بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٢٩
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : رأس العقل بعد الدين التودد إلى الناس واصطناع الخير إلى كل بر وفاجر.

٤٥ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن الحسن بن محبوب ، عن شعيب العقر قوفي قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول لاصحابه : اتقوا الله وكونوا إخوة بررة متحابين في الله ، متواصلين ، متراحمين ، تزاوروا وتلاقوا ، وتذاكروا أمرنا وأحيوه (١).

بيان : المراد بأمرهم ، إمامتهم ودلائلها ، وفضائلهم وصفاتهم ، أو الاعم منها ومن رواية أخبارهم ونشر آثارهم ومذاكرة علومهم ، وإحياؤها تعاهدها ونسخها وروايتها وحفظها عن الاندراس وهذا أظهر.

٤٦ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن كليب الصيداوي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : تواصلوا وتباروا وتراحموا ، وكونوا إخوة بررة كما أمركم الله عزوجل (٢).

٤٧ ـ كا : بالاسناد المتقدم عن ابن سنان ، عن عبد الله الكاهلي قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : تواصلوا وتباروا وتراحموا وتعاطفوا (٣).

بيان : يقال عطف يعطف : أي مال ، وعليه أشفق كتعطف ، وتعاطفوا عطف بعضهم على بعض.

٤٨ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت : له : قول الله عزوجل «من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا» قال : ومن أخرجها من ضلال إلى الهدى فكأنما أحياها ومن أخرجها من هدى إلى ضلال فقد قتلها (٤).

تبيان : الاية في المائدة هكذا « من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من

____________________

(١ ـ ٣) الكافى ج ٢ ص ١٧٥.

(٤) الكافى ج ٢ ص ٢١٠.

٤٠١

قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيى الناس جميعا » (١) فما في الخبر على النقل بالمعنى والاكتفاء ببعض الاية لظهورها.

وقال الطبرسي قدس‌سره في المجمع : « بغير نفس » أي بغير قود« أو فساد في الارض» أي بغير فساد كان منها في الارض فاستحقت بذلك قتلها ، وفسادها بالحرب لله ولرسوله وإخافة السبيل على ما ذكر الله في قوله« إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله » (٢) الاية« فكأنما قتل الناس جميعا »قيل في تأويله أقوال : أحدها أن معناه هو أن الناس كلهم خصماؤه في قتل ذلك الانسان ، وقد وترهم وتر من قصد لقتلهم جميعا فأوصل إليهم من المكروه ما يشبه القتل الذي أو صله إلى المقتول فكأنه قتلهم كلهم ، ومن استنقذها من غرق أو حرق أو هدم أو ما يميت لا محالة أو استنقذها من ضلال فكأنما أحيا الناس جميعا أي آجره الله على ذلك أجر من أحياهم أجمعين لانه في إسدائه المعروف إليهم بإحيائه أخاهم المؤمن بمنزلة من أحيا كل واحد منهم ، روي ذلك عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : وأفضل من ذلك أن يخرجها من ضلال إلى هدى.

وثانيها أن من قتل نبيا أو إمام عدل فكأنما قتل الناس جميعا أي يعذب عليه كما لو قتل الناس كلهم ، ومن شد على عضد نبي أو إمام عدل فكأنما أحيا الناس جميعا في استحقاق الثواب ، عن ابن عباس.

وثالثها أن معناه من قتل نفسا بغير حق فعليه مأثم كل قاتل من الناس لانه سن القتل وسهله لغيره ، فكأنه بمنزلة المشارك ، ومن زجر عن قتلها بما فيه حياتها على وجه يقتدى به فيه بأن يعظم تحريم قتلها كما حرمه الله فلم يقدم على قتلها لذلك ، فقد أحيا الناس بسلامتهم منه فذلك إحياؤه إياها.

ورابعها أن المراد فكأنما قتل الناس جميعا عند المقتول ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا عند المستنقذ.

وخامسها أن معناه يجب عليه من القصاص بقتلها مثل الذي يجب عليه لو قتل

____________________

(١ و ٢) المائدة : ٣٢ و ٣٣.

٤٠٢

الناس جميعا ، ومن عفا عن دمها وقد وجب القود عليها ، كان كما لو عفا عن الناس جميعا ، والاحياء هنا مجاز لانه لا يقدر عليه إلا الله تعالى.

وأقول : تطبيق التأويل المذكور في الخبر على قوله تعالى» بغير نفس أو فساد «يحتاج إلى تكلف كثير ولذا لم يتعرض الطبرسي ره له ، ويمكن أن يكون المراد أن نزول الاية إنما هو في إذهاب الحياة البدني لكن يظهر منها حال إذهاب الحياة القلبي والروحاني بطريق أولى ، وبعبارة اخرى دلالة الاية على الاول دلالة مطابقية ، وعلى الثاني التزامية ، ولذا قال عليه‌السلام : من أخرجها من ضلال إلى هدى فكأنما أحياها ، ولم يصرح بأن هذا هو المراد بالاية. وكذا عبر في الاخبار الاتية بالتأويل إشارة إلى ذلك ، مع أنه يحتمل أن يكون المراد على هذا التأويل : من قتل نفسا بالاضلال بغير نفس أي من غير أن يقتل نفسا ظاهرا أو يفسد في الارض كان عقابه عقاب من قتل الناس جميعا بالقتل الظاهري.

٤٩ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان عن فضيل بن يسار قال : قلت لابي جعفر عليه‌السلام قول الله عزوجل في كتابه» ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا «قال : من حرق أو غرق ، قلت : فمن أخرجها من ضلال إلى هدى؟ قال ذاك تأويلها الاعظم (١).

كا : عن محمد بن يحيى عن أحمد وعبدالله ابني محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبان مثله (٢).

بيان : قوله :« ذاك تأويلها الاعظم » أي الاية شاملة لها وهي بطن من بطونها.

٥٠ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن النضر ابن سويد ، عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن أبي خالد القماط ، عن حمران قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : أسألك أصلحك الله؟ فقال : نعم ، فقلت : كنت على حال وأنا اليوم على حال اخرى ، كنت أدخل الارض فأدعوا الرجل والاثنين والمرأة فينقذ الله من شاء ، وأنا اليوم لا أدعو أحدا فقال : وما عليك أن تخلي بين الناس

____________________

(١ و ٢) الكافى ج ٢ ص ٢١٠.

٤٠٣

وبين ربهم؟ فمن أراد الله أن يخرجه من ظلمة إلى نور أخرجه ثم قال : ولا عليك إن آنست من أحد خيرا أن تنبذ إليه الشئ نبذا ، قلت : أخبرني عن قول الله عزوجل :« ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا » قال : من حرق أو غرق ، ثم سكت ثم قال : تأويلها الاعظم إن دعاها فاستجابت له (١).

بيان : قوله» كنت على حال «كأنه كان قبل أن ينهاه عليه‌السلام من دعوة الناس تقية يدعو الناس ، وبعد نهيه عليه‌السلام ترك ذلك وكان ذكر ذلك رجاء أن يأذنه فقال عليه‌السلام :« وما عليك » إما على النفي أي لا بأس عليك أو الاستفهام الانكاري أي أي ضرر عليك» أن تخلي «أي في أن تخلي أي اتركهم مع الله ، فان الله يهديهم إذاعلم أنهم قابلون لذلك» فمن أراد الله أن يخرجه «إشارة إلى قوله تعالى« الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور » (٢) أي من ظلمة الكفر والضلال والشك إلى نور الايمان واليقين ، وقيل إشارة إلى قوله سبحانه« فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام » (٣) والحاصل أن سعيك في ذلك إن كان للاغراض الدنيوية ، فهو مضر لك ، وإن كان لثواب الاخرة فالثواب في زمن التقية في ترك ذلك ، وإن كان للشفقة على الخلق فلا ينفع سعيك في ذلك ، فانه إذا كان قابلا للتوفيق يوفقه الله بأي وجه كان ، بدون سعيك وإلا فسعيك أيضا لا ينفع.

ثم استثنى عليه‌السلام صورة واحدة فقال :« ولا عليك » أي ليس عليك بأس» إن آنست «أي أبصرت وعلمت ، في القاموس آنس الشئ : أبصره وعلمه وأحس به « من أحد خيرا» كأن تجده لينا غير متعصب طالبا للحق وتأمن حيلته وضرره «أن تنبذ إليه الشئ» أي ترمي وتلقي إليه شيئا من براهين دين الحق نبذا يسيرا موافقا للحكمة ، بحيث إذا لم يقبل ذلك يمكنك تأويله وتوجيهه ، في القاموس النبذ طرحك الشئ أمامك أو وراءك أو عام ، والفعل كضرب ، قوله عليه‌السلام «إن دعاها» لما كانت

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ٢١١ ، والاية في المائدة : ٣٢.

(٢) البقرة : ٢٥٧.

(٣) الانعام : ١٢٥.

٤٠٤

النفس في صدر الاية المراد بها المؤمنة ، فضمير أحياها أيضا راجع إلى المؤمنة ، فيكون على سبيل مجاز المشارفة.

٢٩

* ( باب ) *

* «( من يستحق أن يرحم )» *

١ ـ ل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن عبدالله بن سنان قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إني لارحم ثلاثة ، وحق لهم أن يرحموا : عزير أصابته مذلة بعد العز ، وغني أصابته حاجة بعد الغنى ، وعالم يستخف به أهله والجهلة (١).

لى : أبي ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن الازدي ، عن أبان وغيره ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله (٢).

٢ ـ ب : هارون ، عن ابن صدقة ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ارحموا عزيزا ذل ، وغنيا افتقر ، وعالما ضاع في زمان جهال (٣).

الدرة الباهرة : مثله وفيه : وعالما تتلاعب به الجهال.

٣ ـ نهج قال عليه‌السلام : أقيلوا ذوي المروءات عثراتهم فما يعثر منهم عاثر إلا ويده بيد الله يرفعه (٤).

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ٢٣.

(٢) أمالى الصدوق ص ٨.

(٣) قرب الاسناد ص ٢٣.

(٤) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٤٦.

٤٠٥

٣٠

* ( باب ) *

« ( فضل الاحسان ، والفضل ، والمعروف )»

*« ومن هو أهل لها » *

الايات ، البقرة : وأحسنوا إن الله يحب المحسنين (١).

آل عمران : والله يحب المحسنين (٢).

النساء : لا خير في كثير من نجويهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس (٣).

الاعراف : إن رحمة الله قريب من المحسنين ، وقال تعالى : وسنزيد المحسنين ، وقال تعالى : إنا لا نضيح أجر المحسنين (٤).

التوبة : ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم ، وقال سبحانه : إن الله لا يضيع أجر المحسنين (٥).

هود : «واصبر فان الله لا يضيح أجر المحسنين» (٦).

يوسف : وكذلك نجزي المحسنين ، وقال تعالى : نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين (٧).

النحل : إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربي ، وقال تعالى : إن الله مع الذين اتقوا والذينهم محسنون (٨).

القصص : وكذلك نجزي المحسنين ، وقال تعالى : وأحسن كما أحسن الله

____________________

(١) البقرة : ١٩٥. (٢) آل عمران : ١٣٤.

(٣) النساء : ١١٤. (٤) الاعراف : ٥٦ و ١٦١.

(٥) براءة : ٩١ و ١٢٠. (٦) هود : ١١٥.

(٧) يوسف : ٢٢ و ٥٦. (٨) النحل : ٩١ و ١٢٨.

٤٠٦

إليك (١).

الذاريات : إنهم كانوا قبل ذلك محسنين (٢).

١ ـ لى : ابن البرقي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الحسين بن سعيد ، عن إبراهيم ابن أبي البلاد ، عن عبدالله بن الوليد الوصافي قال : قال أبوجعفر الباقر عليه‌السلام : صنايع المعروف تقي مصارع السوء ، وكل معروف صدقة ، وأهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الاخرة ، وأهل المنكر في الدنيا أهل المنكر في الاخرة ، وأول أهل الجنة دخولا إلى الجنة أهل المعروف ، وإن أول أهل النار دخولا إلى النار أهل المنكر (٣).

ين : ابن أبي البلاد مثله.

ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمد بن أحمد بن أبي الثلج ، عن محمد بن يحيى الخنيسي ، عن منذر بن جيفر ، عن عبيد الله الوصافي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام عن ام سلمة رضي‌الله‌عنها عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله (٤).

٢ ـ لى : الطالقاني ، عن محمد بن القاسم الانبارى ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي يعقوب الدينوري ، عن أحمد بن أبي المقدام العجلي قال : يروى أن رجلا جاء إلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال له : يا أمير المؤمنين إن لي إليك حاجة ، فقال : اكتبها في الارض ، فاني أرى الضر فيك بينا ، فكتب في الارض أنا فقير محتاج فقال علي عليه‌السلام : يا قنبر اكسه حلتين فأنشأ الرجل يقول :

كسوتني حلة تبلى محاسنها

فسوف أكسوك من حسن الثنا حللا

إن نلت حسن ثنائي نلت مكرمة

ولست تبغي بما قد نلته بدلا

إن الثناء ليحيى ذكر صاحبه

كالغيث يحيى نداه السهل والجبلا

____________________

(١) القصص : ١٤ و ٧٧. (٢) الذاريات : ١٦.

(٣) امالى الصدوق ص ١٥٣.

(٤) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٢١٦ وفيه : صنايع المعروف تقى مصارع السوء ; والصدقة خفيا تطفئ غضب الرب وصلة الرحم زيادة في العمر ، اه.

٤٠٧

لا تزهد الدهر في عرف بدأت به

فكل عبد سيجزى بالذي فعلا

فقال عليه‌السلام : أعطه مائة دينار فقيل له : يا أمير المؤمنين! لقد أغنيته ، فقال : إني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : أنزل الناس منازلهم ثم قال علي عليه‌السلام : إني لاعجب من أقوام يشترون المماليك بأموالهم ، ولا يشترون الاحرار بمعروفهم (١).

٣ ـ ب : ابن طريف ، عن ابن علوان ، عن الصادق ، عن أبيه عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن للجنة بابا يقال له : باب المعروف ، لا يدخله إلى أهل المعروف (٢).

٤ ـ فس : قال الصادق عليه‌السلام : ما من شئ أحب إلى من رجل سبقت مني إليه يد أتبعها اختها ، وأحسنت مربها لاني رأيت منع الاواخر يقطع لسان شكر الاوائل.

٥ ـ فس : أبي ، عن حماد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : عليك بصنائع الخير فانها تدفع مصارع السوء.

٦ ـ ل : ما جيلويه ، عن عمه ، عن البرقي ، عن ابن محبوب ، عن عمر بن يزيد قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : المعروف شئ سوى الزكاة فتقربوا إلى الله عزوجل بالبر وصلة الرحم (٣).

٧ ـ ل : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب عن ابن عميرة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لا تصلح الصنيعة إلا عند ذي حسب أو دين (٤).

٨ ـ ل : ما جيلويه ، عن عمه ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن سعدان بن مسلم عن حاتم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : رأيت المعروف لا يصلح إلا بثلاث خصال : تصغيره وستره وتعجيله ، فانك إذا صغرته عظمته عند من تصنعه إليه ، وإذا سترته تممته

____________________

(١) أمالى الصدوق ص ١٦٤.

(٢) قرب الاسناد ص ٥٦.

(٣ و ٤) الخصال ج ١ ص ٢٥.

٤٠٨

وإذا عجلته هنيته ، وإن كان غير ذلك محقته ونكدته (١).

أقول : قد أوردنا مثله في مواعظ الصادق عليه‌السلام.

٩ ـ ل : العسكري ، عن محمد بن عبدالعزيز ، عن الحسن بن محمد الزعفراني عن عبيدة بن حميد ، عن أبي الزعرى ، عن أبي الاحوص ، عن أبيه مالك بن نضلة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الايدي ثلاثة فيد الله عزوجل العليا ، ويد المعطي التي تليها ، ويد السائل السفلى فأعط الفضل ولا تعجز نفسك (٢).

١٠ ـ ل : [ ابن ] حمزة العلوي ، عن علي ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد الاشعري عن القداح ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كل معروف صدقة ، والدال على الخير كفاعله ، والله يحب إغاثة اللهفان (٣).

١١ ـ ل : الاربعمائة قال أمير المومنين عليه‌السلام : اصطنعوا المعروف بما قدرتم على اصطناعه ، فانه يقي مصارع السوء ، وقال عليه‌السلام : لا تصلح الصنيعة إلا عند ذي حسب أو دين ، وقال عليه‌السلام : لكل شئ ثمرة وثمرة المعروف تعجيله (٤).

١٢ ـ ن : بالاسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اصطنع الخير إلى من هو أهله ، وإلى من ليس هو من أهله ، فان لم تصب من هو أهله فأنت أهله (٥).

صح : عنه عليه‌السلام مثله (٦).

١٣ ـ ن : بهذا الاسناد قال : قال رسول اله صلى‌الله‌عليه‌وآله : رأس العقل بعد الدين التودد إلى الناس واصطناع الخير إلى كل أحد بر وفاجر (٧).

صح : عنه عليه‌السلام مثله (٨).

١٤ ـ ما : المفيد ، عن أبي غالب الزراري ، عن ابن أبي الخطاب ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن بريد ، عن أبي جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال

____________________

(١ ـ ٣) الخصال ج ١ ص ٦٦.

(٤) الخصال ج ٢ ص ١٥٩.

(٥ و ٧) عيون الاخبار ج ٢ ص ٣٥. (٦ و ٨) صحيفة الرضا : ١٠.

٤٠٩

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يقول الله تعالى : المعروف هدية مني إلى عبدي المؤمن ، فان قبلها مني فبرحمتي ومني وإن ردها فبذنبه حرمها ومنه لا مني ، وأيما عبد خلقته فهديته إلى الايمان وحسنت خلقه ولم أبتله بالبخل فاني اريد به خيرا (١).

أقول : قد مضى أخبار كثيرة في باب جوامع المكارم.

١٥ ـ ما : بالاسناد إلى أبي قتادة قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الاخرة لانهم في الاخرة ترجح لهم الحسنات فيجودون بها على أهل المعاصي (٢).

١٦ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن الحسين بن أحمد المالكي ، عن أحمد ابن هليل ، عن زياد القندي ، عن الجراح ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي عليه‌السلام ; عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : كل معروف صدقة إلى غني أو فقير ، فتصدقوا ولو بشق تمرة ، واتقوا النار ولو بشق التمرة ، فان الله عزوجل يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى يوفيه إياها يوم القيامة ، وحتى يكون أعظم من الجبل العظيم (٣).

١٧ ـ ع : أبي ، عن سعد ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي ، عن حماد عن إبراهيم بن عمر ، رفعه إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : إن أفضل ما توسل به المتوسلون الايمان بالله وساق الحديث إلى أن قال : وصنائع المعروف فانها تدفع ميتة السوء وتقي مصارع الهوان (٤).

١٨ ـ ل : أبي ، عن الكمنداني ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم رفعه إلى أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أربعة يذهبن ضياعا : البذر في السبخة ، والسراج في القمر

____________________

(١) أمالى الطوسى ج ١ ص ٢٣.

(٢) أمالى الطوسى ج ١ ص ٣١١.

(٣) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٧٣ والفلو : الجحش والمهر.

(٤) علل الشرايع ج ١ ص ٢٣٤.

٤١٠

والاكل على الشبع ، والمعروف إلى من ليس بأهله (١).

ل : فيما أوصى به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا مثله وفيه والصنيعة عند غير أهلها (٢).

١٩ ـ ما : الفحام ، عن المنصوري ، عن عم أبيه ، عن أبي الحسن الثالث ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : خمس تذهب ضياعا سراج تعده في شمس الدهن يذهب والضوء لا ينتفع به ، ومطر جود على أرض سبخة المطر يضيع والارض لا ينتفع بها ، وطعام يحكمه طاهيه يقدم على شبعان فلا ينتفع به ، وامرأة حسناء تزف إلى عنين فلا ينتفع بها ، ومعروف تصطنعه إلى من لا يشكره (٣).

٢٠ ـ ل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن اليقطيني ، عن الدهقان ، عن درست عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أربعة يذهبن ضياعا : مودة تمنحها من لا وفاء له ، ومعروف عند من لا شكر له ، وعلم عند من لا استماع له ، وسر تودعه عند من لا حصافة له (٤).

٢١ ـ ل : الحسن بن حمزة العلوي ، عن يوسف بن محمد الطبري ، عن سهل ابن نجدة ، عن وكيع ، عن زكريا ابن أبي زائرة ، عن عامر الشعبي ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : امنن على من شئت تكن أميره ، واحتج إلى من شئت تكن أسيره واستغن عمن شئت تكن نظيره (٥).

٢٢ ـ ما : فيما أوصى به أمير المؤمنين عليه‌السلام عند وفاته : اوصيك بحسن الجوار ، وإكرام الضيف ، ورحمة المجهود ، وأصحاب البلاء ، وصلة الرحم ، وحب المساكين ، ومجالستهم (٦).

أقول : قد مضى بأسانيد عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : عودوا بالفضل على من

____________________

(١ و ٢) الخصال ج ١ ص ١٢٦.

(٣) أمالى الطوصى ج ١ ص ٢٩١ والطاهى : الطباخ.

(٤) الخصال ج ١ ص ١٢٦.

(٥) الخصال ج ٢ ص ٤٥.

(٦) أمالى الطوسى ج ١ ص ٦.

٤١١

حرمكم وفي بعضها صلوا من قطعكم وعودوا بالفضل عليهم (١).

٢٣ ـ ثو : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي محمد الوابشي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا أحسن العبد المؤمن ضاعف الله له عمله لكل حسنة سبعمائة ضعف ، وذلك قول الله عزوجل «والله يضاعف لمن يشاء» (٢).

٢٤ ـ ثو : بهذا الاسناد ، عن ابن محبوب ، عن جميل ، عن حديد أو مرازم قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : أيما مؤمن أوصل إلى أخيه المؤمن معروفا فقد أوصل ذلك إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣).

٢٥ ـ ثو : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن أبيه ; رفعه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الاخرة ، قيل : يا رسول الله وكيف ذلك؟ قال : يغفر لهم بالتطول منه عليهم ويدفعون حسناتهم إلى الناس ، فيدخلون بها الجنة فيكونون أهل المعروف في الدنيا والاخرة (٤).

٢٦ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن أبي الخطاب ، عن ابن أسباط ، عن خلف بن حماد ، عن قتيبة الاعشى ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أوحى الله تعالى إلى موسى عليه‌السلام : كما تدين تدان ، وكما تعمل كذلك تجزى ، من يصنع المعروف إلى امرء السوء يجزى شرا.

٢٧ ـ ضا : أروي عن العالم أنه قال : أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الاخرة لان الله عزوجل يقول لهم : قد غفرت لكم ذنوبكم تفضلا عليكم لانكم كنتم أهل المعروف في الدنيا وبقيت حسناتكم فهبوها لمن تشاؤن ، فيكونون بها أهل المعروف في الاخرة ، وقال : إن لله عبادا يفزع العباد إليهم في حوائجهم اولئك الامنون ، كل

____________________

(١) راجع أمالى الطوسى ج ١ ص ٢٢١.

(٢) ثواب الاعمال ص ١٥٣ والاية في البقرة : ٢٦١.

(٣) ثواب الاعمال ص ١٥٤.

(٤) ثواب الاعمال ص ١٦٥.

٤١٢

معروف صدقة ، فقلت : يا ابن رسول الله! وإن كان غنيا؟ فقال : وإن كان غنيا.

وأروي : المعروف كاسمه ، وليس شئ أفضل منه إلا ثوابه ، وهو هدية من الله إلى عبده المؤمن ، وليس كل من يحب أن يصنع المعروف إلى الناس يصنعه ، ولا كل من رغب فيه يقدر عليه ، ولا كل من يقدر عليه يؤذن له فيه ، فاذا من الله على العبد المؤمن جمع له الرغبة والقدرة والاذن ، فهناك تمت السعادة.

ونروي : عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من أدخل على مؤمن فرحا فقد أدخل علي فرحا ومن أدخل علي فرحا فقد اتخذ عند الله عهدا ، ومن اتخذ عند الله عهدا ، جاء من الامنين يوم القيامة.

وروي : اصطنع المعروف إلى أهله وإلى غير أهله فان لم يكن من أهله فكن أنت من أهله ، وروي : لا يتم المعروف إلا بثلاث خصال : تعجيله وتصغيره وستره فاذا عجلته ، هنأته ، وإذا صغرته عظمته ، وإذا سترته أتممته ، وروي : إذا سألك أخوك حاجة فبادر بقضائها قبل استغنائه عنها.

ونروي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : من سر مؤمنا فقد سرني ، ومن سرني فقد سر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن سر رسول الله فقد سر الله ، ومن سر الله أدخله جنته.

٢٨ ـ شي : عن ابن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يأتي على الناس زمان عضوض يعض كل أمرئ على ما في يديه ، وينسون الفضل بينهم ، قال الله «ولا تنسوا الفضل بينكم» (١).

٢٩ ـ شى : عن عمرو بن عثمان قال : خرج علي عليه‌السلام على أصحابه وهم يتذاكرون المروءة فقال : أين أنتم؟ أنسيتم من كتاب الله وقد ذكر ذلك قالوا : يا أمير المؤمنين في أي موضع؟ قال : في قوله «إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر» فالعدل الانصاف ، والاحسان التفضل (٢).

٣٠ ـ جا : عمر بن محمد الصيرفي ، عن أحمد بن الحسن الصوفي ، عن

____________________

(١) تفسير العياشى ج ١ ص ١٢٦ ، والاية في البقرة : ٢٣٧.

(٢) تفسير العياشى ج ٢ ص ٢٦٧ والاية في النحل : ٩٠ والعض : الامساك.

٤١٣

عبدالله بن مطيع ، عن خالد بن عبدالله ، عن أبي ليلي ، عن عطية ، عن كعب الاحبار قال : مكتوب في التوراة : من صنع معروفا إلى أحمق فهي خطيئة تكتب عليه (١).

٣١ ـ مكا : عن الصادق عليه‌السلام قال : رأيت المعروف كاسمه وليس شئ أفضل من المعروف إلا ثوابه ، وذلك يراد منه وليس كل من يحب أن يصنع المعروف إلى الناس يصنعه ، وليس كل من يرغب فيه يقدر عليه ، ولا كل من يقدر عليه يؤذن له فيه ، فاذا اجتمعت الرغبة والقدرة والاذن ، فهنالك تمت السعادة للطالب والمطلوب إليه.

وعنه عليه‌السلام قال : إذا أردت أن تعلم أشقي الرجل أم سعيد ، فانظر معروفه إلى من يصنعه فان كان يصنعه إلى من هو أهله ، فاعلم أنه خير ، وإن كان يصنعه إلى غير أهله فاعلم أنه ليس له عند الله خير.

٣٢ ـ كشف : في دلائل الحميري عن أبي هاشم الجعفري قال : سمعت أبا محمد عليه‌السلام يقول : إن في الجنة لبابا يقال له المعروف ، لا يدخله إلا أهل المعروف ; فحمدت الله في نفسي وفرحت بما أتكلفه من حوائج الناس ، فنظر إلي أبومحمد عليه‌السلام وقال : نعم فدم على ما أنت عليه ، فان أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الاخرة ، جعلت الله منهم يا أبا هاشم ورحمك (٢).

٣٣ ـ ختص : محمد بن جعفر بن أبي شاكر رفعه عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : جزى الله المعروف إذا لم يكن يبدأ عن مسألة فأما إذا أتاك أخوك في حاجة كاد يري دمه في وجهه مخاطرا لا يدري أتعطيه أم تمنعه فو الله ثم والله لو خرجت له من جميع ما تملكه ما كافيته (٣).

٣٤ ـ ختص : محمد بن علي ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي القاسم ، عن محمد بن

____________________

(١) مجالس المفيد ص ٨٩.

(٢) كشف الغمة ص ٣٠٦.

(٣) الاختصاص ص ١١٢.

٤١٤

على الكوفي ، عن محمد بن سنان ، عن علي بن جميل الغنوي ، عن أبي حمزة الثمالي قال : كان رجل من أبناء النبيين له ثروة من مال وكان ينفق على على أهل الضعف و أهل المسكنة وأهل الحاجة فلم يلبث أن مات فقامت امرأته في ماله كقيامه ، فلم يلبث المال أن نفد ، ونشأ له ابن فلم يمر على أحد إلا يرحم على أبيه ، وسأل امه أن تخبره فقالت : إن أباك كان رجلا صالحا وكان له مال كثير فكان ينفق على أهل الضعف وأهل المسكنة وأهل الحاجة فلما أن مات قمت في ماله كقيامه فلم يلبث المال أن نفد قال لها : يا امه إن أبي كان مأجورا فيما ينفق ، وكنت آثمة قالت : ولم يا بني؟ فقال : كان أبي ينفق ماله ، وكنت تنفقين مال غيرك.

قالت : صدقت يا بني وما أراك تضيق علي قال : أنت في حل وسعة ، فهل عندك شئ يلتمس به من فضل الله؟ قالت : عندي مائة درهم فقال : إن الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يبارك في شئ بارك فيه ، فأعطته المائة درهم فأخذها ثم خرج يلتمس من فضل الله عزوجل فمر برجل ميت على ظهر الطريق من أحسن ما يكون هيئة فقال : ما اريد تجارة بعد هذا أن آخذه واغسله وأكفنه وأصلي عليه وأقبره! ففعل فأنفق عليه ثمانين درهما وبقيت معه عشرون درهما فخرج على وجهه يلتمس به من فضل الله.

فاستقبله شخص فقال : أين تريد يا عبدالله؟ فقال : اريد ألتمس ، قال : وما معك شئ تلتمس به من فضل الله؟ قال : نعم معي عشرون درهما قال : وأين يقع منك عشرون درهما؟ قال : إن الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يبارك في شئ بارك فيه قال : صدقت ، ثم قال : فأرشدك وتشركني؟ قال : نعم ، قال : فان أهل هذا الدار يضيفونك ثلاثا فاستضفهم فانه كلما جاءك الخادم معه هر أسود فقل له : تبيع هذا الهر وألح عليه فانك ستضجره فيقول : أبيعك هو بعشرين درهما ، فاذا باعك هو فاعطه العشرين درهم ، وخذه فاذبحه وخذ رأسه فأحرقه ثم خذ دماغه.

ثم توجه إلى مدينة كذا وكذا فان ملكهم أعمى فأخبرهم أنك تعالجه ولا يرهبنك ما ترى من القتل والمصلبين ، فان اولئك كان يختبرهم على علاجه

٤١٥

فاذا لم ير شيئا قتلهم قلا تهولنك ، وأخبر بأنك تعاجله واشترط عليه فعالجه ولا ترده أول يوم من كحلة فانه سيقول لك : « زدني فلا تفعل ثم اكحله من الغد اخرى فانك سترى ما تحب فيقول لك زدني فلا تفعل فاذا كان الثالث فاكحله فانك سترى ما تحبه فيقول ذلك زدني فلا تفعل ، فلما أن فعل ذلك برأ فقال أفدتني ملكي و رددنه علي وقد زوجتك ابنتي قال : إن لي اما قال فأقم معي ما بدا لك فاذا أردت الخروج فاخرج.

قال : فأقام في ملكه سنة يدبره بأحسن تدبير وأحسن سيرة ، فلما أن حال عليه الحول قال له : إني اريد الانصراف فلم يدع شيئا إلا زوده من كراع وغنم وآنية ومتاع ثم خرج حتى انتهى إلى الموضع الذي رأى فيه الرجل ، فاذا الرجل قاعد على حاله ، فقال : ما وفيت فقال الرجل فاجعلني في حل مما مضى قال : ثم جمع الاشياء ففرقها فرقتين ثم قال تخير فتخير أحدهما ثم قال وفيت؟ قال : لا قال : ولم؟ قال المرأة مما أصبت قال : صدقت فخذ ما في يدي لك مكان المرأة ، قال لا ، ولا آخذ ما ليس لي ولا أتكثر به ، قال : فوضع على رأسها المنشار ثم قال أجد؟ (١) فقال : قد وفيت ، وكلما معك وكلما جئت به فهو لك ، وإنما بعثني الله تبارك وتعالى لاكافيك عن الميت الذي كان على الطريق فهذا مكافاتك عليه (٢).

٣٥ ـ نهج : ومن كلام له عليه‌السلام وليس لواضع المعروف في غير حقه وعند غير أهله من الحظ فيما أتى إلا محمدة اللئام ، وثناء الاشرار ، ومقالة الجهال مادام منعما عليهم : ما أجود يده ، وهو عن ذات الله بخيل ، فمن آتاه الله مالا فليصل به القرابة ، وليحسن منه الضيافة وليفك به الاسير والعاني ، وليعط منه الفقير والغارم وليصبر نفسه على الحقوق والنوائب ابتغاء الثواب فان فوزا بهذه الخصال شرف مكارم الدنيا ، ودرك فضائل الاخرة (٣).

____________________

(١) المنشار آلة حديدية ذات أسنان يجذ ـ اى يقطع ـ بها الاخشاب والاشجار.

(٢) الاختصاص : ٢١٤.

(٣) نهج البلاغة ج ١ ص ٢٧٨.

٤١٦

٣٦ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن أحمد بن عبدالرحيم ، عن إسماعيل ابن محمد بن إسحاق ، عن أبيه ، عن جده إسحاق ، عن أخيه موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : استتمام المعروف أفضل من ابتدائه (١).

٣٧ ـ ما : الحسين بن عبيد الله الغضائري ، عن التلعكبري ، عن محمد بن همام عن عبدالله الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال للمفضل بن عمر : يا مفضل إذا أرت أن تعلم أشقيا الرجل أم سعيدا فانظر بره ومعروفه إلى من يصنعه؟ فان صنعه إلى من هو أهله فاعلم أنه إلى خير يصير ، وإن كان يصنعه إلى غير أهله فاعل أنه ليس له عند الله خير (٢).

٣٨ ـ الدرة الباهرة : عن الحسن بن علي عليه‌السلام قال : المعروف مالم يتقدمه مطل ، ولم يتعقبه من ، والبخل أن يرى الرجل ما أنفقه تلفا وما أمسكه شرفا وقال عليه‌السلام : من عدد نعمه محق كرمه وقال عليه‌السلام الانجاز دوام الكرم.

٣٩ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لا يزهدنك في المعروف من لا يشكره لك فقد يشكرك عليه من لا يستمتع بشئ منه وقد تدرك من شكر الشاكر أكثر عما أضاع الكافر ، والله يحب المحسنين (٣).

وقال عليه‌السلام من ظن بك خيرا فصدق ظنه (٤).

وقال عليه‌السلام لجابر بن عبدالله الانصاري : يا جابر قوام الدنيا بأربعة : عالم مستعمل علمه ، وجاهل لا يستنكف أن يتعلم ، وجواد لا يبخل بمعروفه ، وفقير لايبع آخرته بدنياه ، فاذا ضيع العالم علمه استنكف الجاهل أن يتعلم ، وإذا بخل الغني بمعروفه باع الفقير آخرته بدنياه ، يا جابر من كثرت نعم الله عليه كثرت حوائج الناس

____________________

(١) أمالى الطوسى ج ٢ : ٢٠٩.

(٢) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٢٥٧.

(٣) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٩٠.

(٤) المصدر : ج ٢ ص ١٩٩.

٤١٧

إليه ، فمن قام لله فيها بما يجب عرضها للدوام والبقاء ، ومن لم يقم الله فيها بما يجب عرضها للزوال والفناء (١).

وقال عليه‌السلام : إن لله تعالى عبادا يختصهم بالنعم لمنافع العباد ، فيقرها في أيديهم ما بذلوها ، فاذا منعوها نزعها منهم ثم حولها إلى غيرهم (٢).

وقال عليه‌السلام لغالب بن صعصعة أبي الفرزدق في كلام دار بينهما : ما فعلت إبلك الكثيرة؟ فقال ذعذعتها الحقوق يا أمير المؤمنين! فقال : ذاك أحمد سبلها (٣).

وقال عليه‌السلام : يأتي على الناس زمان عضوض يعض الموسر على ما في يديه ، و لم يؤمر بذلك ، قال الله تعالى «ولا تنسوا الفضل بينكم» ; ينهد فيه الاشرار ، و يستذل الاخيار ، ويبايع المضطرون ، وقد نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن بيع المضطرين (٤).

٤٠ ـ كتاب الامامة والتبصرة : عن محمد بن عبدالله ، عن محمد بن جعفر الرزاز عن خاله علي بن محمد ، عن عمر بن عثمان الخزاز ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام : قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله زينة العلم الاحسان.

٤١ ـ ختص : قال الصادق عليه‌السلام : أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الاخرة ، يقال لهم : إن ذنوبكم قد غفرت لكم فهبوا حسناتكم لمن شئتم و [ اصطناع ] المعروف واجب على كل أحد بقلبه ولسانه ويديه ، فمن لم يقدر على اصطناع المعروف بيده فبقلبه ولسانه ، فمن لم يقدر عليه بلسانه فلينوه بقلبه. (٥)

٤٢ ـ ين : ابن أبي البلاد ، عن إبراهيم بن عباد قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام :

____________________

(١) نهج البلاغة ج ٢ ص ٣٣٣.

(٢) المصدر ج ٢ ص ٢٤٥.

(٣) المصدر ج ٢ ٢٤٩ وذعذعة المال : تفريقه.

(٤) المصدر ج ٢ ص ٢٥٤ والنهد : النهوض.

(٥) الاختصاص ص ٢٤١.

٤١٨

الصنيعة لا تكون إلا عند ذي حسب أودين.

٤٣ ـ ين : ابن أبي البلاد ، عمن أخبره ، عن بعض الفقهاء قال : يوقف فقراء المؤمنين يوم القيامة فيقول لهم الرب تبارك وتعالى : أما إني لم أفقركم من هوانكم علي ولكن أفقرتكم لابلوكم ، انطلقوا فلا يبقى أحد صنع إليكم معروفا في الدنيا إلا أخذتم بيده فأدخلتموه الجنة.

٤٤ ـ ين : ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : اصنع المعروف إلى من هو أهله ، ومن ليس هو أهله ، فان لم يكن هو أهله ، فأنت أهله.

٤٥ ـ ين : ابن سنان ، عن الرقي ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن الله عزوجل جعل للمعروف أهلا من خلقه حبب إليهم المعروف ، وحبب إليهم فعاله ، وأوجب على طلاب المعروف الطلب إليهم ، ويسر عليهم قضاءه كما يسر الغيث إلى الارض المجدبة ليحييها ويحيى أهلها ; وإن الله جعل للمعروف أعداء من خلقه بغض إليهم المعروف ، وبغض إليهم فعاله وحظر على طلاب المعروف الطلب إليهم وحظر عليهم قضاءه كما يحظر الغيث على الارض المجدبة ليهلك به أهلها وما يعفو الله عنه أكثر.

٤٦ ـ ين : بعض أصحابنا ، عن القاسم بن محمد ، عن إسحاق بن إبراهيم قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إن الله خلق خلقا من عباده فانتجبهم لفقراء شيعتنا ليثيبهم بذلك.

٤٧ ـ اعلام الدين : قال المفضل بن عمر للصادق عليه‌السلام : أحب أن أعرف علامة قبولي عند الله ، فقال له : علامة قبول العبد عند الله أن يصيب بمعروفه مواضعه فان لم يكن كذلك فليس كذلك.

٤١٩

وقال الصادق عليه‌السلام : ما توسل إلي أحد بوسيلة أحب إلي من إذكاري بنعمة سلفت مني إليه أعيدها إليه.

٤٨ ـ كتاب الامامة والتبصرة : عن الحسن بن حمزة العلوي ، عن علي ابن محمد بن أبي القاسم ، عن أبيه ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن الصادق ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : صلة الفاجر لا تكاد تصل إلا إلى فاجر مثله.

بسمه تعالى

إلى هنا انتهى الجزء الاول من المجلد السادس عشر ، وهو الجزء الواحد والسبعون حسب تجزئتنا يحوى على ثلاثين بابا من أبواب آداب العشرة.

ولقد بذلنا الجهد في تصحيحها وتنميقها حسب الجهد والطاقة ، فخرج بعون الله ومشيئته نقيا من الاغلاط إلا نزرا زهيدا زاغ عنه البصر وكل عنه النظر لا يكاد يخفى على الناظر البصير ومن الله العصمة والتوفيق.

السيد ابراهيم الميانجى

محمد الباقر البهبودى

٤٢٠