الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٢٩
١٩ ـ شى : عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله «وقولوا للناس حسنا» قال : قولوا للناس أحسن ما تحبون أن يقال لكم فان الله يبغض اللعان السباب الطعان على المؤمنين ، المتفحش السائل الملحف ، ويحب الحيي الحليم العفيف المتعفف (١).
٢٠ ـ شى : عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال سمعته يقول : اتقوا الله ولا تحملوا الناس على اكتافكم إن الله يقول في كتابه «وقولوا للناس حسنا» قال : وعودوا مرضاهم ، واشهدوا جنائزهم ، وصلوا معهم في مساجدهم ، حتى [ ينقطع ] النفس وحتى يكون المباينة (٢).
٢١ ـ سر : في جامع البزنطي عن أبى الربيع الشامي قال : كنا عند أبي عبدالله عليهالسلام والبيت غاص بأهله ، فقال إنه ليس منا من لم يحسن صحبة من صحبه ومرافقة من رافقه ، وممالحة من مالحه ، ومخالقة من خالقه (٣).
٢٢ ـ جا : أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن
____________________
(١ ـ ٢) تفسير العياشى ج ١ ص ٤٨ والاية في البقرة : ٨٣.
(٣) ورواه الكلينى في الكافى ج ٢ ص ٦٣٧ ولفظه : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن اسماعيل بن مهران ، عن محمد بن حفص ، عن أبى الربيع الشامى. قال : دخلت على أبى عبدالله عليه الصلاة والسلام ، والبيت غاص بأهله ، فيه الخراسانى والشامى ومن أهل الافاق ، فلم أجد موضعا أقعد فيه ، فجلس أبوعبدالله «ع» وكان متكئا ، ثم قال : يا شيعة آل محمد اعلموا أنه ليس منا من لم يملك نفسه عند غضبه ، ومن لم يحسن صحبة من صحبه ومخالقة من خالقه ، ومرافقة من رافقه ، ومجاورة من جاوره ، وممالحة من مالحه ، يا شيعة آل محمد! اتقوا الله ما استطعتم ولا حول ولا قوة الا بالله.
أقول : المخالقة : المعاشرة بالاخلاق الحسنة يقال : خالص المؤمن ، وخالق الفاجر والممالحة : المؤاكلة ، ان كان بمعنى أكل الملح ، كأنه أكل معه الخبز وفيه الملح ، أو مع الملح ، يقال : هو يحفظ حرمة الممالحة ، أو هو المكالمة بما فيه ملاحة ومطايبة ، من قولهم : أملح ; جاء بكلام مليح.
ابن مهزيار ، عن ابن محبوب ، عن محمد بن سنان ، عن الحسين بن مصعب ; عن ابن طريف ، عن أبي جعفر عليهالسلام أنه قال : صانع المنافق بلسانك ، واخلص ودك للمؤمن وإن جالسك يهودي فأحسن مجالسته (١).
ين : محمد بن سنان ، عن الحسن بن مصعب مثله.
٢٣ ـ جا : بهذا الاسناد ، عن ابن مهزيار ، عن فضالة ، عن أبان ، عن ابن سيابة ، عن النعمان ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : من تفقد تفقد ، ومن لا يعد الصبر لفواجع الدهر يعجز ، وإن قرضت الناس قرضوك ، وإن تركتهم لم يتركوك قال : فكيف أصنع؟ قال أقرضهم من عرضك ليوم فاقتك وفقرك (٢) ،
٢٤ ـ جا : بهذا الاسناد ، عن ابن مهزيار ، عن علي بن حديد ، عن مرازم قال : قال أبوعبدالله عليهالسلام : عليكم بالصلاة في المسجد ، وحسن الجوار للناس ، و إقامة الشهادة ، وحضور الجنائز ، إنه لابد لكم من الناس إن أحدا لا يستغني عن الناس حياته فأما نحن نأتي جنائزهم ، وإنما ينبغي لكم أن تصنعوا مثل ما يصنع من تأتمون به ، والناس لا بد لبعضهم من بعض ما داموا على هذه الحال ، حتى يكون ذلك ثم ينقطع كل قوم إلى أهل أهوائهم ، ثم قال : عليكم بحسن الصلاة واعملوا لآخرتكم واختاروا لانفسكم ، فان الرجل قد يكون كيسا في أمر الدنيا فيقال : ما أكيس فلانا وإنما الكيس كيس الاخرة (٣).
٢٥ ـ كتاب صفات الشيعة للصدوق ره : باسناده عن عبدالله بن زياد قال : سلمنا على أبي عبدالله عليهالسلام بمنى ثم قلت : يا ابن رسول الله إنا قوم مجتازون ، لسنا نطيق هذا المجلس منك كلما أردناه فأوصنا ، قال : عليكم بتقوى الله ، وصدق الحديث ، وأداء الامانة ، وحسن الصحابة لمن صحبكم ، وإفشاء السلام ، وإطعام الطعام. صلوا في مساجدهم ، وعودوا مرضاهم ، واتبعوا جنائزهم ، فان أبي حدثني أن شيعتنا أهل البيت كانوا خيار من كانوا منهم إن كان فقيه كان منهم ، وإن كان
____________________
(١) مجالس المفيد ص ١١٧.
(٢ و ٣) مجالس المفيد ص ١١٨.
مؤذن كان منهم ، وإن كان إمام كان منهم ، وإن كان صاحب أمانة كان منهم ، وإن كان صاحب وديعة كان منهم ، وكذلك كونوا حببونا إلى الناس ولا تبغضونا إليهم (١).
٢٦ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ; عن جعفر بن محمد الموسوي ، عن عبيد الله ابن أحمد بن نهيك ، عن عبدالله بن جبلة ، عن حميد بن شعيب الهمداني ، عن جابر ابن يزيد ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : لما احتضر أمير المؤمنين عليهالسلام جمع بنيه حسنا وحسينا وابن الحنفية والاصاغر من ولده ، فوصاهم وكان في آخر وصيته : يا بني عاشروا الناس عشرة إن غبتم حنوا إليكم ، وإن فقدتم بكوا عليكم ، يا بني إن القلوب جنود مجندة تتلاحظ بالمودة ، وتتناجى بها ، وكذلك هي في البغض ، فإذا أحببتم الرجل من غير خير سبق منه إليكم فارجوه ، وإذا أبغضتم الرجل من غير سوء سبق منه إليكم فاحذروه (٢).
٢٧ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن علي بن إسماعيل الموصلي ، عن علي بن الحسن العبدي ، عن الحسن بن بشر ، عن قيس بن الربيع ، عن الاعمش عن شقيق ، عن أبي عبدالله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أجيبوا الداعي ، وعودوا المريض واقبلوا الهدية ولا تظلموا المسلمين (٣).
٢٨ ـ نهج : قال عليهالسلام : لا يكون الصديق صديقا حتى يحفظ أخاه في ثلاث : في نكبته ، وغيبته ، ووفاته (٤).
وقال عليهالسلام : من قضى حق من لا يقضي حقه فقد عبده (٥).
وقال عليهالسلام : في تقلب الاحوال علم جواهر الرجال. وقال عليهالسلام : حسد الصديق
____________________
(١) صفات الشيعة ص ١٧٧.
(٢) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٢٠٨.
(٣) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٢٥٢.
(٤) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٧٥.
(٥) المصدر ج ٢ ص ١٨٤.
من سقم المودة. وقال عليهالسلام : ليس من العدل القضاء على الثقة بالظن (١).
وقال عليهالسلام : من أطاع الواشي ضيع الصديق (٢).
وقال عليهالسلام : أصدقاؤك ثلاثة وأعداؤك ثلاثة فأصدقاؤك : صديقك ، وصديق صديقك ، وعدو عدوك ، وأعداؤك : عدوك ، وعدو صديقك ، وصديق عدوك (٣).
وقال عليهالسلام : القرابة إلى المودة أحوج من المودة إلى القرابة (٤).
وقال عليهالسلام : الاستغناء عن العذر أعز من الصدق به (٥).
وقال عليهالسلام : اخبر تقله ، ومن الناس من روى هذا لرسول الله ومما يقوي أنه من كلام أمير المؤمنين عليهالسلام ما حكاه تغلب عن ابن الاعرابي قال : قال المأمون لولا أن عليا عليهالسلام قال : «اخبر تقله» لقلت أنا : اقله تخبر (٦).
وقال عليهالسلام : أولى الناس بالكرم من عرقت فيه الكرام (٧).
وقال عليهالسلام. زهدك في راغب فيك نقصان عقل ، ورغبتك في زاهد فيك ذل نفس (٨).
____________________
(١) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٩٣.
(٢) المصدر ج ٢ ص ١٩٧.
(٣) المصدر ج ٢ ص ٢١٧.
(٤) المصدر ج ٢ ص ٢١٨.
(٥) المصدر ج ٢ ص ٢٢٣. وقال ابن أبى الحديد : والمعنى لا تفعل شيئا تعتذر عنه وان كنت صادقا فأن لا تفعل خير لك وأعز لك من أن تفعل ثم تعتذر وان كنت صادقا.
(٦) المصدر ج ٢ ص ٢٤٧. وقوله «اخبر تقله» اخبر بضم الباء امر من خبرته من باب قتل اى علمته ، و «تقله» مضارع مجزوم بعد الامر ، وهاؤه للوقف من قلاه يقليه كرماه يرميه بمعنى ابغضه ، اى : اذا اعجبك ظاهر الشخص فاختبره فربما وجدت فيه ما لا يسرك فتبغضه ، ووجه ما اختاره المأمون ان المحبة ستر للعيوب فاذا ابغضت شخصا امكنك ان تعلم حاله كما هو ، قاله عبده.
(٧) لا يوجد في ط مصر ، ويوجد في نهج الحديدى ج ٤ ص ٤٧٥.
(٨) نهج البلاغة ج ٢ : ٢٥٠ ، وفى بعض النسخ : «نقصان حظ».
وقال عليهالسلام : شر الاخوان من تكلف له.
وقال عليهالسلام : إذا احتشم الرجل أخاه فقد فارقه (١).
وقال عليهالسلام : الصاحب مناسب والصديق من صدق غيبه ، رب بعيد أقرب من قريب وقريب أبعد من بعيد ، والغريب من لم يكن له حبيب وقطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل ، ومن لم يبالك فهو عدوك ، لا خير في معين مهين ، ولا في صديق ظنين (٢).
٢٩ ـ كنز الكراجكى : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : الناس إخوان فمن كانت اخوته في غير ذات الله ، فهي عداوة ، وذلك قوله عزوجل «الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين» (٣).
وقال عليهالسلام : امحض أخاك النصيحة ، حسنة كانت أم قبيحة ، وزل معه حيث ما زال ، ولا تطلبن منه المجازاة فانها من شيم الدناة (٤).
وقال عليهالسلام : ابذل لصديقك كل المودة ، ولا تبذل له كل الطمأنينة ، وأعطه كل المواساة ، ولا تفض إليه بكل الاسرار توفي الحكمة حقها ، والصديق واجبه.
وقال عليهالسلام : لا يكون أخوك أقوى منك على مودته ، وقال عليهالسلام : البشاشة مخ المودة ، وقال عليهالسلام : المودة قرابة مستفادة ، وقال عليهالسلام : لا يفسدك الظن على صديق أصلحه لك اليقين ، وقال عليهالسلام : كفى بك أدبا لنفسك ما كرهته لغيرك وقال عليهالسلام : لاخيك عليك مثل الذي لك عليه.
وقال عليهالسلام : لا تضيعن حق أخيك اتكالا على ما بينك وبينه فانه ليس لك بأخ من ضيعت حقه ، ولا يكن أهلك أشقى الناس بك ، اقبل عذر أخيك ، وإن لم
____________________
(١) نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٥٦.
(٢) نهج البلاغة ج ٢ ص ٥٦ قسم الرسائل والكتب.
(٣) الزخرف : ٦٧.
(٤) الدناة ـ جمع الدانى ، كرماة ورامى ، ولكن الدانى بمعنى القريب ، ولعله تصحيف الدناء ـ كفضلاء جمع الدنئ بمعنى الخسيس الدون الذى لا خير فيه.
يكن له عذر فالتمس له عذرا ، لا يكلف أحدكم أخاه الطلب إذا عرف حاجته ، لا ترغبن فيمن زهد فيك ، ولا تزهدن فيمن رغب فيك ، إذا كان للمحافظة موضعا ، لا تكثرن العتاب فانه يورث الضغينة ، ويجر إلى البغضة ، وكثرته من سوء الادب.
وقال عليهالسلام : ارحم أخاك وإن عصاك ، وصله وإن جفاك ، وقال عليهالسلام : احتمل زلة وليك لوقت وثبة عدوك ، وقال : من وعظ أخاه سرا فقد زانه ، ومن وعظه علانية فقد شانه.
٣٠ ـ ومنه : روي أن الصادق عليهالسلام كان يتمثل كثيرا بهذين البيتين :
أخوك الذي لو جئت بالسيف عامدا |
|
لتضربه لم يستغشك في الود |
ولو جئته تدعوه للموت لم يكن |
|
يردك إبقاء عليك من الرد |
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إذا آخا أحدكم رجلا فليسأله عن اسمه واسم أبيه و قبيلته ومنزله ، فانه من واجب الحق وصافي الاخاء ، وإلا فهي مودة حمقاء.
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : احذر العاقل إذا أغضبته ، والكريم إذا أهنته ، والنذل (١) إذا أكرمته ، والجاهل إذا صاحبته ، ومن كف عنك شره فاصنع ما سره ، ومن أمنت من أذيته فارغب في اخوته.
٣١ ـ اعلام الدين : روت ام هانى ء بنت أبي طالب عليهالسلام ، عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : يأتي على الناس زمان إذا سمعت باسم رجل خير من أن تلقاه ، فاذا لقيته خير من أن تجر به ، ولو جربته أظهر لك أحوالا ، دينهم دراهمهم ، وهمتهم بطونهم ، و قبلتهم نساؤهم ، يركعون للرغيف ، ويسجدون للدرهم ، حيارى سكارى لا مسلمين ولا نصارى.
وقال الصادق عليهالسلام : لا تتبع أخاك بعد القطيعة وقيعة فيه ، فيسد عليه طريق الرجوع إليك ، فلعل التجارب ترده عليك.
٣٢ ـ كتاب الامامة والتبصرة : عن سهل بن أحمد ، عن محمد بن محمد بن
____________________
(١) النذل : الخسيس من الناس ، والساقط في دين أوحسب ، والمحتقر في جميع أحواله.
الاشعث ، عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : راحة النفس ترك ما لا يعنيها ، وأوحش الوحشة قرين السوء.
٣٣ ـ ما : الحسين بن إبراهيم ، عن محمد بن وهبان ، عن علي بن حبشي ; عن العباس بن محمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى وجعفر بن عيسى ، عن الحسين بن أبي غندر ، عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : اتقوا الله وعليكم بالطاعة لائمتكم قولوا ما يقولون واصمتوا عما صمتوا ، فانكم في سلطان من قال الله تعالى «وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال» (١) يعني بذلك ولد العباس فاتقوا الله فانكم في هدنة ، صلوا في عشائرهم ، واشهدوا جنائزهم ، وأدوا الامانة إليهم ، وعليكم بحج هذا البيت ، فأدمنوه ، فان في إدمانكم الحج دفع مكاره الدنيا عنكم ، وأهوال يوم القيامة (٢).
٣٤ ـ الدرة الباهرة : قال الباقر عليهالسلام : صلاح شأن الناس التعايش والتعاشر ملء مكيال : ثلثاه فطن ، وثلث تغافل.
وقال الصادق عليهالسلام : من أكرمك فأكرمه ، ومن استخف بك فأكرم نفسك عنه.
وقال الرضا عليهالسلام : اصحب السلطان بالحذر ، والصديق بالتواضع ، والعدو بالتحرز ، والعامة بالبشر.
٣٥ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : البشاشة حبالة المودة ، والاحتمال قبر العيوب ، وفي رواية اخرى والمسالمة خبء العيوب (٣).
وقال عليهالسلام : خالطوا الناس مخالطة إن متم معها بكوا عليكم ، وإن عشتم حنوا إليكم (٤).
____________________
(١) ابراهيم : ٤٦.
(٢) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٢٨٠.
(٣) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٤٤.
(٤) المصدر ج ٢ ص ١٤٥.
وقال عليهالسلام. التودد نصف العقل (١).
وقال عليهالسلام : من لان عوده كثف أغصانه (٢).
وقال عليهالسلام : مقاربة الناس في أخلاقهم أمن من غوائلهم (٣).
وقال عليهالسلام : ليتأس صغيركم بكبيركم ، وليرؤف كبيركم بصغيركم ، ولا تكونوا كجفاة الجاهلية لا في الدين تفقهون ولا عن الله تعقلون (٤).
وقال عليهالسلام في وصيته لابنه الحسن عليهالسلام : احمل نفسك من أخيك عند صرمه على الصلة ، وعن صدوده على اللطف والمقاربة ، وعند جموده على البذل ; وعند تباعده على الدنو ، وعن شدته على اللين ، وعند جرمه على العذر حتى كأنك له عبد وكأنه ذو نعمة عليك ، وإياك أن تضع ذلك في غير موضعه ، أو أن تفعله بغير أهله.
لا تتخذن عدو صديقك صديقا فتعادي صديقك ، وامحض أخاك النصيحة حسنة كانت أم قبيحة ، وتجرع الغيظ فاني لم أر جرعة أحلى منها عاقبة ولا ألذ مغبة (٥).
ولن لمن غالظك ، فانه يوشك أن يلين لك ، وخذ على عدوك بالفضل فانه أحلى الظفرين (٦) ، وإن أردت قطيعة أخيك فاستبق له من نفسك بقية يرجع إليها إن بدا له ذلك يوما ما ، ومن ظن بك خيرا فصدق ظنه ، ولا تضيعن حق أخيك اتكالا على ما بينك وبينه ، فانه ليس لك بأخ من أضعت حقه.
ولا يكن أهلك أشقى الخلق بك ، ولا ترغبن فيمن زهد فيك ، ولا يكونن أخوك أقوى على قطيعتك منك على صلته ، ولا يكونن على الاساءة أقوى منك على
____________________
(١) لا يوجد في ط مصر وفى ط بيروت : ٩٣.
(٢) المصدر ج ٢ ص ١٩٣.
(٣) المصدر ج ٢ ص ٢٤٠.
(٤) المصدر ج ٢ ص ٣٣٢.
(٥) المغبة ـ بالفتح ـ عاقبة الشئ ، يقال للامر غب ومغبة : أى عاقبة (٦) أحد الظفرين ، خ ل.
الاحسان ; ولا يكبرن عليك ظلم من ظلمك ، فانه يسعى في مضرته ويغفل وليس جزاء من سرك أن تسوءه ، إلى قوله عليهالسلام : ما أقبح الخضوع عند الحاجة ، والجفاء عند الغناء (١).
٣٦ ـ كا : عن العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسن ابن الحسين قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا بني عبدالمطلب إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فالقوهم بطلاقة الوجه وحسن البشر ، ورواه عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن أبي عبدالله عليهالسلام إلا أنه قال : يا بني هاشم (٢).
بيان : في النهاية يقال : وسعه الشئ يسعه سعة فهو واسع ، ووسع بالضم وساعة فهو وسيع ، والوسع والسعة الجدة والطاقة ، ومنه الحديث : إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم أي لا تتسع أموالكم لعطائهم ، فوسعوا أخلاقكم لصحبتهم وقال : فيه : أن تلقاه بوجه طلق ، يقال : طلق الرجل بالضم يلطق طلاقه فهو طلق وطليق أي منبسط الوجه ، متهلله ، وفي القاموس هو طلق الوجه مثلثة وككتف وأمير ضاحكة مشرقة ، والبشر بالكسر طلاقة الوجه وبشاشته ، وقيل حسن البشر تنبيه على أن زيادة البشر وكثرة الضحك مذمومة ، بل الممدوح الوسط من ذلك.
وأقول : يحتمل أن يكون للمبالغة في ذلك أو يكون إشارة إلى أن البشر إنما يكون حسنا إذا كان عن صفاء الطوية والمحبة القلبية ، لا ما يكن على وجه الخداع والحيلة ، وبنو هاشم وبنو عبدالمطلب مصداقهما واحد لانه لم يبق لهاشم ولد إلا من عبدالمطلب.
٣٧ ـ كا : عن العدة ، عن أحمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : ثلاث من أتى الله بواحدة منهن أوجب الله له الجنة : الانفاق
____________________
(١) نهج البلاغة ج ٢ ص ٥١.
(٤) الكافى ج ٢ ص ١٠٣.
من إقتار ، والبشر بجميع العالم ، والانصاف من نفسه (١).
بيان : الاقتار التضييق على الانسان في الرزق ، يقال : أقتر الله رزقه : أي ضيقه وقلله ، والانفاق أعم من الواجب والمستحب وكأن المراد بالاقتار عدم الغنى والتوسعة في الرزق ، وإن كان له ـ زائدا على رزقه ورزق عياله ـ ما ينفقه ، ويحتمل شموله للايثار أيضا بناء على كونه حسنا مطلقا أو لبعض الناس ، فان الاخبار في ذلك مختلفة ظاهرا فبعضها يدل على حسنه ، وبعضها يدل على ذمه وأنه كان ممدوحا في صدر الاسلام ، فنسخ.
وربما يجمع بينهما باختلاف ذلك بحسب الاشخاص ، فيكون حسنا لمن يمكنه تحمل المشقة في ذلك ويكمل توكله ، ولا يضطرب عند شدة الفاقة ، ومذموما لمن لم يكن كذلك ، وعسى أن نفصل ذلك في موضع آخر إنشاء الله (٢) وربما يحمل ذلك على من ينقص من كفافه شيئا ويعطيه من هو أحوج منه ، أو من لا شئ له.
«والبشر بجميع العالم» هذا إما على عمومه ، بأن يكون البشر للمؤمنين لايمانهم وحبه لهم ، وللمنافقين والفساق تقية منهم ومداراة لهم كما قيل : دارهم مادمت في دارهم ، وارضهم ما كنت في أرضهم ، أو مخصوص بالمؤمنين كما يعشر به الخبر الاتي وعلى التقدير لابد من تخصيصه بغير الفساق الذين يعلم من حالهم أنهم يتركون المعصية إذا لقيتهم بوجه مكفهر ، ولا يتركونها بغير ذلك ، ولا يتضرر منهم في ذلك فان ذلك أحد مراتب النهي عن المنكر الواجب على المؤمنين.
والانصاف من نفسه : هو أن يرجع إلى نفسه ، ويحكم لهم عليها فيما ينبغي أن يأتي به إليهم من غير أن يحكم عليه حاكم ، وسيأتي في باب الانصاف «هو أن يرضى لهم ما يرضى لنفسه ، ويكره لهم ما يكره لنفسه» قال الرغب : الانصاف في المعاملة العدالة وهو أن لا يأخذ من صاحبه من المنافع إلا مثل ما يعطيه ، ولا ينيله من المضار إلا مثل ما يناله منه ، وقال الجوهري : أنصف أي عدل ، يقال : أنصفه من نفسه ، وانتصفت
____________________
(١) الكافى ج ٢ ص ١٠٣.
(٢) سيجئ تفصيل ذلك تحت الرقم ٤٦ من الباب ١٥.
أنا منه ، وتناصفوا : أي أنصف بعضهم بعضا من نفسه.
٣٨ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : أتى رسول الله صلىاللهعليهوآله رجل فقال : يا رسول الله أوصني فكان فيما أوصاه أن قال : الق أخاك بوجه منبسط (١).
بيان : التخصيص بالاخ لشدة الاهتمام ، أو المراد به انبساط الوجه ، مع حب القلب.
٣٩ ـ كا : بالاسناد عن ابن محبوب ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قلت : ما حد حسن الخلق؟ قال : تلين جناحك ، وتطيب كلامك ، وتلقى أخاك ببشر حسن (٢).
بيان : تليين الجناح كناية عن عدم تأذي من يجاوره ويجالسه ويحاوره من خشونته ، بأن يكون سلس الانقياد لهم ، ويكف أذاه عنهم ، أو كناية عن شفقته عليهم كما أن الطائر يبسط جناحه عل أولاده ليحفظهم ويكنفهم كقوله تعالى : «واخفض لهما جناح الذل من الرحمة» قال الراغب : الجناح جناح الطائر ، وسمي جانبا الشئ جناحاه ، فقيل جناحا السفينة ، وجناحا العسكر ، وجناحا الانسان لجانبيه وقوله تعالى «واخفض لهما جناح الذل» (٣) فاستعارة ، وذلك أنه لما كان الذل ضربين : ضرب يضع الانسان ، وضرب يرفعه ، وقصد في هذا المكان إلى ما يرفع الانسان لا إلى مايضعه ، استعار لفظ الجناح فكأنه قيل : استعمل الذل الذي يرفعك عندالله من أجل اكتسابك الرحمة ، أو من أجل رحمتك لهم ، وقال : الخفض ضد الرفع والخفض الدعة والسير اللين ، فهو حث على تليين الجانب والانقياد ، فكأنه ضد قوله : «أن لا تعلوا علي» (٤).
وقال البيضاوي في قوله تعالى «واخفض لهما جناح الذل» تذلل لهما وتواضع
____________________
(١ و ٢) الكافى ج ٢ ص ١٠٣.
(٣) أسرى : ٢٤.
(٤) النمل : ٣١.
فيهما ، جعل للذل جناحا وأمره بخفضهما للمبالغة ، وأراد جناحه كقوله «واخفض جناحك للمؤمنين» (١) وإضافته إلى الذل للبيان والمبالغة كما اضيف حاتم إلى الجود والمعنى واخفض لهما جناحك الذليل.
٤٠ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن حماد ، عن ربعي ، عن الفضيل قال : صنايع المعروف ، وحسن البشر يكسبان المحبة ، ويدخلان الجنة ، والبخل وعبوس الوجه يبعدان من الله ، ويدخلان النار (٢).
ايضاح : «صنايع المعروف» الاحسان إلى الغير بما يعرف حسنه شرعا وعقلا وكأن الاضافة للبيان ، قال في النهاية : الاصطناع افتعال من الصنيعة ، وهي العطية والكرامة والاحسان وقال : المعروف اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله تعالى والتقرب إليه والاحسان إلى الناس وكل ما ندب إليه الشرع ونهى عنه من المحسنات والمقبحات ، وهو من الصفات الغالبة أي أمر معروف بين الناس إذا رأوه لا ينكرونه والمعروف النصفة وحسن الصحبة مع الاهل وغيرهم من الناس ، والمنكر ضد ذلك جميع «يكسبان المحبة» أي محبته تعالى بمعنى إفاضة الرحمات والهدايات أو محبة الخلق ، ويؤيد الاول قوله «ويبعدان من الله» لان الظاهر أن يترتب على أحد الضدين نقيض ما يترتب على الضد الاخر.
٤١ ـ كا : عن العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي الحسن موسى عليهالسلام قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : حسن البشر يذهب بالسخيمة (٣).
بيان : السخيمة الحقد في النفس.
____________________
(١) الحجر : ٨٨.
(٢) الكافى ج ٢ ص ١٠٣.
(٣) الكافى ج ٢ ص ١٠٣ و ١٠٤.
١١
* باب *
* «( فضل الصديق ، وحد الصداقة ، وآدابها ، وحقوقها ) *»
* «( وأنواع الاصدقاء والنهى عن زيادة الاسترسال )» *
* «( والاستيناس بهم )» *
أقول : سنورد بعض الاخبار في باب من ينبغي مصادقته (١).
١ ـ لى : أبي ، عن سعد ، عن النهدي ، عن أبيه ، عن يزيد بن مخلد ، عمن سمع الصادق عليهالسلام يقول : الصداقة محدودة ، ومن لم تكن فيه تلك الحدود فلا تنسبه إلى كمال الصداقة ومن لم يكن فيه شئ من تلك الحدود ، فلا تنسبه إلى شئ من الصداقة أولها أن تكون سريرته وعلانيته لك واحدة ، والثانية أن يرى زينك زينه ، وشينك شينه ، والثالثة لا يغيره عليك مال ولا ولاية ، والرابعة أن لا يمنعك شيئا مما تصل إليه مقدرته ، والخامسة أن لا يسلمك عند النكبات (٢).
ل : أبي ، عن سعد ، عن النهدي ، عن عبدالعزيز بن عمر ، عن أبي خالد السجستاني عن يزيد بن مجالد ، عن أبي عبدالله عليهالسلام مثله (٣).
٢ ـ لى : قال الصادق عليهالسلام لبعض أصحابه : من غضب عليك من إخوانك ثلاث مرات فلم يقل فيك شرا ، فاتخذه لنفسك صديقا (٤).
٣ ـ لى (٥) : قال الصادق عليهالسلام : لا تثقن بأخيك كل الثقه ، فان
____________________
(١) يعنى الباب الثالث عشر.
(٢) أمالى الصدوق ص ٣٩٧.
(٣) الخصال ج ١ ص ١٣٣.
(٤ و ٥) أمالى الصدوق ص ٣٩٧.
صرعة الاسترسال (١) لا يستقال.
٤ ـ لى : قال الصادق عليهالسلام : حدثني أبي عن جدي أن أمير المؤمنين عليهمالسلام قال : من لك يوما بأخيك كله (٢) وأي الرجال المهذب (٣).
٥ ـ ب : أبوالبختري ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه عليهماالسلام قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآله ثلاثة من الجفاء : أن يصحب الرجل الرجل فلا يسأله عن اسمه وكنيته ، وأن يدعى الرجل إلى طعام فلا يجيب أو يجيب فلا يأكل ، ومواقعة الرجل أهله قبل المداعبة (٤).
٦ ـ ل : أبي ، عن علي ، عن أبيه ، عن حماد ، عمن ذكره عن أبي عبدالله عليهالسلام
____________________
(١) سرعة الاسترسال خ ، والصرعة : اسم من صرعه : اذا طرحه على الارض والاسترسال : الاستيناس والطمانينة والانبساط من قولهم استرسل اليه : استأنس به وانبسط والمراد كثرة الانقياد والثقة بالاخر.
فاذا وثق الرجل بأخيه كل الثقة ، وأرخى اليه زمام أمره ، وأفشى اليه بأسراره وانقلب الرجل يوما منافقا وعدوا غشوما ، صرعه صرعة مهلكة لا يرجى فيها الاقالة ولا يقدر حينئذ أن يدفع عن نفسه ، وقد نبذ السلاح إلى عدوه ، ومن هذا قوله عليه السلام : احبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوماما.
وأما على النسخة الاخر «سرعة الاسترسال» فالاسترسال : طلب الرسل ، وهو انطلاق الخيل في الغارة أو ميدان السباق ، فاذا أطلق الفارس عنان خيله حتى أسرع وأسرع ، لا يتمكن أن يستقيله من سرعته ، الا بالكبوة والهلاك والمراد واحد.
(٢) وفى نسخة الكافى ج ٢ ص ٦٥١ «وأنى لك بأخيك كله» (٣) أمال الصدوق ص ٣٩٧ ، وقوله «أى الرجال المهذب» عجز بيت وأوله :
ولست بمستبق أخا لا تلمه |
|
على شعث ، أى الرجال المهذب |
والمعنى أن الاخ الصادق الاخاء تام الوفاء لا يحصل الا نادرا وأنى لك بالنادر الفريد فارض عن الناس بالقليل ، وراعهم في معاشرتك.
(٤) قرب الاسناد ص ٧٤.
قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام في وصيته لابنه محمد بن الحنفية : إياك والعجب وسوء الخلق ، وقلة الصبر ، فانه لا تستقيم لك على هذه الخصال الثلاث صاحب ، ولا يزال لك عليها من الناس مجانب ، والزم نفسك التودد ، وصبر على مؤنات الناس نفسك وابذل لصديقك نفسك ومالك ، ولمعرفتك رفدك ومحضرك ، وللعامة بشرك ومحبتك ولعدوك عدلك وإنصافك ، وافتتن بدينك وعرضك عن كل أحد ، فانه أسلم لدينك ودنياك (١).
٧ ـ ل : أبي ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن أبي عبدالله الرازي ، عن سجادة (٢) ، عن درست ، عن أبي خالد السجستاني ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : خمس خصال من لم تكن فيه خصلة منها فليس فيه كثير مستمتع أولها الوفاء ، والثانية التدبير والثالثة الحياء ، والرابعة حسن الخلق ، والخامسة وهي تجمع هذه الخصال : الحرية (٣).
٨ ـ ن : البيهقي ، عن الصولي ، عن أبي ذكوان ، عن إبراهيم بن العباس قال : سمعت الرضا عليهالسلام يقول : مودة عشرين سنة قرابة ، والعلم أجمع لاهله من الاباء (٤).
٩ ـ ل : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن الاشعري ، عن أبي عبدالله الرازي ، عن ابن أبي عثمان ، عن أحمد بن نوح ، عن رجل ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال قال الحارث الاعور لامير المؤمنين عليهالسلام : يا أمير المؤمنين أنا والله احبك فقال له يا حارث أما إذا أحببتني
____________________
(١) الخصال ج ١ ص ٧٢.
(٢) هو أبومحمد الحسن بن على بن أبى عثمان الملقب بسجادة عنونه النجاشى ص ٤٨ وقال : له كتاب نوادر أخبرناه اجازة الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن جعفر بن سفيان ، عن أحمد بن ادريس قال : حدثنا الحسين بن عبيد الله بن سهل في حال استقامته عنه.
أقول : الحسين بن عبيد الله هو أبوعبدالله الرازى في هذا الحديث (٣) الخصال ج ٢ ص ١٣٦.
(٤) عيون الاخبار ج ٢ ص ١٣١.
فلا تخاصمني ولا تلاعبني ولا تجاريني ولا تمازحني ولا تواضعني ولا ترافعني (١).
١٠ ـ ما : الفحام ، عن المنصوري ، عن عم أبيه ، عن أبي الحسن الثالث ، عن آبائه ، عن الصادق عليهمالسلام قال : إذا كان لك صديق فولي ولاية فأصبته على العشر مما كان لك عليه قبل ولايته ، فليس بصديق سوء (٢).
١١ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمد بن يونس القاضي ، عن أحمد بن الخليل النوفلي؟ عن عثمان بن سعيد ، عن الحسين بن صالح قال : سمعت جعفر بن محمد عليهماالسلام يقول : لقد عظمت منزلة الصديق حتى أن أهل النار يستغيثون به ، ويدعون به في النار قبل القريب الحميم قال الله مخبرا عنهم «فما لنا من شافعين ولا صديق حميم» (٣).
١٢ ـ مع : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن بعض أصحابنا رفعه قال : قال لقمان لابنه : يا بني صاحب مائة ولا تعادوا حدا يا بني إنما هو خلاقك وخلقك ، فخلاقك دينك ، وخلقك بينك وبين الناس فلا تبتغض إليهم ، وتعلم محاسن الاخلاق ، يا بني كن عبدا للاخيار ، ولا تكن ولدا للاشرار ، يا بني أد الامانة تسلم لك دنياك وآخرتك وكن أمينا تكن غنيا (٤).
١٣ ـ ن : ابن المتوكل وابن عصام والمكتب والوراق والدقاق جميعا عن الكليني عن علي بن إبراهيم العلوي ، عن موسى بن محمد المحاربي ، عن رجل ذكر اسمه قال : قال المأمون للرضا عليهالسلام : أنشدني أحسن ما رويته في السكوت عن الجاهل وترك عتاب الصديق فقال عليهالسلام :
إني ليهجرني الصديق تجنبا |
|
فاريه أن لهجره أسبابا |
وأراه إن عاتبته أغريته |
|
فأرى له ترك العتاب عتابا |
وإذا بليت بجاهل متحكم |
|
يجد المحال من الامور صوابا |
____________________
(١) الخصال ج ٢ ص ١٦٢.
(٢) أمالى الطوسى ج ١ ص ٢٨٥.
(٣) أمالى الطوسى ج ٢ ص ١٣١.
(٤) معانى الاخبار ص ٢٥٣.
أوليته مني السكوت وربما |
|
كان السكوت عن الجواب جوابا |
فقال له المأمون : ما أحسن هذا ، هذا من قاله؟ فقال عليهالسلام : بعض فتياننا ، قال : فأنشدني أحسن ما وريته في استجلاب العدو حتى يكون صديقا فقال عليهالسلام :
وذي غلة سالمته فقهرته |
|
فأوقرته مني لعفو التجمل |
ومن لا يدافع سيئات عدوه |
|
باحسانه لم يأخذ الطول من عل |
ولم أر في الاشياء أسرع مهلكا |
|
لغمر قديم من وداد مجعل |
فقال المأمون : ما أحسن هذا؟ هذا من قال؟ فقال : بعض فتياننا (١).
١٤ ـ ما : باسناد أخي دعبل ، عن الرضا عن آبائه عليهالسلام قال قال أمير المؤمنين احبب حبيبك هونا ما فعسى أن يكون بغيضك يوما ما ، وابغض بغيضك هونا ما فعسى أن يكون حبيبك يوماما (٢).
نهج : عن أمير المؤمنين عليهالسلام مثله (٣).
ما : عن المفيد ، عن إبراهيم بن الحسن بن جمهور ، عن أبي بكر المفيد الجرجرائي عن المعمر أبي الدنيا ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، عن النبي صلىاللهعليهوآله مثله (٤).
١٥ ـ لى : قال الصادق عليهالسلام لبعض أصحابه : لا تطلع صديقك من سرك إلا على مالو اطلع عليه عدوك لم يضرك ، فان الصديق قد يكون عدوك يوما ما (٥).
١٦ ـ ين : سعد بن جناح ، عن غير واحد أن أبا الحسن عليهالسلام سئل عن أفضل عيش الدنيا فقال : سعة المنزل وكثرة المحبين (٦).
____________________
(١) عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٧٤ قوله الغل بالكسر : الحقد والضعن ، ويقال : أتيته من عل : أى من موضع عال ، والغمر بالكسر : الحقد والغل.
(٢) أمالى الطوسى ج ١ ص ٣٧٤.
(٣) نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٠٩.
(٤) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٢٣٥ راجعه.
(٥) أمالى الصدوق ص ٣٩٧.
(٦) مخطوط.
١٧ ـ ختص : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : جمع خير الدنيا والاخرة في كتمان السر ومصادقة الاخيار ، وجمع الشر في الاداعة ومواخاة الاشرار.
١٨ ـ ما : ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن محمد بن عيسى الضرير ، عن محمد بن زكريا المكي ، عن كثير بن طارق ، عن زيد ، عن أبيه علي بن الحسن عليهالسلام قال : قال علي عليهالسلام : لا يكن حبك كلفا ، ولا بغضك تلفا ، احبب حبيبك هونا ما ، وابغض بغيضك هونا ما (١).
١٩ ـ نهج : قال عليهالسلام : احذروا صولة الكريم إذا جاع ، واللئيم إذا شبع.
وقال عليهالسلام : قلوب الرجال وحشية فمن تألفها أقبلت إليه (٢).
وقال عليهالسلام : من حذرك كمن بشرك ، وقال عليهالسلام : فقد الاحبة غربة (٣).
وقال عليهالسلام : رأي الشيخ أحب إلى من جلد الغلام ، وقد روي من مشهد الغلام (٤) وقال عليهالسلام المودة قرابة مستفادة (٥).
٢٠ ـ ختص : قال الصادق عليهالسلام : من قضى حق من لا يقضي حقه فكأنما عبده من دون الله ، وقال : اخدم أخاك فان استخدمك فلا ولا كرامة ، قال وقيل : أعرف لمن لا يعرف لي؟ فقال : ولا كرامة قال : ولا كرامتين (٦).
٢١ ـ ختص : قال لقمان : ثلاثة لا يعرفون إلا في ثلاثه مواضع : لا يعرف الحليم إلا عند الغضب ، ولا يعرف الشجاع إلا في الحرب ، ولا تعرف أخاك إلا عند حاجتك إليه (٧).
____________________
(١) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٣١٤.
(٢) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٥٥.
(٣) المصدر ج ٢ ص ١٥٦.
(٤) المصدر ج ٢ ص ١٦٠.
(٥) المصدر ج ٢ ص ١٩١.
(٦) الاختصاص ص ٢٤٣.
(٧) الاختصاص ص ٢٤٦.
٢٢ ـ ختص : قال أبوعبدالله عليهالسلام : إن الذين تراهم لك أصدقاء ، إذا بلوتهم وجدتهم على طبقات شتى : فمنهم كالاسد في عظم الاكل وشدة الصولة ، ومنهم كالذئب في المضرة ، ومنهم كالكلب في البصبصة ، ومنهم كالثعلب في الروغان والسرقة ، صورهم مختلفة ، والحرفة واحدة ما تصنع غدا إذا تركت فردا وحيدا لا أهل لك ولا ولد إلا الله رب العالمين (١).
٢٣ ـ نوادر الراوندى : باسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إذا أحب أحدكم أخاه فليسأله عن اسم أبيه وعن قبيلته وعشيرته فانه من الحق الواجب ، وصدق الاخاء أن يسأله عن ذلك ، وإلا فإنها معرفة حمقاء (٢).
٢٤ ـ نقل من خط الشهيد : عن الصادق عليهالسلام أنه قال للمفضل : من صحبك؟ قال : رجل من إخواني ، قال : فما فعل؟ قال : منذ دخلت المدينة لم أعرف مكانه ، فقال لي : أما علمت أن من صحب مؤمنا أربعين خطوة سأله الله عنه يوم القيامة.
٢٥ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن هاشم بن مالك الخزاعي ، عن العباس بن الفرج ، عن سعيد بن أوس قال : سمعت أبا عمرو بن العلا يقول : الصديق إنسان هو أنت فانظر صديقا يكون منك كنفسك ، قال : أنشدنا أبوعمرو بن العلا :
لكل امرئ شكل من الناس مثله |
|
فأكثرهم شكلا أقلهم عقلا |
لان الصحيح العقل لست بواجد |
|
له في طريق حين يفقده شكلا (٣) |
٢٦ ـ ما : جماعة عن أبي المفضل ، عن الحسن بن علي بن زكريا ، عن سليمان بن داود عن سفيان بن عيينة قال : سمعت جعفر بن محمد عليهماالسلام يقول في مسجد الخيف : إنما سموا إخوانا لنزاهتهم عن الخيانة ، وسموا أصدقاء لانهم تصادقوا حقوق
____________________
(١) الاختصاص ص ٢٥٢.
(٢) نوادر الراوندى ص ٢٣.
(٣) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٢٢١ راجعه.
المودة (١).
٢٧ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن إسحاق بن محمد بن مروان ، عن أبيه عن أبي حفص الاعشى قال : سمعت الحسن بن صالح بن حي قال : سمعت جعفر بن محمد عليهالسلام يقول : لقد عظمت منزلة الصديق حتى أن أهل النار يستيغثون به ، و يدعونه قبل القريب الحميم ، قال الله سبحانه مخبرا عنهم «فما لنا من شافعين ولا صديق حميم» (٢).
٢٨ ـ ما : الحسين بن عبيد الله ، عن التلعكبري ، عن ابن معمر ، عن محمد بن الحسن بن الحسين الزيات ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : لا تسم الرجل صديقا سمة معروفة حتى تختبره بثلاث : تغضبه فتنظر غضبه يخرجه من الحق إلى الباطل؟ وعند الدينار والدرهم ، وحتى تسافر معه (٣).
الدرة الباهرة : قال علي بن الحسين عليهالسلام لا تعادين أحدا وإن ظننت أنه لا يضرك (٤) ولا تزهدن في صداقة أحد وإن ظننت أنه لا ينفعك فانك لا تدري متى ترجو صديقك ، ولا تدري متى تخاف عدوك ، ولا يعتذر إليك أحد إلا قبلت عذره وإن علمت أنه كاذب.
وقال الصادق عليهالسلام : حشمة الانقباض أبقى للعز من انس التلاقي وقال عليهالسلام : من لم يرض من صديقه إلا بالايثار على نفسه دام سخطه ، ومن عاتب على ذنب كثر معتبته (٥).
____________________
(١) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٢٢٢.
(٢) أمالى الطوسى ج ٢ ص ١٣١ ، والاية في الشعراء : ١٠١.
(٣) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٢٦٠.
(٤) أى لا يضرك حين عاديته.
(٥) المعتبة : الموجدة والغضب يعنى من عاتب ولام أخاه على ذنبه كثر غضبه وموجدته على أخيه ، فانه يرى كل يوم أو كل حين ذنبا ، فاللازم له أن يغفر زلة أخيه ويغمض عن ذنوبه ، حتى لا يحتاج إلى العتاب والملامة.