتام يتعرضون لحرج شديد ، فنزلت هذه لكي لا ينفصل الأيتام عن المجتمع.

(وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ).

إذا اعتديتم على حقوق اليتامى ، فانه قادر على ان يسلب بعض نعمه عنكم حتى تعانوا مثلما جعلتم اليتامى يعانون من الحرمان. وربما تدل الآية على ان الله خفف عليكم الحكم بعد الشدة ولم يأمركم بإدارة اليتامى ، مع فرز أموالهم عن أموالكم.

(إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).

فهو قادر على استرداد الحقوق بعزته ، ويفعل ذلك بحكمته.

التقوى وحقوق المرأة :

[٢٢١] وكما التقوى في حق اليتامى ، فكذلك في حقوق المرأة ، الحلقة الضعيفة الثانية في المجتمع ، التي يجب المحافظة على حقوقها بالكامل. والقرآن الحكيم ربط بين حقوق اليتامى والنساء في أكثر من مناسبة ، وبهذه المناسبة يبيّن القرآن مجموعة التزامات تجب على المسلم في الجنس ، ابتداء من اختيار الزوجة ، ومرورا بالعملية الجنسية ، والخلافات العائلية ، والطلاق ، والرضاع. وهي تنظم كذلك علاقات المجتمع الاسلامي ، ولكن يبدو ان الهدف من ذكرها هنا ، هو التركيز على مظاهر الالتزام بحقوق الناس داخل المجتمع الاسلامي وبتعبير أخر : التقوى في حقوق الناس.

٣٨٤

(وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ)

تلك المشركة بجمالها وروعتها ، أو بمالها وشهرتها.

(وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ)

المشرك ، والسبب : ان أهم هدف من الزواج هو تكوين عائلة واسرة تساهم في بناء المجتمع وتربية الجيل الصاعد منه. وعلينا ان نختار الزوجة والزوج وفق هذا الهدف وبمقياس الكفاءة الإيمانية ، لأنها سوف تحقق هذا الهدف أفضل من غيرها. والمرأة المشركة ، لا تستطيع ان تكون عضوة صالحة في مجتمع الاسرة. وكذلك الرجل المشرك ، فيضيع الطرف الثاني وتضيع الاسرة.

(أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)

إذ معرفة فلسفة الحكم لا تحتاج الى أكثر من تذّكر ، بما سوف يجره الزواج الى الاسرة التي تتكون من مشرك ومسلم من ويلات ، ونزاعات وثغرات داخل المجتمع الاسلامي.

ومن الشباب اليوم من يختار زوجته من الغرب أو الشرق لمجرد انها تعجبه ، فاذا به يتعرض لعدة مشاكل بعد عودته الى بلاده. إذ فارق القيم والتقاليد والتربية وعموم الدين ، تجعل زواجه جحيما. وكثيرا ما ينتهي بالطلاق.

وهم في الأغلب يبررون هذا الزواج ، بادعاء ان الزوجة آمنت. ولكن اي ايمان ، هذا الذي يدفع اليه الزواج فقط ، وليس معه اية ممارسة ايمانية ، ولا حتى

٣٨٥

قناعة واقعية ، بل مجرد ترديد الشهادتين كالفاظ فارغة.

حكم المقاربة في الحيض :

[٢٢٢] ومن حقوق المرأة ، وفي ذات الوقت من آداب الزواج ، الا تباشر النساء في الحيض لأنه يسبب انحرافا في صحة المرأة وخللا في اجهزتها الداخلية واضطرابات في الدورة الدموية .. وو. والمباشرة في هذا الوقت ليست فقط تشكل أذى للمرأة. بل وللذرية في المستقبل لو قدر لهم ذرية كما يهدد بعقم الزوجين وانتشار الأمراض في الأجهزة التناسلية فيهما ، من هنا حرم الإسلام هذه المباشرة ، وجعل ذلك حدا للشهوة الجنسية وتقوى لله فيها. حتى تروض النفس في سائر شؤونها ، وتطوع بإرادة الايمان.

(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ).

حتى ينقطع الدم ، وبعدئذ يجب الانتظار الى ان تغتسل المرأة من الحيض.

(فَإِذا تَطَهَّرْنَ).

عن الدم وربما بالاغتسال أيضا.

(فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ).

والتعبير ب «مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ» قد يدل على ضرورة التزام المباشرة بالسبيل الفطري ، حيث الرحم ، وحيث ترجي الولادة ، لا من السبيل الاخر ، حيث الشذوذ والأمراض وحرمان المرأة في لذة الجنس.

والله يحب التوابين ، الذين إذا تعدوا حدود الله ، وباشروا نساءهم في المحيض أو

٣٨٦

من غير السبيل الفطري. فإنهم سرعان ما يتوبون الى الله. والله يحب المتطهرين الذين يلتزمون بحدود الله كاملة لأنه أي اطارها تنمو قيم النظافة الروحية والجسدية. الروحية بالتقوى ، والجسدية بالاغتسال.

[٢٢٣] لما ذا المباشرة الجنسية هل لمجرد المتعة. كلا. بل ابتغاء فضل الله من الأولاد الصالحين. ان وجود الهدف الأسمى للغرائز عند المسلم يجعله يمارسها في حدود تحقيق الهدف ، ولا يسترسل معها الى حيث يحطم جسده ويلوث روحه.

(نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ).

الهدف منهن انجاب الأبناء.

(فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ).

في اي مكان واي زمان. ولكن دون ان تستبد بكم الشهوة الجنسية ، بل وتذكروا الاخرة وما فيها.

(وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ).

فقسموا أموالكم وأوقاتكم وطاقاتكم ، بين شهوات الدنيا وفي طليعتها شهوة النساء ، وبين تطلعات الاخرة. ان في ذلك ضمانا لالتزامكم بحدود الله في ممارسة الشهوات.

(وَاتَّقُوا اللهَ).

والتزموا بمناهجه في التمتع باللذائذ.

(وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ).

٣٨٧

غدا حيث يعاقب الفاسق أشد العقاب.

(وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ).

المتقين والملتزمين بحدود الله.

[٢٢٤] والتقوى يجب ان تكون حاجزا داخليا بين الإنسان وبين انانيته وذاتيته. خصوصا في مجال الصراعات الاجتماعية ، وبالأخص فيما يتصل بالخلافات العائلية. والذي سيجسد التقوى ، هو عدم استخدام اليمين في إثبات الادعاءات الباطلة. وإذا التزم الناس باليمين الصادقة ، كما هو المفروض في المؤمنين ، فإنهم سيجدون حاكما عادلا بينهم ، إذ يفصلون كل قضاياهم بمجرد ان يستحلف أحد الطرفين الاخر ، ويتوقف صاحب الادعاء الباطل عن اليمين الكاذب ويعترف بخطئه.

لذلك شدد القرآن على اليمين وقال :

(وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).

[٢٢٥] ويبشرنا القرآن الحكيم بالعفو عن القسم الذي يبتدر عن اللسان ، دون وعي أو قصد. وانما يحاسب الله الإنسان على القسم الذي يعقد عليه قلبه ، ويتعهد عليه تعهدا واعيا. وهكذا القسم نوع من العهد. ولذلك الحقوه بالعهد.

(لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ).

٣٨٨

لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٧) وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي

____________________

٢٢٦ [يؤلون] آلى الرجل من امرأته إيلاء من الالية والألوة وهي الحلف ، وائتلى وتألى وفي التنزيل «وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ» وهو أن يحلف الا يقارب زوجته.

[تربص] انتظر.

[فاءوا] الفيء الرجوع يقال فاء يفيء فيئا إذا رجع. وفاء الغني إذا تحول عن جهة الغداة برجوع الشمس. وهو ما نسخ الشمس.

وفيء غنائم المشركين أفاء الله علينا منهم وهو من رجوع الشيء الى حقه وفلان سريع الفيء عمن غضبه أي الرجوع.

٢٢٧ [عزموا] العزم هو العقد على فعل شيء في مستقبل الأوقات وهو إرادة متقدمة للفعل أكثر من وقت واحد يتعلق بفعل اللازم.

يقال عزم على الشيء عزم عزما.

٣٨٩

أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٨) الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَنْ يَخافا أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٢٩) فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٢٣٠)

____________________

٢٢٩ [إمساك] خلاف الإطلاق والممسك البخيل والمسك الإهاب لأنه يمسك البدن باحتوائه عليه.

[تسريح] مأخوذ من السرح وهو الإطلاق وسرح الماشية في المرعى إذا أطلقها ترعي.

[أن يخافا] أي يظنا وقيل معناه أن يوقنا.

٣٩٠

وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٣١) وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ

____________________

٢٣١ [أجلهن] الأجل آخر المدة.

[المعروف] المراد به هنا الحق الذي يدعو إليه العقل أو الشرع للمعرفة بصحته خلاف المنكر الذي يزجر عنه العقل ، أو السمع لاستحالة المعرفة بصحته ، فما يجوز المعرفة بصحته معروف ، وما لا يجوز المعرفة بصحته منكر.

٢٣٢ [تعضلوهن] العضل الحبس وقيل هو مأخوذ من المنع وقيل هو مأخوذ من الضيق والشدة والأمر المعضل بصعوبته وعضلت الناقة إذا احتبس ولدها في بطنها. وتقول عضل المرأة يعضلها إذا منعها من التزويج ظلما ويقال للداء الذي أعيا الأطباء علاجه داء عضال.

٣٩١

مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُون (٢٣٢)

٣٩٢

واجبات العلاقة الزوجية

هدى من الآيات :

يبين القرآن هنا مجموعة من الحدود في العلاقة الزوجية ، والتي هي طائفة من حقوق المرأة في الاسرة ، تستعرضها هذه الآيات من زاوية الطلاق. لان حالة الطلاق ، تعتبر قمة النشاز في العلاقة العائلية ، والتي تتعرض حينها الحقوق للضياع. فالحديث عنها يعني الحديث عن الالتزام بالحقوق في الحالات العادية.

المسلم المتقي : هو الذي يلتزم بحقوق الناس ، ابتداء من عائلته ، ثم ليس في الحالات العادية فحسب ، وانما في الأوقات الصعبة أيضا كالطلاق.

في البدء يذكر القرآن : جانبا من احكام الإيلاء حيث يحلف الزوج الا يباشر زوجته ، فعليه ان يكفر عن حلفه ويباشرها أو يطلقها. وهذه حالة يدخل فيها الحلف طرفا في الحقوق الزوجية ، وذكرت هنا بمناسبة الحديث عن الأيمان الباطلة. باعتبار الإيلاء مثلا لاستغلال اليمين في الإضرار بالآخرين.

٣٩٣

ثم يستعرض احكام الطلاق ، حيث يجب على المرأة أن تعتد حتى يستكشف ما في رحمها من حمل. وخلال فترة العدة ، يجوز للزوج ان يرجع إليها.

ولا يجوز ان تستمر عملية الطلاق ثم العودة الا مرتين ، ففي الثالثة لا بد لهم من الاختيار النهائي ، فان استطاعا الالتزام بالواجبات الزوجيّة فليبقيا على العلاقة ، والا فتسريح بإحسان.

وفي الطلقة الثالثة لا تحل له الا بعد ان تتزوج من غيره ، وبعد العدة لا يجوز الإمساك بالمطلقة ، لأنها حرة كما لا يجوز له ان يمنعها من الزواج بمن شاءت.

وبمناسبة الحديث عن الطلاق ، يأتي الحديث عن الرضاع باعتباره موضع تفاهم بين الزوجين ، ثم يعود الحديث الى حقوق الزوج المتوفى عن زوجته. فعليها ان تبقى في حداد أربعة أشهر وعشرا.

وبعدئذ يواصل القرآن الحديث عن المطلقات ، ويحذّر من ان يصبحن اداة لمتعة أهل الشيطان ، بل السبيل الوحيد لهن الزواج من رجال آخرين.

ومن حقوق المطلقات أيضا المهر. حيث يجب ان يدفع كله ، بالرغم من الطلاق.

الا في حالة واحدة هي الطلاق قبل الدخول حيث يدفع نصف المهر.

ومن الطلاق ينتقل القرآن الى الالتزام بالصلاة. خصوصا الوسطى لكي لا ننسى ربنا. فهو الذي يبارك تلك العلاقات ويحل المشاكل ، ويعطينا ايمانا نقاوم به مغريات الشيطان وسلبيات أنفسنا.

وبعد ان يذكر بعض الحقوق المستحبة للنساء ، كالوصية لهن بالبقاء في البيت بعد وفاة الزوج ، أو الإحسان إليهن بعد الطلاق ، بعدئذ ينتهي الدرس.

٣٩٤

ان أسلوب عرض القرآن لحقوق المرأة هنا يختلف عن أسلوبه في السور الاخرى.

لأنه هنا يبيّن لنا : ضرورة الالتزام التام بحدود الله ، وفي الأوقات الحرجة ، حيث يكاد الشيطان يتغلب على ارادة الإنسان. ولهذا تجد القرآن يذكرنا هنا بالتقوى مرة بعد اخرى ، ويطالبنا بتذكر الله وتذكر انه عليم بعباده وإنّه بصير خبير. وعلينا ان نحذره حذرا شديدا ، كل ذلك ليكرس روح التقوى ـ في نفوسنا. تلك الروح التي هي واحدة من أهم ميزات الشخصية المؤمنة.

بينات من الآيات :

التقوى في العلاقة الزوجية :

[٢٢٦] لا يجوز ان يضر الزوج بزوجته ، فيجعلها في بيته دون ان يؤدي إليها حقوقها ، والتي منها حقها في المتعة الجنسية. بل عليه ان يباشرها لا أقل مرة كل اربعة أشهر. فاذا حلف يمينا ان يمتنع عن المباشرة الجنسية ، لسبب أو آخر ، فانه يمنح له فرصة اربعة أشهر. بعدها يجب عليه : اما العودة إليها وكفارة حلفه ، واما طلاقها. جاء في الحديث المأثور عن الباقر والصادق عليهما السلام انهما قالا : «إذ الى الرجل ، لا يقرب امرأته ، فليس لها قول ولا حق في الأربعة أشهر ، ولا إثم عليه في الكف عنها في الأربعة أشهر ، فان مضت الاربعة أشهر قبل ان يمسها فما سكتت ورضيت فهو في حل وسعة ، فان رفعت أمرها قيل له : أما ان تفيء فتمسّها ، وأمّا ان تطلق ، وعزم الطلاق ان يخلي عنها» (١)

(لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) بالرغم من ان نقض اليمين حرام. الا ان هذا اليمين مرتبط بحقوق الناس.

__________________

(١) نور الثقلين ج ١ ص ٢٢٠

٣٩٥

والله يغفر نقضه ، للنية الصالحة وراء هذا النقض.

[٢٢٧] (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ)

فعليهم الالتزام بحقوق الزوجة وتقوى الله فيها.

(فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)

[٢٢٨] بعد الطلاق الذي يقع بسبب أو أخر ، يجب على المرأة ان تعتد ولا تتزوج خلال فترة تتحدد بعادتها بثلاثة قروء والسؤال ما هي القروء الثلاثة؟ جاء في بعض كتب اللغة .. أن هنا فرقا بين (القرء) بفتح القاف. فهو للحيض و (القرء) بضم القاف فهو للطهر ، وأنّ جمع الاول يأتي على (أقراء) ، بينما يأتي جمع الثاني على (قروء).

وهكذا تكون الآية دالة على أنه تكفي حيضتان وثلاثة مرات طهر. فاذا دخلت في الحيضة الثالثة بانت. وعلى ذلك افتى المشهور كما جاء في حديث شريف عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام «إن عليا كان يقول : انما القرء : الطهر ، فيقرر فيه الدم فتجمعه ، فاذا جاء الحيض قذفته ، قلت رجل طلّق امرأته من غير جماع بشهادة عدلين ، قال إذا دخلت في الحيضة الثالثة انقضت عدتها وحلت للأزواج ، قلت : ان أهل العراق يروون ان عليا (ع) يقول : انه أحق برجعتها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة ، فقال : كذبوا» (١)

وهكذا إذا حاضت المطلقة ثم طهرت ، حتى ثلاث مرات فقد خرجت من العدة وإذا لم تحض تنتظر ثلاثة أشهر ، تخرج بعدها من العدة ، وتصبح حرة في التصرف في

__________________

(١) البرهان ج ١ ص ٢١٩

٣٩٦

نفسها.

ان العدة حق من حقوق الزوج على الزوجة كما هو حكم من احكام الله. ذلك انه في هذه الفترة يراجع الزوج نفسه وقد يعود إليها ، وحكم من الله ، إذ انها تحافظ على ماء الرجل عن الاختلاط بماء غيره ، وبالتالي تمنع ضياع نسب الإفراد. وظهور طبقة من الشذاذ في المجتمع.

(وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)

ينتظرن فترة ثلاثة مرات تذهب عنهن عادتهن الشهرية (الحيض) فاذا ظهر خلال الفترة اثار الحمل فعليهن إظهاره.

(وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً)

ففي هذا الوقت ، وقت العدة ، يحق للزوج الرجوع بشرط ان يكون رجوعه الى الزوجة بعد تصميم على بناء حياة زوجية عادلة.

(وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)

وليس من الصحيح تحميل الزوجة واجبات دون ان تعطى لها حقوق ، مثلا ، حين يفرض عليها واجب التربص والانتظار ، يعطي لها حق النفقة خلال الفترة والواقع : أن هذا قانون انساني عام حيث يجب ان تربط الحقوق بالمسؤولية في اي تشريع.

(وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ)

إذ جعل الرجل هو الحاكم في محيط الاسرة. وبيده الطلاق ، وعليه النفقة ، وله

٣٩٧

الطاعة.

(وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)

عزيز في قدرته على الرجال والنساء. حكيم في تشريع الواجبات والزام الناس بها.

[٢٢٩] الطلاق ، لا يتكرر الى ما لا نهاية ، ذلك ان تكرار الطلاق يجعل الزوج في وضع الحاكم المطلق الذي لا تتحدد تصرفاته. انما يمكنه ان يطلق فقط ثلاث مرات حيث تحرم عليه المرأة الا بعد ان تتزوج برجل.

(الطَّلاقُ مَرَّتانِ)

وبعدهما على الزوج ان يختار أحد الأمرين.

(فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ)

وزواج صالح ومعاشرة معروفة.

(أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ)

أو إنهاء العلاقة الزوجية للأخير ، واعطاءها حقوقها واضافة الإحسان الى الحقوق.

وعند الطلاق يبقى المهر عند المرأة ولا يحل للرجل ان يسترجع المهر الا في حالة واحدة هي : تنازل المرأة عن مهرها في مقابل قبول الرجل بطلاقها. إذا هي أرادت الطلاق. وبالطبع في هذه الحالة يجب ان يتدخل الناس ليعرفوا ما إذا كان طلب الطلاق من قبل الزوجة مستند الى تضييع الزوج لحقوق الزوجية. وعدم رعاية حدود

٣٩٨

الله فيها ، أم نابع من شهوة أو غضبة عابرة.

(وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً)

من المهر.

(إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ)

حيث وصلت العلاقة الزوجية مرحلة بعيدة من الحساسية ، بحيث يصعب معها الالتزام بالحقوق المتقابلة.

(فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ)

واعطت من مهرها ، ثمنا لطلاقها.

(تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)

الظالمون لأنفسهم وللمجتمع من حولهم ذلك ان هذه الحدود وضعت ضمانا للعدالة الاجتماعية ، ورعاية لحقوق الجميع ، ومن يجاوزها فهو الظالم الآثم.

[٢٣٠] وبعد الطلاق الثالث ، تحرم على الزوج حتى تتزوج من رجل آخر زواجا دائما ، ويباشرها الزوج ، ثم ان طلقها تحل للزوج الاول.

(فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ)

فلا يجوز العودة إليها ، للإضرار بها ، بل لكي يؤسسا ، فعلا ، حياة عائلية متينة

(وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)

٣٩٩

اي للعلماء الذين يتفهمون الحقائق ، ويعرفون مدى اهمية العلاقة الزوجية ، ومدى ما تحتاج هذه العلاقة الى الضبط والتحديد ، لان اندفاع شهوة الجنس من جهة ، ونزغ النزاعات والسلبيات من جهة اخرى تجعلان العلاقة الجنسية مهتزة. وبالتالي تهددان البناء الاسري بالزوال ، ولذلك بيّن الله حدودا حاسمة لهذه العلاقة حتى يحافظ من جهة على استقامة شهوة الجنس ، وعدم انحرافها في متاهات بعيدة ، ومن جهة ثانية يقلل من السلبيات ويحسم النزاعات.

ان المجتمع الصناعي اليوم يعاني من اهتزاز العلاقة الجنسية. ويعاني لذلك من الكثير من السلبيات الناتجة عن انعدام الاسرة ومنها انعدام التكامل الخلقي وتراكم العقد واشاعة الأمراض الخطيرة.

[٢٣١] بعد العدة تصبح المرأة حرة ، وعلى الزوج ان يفكر مليا فيما إذا يريد زوجته أم لا. فاذا أرادها فعليه ان يراجعها قبل انتهاء الفترة الممنوحة له. والا فليس له حق في منعها من التصرف في شؤونها لأنها أصبحت حرة.

(وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا)

لتضروا بهن ، وتمنعوهن من الزواج بغيركم ، لان ذلك عدوان وظلم.

(وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ)

ذلك ان حدود الله التي تحافظ على حقوق الناس هي في مصلحة الجميع. فاذا تجاوزها شخص واعتدى على حقوق الآخرين ، فقد يأتي شخص آخر ويعتدى على حقوقه هو. وهكذا تعم الفوضى. من هنا وقبل ان يفكر الواحد في ظلم الناس ، لا بد ان يجعل هذا الظلم في الإطار الاجتماعي العام ويحلل الموقف. هل يريد ان يعود

٤٠٠