بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٢٩
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

( ( أبواب ) )

* «حقوق المؤمنين بعضهم على بعض )»

* ( وبعض أحوالهم ) *

١٥

* ( باب ) *

«( حقوق الاخوان واستحباب تذاكرهم )»

«( وما يناسب ذلك من المطالب )»

١ ـ ج : بالاسناد إلى أبي محمد العسكري ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أمير ـ المؤمنين عليه‌السلام لليوناني الذي رأى منه المعجزات الباهرات وأسلم على يديه : آمرك أن تواسي إخوانك المطابقين لك على تصديق محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وتصديقي والانقياد له ولي مما رزقك الله وفضلك على من فضلك به منهم ، تسد فاقتهم ، وتجبر كسرهم ، و حلتهم ، ومن كان منهم في درجتك في الايمان وساويته فيما لك في نفسك ، ومن كان منهم فاضلا عليك في دينك آثرته بمالك على نفسك حتى يعلم الله منك أن دينه آثر عندك من مالك ، وأن أولياءه أكرم عليك من أهلك وعيالك (١).

٢ ـ ختص : قال الصادق عليه‌السلام : المسلم أخو المسلم ، وحق المسلم على أخيه المسلم أن لا يشبع ويجوع أخوه ، ولا يروي ويعطش أخوه ، ولا يكتسي ويعرى أخوه فما أعظم حق المسلم على أخيه المسلم ، وقال عليه‌السلام : إذا قال الرجل لاخيه أف

____________________

(١) الاحتجاج ص ١٢٤ ، وفى حديث –

٢٢١

انقطع ما بينهما من الولاية ، فاذا قال أنت عدوي فقد كفر أحدهما ، فاذا اتهمه انماث في قلبه الايمان كما ينماث الملح في الماء ، وقال عليه‌السلام : والله ما عبدالله بشئ أفضل من أداء حق المؤمن ، وقال عليه‌السلام : والله إن المؤمن لاعظم حقا من الكعبة وقال عليه‌السلام : دعاء المؤمن للمؤمن يدفع عنه البلاء ويدر عليه الرزق (١).

٣ ـ ل (٢) لى : ابن الوليد ، عن الحميري ، عن هارون ، عن ابن صدقة عن الصادق عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله (ص) للمؤمن على المؤمنين سبعة حقوق واجبه من الله عزوجل عليه : الاجلال له في عينه ، والود له في صدره ، والمواساة له في ماله ، وأن يحرم غيبته ، وأن يعوده في مرضه ، وأن يشيع جنازته ، وأن لا يقول فيه بعد موته إلا خيرا (٣).

٤ ـ ل : أبي عن الحميري مثله إلا أن بعد قوله واجبة له من الله عزوجل : والله سائله عما صنع فيها ، وبعد قوله «في ماله» وأن يحب له ما يحب لنفسه (٤).

٥ ـ لى : الهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن صفوان عن العيص ، عن ابن مسكان ، عن الباقر عليه‌السلام : أنه قال : أحبب أخاك المسلم واحبب له ما تحب لنفسك ; واكره له ما تكره لنفسك ، إذا احتجت فسله وإذا سألك فأعطه ، ولا تدخر عنه خيرا فانه لا يدخره عنك ، كن له ظهرا فانه لك ظهر ، إن غاب فاحفظه في غيبته ، وإن شهد فزره ; وأجله وأكرمه فانه منك وأنت منه وإن كان عليك عاتبا فلاتفارقه حتى تسل سخيمته ; وما في نفسه ، وإذا أصابه خير فاحمد الله عليه ، وإن ابتلي فاعضده وتمحل له (٥).

٦ ـ فس : أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن

____________________

(١) الاختصاص : ٢٧ و ٢٨.

(٢) الخصال ج ٢ ص ٦.

(٣) أمالى الصدوق ص ٢٠.

(٤) الخصال ج ٢ ص ٦.

(٥) أمالى الصدوق ص ١٩٤ ، وفى بعض النسخ : تحمل له.

٢٢٢

الله فرض التحمل في القرآن ، قلت : وما التحمل جعلت فداك؟ قال : أن يكون وجهك أعرض من وجه أخيك ، فتحمل له ، وهو قوله : «لا خير في كثير من نجواهم» (١).

٧ ـ فس : أبي ، عن بعض رجاله رفعه إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : إن الله فرض عليكم زكاة جاهكم ، كما فرض عليكم زكاة ما ملكت أيمانكم (٢).

٨ ـ فس : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إن للمؤمن على المؤمن سبع حقوق فأوجبها أن يقول الرجل حقا وإن كان على نفسه ، أو على والديه ، فلا يميل لهم عن الحق (٣).

٩ ـ ب : ابن سعد ، عن الازدي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال لخيثمه وأنا أسمع : يا خيثمة اقرأ موالينا السلام ، وأوصهم بتقوى الله العظيم ; وأن يعود غنيهم على فقيرهم ; وقويهم على ضعيفهم. وأن يشهد أحياهم جنائز موتاهم ، وأن يتلاقوا في بيوتهم فان لقياهم حياة لامرنا ; ثم رفع يده فقال : رحم الله من أحيا أمرنا (٤).

١٠ ـ ما : المفيد ، عن ابن قولويه ; عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ; عن ابن سعد ، عن الازدي مثله (٥).

١١ ـ ل : حمزة العلوي ، عن علي ، عن أبيه ; عن ابن معبد ، عن عبدالله بن القاسم ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يلزم الحق لامتي في أربع : يحبون التائب ، ويرحمون الضعيف ، ويعينون المحسن ، ويستغفرون للمذنب (٦).

____________________

(١) تفسير القمى ص ١٤٠ ، والاية في آل عمران : ١١٣.

(٢) تفسير القمى ص ١٤١.

(٣) تفسير القمى ص ١٤٤.

(٤) قرب الاسناد ص ١٦.

(٥) أمالى الطوسى ج ١ ص ١٣٥ وفيه ابن اسحاق بدل ابن سعد.

(٦) الخصال ج ١ ص ١١٤.

٢٢٣

١٢ ـ ل أبي ، عن سعد ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن الفضال ، عن تغلبة عن بعض أصحابنا ، عن المعلى بن خنيس قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : ما حق المؤمن على المؤمن؟ قال : سبع حقوق واجبات ما فيها حق إلا وهو عليه واجب إن خالفه خرج من ولاية وترك طاعته ، ولم يكن لله عز وجل فيه نصيب ، قال : قلت : جعلت فداك حدثني ماهن؟ قال : يا معلى إني شفيق عليك أخشى أن تضيع ولا تحفظ وتعلم ولا تعمل ، قلت : لا قوة إلا بالله.

قال : أيسر حق منها أن تحب له ما تحب لنفسك ; وتكره له ما تكره لنفسك ; والحق الثاني أن تمشي في حاجته وتبتغي رضاه ولا تخالف قوله ، والحق الثالث أن تصله بنفسك ومالك ، ويدك ورجلك ، ولسانك ، والحق الرابع أن تكون عينه ودليله ومرآته وقميصه ، والحق الخامس أن لا تشبع ويجوع ، ولا تلبس ويعرى ، ولا تروي ويظمأ ، والحق السادس أن تكون لك امرأة وخادم وليس لاخيك امرأة ولا خادم أن تبعث خادمك فتغسل ثيابه ، وتصنع طعامه ، وتمهد فراشه ، فان ذلك كله إنما جعل بينك وبينه ، والحق السابع أن تبر قسمه ، وتجيب دعوته ، وتشهد جنازته ، و تعوده في مرضه ، وتشخص بدنك في قضاء حاجته ، ولا تحوجه إلى أن يسأكل ، ولكن تبادر إلى قضاء حاجته ، فاذا فعلت ذلك به ، وصلت ولايتك بولايته ، وولايته بولاية الله عزوجل (١).

ما : ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن أحمد بن الحسن ، عن الهيثم بن محمد عن محمد بن الفيض ، عن المعلى بن خنيس مثله (٣).

ختص ; عن عبدالاعلى عن ابن خنيس مثله. (٤)

١٣ ـ ل : الاربعمائة قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لا يكلف المؤمن أخاه الطلب إليه إذا علم حاجته ، توازروا وتعاطفوا وتباذلوا ولا تكونوا بمنزلة المنافق الذي يصف

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ٦.

(٢) أمالى الطوسى ج ١ ص ٩٥.

(٤) الاختصاص : ٢٨.

٢٢٤

ما لا يفعل (١).

١٤ ـ ما : ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن عاصم بن عمرو ، عن محمد بن مسلم قال : أتاني رجل من أهل الجبل فدخلت معه على أبي عبدالله عليه‌السلام فقال له عند الوداع أوصني فقال أوصيك بتقوى الله وبر أخيك المسلم ، وأحب له ما تحب لنفسك واكره له ما تكره لنفسك ، وإن سألك فأعطه ، وإن كف عنك فاعرض عليه ، لا تمله خيرا فانه لا يملك ، وكن له عضدا فانه لك عضد ، وإن وجد عليك فلا تفارقه حتى تسل سخيمته (٢) وإن غاب فاحفظه في غيبته ، وإن شهد فاكنفه واعضده ووازره ولا طفه وأكرمه ، فانه منك وأنت منه. (٣)

١٥ ـ ما : المفيد ، عن ابن قولويه ، عن الكليني ، عن علي ، عن أبيه ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ليعن قويكم ضعيفكم ، وليعطف غنيكم على فقيركم ، ولينصح الرجال أخاه كنصحه لنفسه ، واكتموا أسرارنا ، ولا تحملوا الناس على أعناقنا الخبر (٤).

١٦ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن أحمد بن إسحاق بن البهلول ، عن أبيه عن أبي شيبة ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث الهمداني ، عن علي عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إن للمسلم على أخيه المسلم من المعروف ستا : يسلم عليه إذا لقيه ، ويعوده إذا مرض ، ويسمته إذا عطس ، ويشهده إذا مات ، ويجيبه إذا دعاه ، ويحب له ما يحب لنفسه ، ويكره له ما يكره لنفسه (٥).

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ١٥٧.

(٢) حتى تحل خ ل ، والسل : الانتزاع والاخراج في رفق كسل السيف من الغمد وسل الشعرة من العجين ، ومنه قولهم : الهدايا تسل السخائم ; وتحل الشكائم ، والسخيمة : الموجدة والضغينة.

(٣) أمالى الطوسى ج ١ ص ٩٥.

(٤) أمالى الطوسى ج ١ ص ٢٣٦.

(٥) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٩٢.

٢٢٥

١٧ ـ سن : أبي ، عن محمد بن عيسى ، عن خلف بن حماد ، عن علي بن عثمان ابن رزين عمن رواه ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : ست خصال من كن فيه كان بين يدي الله وعن يمينه ، إن الله يجب المرء المسلم الذي يحب لاخيه ما يحب لنفسه ، ويكره له ما يكره لنفسه ، ويناصحه الولاية ، ويعرف فضلي ، ويطأ عقبي ، وينتظر عاقبتي (١).

١٨ ـ سن : ابن محبوب ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن مالك بن أعين قال : أقبل إلى أبوعبدالله عليه‌السلام فقال : يا مالك أنتم والله شيعتنا حقا ، يا مالك تراك فقد أفرطت في القول في فضلنا؟ إنه ليس يقدر أحد على صفة الله وكنه قدرته وعظمته فكما لا يقدر أحد على كنه صفة الله وكنه قدرته وعظمته ، ولله المثل الاعلى ، فكذلك لا يقدر أحد على صفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وفضلنا ، وما أعطانا الله وما أوجب من حقوقنا وكما لا يقدر أحد أن يصف فضلنا وما أوجب الله من حقوقنا فكذلك لا يقدر أحد أن يصف حق المؤمن ويقوم به مما أوجب الله على أخيه المؤمن ، والله يا مالك إن المؤمنين يلتقيان فيصافح كل واحد منهما صاحبه ، فما يزال الله تبارك وتعالى ناظر إليهما بالمحبة والمغفرة ، وإن الذنوب لتحات عن وجوههما وجوارحهما حتى يفترقا فمن يقدر على صفة الله وصفة من هو هكذا عند الله؟ (٢).

١٩ ـ سر : من كتاب أبي القاسم ابن قولويه ، عن جميل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : المؤمنون خدم بعضهم لبعض ، فقلت : كيف يكون خدم بعضهم لبعض؟ قال : نفقتهم بعضهم لبعض.

٢٠ ـ ضا : اعلم يرحمك الله أن حق الاخوان واجب فرض لازم أن تفدونهم لانفسكم وأسماعكم وأبصاركم وأيديكم وأرجلكم وجميع جوارحكم ، وهو حصونكم التي تلجؤن إليها في الشدائد في الدنيا والاخرة ، لا تماطوهم (٣) ولا تخالفوهم ولا تغتابوهم ولا تدعوا نصرتهم ولا معاونتهم ، وابذلوا النفوس والاموال دونهم ، والاقبال على الله

____________________

(١) المحاسن ص ٩.

(٢) المحاسن ص ١٤٣.

(٣) أى لا تفخروا عليهم ويحتمل أن يكون «لا تمايطوهم» أي لا تباعدوهم ، فتحرر.

٢٢٦

عزوجل بالدعاء لهم ، ومواساتهم ومساواتهم في كل ما يجوز فيه المساواة والمواساة ونصرتهم ظالمين ومظلومين بالدفع عنهم.

وروي أنه سئل العالم عليه‌السلام عن الرجل يصبح مغموما لا يدري سبب غمه؟ فقال : إذا أصابه ذلك فليعلم أن أخاه مغموم ، وكذلك إذا أصبح فرحان لغير سبب يوجب الفرح ، فبالله نستعين على حقوق الاخوان والاخ الذي يجب له هذه الحقوق الذي لا فرق بينك وبينه في جملة الدين وتفصيله ، ثم ما يجب له بالحقوق على حسب قرب ما بين الاخوان وبعده بحسب ذلك.

أروي عن العالم عليه‌السلام أنه وقف حيال الكعبة ثم قال : ما أعظم حقك ياكعبة ووالله إن حق المؤمن لاعظم من حقك.

وروي أن من طاف بالبيت سبعة أشواط كتب الله له ستة آلاف حسنة ومحى عنه ستة آلاف سيئة ، ورفع له ستة آلاف درجة ، وقضاء حاجة المؤمن أفضل من طواف وطواف حتى عد عشرة.

٢١ ـ مص : قال الصادق عليه‌السلام : لا يعظم حرمة المسلمين إلا من عظم الله حرمته على المسلمين ومن كان أبلغ حرمة لله ورسوله كان أشد حرمة للمسلمين ، ومن استهان بحرمة المسلمين فقد هتك ستر إيمانه ، قال رسول الله : إن من إجلال الله إعظام ذوي القربى في الاسلام ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من لم يرحم صغيرا ولا يوقر كبيرا فليس منا ، ولا تكفر مسلما بذنب تكفره التوبة إلا من ذكره الله في الكتاب قال الله عزوجل «إن المنافقين في الدرك السفل من النار» (١) واشتغل بشأنك الذي أنت به مطالب (٢).

٢٢ ـ م : قوله عزوجل «صراط الذين أنعمت عليهم» قال الامام عليه‌السلام : «صراط الذين أنعمت عليهم» أي قولوا اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم بالتوفيق لدينك وطاعتك ، وهم الذين قال الله تعالى « ومن يطع الله والرسول فاولئك مع

____________________

(١) النساء : ١٤٥.

(٢) مصباح الشريعة ص ٤٨.

٢٢٧

الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا» (١) ثم قال : ليس هؤلاء المنعم عليهم بالمال وصحة البدن ، وإن كان كل هذا نعمة من الله ظاهرة ألا ترون أن هؤلاء قد يكونون كفارا أو فساقا فما ندبتم بأن تدعوا بأن ترشدوا إلى صراطهم وإنما امرتم بالدعاء لان ترشدوا إلى صراط الذين أنعم عليهم بالايمان بالله وتصديق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبالولاية لمحمد وآله الطيبين وبالتقية الحسنة التي بها يسلم من شر عباد الله ، ومن الزيادة في آثام أعداء الله وكفرهم ، بأن تداريهم ولا تغريهم بأذاك وأذى المؤمنين ، وبالمعرفة بحقوق الاخوان من المؤمنين ، فانه ما من عبد ولا امة والى محمدا وآل محمد ، وعادى من عاداهم إلا كان قد اتخذ من عذاب الله حصنا منيعا وجنة حصينة ولا من عبد ولا أمة دارى عباد الله بأحسن المداراة ، ولم يدخل بها في باطل ، ولم يخرج بها من حق إلا جعل الله نفسه تسبيحا وزكى عمله ، وأعطاه لصبره على كتمان سرنا ، واحتمال الغيظ لما يسمعه من أعدائنا ، ثواب المتشحط بدمه في سبيل الله تعالى.

وما من عبد أخذ نفسه بحقوق إخوانه فوفاهم حقوقهم جهده ، وأعطاهم ممكنه ورضي منهم بعفوهم ، وترك الاستقصاء عليهم ، فما يكون من زللهم غفرها لهم إلا قال الله عز وجل له يوم القيامة : يا عبدي قضيت حقوق إخوانك ، ولم تستقص عليهم فيما لك عليهم ، فأنا أجود وأكرم وأولى بمثل ما فعلته من المسامحة والتكرم فانا أقضيك اليوم على حق وعدتك به ، وأزيدك من فضلي الواسع ، ولا أستقصي عليك في تقصيرك في بعض حقوقي قال : فيلحقه بمحمد وآل محمد وأصحابه ، ويجعلونه من خيار شيعتهم (٢).

٢٣ ـ م : قوله عزوجل «وآتوا الزكوة» أي من المال والجاه وقوة البدن ، فمن المال مواساة إخوانك المؤمنين ، ومن الجاه إيصالهم إلى ما يتقاعسون عنه لضعفهم عن حوائجهم المقررة في صدورهم ، وبالقوة معونة أخ لك قد سقط حماره أو جمله في صحراء

____________________

(١) النساء ص ٦٩.

(٢) تفسير الامام ص ١٦.

٢٢٨

أو طريق وهو يستغيث فلا يغاث تعينه حتى يحمل عليه متاعه ، وتركبه وتنهضه حتى يلحق القافلة ، وأنت في ذلك كله معتقد لموالاة محمد وآله الطيبين وأن الله يزكي أعمالك ويضاعفها بموالاتك لهم وبراءتك من أعدائهم ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ألا فلا تتكلوا على الولاية وحدها ، وأدوا مابعدها من فرائض الله ، وقضاء حقوق الاخوان ، واستعمال التقية فانهما اللذان يتمان الاعمال وينقصان بهما.

٣٤ ـ م : ألا وإن أعظم فرائض الله عليكم بعد فرض موالاتنا ومعاداة أعدائنا استعمال التقية على أنفسكم وإخوانكم ومعارفكم ، وقضاء حقوق إخوانكم في الله ألا وإن الله يغفر كل ذنب بعد ذلك ولا يستقصي فأما هذان فقل من ينجو منهما إلا بعد مس عذاب شديد ، إلا أن يكون لهم مظالم على النواصب والكفار ، فيكون عذاب هذين على اولئك الكفار والنواصب ، قصاصا بمالكم عليهم من الحقوق ، ومالهم إليكم من الظلم ، فاتقوا الله ولا تتعرضوا المقت الله بترك التقية ، والتقصير في حقوق إخوانكم المؤمنين.

٣٥ ـ جع : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مثل مؤمن لا تقية له كمثل جسد لا رأس له ومثل مؤمن لا يرعى حقوق إخوانه المؤمنين كمثل من حواسه كلها صحيحة وهو لا يتأمل بعقله ، ولا يبصر بعينه ، ولا يسمع باذنه ، ولا يعبر بلسانه عن حاجته ، ولا يدفع المكاره عن نفسه بالادلاء بحججه ، ولا يبطش لشئ بيديه ولا ينهض إلى شئ برجليه ، فذلك قطعة لحم قد فاتته المنافع ، وصار غرضا لكل المكاره ، فلذلك المؤمن إذا جهل حقوق إخوانه ، فانه فوات حقوقهم فكان [ بمنزلة ] العطشان بحضرة الماء البارد ، فلم يشرب حتى طفى (١) وبمنزلة ذي الحواس لم يستعمل شيئا منها لدفاع مكروه ولا لانتفاع محبوب ، فاذا هو مسلوب كل نعمة ، مبتلى بكل آفة.

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : التقية من أفضل أعمال المؤمنين ، يصون بها نفسه وإخوانه عن الفاجرين ، وقضاء حقوق الاخوان أشرف أعمال المتقين ، يستجلب مودة الملائكة المقربين ، وشوق الحور العين.

____________________

(١) أى مات.

٢٢٩

وقال الحسن بن علي عليهما‌السلام : إن تقية يصلح الله بها امة ، لصاحبها مثل ثواب أعمالهم ، وتركها بما أهلك امة ، تاركها شريك من أهلكهم ، وإن معرفة حقوق الاخوان تحبب إلى الرحمن ويعظم الزلفى لدى الملك الديان ، وإن ترك قضائها يمقت الرحمن ويصغر الرتبة عند الكريم المنان (١).

٢٦ ـ ختص : عن الحارث ، عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله للمسلم على المسلم ست : يسلم عليه إذا لقيه ، ويسمته إذا عطس ، ويعوده إذا مرض ويجيبه إذا دعاه ، ويشهده إذا توفي ، ويحب له ما يحب لنفسه ، وينصح له بالغيب (٢).

٢٧ ـ ختص : روي عن عبدالعظيم الحسني ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال يا عبدالعظيم أبلغ عني أوليائي السلام ، وقل لهم أن : لا تجعلوا للشيطان على أنفسهم سبيلا ، ومرهم بالصدق في الحديث ، وأداء الامانة ، ومرهم بالسكوت وترك الجدال فيما لا يعنيهم ، وإقبال بعضهم على بعض ، والمزاورة فان ذلك قربة إلي ولا يشغلوا أنفسهم بتمزيق بعضهم بعضا ، فاني آليت على نفسي أنه من فعل ذلك وأسخط وليا من أوليائي دعوت الله ليعذبه في الدنيا أشد العذاب ، وكان في الاخرة من الخاسرين وعرفهم أن الله قد غفر لمحسنهم ، وتجاوز عن مسيئهم إلا ـ من أشرك بي أو آذى وليا من أوليائي أو أضمر له سوء فان الله لا يغفر له حتى يرجع عنه ، فان رجع عنه ، وإلا نزع روح الايمان عن قلبه ، وخرج عن ولايتي ، ولم يكن له نصيب في ولايتنا ، وأعوذ بالله من ذلك (٣).

٢٨ ـ كتاب قضاء الحقوق للصوري قال أمير المؤمنين عليه‌السلام فيما أوصى به رفاعة بن شداد البجلي قاضي الاهواز في رسالة إليه : دار المؤمن ما استطعت فان ظهره حمى الله ونفسه كريمة على الله ، وله يكون ثواب الله ، وظالمه خصم الله ، فلا تكن خصمه.

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يكلف المؤمن أخاه الطلب إليه إذا علم حاجته.

____________________

(١) جامع الاخبار ص ١١٠ و ١١١.

(٢) الاختصاص ص ٢٣٣.

(٣) الاختصاص : ٢٤٧.

٢٣٠

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله مخاطبا للمؤمنين « تزاوروا وتعاطفوا وتباذلوا ، ولا تكونوا بمنزلة المنافق الذي يصف ما لا يفعل».

وباسناده عن جعفر بن محمد العاصمي قال : حججت ومعي جماعة من أصحابنا فأتيت المدينة فأفردوا لي مكانا ننزل فيه فاستقبلنا أبوالحسن موسى عليه‌السلام على حمار أخضر يتبعه طعام ، ونزلنا بين النخل ، فجاء ونزل وأتى بالطست والاشنان فبدأ بغسل يديه وادير الطشت عن يمينه حتى بلغ آخرنا ثم اعيد إلى من على يساره حتى أتى على آخرنا ، ثم قدم الطعام فبدأ بالملح ثم قال : كلوا بسم الله ثم ثنى بالخل ثم اتي بكتف مشوى فقال : كلوا بسم الله هذا طعام كان يعجب رسول الله ، ثم اتي بسكباج فقال كلوا بسم الله فهذا طعام كان يعجب أمير المؤمنين ثم اتي بلحم مقلو فيه باذنجان فقال : كلوا بسم الله الرحمن الرحيم فان هذا طعام كان يعجب الحسن عليه‌السلام ثم اتي بلبن حامض قد ثرد فيه فقال : كلوا بسم الله فهذا طعام كان يعجب الحسين فأكلنا ، ثم اتي بأضلاع باردة فقال : كلوا بسم الله فان هذا طعام كان يعجب علي بن الحسين ، ثم اتي بجبن مبزر (١) ثم قال : كلوا بسم الله فان هذا طعام كان يعجب محمد بن علي عليه‌السلام ثم اتي بلوز (٢) فيه بيض كالعجة فقال : كلوا بسم الله فان هذا طعام كان يعجب أبا عبدالله عليه‌السلام ثم اتي بحلواء ثم قال : كلوا فان هذا طعام يعجبني ورفعت المائدة.

فذهب أحدنا ليلقط ما كان تحتها فقال عليه‌السلام : مه إن ذلك يكون في المنازل تحت السقوف فأما في مثل هذا المكان فهو لعامة الطير والبهائم ، ثم اتي بالخلال فقال : من حق الخلال أن تدير لسانك في فيك ، فما أجابك ابتلعته ، وما امتنع فبالخلال ، واتي بالطست والماء فابتدأ بأول من على يساره حتى انتهى إليه فغسل ثم فغسل من على يمينه إلى آخرهم.

ثم قال : ياعاصم كيف أنتم في التواصل والتواسي؟ قلت : على أفضل ما كان

____________________

(١) جبن مبزر ، جعل فيه الابازير ، وهى ما يطيب الغذاء.

(٢) في بعض النسخ «بتور» والوتور الاناء الصغير ، والعجة بالضم : طعام يتخذ من البيض والدقيق والسمن أو الزيت ، ولعل فارسيته «خاكينه».

٢٣١

عليه أحد ، قال : أيأتي أحدكم إلى دكان أخيه أو منزله عند الضائقة فيستخرج كيسه ويأخذ ما يحتاج إليه فلا ينكر عليه؟ قال : لا ، قال : فلستم على ما أحب في التواصل.

أقول : قد مر برواية اخرى في باب جوامع آداب الاكل (١).

ومن الكتاب المذكور باسناده ، عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنه قال : يا مفضل كيف حال الشيعة عندكم؟ قلت : جعلت فداك ما أحسن حالهم؟ وأوصل بعضهم بعضا؟ وأبر بعضهم ببعض؟ قال : أيجئ الرجل منكم إلى أخيه فيدخل يده في كيسه ويأخذ منه حاجته لا يجبهه ولا يجد في نفسه ألما؟ قال : قلت : لا والله ما هم كذا ، قال : والله لو كانوا ثم اجتمعت شيعة جعفر بن محمد على فخذ شاة لاصدرهم.

وبإسناده ، عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : ما عبدالله بشئ أفضل من أداء حق المؤمن ، وقال عليه‌السلام : إن لله تبارك وتعالى حرمات : حرمة كتاب الله ، وحرمة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وحرمة بيت المقدس ; وحرمة المؤمن.

وبإسناده ، عن عبدالمؤمن الانصاي قال : دخلت على أبي الحسن موسى عليه‌السلام وعنده محمد بن عبدالله بن محمد الجعفي فتسمت إليه فقال : اتحبه؟ قلت : نعم ، وما أحببته إلا ، فيكم ، فقال : هو أخوك ، المؤمن أخو المؤمن لامه وأبيه ، فملعون من غش أخاه وملعون من لم ينصح أخاه ، وملعون من حجب أخاه ، وملعون من اغتاب أخاه.

وباسناده قال : سئل عن الرضا عليه‌السلام ما حق المؤمن على المؤمن؟ فقال : إن من حق المؤمن على المؤمن المودة له في صدره ، والمواساة له في ماله ، والنصرة له على من ظلمه ، وإن كان فئ للمسلمين وكان غائبا أخذله بنصيبه ، وإذا مات فالزيارة إلى قبره ، ولا يظلمه ولا يغشه ولا يخونه ولا يخذله ولا يغتابه ولا يكذبه ، ولا يقول له اف فإذا قال له اف فليس بينهما ولاية ، وإذا قال له أنت عدوي فقد كفر أحدهما صاحبه ، وإذا اتهمه انماث الايمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء.

____________________

(١) ومر أيضا في ج ٤٨ ص ١١٧ من هذه الطبعة عن مكارم الاخلاق ص ١٦٥.

٢٣٢

ومن أطعم مؤمنا كان أفضل من عتق رقبة ، ومن سقى مؤمنا من ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم ، ومن كسى مؤمنا من عرى كساه الله من سندس وحرير الجنة ومن أقرض مؤمنا قرضا يريد به وجه الله عزوجل حسب له ذلك بحساب الصدقة حتى يؤديه إليه ، ومن فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب الآخرة ، ومن قضى لمؤمن حاجة كان أفضل من صيامه واعتكافه في المسجد الحرام وإنما المؤمن بمنزلة الساق من الجسد وإن أبا جعفر الباقر عليه‌السلام استقبل الكعبة وقال : الحمد لله الذي كرمك وشرفك وعظمك ، وجعلك مثابة للناس وأمنا والله لحرمة المؤمن أعظم حرمة منك ، ولقد دخل عليه رجل من أهل الجبل فسلم عليه ، فقال له عند الوداع : أوصني فقال : اوصيك بتقوى الله وبر أخيك المؤمن فأحببت له ما تحب لنفسك ، وإن سألك فأعطه ، وإن كف عنك فاعرض عليه ، لا تمله فانه لا يملك ، وكن له عضدا ، فان وجد عليك فلا تفارقه حتى تسل سخيمته ، فان غاب فاحفظه في غيبته ، وإن شهد فاكنفه ، واعضده ، وزره وأكرمه ، والطف به ، فانه منك وأنت منه ، وفطزك لاخيك المؤمن ، وإدخال السرور عليه أفضل من الصيام و أعظم أجرا (١).

٢٩ ـ نوادر الراوندى : بإسناده ، عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : المؤمن مرآة لاخيه المؤمن ، ينصحه إذا غاب عنه ، و يميط عنه ما يكره إذا شهد ، ويوسع له في المجلس (٢).

٣٠ ـ أقول : وجدت بخط محمد بن علي الجباعي نقلا من خط الشيخ الشهيد رحمه‌الله ما هذه صورته : من كتاب المؤمن لابن سعيد الحسين الاهوازي وأصله كوفي بإسناده عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لا والله لا يكون [ المؤمن ] مؤمنا أبدا حتى يكون لاخيه مثل الجسد : إذا ضرب عليه عرق واحد تداعت له سائر عروقه.

____________________

(١) سيأتى مضمون هذه الاحاديث مستخرجة عن الكافى وبعدها بيان مفصل أغنانا عن تكرارها فراجع الرقم ٣٩ وما بعده.

(٢) نوادر الراوندى ص ٨.

٢٣٣

وعنه عليه‌السلام أنه قال : لكل شئ شئ يستريح إليه ، وإن المؤمن يستريح إلى أخيه المؤمن كما يستريح الطير إلى شكله ، وعن أبي جعفر عليه‌السلام قال : المؤمنون في تبارهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى تداعى له سائره بالسهر والحمى.

وعن المعلى بن خنيس قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : ما حق المؤمن على المؤمن؟ قال : إني عليك شفيق ، إني أخاف أن تعلم ولا تعمل ، وتضيع ولا تحفظ قال : فقلت : لا حول ولا قوة إلا بالله ، قال : للمؤمن على المؤمن سبعة حقوق واجبة ليس منها حق إلا وهو واجب على أخيه ، إن ضيع منها حقا خرج من ولاية الله ، وترك طاعته ، ولم يكن له فيها نصيب.

أيسر حق منها أن تحب له ما تحب لنفسك ، وأن تكره له ما تكره لنفسك والثاني أن تعينه بنفسك ومالك ، ولسانك ، ويديك ، ورجليك ، والثالث أن تتبع رضاه ، وتجتنب سخطه ، وتطيع أمره ، والرابع أن تكون عينه ودليله ومرآته ، و الخامس لا تشبع ويجوع ، وتروي ويظمأ ، وتكسى ويعرى ، والسادس أن يكون لك خادم وليس له خادم أولك امرأة تقوم عليك ، وليس له امرأة تقوم عليه ، أن تبعث خادمك تغسل ثيابه وتصنع طعامه ، وتهيئ فراشه ، والسابع تبر قسمه ، وتجيب دعوته وتعود مرضته ، وتشهد جنازته ، وإن كانت له حاجة تبادر مباردة إلى قضائها ، ولا تكلفه أن يسألكها ، فإذا جعلت ذلك وصلت ولا يتك بولايته ، وولايته بولايتك.

وعن المعلى مثله ، وقال في حديثه : فاذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايته وولايته بولاية الله عزوجل.

وقال : أحبب لاخيك المسلم ما تحب لنفسك ، فإذا احتجت فسله ، وإذا سألك فأعطه ، ولا تمله خيرا ولا يمل لك ، كن له ظهرا فانه لك ظهير ، واحفظه في غيبته ، و إن شهد فزره وأجله وأكرمه فانه منك وأنت منه ، وإن كان عليك عانبا فلا تفارقه حتى تسل سخيمته ، وإن أصابه خير فاحمدالله عزوجل وإن ابتلي فأعطه ، وتحمل عنه وأعنه.

٢٣٤

نصر بن قابوس قال : قلت لابي الحسن الماضي عليه‌السلام بلغني عن أبيك [ الحسين ظ ] أنه أتاه آت فاستعان به عليه‌السلام على حاجة ، فذكر له أنه معتكف ، فأتى الحسن (١) عليه‌السلام فذكر له ذلك فقال : أما علم أن المشي في حاجة المؤمن حتى يقضيها خير من اعتكاف شهرين متتابعين في المسجد الحرام بصيامها؟ ثم قال أبوالحسن عليه‌السلام : و من اعتكاف الدهر (٢).

٣١ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمد بن هارون بن حميد وعبدالله بن محمد بن عبدالعزيز ، عن بكر بن شيبة ، عن أبي الاحوص ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : للمسلم على المسلم ست خصال بالمعروف : يسلم عليه إذا لقيه ، ويجيبه إذا دعاه ، ويسمته إذا عطس ويعوده إذا مرض ، ويحضر جنازته إذا مات ، ويحب له ما يحب لنفسه (٣).

٣٢ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمود بن محمد بن مهاجر ; عن صالح ابن زيد ، عن نصر بن حريش ، عن روح بن مسافر ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث عن علي عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : للمسلم على المسلم ست خصال بالمعروف يسلم عليه إذا لقيه ، ويسمته إذا عطس ، ويعوده إذا مرض ، ويشهد جنازته إذا مات ويجيبه إذا دعاه ، ويحب له ما يحب لنفسه ، ويكره له ما يكره لنفسه بظهر العيب (٤).

٣٣ ـ ما : المفيد ، عن علي بن بلال ، عن علي بن سليمان ، عن جعفر بن محمد بن مالك رفعه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من صحب مؤمنا أربعين خطوة سأله الله عنه يوم القيامة (٥).

____________________

(١) في الكمبانى : أبا الحسن وهو سهو ظاهر.

(٢) أقول : هذه الاحاديث قد مر نقلها عن سائر المصادر بلفظها وسندها ، كما سيجئ بعضها عن الكافى مع توضيحها وفيه على ما سيجئ تحت الرقم ١١٣ من الباب ٢٠ حديث مثل ذلك وفيه أن المعتكف كان هو الحسين بن على عليهما‌السلام وبعده بيان مفصل للمؤلف رحمه‌الله فراجع.

(٣ ـ ٤) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٢٤٨.

(٥) المصدر ج ٢ ص ٢٧ وهكذا ما بعده.

٢٣٥

٣٤ ـ ما : قال المفيد : رأيت في بعض الاصول حديثا لم يحضرني الآن إسناده ، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : من صحب أخاه المؤمن في طريق فتقدمه فيه بقدر ما يغيب عنه بصره ، فقد أشاط بدمه وأعان عليه.

٣٥ ـ كنز الكراجكى : باسناد مذكور في المناهي عن يونس بن يعقوب ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ملعون ملعون رجل يبدؤه أخوه بالصلح فلم يصالحه.

٣٦ ـ منه : عن الحسين بن محمد بن علي الصيرفي ، عن محمد بن عمر الجعابي عن القاسم بن محمد بن الجعفر العلوي ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : للمسلم على أخيه ثلاثون حقا لا براءة له منها إلا بالاداء أو العفو يغفر زلته ، ويرحم عبرته ، ويستر عورته ، ويقيل عثرته ، ويقبل معذرته ، ويرد غيبته ، ميديم نصيحته ، ويحفظ خلته ، ويرعى ذمته ، ويعود مرضته ، ويشهد ميته ، و يجيب دعوته ، ويقبل هديته ، ويكا فئ صلته ، ويشكر نعمته ، ويحسن نصرته ، و يحفظ حليلته ، ويقضي حاجته ، ويشفع مسألته ، ويسمت عطسته ، ويرشد ضالته ويرد سلامه ، ويطيب كلامه ، ويبر إنعامه ، ويصدق أقسامه ، ويوالي وليه ، ولا يعاديه ، وينصره ظالما ومظلوما : فأما نصرته ظالما فيرده عن ظلمه ، وأما نصرته مظلوما فيعينه على أخذ حقه ، ولا يسلمه ، ولا يخذله ، ويحب له من الخير ما يحب لنفسه ويكره له من الشر ما يكره لنفسه.

ثم قال عليه‌السلام : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إن أحدكم ليدع من حقوق أخيه شيئا فيطالبه به يوم القيامة فيقضى له وعليه.

٣٧ ـ ومنه : باسناده ; عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : تعرض أعمال الناس في كل جمعة مرتين : يوم الاثنين ويوم الخميس ، فيغفر لكل عبد مؤمن إلا من كانت بينه وبين أخيه شحناء ، فيقال : اتركوا هذين حتى يصطلحا.

٣٨ ـ عدة الداعى : عنهم عليهم‌السلام قال : لا يكمل عبد حقيقة الايمان حتى يحب أخاه المؤمن. وعنهم عليهم‌السلام شيعتنا : المتحابون المتباذلون فينا.

وقال عبدالمؤمن الانصاري : دخلت على الامام أبي الحسن موسى بن جعفر

٢٣٦

عليه‌السلام وعنده محمد بن عبدالله بن محمد الجعفري (١٢) فتبسمت إليه فقال ; أتحبه؟ قلت : نعم ، وما أحببته إلا لكم ، قال عليه‌السلام : هو أخوك ، والمؤمن أخو المؤمن لابيه وامه ملعون ملعون من اتهم أخاه ، ملعون ملعون من غش أخاه ، ملعون ملعون من لم ينصح أخاه ، ملعون ملعون من استأثر على أخيه ، ملعون ملعون من احتجب عن أخيه ملعون ملعون من اغتاب أخاه.

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : أوثق عرى الايمان الحب في الله ، والبغض في الله.

وقال الصادق عليه‌السلام : لكل شئ شئ يستريح إليه ، وإن المؤمن يستريح إلى أخيه المؤمن كما يستريح الطير إلى شكله ، أو ما رأيت ذلك؟ وقال عليه‌السلام : المؤمن أخو المؤمن هو عينه ومرآته ودليله ، لا يخونه ولا يخدعه ولا يظلمه ولا يكذبه ولا يغتابه.

٣٩ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : من حق المؤمن على أخيه المؤمن أن يشبع جوعته ; ويواري عورته ، ويفرج عنه كربته ، ويقضي دينه ، فإذا مات خلفه في أهله وولده (٢).

بيان : «أن يشبع جوعته» إسناد الشبع إلى الجوعة مجاز ، يقال : أشبعته أي أطعمته حتى شبع ، وفي المصباح جاع الرجل جوعا والاسم الجوع والجوعة «ويواري» أي يستر «عورته» وهي كلما يستحى منه إذا ظهر ، وما يجب ستره من الرجل القبل والدبر ومن المرأة جميع الجسد إلا ما استثني والامة كالحرة إلا في الرأس ، والظاهر أن المراد هنا أعم من ذلك ; بل المراد إلباسه باللباس المتعارف بما هو عادة أمثاله ، و فسر في بعض الروايات قوله عليه‌السلام : «عورة المؤمن على المؤمن حرام» أن المراد بها عيوبه ، ويحتمل هنا ذلك ، لكنه بعيد ، والكربة بالضم اسم من كربه الامر فهو مكروب أي أهمه وأحزنه ، وقضاء الدين أعم من أن يكون في حال الحياة أو

____________________

(١) مر تحت الرقم ٢٨ وفيه الجعفى وهو الصحيح.

(٢) الكافى ج ٢ ص ١٦٩. وفى نسخة الكمبانى زاد في الهامش قبل رمز كا : «اعلام الدين» فكأن الحديث يوجد في «اعلام الدين» أيضا.

٢٣٧

بعد الموت ، وقوله «خلفه» كنصره أي كان عوضه وخليفته في قضاء حوائج أهله وولده ورعايتهم ، قال في النهاية : خلفت الرجل في أهله إذا قمت بعده فيهم ، وقمت عنه بما كان يفعله ، وفي الدعاء للميت «اخلفه في عقبه» أي كن لهم بعده.

٤٠ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن عبدالله بن بكير الهجري ، عن معلى بن خنيس ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت له : ما حق المسلم على المسلم؟ قال : له سبع حقوق واجبات ما منهن حق إلا وهو عليه واجب ، إن ضيع منها شيئا خرج من ولاية الله وطاعته ، ولم يكن لله فيه من نصيب قلت له : جعلت فداك وما هي؟ قال يا معلى إني عليك شفيق أخاف أن تضيع ولا تحفظ وتعلم ولا تعمل ، قال قلت له : لا قوة إلا بالله.

قال : أيسر حق منها أن تحب له ما تحب لنفسك ، وتكره له ما تكره لنفسك والحق الثاني أن تجتنب سخطه وتتبع مرضاته ، وتطيع أمره ، والحق الثالث أن تعينه بنفسك ، ومالك ولسانك ويدك ورجلك ، والحق الرابع أن تكون عينه ودليله ومرآته ، والحق الخامس لا تشبع ويجوع ، ولا تروى ويظمأ ، ولا تلبس ويعرى والحق السادس أن يكون لك خادم وليس لاخيك خادم فواجب أن تبعث خادمك فيغسل ثيابه ، ويصنع طعامه ، ويمهد فراشه ، والحق السابع أن تبر قسمه ، وتجيب دعوته ، وتعود مريضه ، وتشهد جنازته وإذا علمت أن له حاجة تبادره إلى قضائها ولا تلجئه أن يسألكها ، ولكن تبادره مبادرة ، فاذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايته وولايته بولايتك (١).

تبيان : «واجبات» بالجر صفة للحقوق ، وقيل : أو بالرفع خبرا للسبع ويمكن حمل الوجوب على الاعم من المعنى المصطلح والاستحباب المؤكد إذ لا أظن أحدا قال بوجوب أكثر ما ذكر مع تضمنه للحرج العظيم «من ولاية الله» أي محبته سبحانه أو نصرته ، والاضافة إما إلى الفاعل أو إلى المفعول ، وفي النهاية الولاية بالفتح في النسب والنصرة والمعتق ، والولاية بالكسر في الامارة والولاء في المعتق

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ١٦٩.

٢٣٨

والموالاة من والى القوم ، وفي القاموس الولي القرب والدنو والولي الاسم منه ، والمحب والصديق والنصير ، وولي الشئ وعليه ولاية وولاية أو هي المصدر ، وبالكسر الخطة والامارة والسلطان ، وتولاه اتخذه وليا ، والامر تقلده ، وإنه لبين الولاءة والولية والتولي والولاء والولاية وتكسر ، والقوم على ولاية واحدة وتكسر أي يد انتهى (١).

قوله «ولم يكن لله فيه من نصيب» أي لا يصل شئ من أعماله إلى الله ولا يقبلها ، أو ليس هو من السعداء الذين هم حزب الله ، بل هو من الاشقياء الذين هم حزب الشيطان ، وحمل جميع ذلك على المبالغة وأنه ليس من خلص أولياء الله.

ثم الظاهر أن هذه الحقوق بالنسبة إلى المؤمنين الكاملين أو الاخ الذي واخاه في الله ، وإلا فرعاية جميع ذلك بالنسبة إلى جميع الشيعة حرج عظيم ، بل ممتنع إلا أن يقال إن ذلك مقيد بالامكان بل السهولة ، بحيث لا يضر بحاله.

وبالجملة هذا أمر عظيم يشكل الاتيان به ، والاطاعة فيه ، إلا بتأييده سبحانه ، قوله «إني عليك شفيق» أى خائف أن لا تعمل أو متعطف محب من أشفقت على الصغير أي حنوت وعطفت ، ولذا لا أذكرها لك ، لاني أخاف أن تضيع ولا تعتني بشأنه ولا تحفظه وتنساه ، أولا ترويه أولا تعمل به ، فالفقرة الاتية مؤكدة ، وعلى التقادير يدل على أن الجاهل معذور ، ولا ريب فيه إن لم يكن له طريق إلى العلم.

لكن يشكل توجيه عدم ذكره عليه‌السلام ذلك وإبطائه فيه للخوف من عدم عمله به ، وتجويز مثل ذلك مشكل ، وإن ورد مثل ذلك في بيان وجوب الغسل على النساء في احتلامهن حيث ورد النهي عن تعليمهن هذا الحكم ، لئلا يتخذنه علة ، مع أن ظاهر أكثر الايات والاخبار وجوب التعليم والهداية وإرشاد الضال ، لا سيما بالنسبة إليهم عليهم‌السلام مع عدم خوف وتقية كما هو ظاهر هذا المقام ، وقد قال تعالى «إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب فاولئك

____________________

(١) القاموس ج ٤ ص ٤٠١.

٢٣٩

يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون» (١) وأمثالها كثيرة.

ويمكن الجواب عنه بوجهين : الاول أن الظاهر أن غرضه عليه‌السلام من هذا الامتناع لم يكن ترك ذكره والاعراض عنه ، بل كان الغرض تشويق المخاطب إلى استماعه وتفخيم الامر عليه ، وأنه أمر شديد أخاف أن لا تعمل به فتستحق العقاب ولم يصرح عليه‌السلام بأني لا أذكره لك لذلك ، ولا أنك مع عدم العلم معذور بل إنما أكد الامر الذي أراد إلقاءه عليه ، بتأكيدات ، لتكون أدعى له على العمل به.

كما إذا أراد الامير أن يأمر بعض عبيده وخدمه بأمر صعب ، فيقول قبل أن يأمره به : اريد أن اوليك أمرا صعبا عظيما وأخاف أن لا تعمل به لصعوبته ، وليس غرضه الامتناع عن الذكر بل التأكيد في الفعل.

والثاني أن يكون هذا مؤيدا لاستحباب هذه الامور ، ووجوب بيان المستحبات لجميع الناس لا سيما لمن يخاف عليه عدم العمل به غير معلوم ، خوصا إذا ذكره عليه‌السلام لبعض الناس بحيث يكفي لشيوع الحكم وروايته ، وعدم صيرورته متروكا بين الناس بل يمكن أن يكون عدم ذكره إذا خيف استهانته بالحكم واستخفافه به ، أفضل وأصلح بالنسبة إلى السامع ، إذ ترك المستحب مع عدم العلم به أولى بالنسبة إليه من استماعه وعدم الاعتناء بشأنه وكلا الوجهين اللذين خطرا بالبال حسن ولعل الاول أظهر وأحسن وأمتن.

وقوله «لا قوة إلا بالله» إظهار للعجز عن الاتيان بطاعة الله ، كما يستحقه وطلب للتوفيق منه تعالى ضمنا «أن تجتنب سخطه» أي في غيرما يسخط الله «وتتبع مرضاته» مصدر أي رضاه ، فيما لم يكن موجبا لسخط الله ، وكذا إطاعة الامر مقيد بذلك ، وكأن عدم التقييد في تلك الفقرات يؤيد كون المراد بالاخ الصالح الذي يؤمن من ارتكاب غير ما يرضى الله غالبا.

«بنفسك» بأن تسعي في حوائجه بنفسك «وبمالك» بالمواساة والايثار والانفاق وقضاء الدين ونحو ذلك ، قبل السؤال وبعده والاول أفضل «ولسانك» بأن تعينه

____________________

(١) البقرة : ١٥٩.

٢٤٠