بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٢٩
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

الملك منه رائحة حسنة ، والثاني عن أقوالهم الطيبة في القاموس الروح بالضم ما به حياة الانفس ، وبالفتح الراحة والرحمة ، ونسيم الريح ، والريح جمعه أرواح ، و أرياح ، ورياح ، والريح الغلبة والقوة والرحمة والنصرة والدولة ، والشئ الطيب والرائحة ، (١) «فأعينوا» أي فأعينوني على شفاعتكم وكفالتكم بورع عن المعاصي واجتهاد في الطاعات.

٦٠ ـ كا : عن الحسين بن محمد ومحمد بن يحيى جميعا ، عن علي بن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن مسلم ، عن أحمد بن زكريا ، عن محمد بن خالد بن ميمون عن عبدالله بن سنان ، عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ما اجتمع ثلاثة من المؤمنين فصاعدا إلا حضر من الملائكة مثلهم ، فان دعوا بخير أمنوا ، وإن استعاذوا من شر دعوا الله ليصرفه عنهم ، وإن سألوا حاجة تشفعوا إلى الله وسألوه قضاها وما اجتمع ثلاثة من الجاحدين إلا حضرهم عشرة أضعافهم من الشياطين فان تكلموا تكلم الشيطان بنحو كلامهم ، وإذا ضحكوا ضحكوا معهم ، وإذا نالوا من أولياء الله نالوا معهم ، فمن ابتلى من المؤمنين بهم ، فاذا خاضوا في ذلك فليقم ولا يكن شرك شيطان ، ولا جليسه ، فان غضب الله عزوجل لا يقوم له شئ ، ولعنته لا يردها شئ ثم قال عليه‌السلام : فان لم يستطع فلينكر بقلبه وليقم ، ولو حلب شاة أو فواق ناقة (٢).

تبيان : قوله «فصاعدا» منصوب بالحالية ، وعامله محذوف وجوبا أي اذهب في العدد صاعدا «فان دعوا بخير» أي ما يوجب السعادة الاخروية كتوفيق العبادة وطلب الجنة أو الاستعاذة من النار ونحوها أو الاعم منها ومن الامور المباحة الدنيوية كطول العمر وكثرة المال والاولاد ، وأمثال ذلك ، فيكون احترازا عن طلب الامور المحرمة ، وكذا الشر يشتمل الشرور الدنيوية والاخروية فيكون سؤال الحاجة تعميما بعد التخصيص ، وعلى الاول تكون الفقرتان الاوليان للاخرة ، وهذه للدنيا.

____________________

(١) القاموس ج ١ ص ٢٢٤.

(٢) الكافى ج ٢ ص ١٨٧.

٢٦١

والتشفع المبالغة في الشفاعة قال الجوهري : استشفعته إلى فلان أي سألته أن يشفع لي إليه ، وتشفعت إليه في فلان فشفعني فيه تشفيعا ، والتأمين قول آمين ومعناه اللهم استجب لي ، وفي النهاية فيه أن رجلا كان ينال من الصحابة يعني الوقيعة فيهم يقال منه نال ينال نيلا إذا أصاب وفي القاموس نال من عرضه سبه.

«فمن ابتلى من المؤمنين بهم» أي بمجالستهم «فاذا خاضوا» قال الجوهري : خاض القوم في الحديث وتخاوضوا أي تفاوضوا فيه «في ذلك» أي في النيل من أولياء الله وسبهم هو إشارة إلى قوله تعالى «وقد نزل علكيم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزؤ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا » (١) وقال علي بن إبراهيم في تفسيره : آيات الله هم الائمة عليهم‌السلام وفي تفسير العياشي عن الرضا عليه‌السلام في تفسيرها إذا سمعت الرجل يجحد الحق ويكذب به ويقع في أهله فقم من عنده ولا تقاعده (٢).

وقوله تعالى : « إنكم إذا مثلهم » قيل أي في الكفر ، إن رضيتم به ، وإلا ففي الاثم لقدرتكم على الانكار والاعراض ، وقال سبحانه : أيضا « وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره » (٣) « ولا يكن شرك شيطان « بالكسر أي شريكه إن شاركهم» ولا جليسه «إن لم يشاركهم وكان ساكتا ومن قرأ الشرك بالتحريك : بمعنى الحبالة أو فسر الشرك بالنصيب فقد صحف لفظا أو معنى.

قوله « لا يقوم له شئ » أي لا يدفعه أو لا يطيقه ، ولا يقدر على تحمله ، وقد دلت الرواية والايتان على وجوب قيام المؤمن ومفارقته لاعداء الدين عند ذمهم أولياء الله وعلى لحوق الغضب واللعنة به مع القعود معهم ، بل دلت الاية ظاهرا على أنهم مثلهم في الفسق والنفاق والكفر ; ولا ريب فيه مع اعتقاد جواز ذلك أو رضاه به ، وإلا

____________________

(١) النساء : ١٤٠.

(٢) تفسير العياشى : ج ١ ص ٢٨١.

(٣) الانعام : ٦٨.

٢٦٢

فظاهر بعض الروايات أن العذاب بالهلاك ، إن نزل يحيط به ، ولكن ينجو في الاخرة بفضل الله تعالى ، وظاهر بعضها أن اللعنة إذا نزلت تعم من في المجلس والاحوط عدم مجالسة الظلمة وأعداء الله ، من غيرورة.

ثم بين حكمه إذا لم يقدر على المفارقة بالكلية للتقية أو غيرها ، بقوله «فان لم يستطع فلينكر بقلبه» قوله «ولو حلب شاة» حلب مصدر منصوب بظرفية الزمان بتقدير زمان حلب ، وكذا الفواق وكأنه أقل من الحلب ، أي يقوم لاظهار حاجة وعذر ولو بأحد هذين المقدارين من الزمان.

قال في النهاية : فيه أنه قسم الغنائم يوم بدر عن فواق أي في قدر فواق ناقة ، و هو ما بين الحلبتين من الراحة وتضم فاؤه وتفتح ، وذلك لانها تحلب ثم تراح حتى تدر ثم تحلب وفي القاموس الفواق كغراب ما بين الحلبتين من الوقت وتفتح ، أو ما بين فتح يديك وقبضها على الضرع.

٦١ ـ كا : بالاسناد المتقدم ، عن محمد بن سليمان ، عن محمد بن محفوظ ، عن أبي المغرا قال : سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول : ليس شئ أنكى لابليس وجنوده عن زيارة الاخوان في الله بعضهم لبعض ، وقال : وإن المؤمنين يلتقيان فيذكران الله ثم يذكران فضلنا أهل البيت فلا يبقى على وجه إبليس مضغة لحم إلا تخدد حتى أن روحه لتستغيث من شدة ما تجد من الالم فتحس ملائكة السماء وخزان الجنان فيلعنونه حتى لا يبقى ملك مقرب إلا لعنه فيقع خاسئا حسيرا مدحورا (١).

بيان : في القاموس نكى العدو وفيه نكاية قتل وجرح ، وفي النهاية يقال نكيت في العدو أنكى نكاية فأنا ناك : إذا أكثرت فيهم الجراح والقتل ، فوهنوا لذلك وقد يهمز لغة فيه وفي القاموس المضغة بالضم قطعة اللحم وغيره ، وقال : خدد لحمه وتخدد هزل ونقص وخدده السير لازم متعد وقال : خسأ الكلب كمنع خسئا وخسوءا طرده ، والكلب بعد كانخسأ وخسئ ، وقال : حسر كفرح عليه حسرة وحسرا تلهف فهو حسير ، وكضرب وفرح أعيا كاستحسر فهو حسير وقال : الدحر الطرد والابعاد.

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ١٨٨.

٢٦٣

١٦

* ( باب ) *

* «( حفظ الاخوة ورعاية أوداء الاب )» *

١ ـ نوادر الراوندى : بإسناده عن موسى بن جعفر عليه‌السلام ، عن آبائه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تقطع أوداء أبيك فيطفئ نورك.

وبهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاث يطفين نور العبد : من قطع أوداء.

أبيه ، وغير شيبته ، ورفع بصره في الحجرات من غير أن يؤذن له (١).

٢ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام ; مودة الاباء قرابة بين الابناء (٢).

٣ ـ كنز الكراجكى : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من كرم المرء بكاؤه على مامضى من زمانه ، وحنينه إلى أوطانه ، وحفظه قديم إخوانه ، وروي أن داود عليه‌السلام قال لابنه سليمان : يا بني لا تستبدلن بأخ قديم أخا مستفادا ما استقام لك ، ولا تستقلن أن يكون لك عدو واحد ; ولاتستكثرن أن يكون لك ألف صديق.

٤ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن عثمان بن عيسى ; عن المفضل بن عمر قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إنما المؤمنون إخوة بنو أب وأم وإذا ضرب على رجل منهم عرق ، سهر له الاخرون (٣).

كتاب المؤمن : للحسين بن سعيد مرسلا عنه عليه‌السلام مثله.

تبيان : إنما المؤمنون إخوة كما قال تعالى في كتابه العزيز أي إخوة في الدين ، أو ينبغي أن يكونوا بمنزلة الاخوة في التراحم والتعاطف ، ثم أكد

____________________

(١) نوادر الراوندى : ١٠.

(٢) نهج البلاغة ج ٢ ص ٢١٨.

(٣) الكافى ج ٢ ص ١٦٥.

٢٦٤

عليه‌السلام ذلك بقوله «بنو أب وام» أي ينبغي أن يكونوا كهذا النوع من الاخوة أو نفي لهذا المعنى ، وبيان أن أخوتهم متأصلة بمنزلة الحقيقة لاشتراكهم في طينة الجنة والروح المختارة المنسوبة إلى الرب الاعلى كما سيأتي ، أو المراد بالاب روح الله الذي نفخ منه في طينة المؤمن ، وبالام الماء العذب والتربة الطيبة كما مر في أبواب الطينة لا آدم وحوا كما يتبادر إلى بعض الاذهان لعدم اختصاص الانتساب إليهما بالايمان إلا أن يقال : تباين العقائد صار مانعا من تأثير تلك الاخوة لكنه بعيد.

وقد مر وجه آخر وهو اتحاد آبائهم الحقيقية الذين أحيوهم بالايمان والعلم أو أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أبوهم وخديجة امهم بمقتضى الاية المتقدمة وإخراج غير المؤمنين لانهم عقوا والديهم بترك ولاية أئمة الحق ، فهم خرجوا عن حكم الاولاد وانقطعت الاخوة بينهم كما أن المنافقات من أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله خرجن بذلك عن كونهم امهات المؤمنين كما طلق أمير المؤمنين عليه‌السلام عائشة يوم البصرة ليظهر للناس خروجها عن هذا الحكم على بعض الوجوه ، وإن بقي تحريم نكاحها على المسلمين.

وضرب العرق حركته بقوة والمراد هنا المبالغة في قلة الاذى ، وتعديته هنا بعلى لتضمين معنى الغلبة كما في قوله تعالى «وضربنا على آذانهم» (١) في النهاية ضرب العرق ضربا وضربانا : إذا تحرك بقوة وفي القاموس : سهر كفرح لم ينم ليلا انتهى ، والمعنى أن الناس كثيرا ما يذهب عنهم النوم في بعض الليالي من غير سبب ظاهر فهذا من وجع عرض لبعض إخوانهم ، ويحتمل أن يكون السهر كناية عن الحزن للزومه له غالبا.

٥ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن فضالة بن أيوب ، عن عمر بن أبان ، عن جابر الجعفي قال : تقبضت بين يدي أبي جعفر عليه‌السلام فقلت : جعلت فداك ربما حزنت من غير مصيبة تصيبني أو أمر ينزل بي ، حتى يعرف ذلك أهلي في وجهي وصديقي فقال : نعم يا جابر إن الله عزوجل خلق المؤمنين من طينة الجنان وأجرى فيهم

____________________

(١) الكهف : ١١.

٢٦٥

من ريح روحه ، فلذلك المؤمن أخو المؤمن لابيه وامه ، فإذا أصاب روحا من تلك الارواح في بلد من البلدان حزن حزنت هذه لانها منها (١).

٦ ـ كتاب المؤمن : بإسناده ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : تنفست بين يديه ثم قلت : يا ابن رسول الله! هم يصيبني وساق نحو ما مر إلى قوله صديقي ، فقال : نعم يا جابر فقلت : فمم ذلك يا ابن رسول الله! قال عليه‌السلام : وما تصنع به؟ قلت : احب أن أعلمه قال عليه‌السلام : يا جابر إن الله عزوجل إلى آخر الخبر.

تبيين : «تقبضت» التقبض «ظهور أثر الحزن ضد الانبساط ، في القاموس انقبض انضم وضد انبسط وتقبض عنه اشمأز وفي المحاسن (٢)» تنفست «أي تأوهت وحزنت من باب علم أو على بناء المجهول من باب نصر ، فانه متعد حينئذ» وصديقي «عطف على « أهلي» و «ريح روحه» أي من نسيم روحه الذي نفخه في الانبياء والاوصياء عليهم‌السلام كما قال : «ونفخت فيه من روحي» (٣) أو من رحمة ذاته كما قال الصادق عليه‌السلام : والله شيعتنا من نور الله خلقوا وإليه يعودون ، أو الاضافة بيانية شبه الروح بالريح لسريانه في البدن كما أن نسبة النفخ إليه لذلك أي من الروح الذي هو كالريح واجتباه و اختاره وقد روي عن الباقر عليه‌السلام في تفسير قوله تعالى «ونفخت فيه من روحي» كيف هذا النفخ؟ فقال : إن الروح متحرك كالريح ، وإنما سمي روحا لانه اشتق اسمه من الريح وإنما أخرجه على لفظة الروح لان الروح مجانس للريح ، وإنما أضافه إلى نفسه لانه اصطفاه على سائر الارواح كما اصطفى بيتا من البيوت فقال : «بيتي» وقال : لرسول من الرسل خليلي وأشباه ذلك وكل ذلك مخلوق مصنوع محدث مربوب مدبر.

ويمكن أن يقرأ بفتح الراء أي من نسيم رحمته كما ورد في خبر آخر : وأجرى فيهم من روح رحمته.

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ١٦٦.

(٢) كما سيجئ تحت الرقم ١٦ من الباب ١٧.

(٣) الحجر : ٢٩ ، ص ٧٢.

٢٦٦

«لابيه وامه» الظاهر تشبيه الطينة بالام والروح بالاب ويحتمل العكس لا يقال على هذا الوجه يلزم أن يكون المؤمن محزونا دائما لانا نقول يحتمل أن يكون للتأثر شرايط اخرى تفقد في بعض الاحيان كارتباط هذا الروح ببعض الارواح أكثر من بعض كما ورد «الارواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف».

ويحتمل أن يكون الحزن الدائم للمؤمن أحد أسبابه ذلك كما أن تذكر الاخوة أيضا سبب له ، لكن شدته في بعض الاحيان بحيث يتبين له ذلك ، بحزن الارواح المناسبة له أو بحزن الارواح الشريفة العالية المؤثرة في العوالم ، لا سيما في أرواح الشيعة وقلوبهم وأبدانهم ، كما روى الصدوق في معاني الاخبار (١) بإسناده إلى أبي بصير قال : دخلت على أبي عبدالله عليه‌السلام ومعي رجل من أصحابنا فقلت له : جعلت فداك يا ابن رسول الله إني لاغتم وأحزن من غير أن أعرف لذلك سببا ، فقال عليه‌السلام : إن ذلك الحزن والفرح يصل إليكم منا لانا إذا دخل علينا حزن أو سرور كان ذلك داخلا عليكم لانا وإياكم من نور الله عزوجل فجعلنا وطينتنا و طينتكم واحدة ، ولو تركت طينتكم كما اخذت لكنا وأنتم سواء ، ولكن مزجت طينتكم بطينة أعدائكم فلولا ذلك ما أذنبتم ذنبا أبدا.

قال : قلت : جعلت فداك فتعود طينتنا ونورنا كما بدا؟ فقال : إي والله يا عبدالله أخبرني عن هذا الشعاع الزاهر من القرص إذا طلع أهو متصل به أو بائن منه؟ فقلت له : جعلت فداك بل هو بائن منه؟ فقال : أفليس إذا غابت الشمس و سقط القرص عاد إليه فاتصل به كما بدا منه؟ فقلت له : نعم ، فقال : كذلك والله شيعتنا من نور الله خلقوا وإليه يعودون ، والله إنكم لملحقون بنا يوم القيامة ، وإنا لنشفع ونشفع ، ووالله إنكم لشتفعون فتشفعون ، وما من رجل منكم إلا وسترفع له نار عن شماله ، وجنة عن يمينه ، فيدخل أحباءه الجنة وأعداءه النار ، فتأمل وتدبر في هذا الحديث فان فيه أسرارا غريبة.

____________________

(١) لم نجده في معانى الاخبار بعد الفحص البليغ وانما وجدناه في العلل الباب ٨٤.

٢٦٧

٧ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشه ، ولا يعده عدة فيخلفه (١).

بيان : «عينه» أي جاسوسه يدله على المعائب أو بمنزلة عينه الباصرة يدله على مكارمه ومعايبه ، وهو أحد معاني قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله المؤمن مرآة المؤمن ، وقيل ذاته مبالغة أو بمنزلة عينه في العزة والكرم ، ولا يخفى عدم مناسبته لسائر الفقرات فتفطن.

«ودليله» أي إلى الخيرات الدنيوية والاخروية «لا يخونه» في مال ولا سر ولا عرض «ولا يظلمه» في نفسه وماله وأهله وسائر حقوقه «ولا يغشه» في النصيحة والمشورة وحفظ الغيب والارشاد إلي مصالحه «ولا يعده عدة فيخلفه» يدل على أنه مناف للاخوة الكاملة لا على الحرمة إلا إذا كان النفي بمعنى النهي وفيه أيضا كلام ، وبالجملة النفي في جميع الفقرات يحتمل أن يكون بمعنى النهي ، وأن يكون بمعناه فيدل على أنه لو أتى بالمنفي لم يتصف بالاخوة وكمال الايمان.

٨ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، وعن العدة ، عن سهل جميعا ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد إن اشتكى شيئا منه وجد ألم ذلك في سائر جسده وأرواحهما من روح واحدة ، وإن روح المؤمن لاشد اتصالا بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها (٢).

كتاب المؤمن : للحسين بن سعيد باسناده عنه عليه‌السلام مثله إلا أن فيه : وجد ذلك في سائر جسده لان أرواحهم من روح الله عزوجل وإن روح المؤمن إلى آخر الخبر.

تبيان : «كالجسد الواحد» كأنه عليه‌السلام ترقى عن الاخوة إلى الاتحاد أو بين

____________________

(١ و ٢) الكافى ج ٢ ص ١٦٦.

٢٦٨

أن اخوتهم ليست مثل سائر الاخوات بل هم بمنزلة أعضاء جسد واحد تعلق بها روح واحدة ، فكما أنه يتألم عضو واحد يتألم ويتعطل سائر الاعضاء ، فكذا يتألم واحد من المؤمنين يحزن ويتألم سائرهم كما مر ، فقوله «كالجسد الواحد» تقديره كعضوي الجسد الواحد ، وقوله «إن اشتكى» الظاهر أنه بيان للمشبه به ، والضمير المستتر فيه وفي «وجد» راجعان إلى المرء أو الانسان أو الروح الذي يدل عليه الجسد وضمير منه راجع إلى الجسد ، والضمير في أرواحهما راجع إلى شيئا وسائر الجسد ، والجمعية (١) باعتبار جمعية السائر أو من إطلاق الجمع على التثنية مجازا.

وفي كتاب الاختصاص للمفيد (٢) وإن روحهما من روح الله وهو أظهر والمراد بالروح الواحدة ، إن كان الروح الحيوانية فمن للتبعيض ، وإن كان النفس الناطقة فمن للتعليل ، فان روحهما الروح الحيوانية هذا إذا كان قوله وأرواحهما من تتمة بيان الشمبه به ، ويحتمل تعلقه بالمشبه ، فالضمير راجع إلى الاخوين المذكورين في أول الخبر ، والغرض إما بيان شدة اتصال الروحين كأنهما روح واحدة ، أو أن روحيهما من روح واحدة هي روح الامام ، وهي نور الله كما مر في الخبر السابق عن أبي بصير (٣) الذي هو كالشرح لهذا الخبر ويحتمل أن يكون «إن اشتكى» أيضا من بيان المشبه لايضاح وجه الشبه ، والمراد بروح الله أيضا روح الامام الذي اختارها الله كما مر في قوله «ونفخت فيه من روحي».

ويحتمل أن يكون المراد بروح الله ذات الله سبحانه إشارة إلى شدة ارتباط المقربين بجناب الحق تعالى حيث لايغفلون عن ربهم ساعة ، ويفيض عليهم منه سبحانه العلم والكمالات والهدايات والافاضات آنا فآنا ، وساعة فساعة ، كما سيأتي في الحديث القدسي «فاذا أحببته كنت سمعه وبصره ورجله ويده ولسانه» (٤) وسنوضح ذلك

____________________

(١) يعنى في لفظ «أرواحهما».

(٢) سيجى ء تحت الرقم ٩ ـ في الباب ١٧.

(٣) يعنى الخبر الذى مر عن المعانى في البيان السابق.

(٤) يريد ما سيأتى في شرح حديث الكافى من كتابه مرآت العقول راجع الكافى باب من أذى المسلمين واحتقرهم تحت الرقم ٨ ج ٢ ص ٣٥٢.

٢٦٩

بحسب فهمنا هناك إنشاء الله تعالى وأعرضنا عما أورده بعضهم هيهنا من تزيين العبارات التي ليس تحتها معنى محصل.

٩ ـ كا : عن العدة ، عن سهل ، عن ابن أبي نجران ، عن مثنى الحناط ، عن الحارث بن المغيرة قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : المسلم أخو المسلم وهو عينه ومرآته ودليله لا يخونه ولا يظلمه ولا يخدعه ولا يكذبه ولا يغتابه (١).

تبيين : «مرآته» أي يبين محاسنه ليركبها ، ومساويه ليجتنبها ، كما هو شأن المرآة ، أو ينظر إلى ما فيه من المعايب فيتركها فان الانسان في غفلة من عيوب نفسه وكذا المحاسن ، وقد روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «المؤمن مرآة المؤمن» ويجري فيه الوجهان المتقدمان.

قال الراوندي (٢) في ضوء الشهاب المرآة الالة التي ترى فيها صورة الاشياء وهي مفعلة من الرؤية ، والمعنى أن المؤمن يحكي لاخيه المؤمن جميع مايراه فيه فان كان حسنا زينه له ليزداد منه ، وإن كان قبيحا نبهه عليه لينتهي عنه انتهى.

وأقول : قد ذهب بعض الصوفية إلى أن المؤمن الثاني هو الله تعالى أي المؤمن مظهر لصفاته الكمالية تعالى شأنه كما ينطبع في المرآة صورة الشخص ، والحديث يدل على أنه ليس بمراد من الخبر النبوي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقيل : المراد أن كلا من المؤمنين مظهر لصفات الاخر ، لان في كل منهما صفات الاخر ، مثل الايمان وأركانه ولواحقه وآثاره ، والاخلاق والاداب ولا يخفى بعده.

«ولا يكذبه» على بناء المجرد أي لا يقول له كذبا أو على بناء التفعيل أي لا ينسب الكذب إليه فيما يخبره ، ولا يستلزم ذلك الاعتماد عليه في كل ما يقوله

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ١٦٦.

(٢) هو السيد الاجل أبوالرضا فضل الله بن على بن عبيد الله الحسنى الراوندى الكاشانى ، كان علامة دهره وامام عصره وكتابه هذا ضوء الشهاب شرح لكتاب الشهاب لابى عبدالله محمد بن سلامة الفقيه الشافعى المعروف بالقاضى القضاعى المغربى ، وهو مقصور على الكلمات الوجيزة النبوية.

٢٧٠

وإن كان يشعر بذلك كما ورد في خبر آخر مستدلا عليه بقوله تعالى : «ويؤمن للمؤمنين» (١) والظاهر أن المراد بالمسلم هنا المؤمن إيذانا بأن غير المؤمن ليس بمسلم حقيقة.

١٠ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري قال : كنت عند أبي عبدالله عليه‌السلام ودخل عليه رجل فقال لي : تحبه؟ فقلت : نعم فقال لي : ولم لا تحبه وهو أخوك ، وشريكك في دينك ، وعونك على عدوك ، ورزقه على غيرك (٢) بيان : «لم لا تحبه» ترغيب في زيادة المحبة وإدامتها ولغيره أيضا بذكر أسبابها وعدم المانع منها «أخوك» أي سماه الله أخا لك أو مخلوق من روحك وطينتك ويحتمل أن يكون قوله «وشريكك في دينك» تفسيرا للاخوة أو يكون «في دينك» متعلقا بهما على التنازع «على عدوك» من الجن والانس أو الاخير فقط أو الاعم منهما ومن النفس الامارة بالسوء كما روي «أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك».

١١ ـ كا : عن أبي علي الاشعري ، عن الحسين بن الحسن. عن محمد بن أورمة عن بعض أصحابه ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : المؤمن أخو المؤمن لابيه وامه لان الله عزوجل خلق المؤمنين من طينة الجنان ، وأجرى في روحهم (٣) من ريح الجنة ، فلذلك هم إخوة لاب وام (٤).

المؤمن : باسناده عنه عليه‌السلام مثله وفيه في صورهم من ريح الجنان.

ايضاح : من ريح الجنة أي من الروح المأخوذة من الجنة أو المنسوبة إليها لان مصيرها ـ لاقتضائها العقائد أو الاعمال الحسنة ـ إليها وقد مر مضمونه.

١٢ ـ كا : ابن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن عبدالله ، عن رجل ، عن جميل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : المؤمن خدم بعضهم لبعضهم قلت : وكيف يكونون

____________________

(١) براءة : ٦١.

(٢ ـ ٤) الكافى ج ٢ ص ١٦٦. (٣) صورهم خ ل.

٢٧١

خدما بعضهم لبعض؟ قال : يفيد بعضهم بعضا الحديث. (١)

بيان : الحديث : أي إلى تمام الحديث إشارة إلى أنه لم يذكر تمام الخبر وفهم أكثر من نظر فيه أن الحديث مفعول «يفيد» فيكون حثا على رواية الحديث وهو بعيد وقال بعضهم : يحتمل أن يكون المراد به الخبر وأن يكون أمرا في صورة الخبر ، والمعنى أن الايمان يقتضي التعاون بأن يخدم بعض المؤمنين بعضا في امورهم هذا يكتب لهذا ، وهذا يشتري لهذا ، وهذا يبيع لهذا ، إلى غير ذلك ، بشرط أن يكون بقصد التقرب إلى الله ولرعاية الايمان ، وأما إذا كان يجر منفعة دنيوية إلى نفسه ، فليس من خدمة المؤمن في شئ ، بل هو خدمة لنفسه.

١٣ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ; ومحمد بن يحيى ; عن ابن عيسى جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن إسماعيل البصري ، عن الفضيل بن يسار قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إن نفرا من المسلمين خرجوا إلى سفر لهم فضلوا الطريق فأصابهم عطش شديد فتكفنوا ولزموا اصول الشجر فجاءهم شيخ عليه ثياب بياض فقال : قوموا فلا بأس عليكم ، فهذا الماء فقاموا وشربوا وارتووا فقال : من أنت يرحمك الله؟ فقال : أنا من الجن الذين بايعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول «المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله» فلم تكونوا تضيعوا بحضرتي (٢).

بيان : فتكفنوا : أي سلموا أنفسهم إلى الموت وقطعوا به فلبسوا أكفانهم ، أو ضموا ثيابهم على أنفسهم بمنزلة الكفن ، وفي القاموس هم مكفنون : ليس لهم ملح ولا لبن ولا إدام ، وفي بعض النسخ «فتكنفوا» بتقديم النون على الفاء أي اتخذ كل منهم كنفا وناحية وتفرقوا ، من الكنف بالتحريك وهو الناحية والجانب ، أو اجتمعوا وأحاط بعضهم ببعض ، قال في النهاية في حديث الدعاء مضوا على شاكلتهم مكانفين أي يكنف بعضهم بعضا وفيه فاكتنفته أنا وصاحبي أي أحطنا به من جانبيه ، وفي القاموس كنفه صانه وحفظه وحاطه وأعانه كأكنفه ، والتكنيف الاحاطة واكتنفوا فلانا

____________________

(١ و ٢) الكافى ج ٢ ص ١٦٧.

٢٧٢

أحاطوا به كتكنفوه.

قوله «أنا من الجن» الجن بالكسر جمع الجني وقد ذكر الطبرسي وغيره أن سبعة من جن نصيبين أتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبايعوه وروي أكثر من ذلك ، وفي الصحاح حضرة الرجل : قربه وفناؤه ، ويدل على أن الجن أجسام لطيفة يمكن تشكلهم بشكل الانس ، ورؤيتهم لغير الانبياء والاوصياء أيضا ، ويشعر بجواز رواية الحديث عن الجن.

١٤ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا عن حماد بن عيسى ، عن ربعي ، عن الفضيل بن يسار قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله [ ولا يغتابه ولا يخونه ولا يحرمه ] قال ربعي : فسألني رجل من أصحابنا بالمدينة قال سمعت الفضيل يقول ذلك؟ قال : فقلت له : نعم فقال : إني سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يغشه ولا يخذله ولا يغتابه ولا يخونه ولا يحرمه (١).

ايضاح : «قال سمعت الفضيل» بصيغة الخطاب بتقدير حرف الاستفهام «فقال إني سمعت» هذا كلام الرجل ، واحتمال الفضيل كما توهم بعيد وغرض الرجل أن الذي سمعت منه عليه‌السلام أكثر مما سمعه لا سيما على النسخة التي ليس في الاول «ولا يغتابه» الخ ولعلهما سمعا في مجلس واحد ولذا استبعده «ولا يحرمه» أي من عطائه وربما يقرأ «ولا يظلمه» على بناء التفعيل أي لا ينسبه إلى الظلم ، وهو تكلف وفي القاموس خذله وعنه خذلا وخذلانا بالكسر ترك نصرته والظبية وغيرها تخلفت عن صواحبها وانفردت أو تخلفت فلم تلحق وتخاذل القوم تدابروا.

١٥ ـ كتاب المؤمن : باسناده ، عن أحدهما عليهما‌السلام أنه قال المؤمن [ أخو المؤمن ] كالجسد إذا سقط منه شئ تداعا سائر الجسد.

بيان : قال الجوهري تداعت الحيطان للخراب أي تهادمت.

١٦ ـ المؤمن : باسناده عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال الارواح جنود مجندة تلتقي فتتشام

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ١٦٧.

٢٧٣

كما تتشام الخيل ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف ، ولو أن مؤمنا جاء إلى مسجد فيه اناس كثير ليس فيهم إلا مؤمن واحد لمالت روحه إلى ذلك المؤمن حتى يجلس إليه.

بيان : قد مضى تفسير جنود مجندة في كتاب السماء والعالم وغيره ، وفي القاموس : تشاما شم أحدهما الاخر ، وفي النهاية في حديث علي عليه‌السلام حين أراد أن يبرز لعمرو بن عبدود قال : أخرج إليه فاشامه قبل اللقاء أي أختبره وأنظر ما عنده يقال شاممت فلانا إذا قاربته وتعرفت ما عنده بالاختبار والكشف وهي مفاعلة من الشم كأنك تشم ما عنده ويشم ما عندك لتعملا بمقتضى ذلك.

١٧ ـ المؤمن : باسناده عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لا والله لا يكون المؤمن مؤنا أبدا حتى يكون لاخيه مثل الجسد إذا ضرب عليه عرق واحد تداعت له سائر عروقه.

١٨ ـ المؤمن : باسناده عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لكل شئ شئ يستريح إليه ، و إن المؤمن ليستريح إلى أخيه المؤمن كما يستريح الطير إلى شكله.

١٩ ـ المؤمن : باسناده عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : المؤمنون في تبارهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى تداعى له سائره بالسهر والحمى.

٢٧٤

١٧

( باب )

* «( فضل المواخاة في الله وأن المؤمنين بعضهم اخوان بعض وعلة ذلك )» *

الاية : الحجرات : إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم (١).

١ ـ ل ، ن : بالاسانيد الثلاثة عن الرضا عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ستة من المروة ثلاثة منها في الحضر وثلاثة منها في السفر فأما التي في الحضر فتلاوة كتاب الله تعالى ، وعمارة مساجد الله ، وإتخاذ الاخوان في الله عزوجل ، وأما التي في السفر فبذل الزاد ، وحسن الخلق ، والمزاح في غير المعاصي (٢).

٢ ـ ما : فيما أوصى به أمير المؤمنين عليه‌السلام عند وفاته : وآخ الاخوان في الله وأحب الصالح لصلاحه (٣).

٣ ـ ما : المفيد عن ابن قولويه ، عن محمد الحميري ، عن أبيه ، عن البرقي عن التفليسى ، عن البقباق ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لا يرجع صاحب المسجد بأقل من إحدى ثلاث : إما دعاء يدعو به يدخله الله به الجنة ، وإما دعاء يدعو به فيصرف الله عنه بلاء ، وإما أخ يستفيده في الله عزوجل ثم قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما استفاد

____________________

(١) الحجرات : ١٠ ، قال الطبرسى في المجمع ج ٩ ص ١٣٣ : انما المؤمنون اخوة : أى في الدين يلزم نصرة بعضهم بعضا ، فأصلحوا بين أخويكم : أى بين كل رجلين تقاتلا وتخاصما ، ومعنى الاثنين يأتى على الجمع ، لان تأويله «بين كل أخوين» يعنى فأنتم اخوة للمتقاتلين فأصلحوا بين الفريقين ، أى كفوا الظالم عن المظلوم وأعينوا المظلوم.

(٢) الخصال ج ١ ص ١٥٧ ، عيون الاخبار ج ٢ ص ٢٧.

(٣) أمالى الطوسى ج ١ ص ٦.

٢٧٥

امرؤ مسلم فائدة بعد فائدة الاسلام مثل أخ يستفيده في الله (١).

٤ ـ جا ، ما : المفيد ، عن عمر بن محمد الزيات ، عن علي بن مهرويه ، عن داود بن سليمان ، عن الرضا عليه‌السلام قال : من استفاد أخا في الله فقد استفاد بيتا في الجنة (٢).

٥ ـ ثو : ابن المتوكل ، عن محمد بن يحيى ، عن الاشعري ، عن أحمد بن محمد ، عن محفوظ بن خالد ، عن محمد بن زيد قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : من استفاد أخا في الله عزوجل استفاد بيتا في الجنة (٣).

٦ ـ سن : أبي ، عن فضالة ، عن عمر بن أبان الكلبي ، عن جابر الجعفي قال : تنفست بين يدي أبي جعفر عليه‌السلام ثم قلت : يا ابن رسول الله أهتم من غير مصيبة تصيبني أو أمر نزل بي حتى تعرف ذلك أهلي في وجهي ويعرفه صديقي ، قال : نعم يا جابر قلت : ومم ذاك يا ابن رسول الله؟ قال : وما تصنع بذاك؟ قلت : احب أن أعلمه ، فقال : يا جابر إن الله خلق المؤمنين من طينة الجنان ، وأجرى فيهم من ريح روحه ، فلذلك المؤمن أخو المؤمن لابيه وامه ، فاذا أصاب تلك الارواح في بلد من البلدان شئ حزنت عليه الارواح لانها منه (٤).

٧ ـ سن : محمد بن علي ، عن محمد بن الفضيل ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : المؤمن أخو المؤمن لابيه وامه لان الله خلق طينتهما من سبع سماوات وهي طينة الجنان ثم تلا «رحماء بينهم» فهل يكون الرحيم إلا برا وصولا وفي حديث آخر وأجرى فيهما من روح رحمته (٥).

٨ ـ سن : أبوعبدالله أحمد بن محمد السياري وحسن بن معاوية ، عن محمد بن

____________________

(١) أمالى الطوسى ج ١ ص ٤٦.

(٢) أمالى الطوسى ج ١ ص ٨٢.

(٣) ثواب الاعمال ص ١٣٧.

(٤) المحاسن ص ١٣٣ ، والاية في سورة الفتح : ٢٩.

(٥) المحاسن ص ١٣٤.

٢٧٦

الفضيل ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : المؤمن أخو المؤمن لابيه وامه و ذلك أن الله تبارك وتعالى خلق المؤمن من طينة جنان السماوات ، وأجرى فيه من روح رحمته ، فلذلك هو أخوه لابيه وامه (١).

٩ ـ ختص : قال الصادق عليه‌السلام : المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد إن اشتكى شيئا وجد ألم ذلك في سائر جسده ، وإن روحهما من روح الله ، وإن روح المؤمن لاشد اتصالا بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها (٢).

١٠ ـ من كتاب قضاء حقوق المؤمنين للصورى : بإسناده ، عن جعفر بن محمد بن أبي فاطمة قال : قال لي أبوعبدالله عليه‌السلام : يا ابن أبي فاطمة إن العبد يكون بارا بقرابته ، ولم يبق من أجله إلا ثلاث سنين فيصيره الله ثلاثا وثلاثين سنة ، و إن العبد ليكون عاقا بقرابته وقد بقي من أجله ثلاث وثلاثون سنة فيصيره الله ثلاث سنين ثم تلا هذه الاية «يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب» (٣) قال : قلت : جعلت فداك فان لم يكن له قرابة قال : فنظر إلي مغضبا ورد علي شبيها بالزبر (٤) يا ابن أبي فاطمة لا تكون القرابة إلا في رحم ماسة المؤمنون بعضهم أولى ببعض في كتاب الله فللمؤمن على المؤمن أن يبره فريضة من الله يا ابن أبي فاطمة تباروا وتواصلوا فينسئ الله في آجالكم ، ويزيد في أموالكم ، وتعطون العافية في جميع اموركم ، وإن صلاتكم وصومكم وتقربكم إلى الله أفضل من صلاة غير كم ثم تلا هذه الآية «وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون» (٥).

١١ ـ نوادر الراوندى : بإسناده عن الكاظم ، عن أبائه عليه‌السلام قال : قال

____________________

(١) المحاسن ص ١٣٤.

(٢) الاختصاص : ٣٢.

(٣) الرعد : ٣٩.

(٤) أى بخشونة وغلظة.

(٥) يوسف : ١٠٦.

٢٧٧

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من استفاد أخا في الله زوجه الله حورا (١).

١٢ ـ نهج : قال عليه‌السلام : أعجز الناس من عجز عن اكتساب الاخوان ، وأعجز منه من ضيع من ظفر به منهم (٢).

١٣ ـ كنز الكراجكى : أنشد لامير المؤمنين عليه‌السلام :

وليس كثيرا ألف خل وصاحب

وإن عدوا واحدا لكثير

١٤ ـ عدة الداعى : عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ما أحدث الله إخاء بين مؤمنين إلا أحدث لكل منهما درجة ، وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من استفاد أخا في الله استفاد بيتا في الجنة ، وروى عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن المؤمنين المتواخيين في الله ، ليكون أحدهما في الجنة فوق الاخر بدرجة ، فيقول : يا رب إن صاحبي قد كان يأمرني بطاعتك ويثبطني عن معصيتك ، وترغبني فيما عندك ، فاجمع بيني وبينه في هذه الدرجة فيجمع الله بينهما ، وإن المنافقين ليكون أحدهما أسفل من صاحبه بدرك في النار فيقول : يا رب إن فلانا كان يأمرني بمعصيتك ، و يثبطني عن طاعتك ، ويزهدني فيما عندك ، ولا يحذرني لقاءك فاجمع بيني وبينه في هذا الدرك ، فيجمع الله بينهما. وتلا هذه الاية «الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين» (٣).

١٨

* ( باب ) *

««( فضل حب المؤمنين والنظر اليهم )»»

١ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمد بن جعفر الرزاز ، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان ، عن العلا ، عن محمد ، عن الصادق عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام قال :

____________________

(١) نوادر الراوندى ص ١٢.

(٢) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٤٥.

(٣) الزخرف : ٦٧.

٢٧٨

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : النظر إلى العالم عبادة ، والنظر إلى الامام المقسط عبادة ، والنظر إلى الوالدين برأفة ورحمة عبادة ، والنظر إلى الاخ توده في الله عزوجل عبادة (١).

٢ ـ كش : محمد بن مسعود ، عن إسحاق بن محمد البصري ، عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان ، عن بشير الدهان قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام لمحمد بن بكير الثقفي ما تقول في المفضل بن عمر؟ قال : ما عسيت أن أقول فيه لو رأيت في عنقه صليبا وفي وسطه كستيجا (٢) لعلمت أنه على الحق بعد ما سمعتك تقول فيه ما تقول ، قال : رحمه‌الله ، لكن حجر بن زائدة وعامر بن جذاعة أتياني فشتماه عندي فقلت لهما : لا تفعلا فاني أهواه فلم يقبلا فسألتهما وأخبرتهما أن الكف عنه حاجتي فلم يفعلا فلا غفر الله لهما أما إني لو كرمت عليهما لكرم عليهما من يكرم علي ، ولقد كان كثير عزة (٣) في مودته لها أصدق منهما في مودتهما لي حيث يقول :

لقد علمت بالغيب أني احبها

إذا هو لم يكرم علي كريمها

أما إني لو كرمت عليهما لكرم عليهما من يكرم علي (٤)

٣ ـ ختص : قال الصادق عليه‌السلام : من حب الرجل دينه حبه أخاه (٥).

٤ ـ ختص : عمار بن موسى قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : حب الابرار

____________________

(١) أمالى الطوسى ج ١ ص ٦٩.

(٢) الكستيج ـ بضم الكاف ـ خيط غليظ بقدر الاصبع من الصوف يشده الذمى فوق ثيابه دون الزنار المتخذ من الابريسم ، وهو معرب «كستى» كما في القاموس.

(٣) كثير ـ مصغرا ـ أو هو بضم الكاف وفتح الثاء وتشديد الياء المكسورة ـ شاعر مشهور من بنى مليح بن عمرو من خزاعة ، وعزة ـ بفتح العين ـ اسم امرأة كانت معشوقة له ; وعرف الشاعر بها فقيل : كثير عزة.

(٤) رجال الكشى : ٢٧٣ ، ومثل الخبر في الكافى ج ٨ ص ٣٧٣ وتحقيق حال هؤلاء المذكورين في كتب الرجال.

(٥) الاختصاص ص ٣١.

٢٧٩

للابرار ثواب للابرار ، وحب الفجار للابرار فضيلة للابرار ، وبغض الفجار للابرار زين للابرار وبغض الابرار للفجار خزي على الفجار (١).

٥ ـ من كتاب قضاء الحقوق : قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام لبعض أصحابه بعد كلام : إن المؤمنين من أهل ولايتنا وشيعتنا إذا اتقوا لم يزل الله تعالى مطلا عليهم بوجهه حتى يتفرقوا ، ولا يزال الذنوب تتساقط عنهم كما تتساقط الورق ، ولا يزال يدالله على يد أشدهما حبا لصاحبه.

٦ ـ نوادر الراوندى : بإسناده ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن المؤمن ليسكن إلى المؤمن كما يسكن قلب الظمآن إلى الماء البارد.

وبهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : نظر المؤمن في وجه أخيه حبا له عبادة (٢).

٧ ـ كنز الكراجكى : عن محمد بن علي بن طالب البلدي ، عن محمد بن إبراهيم النعماني ، عن ابن عقدة ، عن شيوخه الاربعة ، عن ابن محبوب ، عن محمد بن النعمان الاحول ، عن سلام بن المستنير ، عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قال : قال جدي رسول الله : أيها الناس حلالي حلال إلى يوم القيامة ، وحرامي حرام إلى يوم القيامة ألا وقد بينهما الله عزوجل في الكتاب ، وبينتهما لكم في سيرتي وسنتي ، وبينهما شبهات من الشيطان وبدع بعدي ، من تركها صلح له أمر دينه ، وصلحت له مروته و عرضه ، ومن تلبس بها ووقع فيها واتبعها كان كمن رعى غنمه قرب الحمى ومن رعى ما شيته قرب الحمى نازعته نفسه إلى أن يرعاها في الحمى ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله عزوجل محارمه ، فتوقوا حمى الله ومحارمه ، ألا وإن ود المؤمن من أعظم سبب الايمان ، ألا ومن أحب في الله ، وأبغض في الله ، وأعطى في الله ، ومنع في الله عزوجل

____________________

(١) الاختصاص ص ٢٣٩.

(٢) نوادر الراوندى ص ٨.

٢٨٠