بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٢٩
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

٨٣ ـ كا : عن العدة ، عن سهل ، عن جعفر بن محمد الاشعري ، عن عبدالله القداح ، عن أبي عبيدة الحذاء ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن أعجل الخير ثوابا صلة الرحم (١).

بيان : «إن أعجل الخير ثوابا» لان كثيرا من ثوابها يصل إلى الواصل في الدنيا ، مثل زيادة العمر والرزق ومحبة الاهل ونحوها.

٨٤ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من سره النسأ في الاجل ، والزيادة في الرزق فليصل رحمه (٢).

بيان : النسأ بالفتح أو كسحاب كما مر.

٨٥ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار قال قال أبوعبدالله عليه‌السلام : ما نعلم شيئا يزيد في العمر إلا صلة الرحم حتى أن الرجل يكون أجله ثلاث سنين ، فيكون وصولا للرحم ، فيزيد الله في عمره ثلاثين سنة فيجعلها ثلاثا وثلاثين سنة ، ويكون أجله ثلاثا وثلاثين سنة ، فيكون قاطعا للرحم فينقصه الله ثلاثين سنة ويجعل أجله إلى ثلاث سنين (٣).

كا : عن الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشاء ، عن الرضا عليه‌السلام مثله (٤)

بيان : قوله عليه‌السلام «ما نعلم شيئا» يدل على أن غيرها لا تصير سببا لزيادة العمر وإلا كان هو عليه‌السلام عالما به ، ولعله محمول على المبالغة أي هي أكثر تأثيرا من غيرها ، وزيادة العمر بسببها أكثر من غيرها. أو هي مستقلة في التأثير وغيرها مشروط بشرائط ، أو يؤثر منضما إلى غيره لانه قد وردت الاخبار في أشياء غيرها من الصدقة والبر وحسن الجوار وغيرها أنها تصير سببا لزيادة العمر.

٨٦ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن عثمان بن عيسى ، عن يحيى ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين : لن يرغب المرء عن عشيرته وإن كان ذا مال وولد ، وعن مودتهم وكرامتهم ، ودفاعهم بأيديهم وألسنتهم ، هم أشد

____________________

(١ ـ ٤) المصدر ج ٢ : ١٥٢ و ١٥٣.

١٢١

الناس حيطة من ورائه وأعطفهم عليه ، وألمهم لشعثه ، إن أصابته مصيبة أو نزل به بعض مكاره الامور ، ومن يقبض يده عن عشيرته فانما يقبض عنهم يدا واحدة ، ويقبض عنه منهم أيد كثيرة.

ومن يلن حاشيته يعرف صديقه منه المودة ، ومن بسط يده بالمعروف ـ إذا وجده ـ يخلف الله له ما أنفق في دنياه ، ويضاعف له في آخرته ، ولسان الصدق للمرء يجعله الله في الناس خير [ أ ] من المال يأكله ويورثه ، لا يزدادن أحدكم كبرا وعظما في نفسه ونأيأ عن عشيرته إن كان موسرا في المال ، ولا يزدادن أحدكم في أخيه زهدا ولا منه بعدا إذا لم ير منه مروة ، وكان معوزا في المال ، ولا يغفل أحدكم عن القرابة بها لخصاصة أن يسدها بما لا ينفعه إن أمسكه ، ولا يضره إن استهلكه (١) تبيين : لن يرغب المرء نهي مؤكد مؤبد في صورة النفي ، وفي بعض النسخ لم يرغب «وإن كان ذا مال وولد» فلا يتكل عليهما فانهما لا يغنيانه عن العشيرة وعشيرة الرجل قبيلته وقيل بنو أبيه الادنون ، «وعن مودتهم وكرامتهم» الاضافة فيهما إلى الفاعل أو إلى المفعول ، والاول أنسب بقوله «ودفاعهم بأيديهم وألسنتهم» فان الاضافة فيه إلى الفاعل ، وكون الجمع باعتبار عموم المرء بعيد جدا وسيأتي نقلا من النهج ما يعين الاضافة إلى الفاعل ، ويحتمل أن يكون المراد بكرامتهم رفعة شأنهم بين الناس لا إكرامهم له.

«هم أشد الناس حيطة» أي حفظا ، في القاموس حاطه حوطا وحيطة وحياطة : حفظه وصانه وتعهده ، والاسم الحوطة والحيطة ، ويكسر انتهى وهذا إذا كان حيطة بالكسر كما في بعض نسخ النهج ، وفي أكثرها حيطة كبينة بفتح الباء وكسر الياء المشددة (٢) وهي التحنن «من ورائه» أي في غيبته ، وقيل أي في الحرب والاظهر عندي أنه إنما نسب إلى الوراء لانها الجهة التي لا يمكن التحرز منها

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ١٥٤.

(٢) ضبطه في أقرب الموارد نقلا عن الصحاح حيطة بالفتح وفى الصحاح المطبوع ص ١١٢١ ضبط بالكسر.

١٢٢

ولذا يشتق الاستظهار من الظهر ، وعطف عليه أي أشفق ، وفي النهاية الشعث انتشار الامر ، ومنه قولهم : لم الله شعثه ، ومنه حديث الدعاء أسألك رحمة تلم بها شعثي أي تجمع بها ما تفرق من أمري.

«ومن يقبض يده» قد مر في باب المداراة (١) أنه يحتمل أن يكون المراد باليد هنا النعمة والمدد والاعانة ، أو الضرر والعداوة ، وكأن الاول هنا أنسب «ومن يلن حاشيته» قال في النهاية في حديث الزكاة خذ من حواشي أموالهم : هي صغار الابل كابن مخاض ، وابن لبون ، واحدها حاشية ، وحاشية كل شئ جانبه وطرفه ومنه أنه كان يصلي في حاشية المقام أي جانبه وطرفه تشبيها بحاشية الثوب ، وفي القاموس الحاشية جانب الثوب وغيره وأهل الرجل وخاصته وناحيته وظله ، انتهى.

وقيل : المراد خفض الجناح ، وعدم تأذي من يجاوره ، وقيل يعني لين الجانب وحسن الصحبة مع العشيرة وغيرهم ، موجب لمعرفتهم المودة منه. ومن البين أن ذلك موجب لمودتهم له ، فلين الجانب مظهر للمودة من الجانبين ، وقيل : «يلن» إما بصيغة المعلوم من باب ضرب أو باب الافعال ، والحاشية الاقارب والخدمة ، أي من جعلهم في أمن وراحة ، تعتمد الاجانب على مودته.

وأقول : الظاهر أنه من باب الافعال ، والمعنى من أدب أولاده وأهاليه وعبيده وخدمه باللين وحسن المعاشرة والملاطفة بالعشائر وسائر الناس ، يعرف أصدقاؤه أنه يودهم ، وإن أكربهم بنفسه وأذاه خدمه وأهاليه لا يعتمد على مودته كما هو المجرب وفي النهج «ومن تلن حاشيته يستدم من قومه المودة» فيحتمل الوجهين أيضا بأن يكون المراد لين جانبه وخفض جناحه ، أو لين خدمه وأتباعه.

«يخلف الله» على بناء الافعال «في دنياه» متعلق بيخلف إشارة إلى قوله تعالى «قل ما أنفقتم من شئ فهو يخلفه (٢)» «ولسان الصدق للمرء» أي الذكر الجميل له بعده ، اطلق اللسان واريد به ما يوجد به ، أو من يذكر المرء بالخير وإضافته

____________________

(١) يعنى باب المدارة في الكافى ج ٢ ص ١١٦.

(٢) سبأ : ٣٩.

١٢٣

إلى الصدق لبيان أنه حسن وصاحبه مستحق لذلك الثناء ، ويجعله صفة للسان لانه في قوة لسان صدق أو حال و «خير» خبره ، وفي بعض النسخ «خيرا» بالنصب فيحتمل نصب لسان من قبيل ما اضمر عامله على شريطة التفسير ، ورفعه بالابتداء و «يجعله» خبره و «خيرا» مفعول ثان ليجعله.

وعلى التقادير فيه ترغيب على الانفاق على العشيرة ، فانه سبب للصيت الحسن وأن يذكره الناس بالاحسان ، وكذلك يذكره من أحسن إليه بإحسانه ، وسائر صفاته الجميلة ، وقال تعالى «وجعلنا لهم لسان صدق عليا» وقال حاكيا عن إبراهيم عليه‌السلام «واجعل لي لسان صدق في الاخرين» (١).

«كبرا» تميز ، وكذا «عظما» و «نأيا» أي بعدا «ان كان» بفتح الهمزة أي من أن أو بكسرها حرف شرط ، وعلى هذا التقييد ليس لان في غير تلك الحالة حسن ، بل لان الغالب حصول تلك الاخلاق الذميمة في تلك الحالة وقوله عليه‌السلام «في أخيه» متعلق بزهدا ، و «منه» متعلق بقوله «بعدا» وقوله «إذا لم ير» مؤيد لشرطية إن ، والتقييد على نحو ما مر و «والمروءة» بالهمز وقد يخفف بالتشديد : الانسانية وهي الصفات التي يحق للمرء أن يكون عليها ، وبها يمتاز عن البهائم والمراد هنا الاحسان واللطف والعطاء «والمعوز» على بناء اسم الفاعل ويحتمل المفعول القليل المال.

في القاموس عوز الرجل كفرح افتقر كأعوز وأعوزه الشئ احتاج إليه والدهر أحوجه «والخصاصة» الفقر والخلل وجملة «بها الخصاصة» صفة للقرابة أو حال عنها «أن يسدها» بدل اشتمال للقرابة أي عن أن يسدها ، وضمير «يسدها» للخصاصة ، والعائد محذوف أي عنها ، أو للقرابة وإسناد السد إليها مجاز أي يسد خلتها ، وسد الخلل إصلاحه وسد الخلة إذهاب الفقر «بما لا ينفعه إن أمسكه أي بالزائد عن قدر الكفاف ، فان إمساكه لا ينفعه بل يبقى لغيره ، واستهلاكه وإنفاقه

____________________

(١) مريم : ٥٠ والشعراء : ٨٤.

١٢٤

لا يضره أو بمال الدنيا مطلقا فان شأنه ذلك والرزق على الله.

أو المراد بقليل من المال كدرهم ، فانه لا يتبين إنفاق ذلك في ماله والمستحق ينتفع به والاول أظهر. [ وفي النهج» بالذي لا يزيده إن أمسكه ، ولا ينقصه إن أهلكه ] (١) وقيل : الضمير في «لا يزيده» (٢) عائد إلى الموصول ولا يخفى بعده بل هو عائد إلى الرجل.

٨٧ ـ كا : عن العدة ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن عثمان بن عيسى ، عن سليمان ابن هلال قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام إن آل فلان يبر بعضهم بعضا ويتواصلون فقال : اذا تنمي أموالهم وينمون فلا يزالون في ذلك حتى يتقاطعوا فاذا فعلوا ذلك انقشع عنهم (٣).

بيان : تنمي أموالهم على بناء الفاعل أو المفعول وكذا ينمون يحتملهما ، و نموهم كثرة أولادهم وزيادتهم عددا وشرفا ، في القاموس نما ينموا نموا زاد كنمى ينمي نميا ونميا [ ونماء ] ونمية وأنمى ونمى (٤) وفي المصباح نمى الشئ ينمي من باب رمى نماء بالفتح والمد كثر ، وفي لغة ينمو نموا من باب قعد ويتعدى بالهمزة والتضعيف انتهى والمشار إليه بذلك أولا النمو وثانيا التقاطع «انقشع» أي انكشف وزال نمو الاموال والانفس عنهم قال في القاموس قشع القوم كمنع فرقهم فأقشعوا نادر ، والريح السحاب كشفته كأقشعته ، فأقشع وانقشع وتقشع (٥).

٨٨ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن غير واحد ، عن زياد القندي ، عن عبدالله ابن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إن القوم ليكونون فجرة ولا يكونون بررة ، فيصلون أرحامهم فتنمي أموالهم ، وتطول أعمارهم ، فكيف

____________________

(١) ما بين العلامتين ساقط من نسخة الكمبانى. (٢) يعنى على ما في نسخة النهج.

(٣) الكافى ج ٢ ص ١٥٤.

(٤) القاموس ج ٤ ص ٣٩٧.

(٥) القاموس ج ٣ ص ٦٨.

١٢٥

إذا كانوا أبرارا بررة (١).

بيان : «فكيف إذا كانوا أبرارا» أي صلحاء «بررة» أي واصلين للارحام.

٨٩ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : صلوا أرحامكم و لو بالتسليم يقول الله تبارك وتعالى «واتقوا الله الذي تسائلون به والارحام إن الله كان عليكم رقيبا (٢)».

بيان : يدل على أن أقل مراتب الصلة الابتداء بالتسليم ، وباطلاقة يشمل ما إذا علم أو ظن أنه لا يجيب ، وقيل : التسليم حينئذ ليس براجح ، لانه يوقعهم في الحرام ، وفيه كلام.

٩٠ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن صفوان الجمال قال : وقع بين أبي عبدالله عليه‌السلام وبين عبدالله بن الحسن كلام حتى وقعت الضوضاء بينهم ، واجتمع الناس ، فافترقا عشيتهما بذلك ، وغدوت في حاجة فاذا أنا بأبي عبدالله عليه‌السلام على باب عبدالله بن الحسن وهو يقول : يا جارية قولي لابي محمد! قال فخرج فقال يا أبا عبدالله ما بكر بك؟ قال : إني تلوت آية في كتاب الله عز وجل البارحة فأقلقتني فقال : وما هي؟ قال : قول الله عزوجل ذكره «الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب» فقال : صدقت لكأني لم أقرء هذه الاية من كتاب الله قط فاعتنقا وبكيا (٣).

بيان : قال الجوهري : الضوة الصوت والجلبة ، والضوضاة أصوات الناس وجلبتهم يقال ضوضوا بلا همز انتهى (٤) قوله «بذلك» أي بهذا النزاع من غير صلح و إصلاح «قولي لابي محمد» في الكلام اختصار ، أي إني أتيته أو أنا بالباب «ما بكربك»

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ١٥٥.

(٢) المصدر نفسه والاية في سورة النساء : ١.

(٣) الكافى ج ٢ ص ١٥٥ ، والاية في سورة الرعد : ٢١.

(٤) الصحاح ص ٢٤١٠.

١٢٦

قال في المصباح بكر إلى الشئ بكورا من باب قعد أسرع أي وقت كان ، وبكر تبكيرا مثله ، والقلق الاضطراب.

«الذين يصلون» قال الطبرسي (١) قدس‌سره قيل : المراد به الايمان بجميع الرسل والكتب كما في قوله «لا نفرق بين أحد من رسله» (٢) وقيل : هو صلة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وموازرته ، والجهاد معه ، وقيل : هو صلة الرحم عن ابن عباس وهو المروي عن أبي عبدالله عليه‌السلام (٣) وقيل : هو ما يلزم من صلة المؤمنين أن يتولهم وينصروهم ويذبوا عنهم ، وتدخل فيه صلة الرحم وغير ذلك.

وروى جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بر الوالدين و صلة الرحم يهو نان الحساب ثم تلا هذه الاية ، وروى محمد بن الفضيل عن الكاظم عليه‌السلام في هذه الاية قال : هي رحم آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله معلقه بالعرش تقول اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني وهي تجري في كل رحم.

وروى الوليد عن الرضا عليه‌السلام قال : قلت له : هل على الرجل في ماله شئ سوى الزكاة؟ قال : نعم أين ما قال الله «والذين يصلون» الاية.

«ويخشون ربهم» أي يخافون عقاب ربهم في قطعها «ويخافون سوء الحساب» قيل فيه أقوال : أحدها أن سوء الحساب أخذهم بذنوبهم كلها من دون أن يغفر لهم شئ منها ، والثاني هو أن يحاسبوا للتقريع والتوبيخ ، فان الكافر يحاسب على هذا الوجه ، والمؤمن يحاسب ليسر بما أعد الله له ، والثالث هو أن لا تقبل لهم حسنة ولا يغفر لهم سيئة روي ذلك عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، والرابع أن سوء الحساب هو سوء الجزاء ، سمي الجزاء حسابا لان فيه إعطاء المستحق حقه ، وروى هشام بن

____________________

(١) مجمع البيان ج ٦ ص ٢٨٨.

(٢) البقرة : ٢٨٥.

(٣) ليس في المصدر «وهو المروى عن ابى عبدالله» وانما ذكر الطبرسى هناك حديث وصية الصادق عليه‌السلام للحسن بن على بن على بن الحسين الافطس كما مر عن غيبة الطوسى تحت الرقم ٢٩ ص ٩٦ فالعبارة منقولة بالمعنى.

١٢٧

سالم عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سوء الحساب أن تحسب عليهم السيئات ، ولا تحسب لهم الحسنات ، وهو الاستقصاء.

وروى حماد عنه عليه‌السلام أنه قال لرجل يافلان ، مالك ولاخيك؟ قال : جعلت فداك لي عليه شئ فاستقصيت منه حقي قال أبوعبدالله عليه‌السلام أخبرني من قول الله «ويخافون سوء الحساب» أتراهم خافوا أن يجور عليهم أو يظلمهم؟ لا والله ولكن خافوا الاستقصاء والمداقة انتهى.

وأقول : قال تعالى بعد ذلك بآيات «والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الارض اولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار» فعلى هذا التفسير تلك الايات من أشد ما ورد في قطع الرحم.

ثم الظاهر أن هذا كان لتنبيه عبدالله وتذكيره بالاية ، ليرجع ويتوب وإلا فلم يكن ما فعله عليه‌السلام بالنسبة إليه قطعا للرحم. بل كان عين الشفقة عليه ، لينزجر عما أراده من الفسق بل الكفر ، لانه كان يطلب البيعة منه عليه‌السلام لولده الميشوم كما مر أو شئ آخر مثل ذلك وأي أمر كان إذا تضمن مخالفته ومنازعته عليه‌السلام كان على حد الشرك بالله وأيضا مثله عليه‌السلام لا يغفل عن هذه الامور حتى يتذكر بتلاوة القرآن فظهر أن ذكر ذلك على وجه المصلحة ، ليتذكر عبدالله عقوبة الله ويترك مخالفة إمامه شفقة عليه ، ولعل التورية في قوله «أقلقتني» القلق لعبد الله لا لنفسه عليه‌السلام لكن فيه دلالة على حسن رعاية الرحم. وإن كان بهذه المثابة وكان فاسقا ضالا فتدبر.

٩١ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن عبدالله بن سنان قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : إن لي ابن عم أصله فيقطعني ، وأصله فيقطعني حتى لقد هممت لقطيعته إياي أن أقطعه ، قال : إنك إذا وصلته وقطعك ، وصلكما الله جميعا ، وإن قطعته وقطعك قطعكما الله (١).

ايضاح : قوله عليه‌السلام «وصلكما الله» لعل ذلك لانه تصير صلته سببا لترك

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ١٥٥.

١٢٨

قطيعته ، فيشملهما الله برحمته ، لا إذا أصر مع ذلك على القطع فانه يصير سببا لقطع رحمة الله عنه ، وتعجيل فنائه في الدنيا ، وعقوبته في الاخرة كما دلت عليه سائر الاخبار ، وفي قول أمير المؤمنين عليه‌السلام «خذ على عدوك بالفضل فانه أحد الظفرين» إشارة إلى ذلك فانه إما أن يرجع أو يستحق العقوبة والخذلان.

٩٢ ـ كا : بالاسناد ، عن علي عن علي بن الحكم ، عن داود بن فرقد قال : قال لي أبوعبدالله عليه‌السلام : إني احب أن يعلم الله أني قد أذللت رقبتي في رحمي وإني لابادر أهل بيتي أصلهم قبل أن يستغنوا عني (١).

بيان : «إني احب أن يعلم الله» هو كناية من قبيل ذكر اللازم وإرادة الملزوم أي احب فعلي ذلك فذكر لازمه ، وهو العلم. لانه أبلغ ، أو مجاز من إطلاق السبب على المسبب فاطلق العلم واريد معلوله ، وهو الجزاء قوله : «قبل أن يستغنوا عني» فيه إشارة إلى أن الرزق لابد من أن يصل إليهم فابادر إلى إيصاله إليهم قبل أن يصل إليهم بسبب آخر ، ومن جهة اخرى.

٩٣ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن الوشاء ، عن محمد بن الفضيل عن الرضا عليه‌السلام قال : إن رحم آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله والائمة عليهم‌السلام لمعلقة بالعرش تقول : اللهم صل من وصلني ، واقطع من قطعني ، ثم هي جارية بعدها في أرحام المؤمنين ثم تلا هذه الاية «واتقوا الله الذي تسائلون به والارحام». (٢) بيان : الائمة بدل أو عطف بيان لآل محمد «ثم هي» أي الرحم أوصلتها أو الكلمة وهي اللهم صل الخ.

٩٤ ـ كا : عن العدة ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير عن عمر بن يزيد قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل «الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل» فقال : قرابتك (٣).

بيان : قوله «قرابتك» أي هي شاملة لقرابة المؤمنين أيضا.

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ١٥٦.

(٢ ـ ٣) الكافى ج ٢ ص ١٥٦.

١٢٩

٩٥ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان عن هشام بن الحكم ودرست ، عن عمر بن يزيد قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام «الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل» قال : نزلت في رحم آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد يكون في قرابتك ثم قال : فلا تكونن ممن يقول للشئ إنه في شئ واحد (١).

بيان : «وقد يكون» كلمة «قد» للتحقيق ، أو للتقليل مجازا كناية عن أن الاصل فيها هو الاول «فلا تكونن» أي إذا نزلت آية في شئ خاص فلا تخصص حكمها بذلك الامر ، بل عممه في نظائره ، أو المعنى إذا ذكرنا لاية معنى ثم ذكرنا لها معنى ، فلا تنكرها شيئا منهما فان للايات ظهرا وبطنا ونذكر في كل مقام ما يناسبه فالكل حق وبهذا يجمع بين كثير من الاخبار المتخالفة ظاهرا ، الواردة في تفسير الآيات وتأويلها.

٩٦ ـ كا : عن العدة ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن محمد بن علي ، عن أبي جميلة ، عن الوصافي ، عن علي بن الحسين عليهما‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من سره أن يمد الله في عمره ، ويبسط في رزقه فليصل رحمه ، فان الرحم لها لسان يوم القيامة ذلق يقول : يارب صل من وصلني ، واقطع من قطعني ، والرجل ليرى بسبيل خير إذا أتته الرحم التي قطعها فتهوي به إلى أسفل قعر في النار (٢).

ايضاح : في القاموس : ذلق اللسان كنصر وفرح وكرم فهو ذليق وذلق بالفتح وكصرد وعنق أي حديد بليغ (٣) وقال : طلق اللسان بالفتح والكسر وكأمير ولسان طلق ذلق وطليق ذليق وطلق ذلق بضمتين وكصرد وكتف ذو حدة (٤).

وفي النهاية في حديث الرحم جاءت الرحم فتكلمت بلسان ذلق طلق أي فصيح بليغ ، هكذا جاء في الحديث على فعل بوزن صرد ويقال طلق وذلق وطليق وذليق يراد بالجميع المضاء والنفاذ انتهى.

____________________

(١ ـ ٢) الكافى ج ٢ ص ١٥٦.

(٣) القاموس ج ٣ ص ٢٣٤.

(٤) القاموس ج ٣ ص ٢٥٨.

١٣٠

«والرجل» في بعض النسخ «فالرجل» قيل الفاء للتفريع على «واقطع من قطعني» واللام في الرجل للعهد الذهني «ليرى» على بناء المجهول أي ليظن لكثرة أعماله الصالحة في الدنيا أنه «بسبيل» أي في سبيل «خير» ينتهي به إلى الجنة «فتهوي به» الباء للتعدية أي تسقطه في أسفل قعور النار التي يستحقها مثله ، وربما يحمل على المستحل ، ويمكن حمله على من قطع رحم آل محمد صلى الله عليه وعليهم.

٩٧ ـ كا : عن علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ; عن الحسن بن علي عن صفوان ، عن الجهم بن حميد قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : يكون لي القرابة على غير أمري ألهم علي حق؟ قال : نعم ، حق الرحم لا يقطعه شئ ، وإذا كانوا على أمرك كان لهم حقان : حق الرحم ، وحق الاسلام. (١) بيان : يدل علي أن الكفر لا يسقط حق الرحم ولا ينافي ذلك قوله تعالى : «لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله ، ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم» (٢) فانها محمولة على المحبة القلبية فلا ينافي حسن المعاشرة ظاهرا ، أو المراد به الموالاة في الدين. كما ذكره الطبرسى ـ ره ـ أو محمول على ما إذا كانوا معارضين للحق ، ويصير حسن عشرتهم سبب غلبة الباطل على الحق ، ولا يبعد أن يكون نفقة الارحام أيضا من حق الرحم فيجب الانفاق عليهم فيما يجب على غيرهم.

٩٨ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن إسحاق بن عمار قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إن صلة الرحم والبر ليهونان الحساب ، ويعصمان من الذنوب ، فصلوا أرحامكم وبروا باخوانكم ، ولو بحسن السلام ورد الجواب. (٣)

بيان : المراد بالبر البر بالاخوان ، كما سيأتي ، وبر الوالدين داخل

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ١٥٧.

(٢) المجادلة : ٢٢.

(٣) الكافى ج ٢ ص ١٥٧.

١٣١

في صلة الرحم ، ورد الجواب عطف على السلام.

٩٩ ـ كا : عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبدالصمد ابن بشير قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : صلة الرحم يهون الحساب يوم القيامة وهي منسأة في العمر ، وتقي مصارع السوء ، وصدقة الليل تطفئ غضب الرب (١).

بيان : في النهاية «منسأة» هي مفعلة منه أي مظنة له ، وموضع ، والصرع الطرح على الارض ، والمصرع يكون مصدرا واسم مكان ، ومصارع السوء كناية عن الوقوع في البلايا العظيمة الفاضحة الفادحة ، وصدقة الليل أفضل لانه أقرب إلى الاخلاص.

١٠٠ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حسين بن عثمان عمن ذكره عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : صلة الرحم تزكي الاعمال وتنمي الاموال ، وتيسر الحساب ، وتدفع البلوى ، وتزيد في الرزق (٢).

١٠١ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اذينة ، عن مسمع ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث : ألا إن في التباغض الحالقة لا أعني حالقة الشعر ، ولكن حالقة الدين (٣).

بيان : في النهاية : فيه : دب إليكم داء الامم البغضاء وهي الحالقة ، الحالقة الخصلة التي من شأنها أن تحلق ، أي تهلك وتستأصل الدين ، كما يستأصل الموسى الشعر وقيل : قطيعة الرحم والتظالم انتهى.

وكأن المصنف رحمه‌الله أورده في هذا الباب (٤) لان التباغض يشمل ذوي الارحام أيضا ، أو لان الحالقة فسرت في سائر الاخبار بالقطيعة ، بل في هذا الخبر أيضا يحتمل أن يكون المراد ذلك ، بأن يكون المراد أن التباغض بين الناس

____________________

(١ ـ ٢) الكافى ج ٢ ص ١٥٧.

(٣) الكافى ج ٢ ص ٣٤٦.

(٤) هذا الحديث أول حديث جعله الكلينى في باب قطيعة الرحم من كتاب الايمان والكفر ، وكما أشرنا إلى ذلك قبلا ـ هذه البيانات منقوله من شرح الكافى للعلامة المؤلف رحمه‌الله من دون تصرف.

١٣٢

من جملة مفاسده قطع الارحام ، وهو حالقة الدين.

١٠٢ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن الفضيل عن حذيفة بن المنصور قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : اتقوا الحالقة ، فانها تميت الرجال قلت : وما الحالقة؟ قال : قطيعة الرحم (١).

بيان : «تميت الرجال» أي تورث موتهم وانقراضهم كما سيأتي ، وحمله على موت القلوب كما قيل بعيد ، ويمكن أن يكون هذا أحد وجوه التسمية بالحالقة والرحم في الاصل منبت الولد ، ووعاؤه في البطن ثم سميت القرابة من جهة الولادة رحما ، ومنها ذو الرحم خلاف الاجنبي.

١٠٣ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عثمان بن عيسى ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت له : إن إخوتي وبني عمي قد ضيقوا علي الدار ، وألجاوني منها إلى بيت ، ولو تكلمت أخذت ما في أيديهم قال : فقال لي : اصبر فان الله سيجعل لك فرجا قال : فانصرفت ووقع الوباء في سنة إحدى وثلاثين [ ومائة ] فماتوا والله كلهم ، فما بقي منهم أحد.

قال : فخرجت فلما دخلت عليه قال : ما حال أهل بيتك؟ قال : قلت : قد ماتوا والله كلهم ، فما بقي منهم أحد ، فقال : هو بما صنعوا بك وبعقوقهم إياك وقطع رحمهم ، بتروا. أتحب أنهم بقوا وأنهم ضيقوا عليك؟ قال : قلت : إي والله (٢).

بيان : «علي الدار» أي الدار التي ورثناها من جدنا «ولو تكلمت أخذت» يمكن أن يقرأ على صيغة المتكلم أي لو نازعتهم وتكلمت فيهم يمكنني أن آخذ منهم أفعل ذلك أم أتركهم؟ أو يقرأ على الخطاب أي لو تكلمت أنت معهم يعطوني ، فلم ير عليه‌السلام المصلحة في ذلك ، أو الاول على الخطاب ; والثاني على التكلم والاول أظهر ، وفي النهاية الوباء بالقصر والمد والهمز الطاعون والمرض العام.

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ٣٤٦.

(٢) الكافى ج ٢ ص ٣٤٦ و ٣٤٧.

١٣٣

«في إحدى وثلاثين» كذا في أكثر النسخ التي وجدناها وفي بعضها بزيادة : «ومائة» وعلى الاول أيضا المراد ذلك ، وأسقط الراوي المائة للظهور ، فان إمامة الصادق عليه‌السلام كانت في سنة مائة وأربعة عشر ، ووفاته في سنة ثمان وأربعين ومائة والفاء في قوله «فما بقي» في الموضعين للبيان ، ومن ابتدائية ، والمراد بالاحد أولادهم أو الفاء للتفريع ومن تبعيضية.

وقوله «بعقوقهم» متعلق بقوله «بتروا» وهو في بعض النسخ بتقديم الموحدة على المثناة الفوقانية وفي بعضها بالعكس فعلى الاول إما على بناء المعلوم من المجرد من باب علم ، أو المجهول من باب نصر ، وعلى الثاني على المجهول من باب ضرب أو التفعيل ، في القاموس البتر القطع أو مستأصلا والابتر المقطوع الذنب بتره فبتر كفرح والذي لا عقب له ، وكل أمر منقطع من الخير (١) وقال : التبر بالفتح الكسر والاهلاك كالتتبير فيهما ، والفعل كضرب انتهى (٢).

«وإنهم ضيقوا» الواو إما للحال ، والهمزة مكسورة ، أو للعطف والهمزة مفتوحة.

١٠٤ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية ، عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : في كتاب علي عليه‌السلام ثلاث خصال لا يموت صاحبهن أبدا حتى يرى وبالهن : البغي ، وقطيعة الرحم ، واليمين الكاذبة يبارز الله بها ، وإن أعجل الطاعة ثوابا لصلة الرحم ، وإن القوم ليكونون فجارا فيتواصلون فتنمي أموالهم ويثرون ، وإن اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم لتذران الديار بلاقع من أهلها ، وتنقل الرحم ، وإن نقل الرحم انقطاع النسل (٣).

بيان : «ثلاث» مبتدأ وجملة «لا يموت» خبر ، وفي القاموس الوبال الشدة والثقل ، وفي المصباح الوبيل الوخيم ، والوبال بالفتح من وبل المرتع بالضم وبالا

____________________

(١) القاموس ج ١ ص ٣٦٦.

(٢) القاموس ج ١ ص ٣٧٩.

(٣) الكافى ج ٢ ص ٣٤٧.

١٣٤

بمعنى ، وخم ، ولما كان عاقبة المرعى الوخيم إلى شرقيل في سوء العاقبة وبال والعمل السيئ وبال على صاحبه «والبغي» خبر مبتدأ محذوف ، بتقدير «هن البغي» وجملة يبارز الله صفة اليمين إذ اللام للعهد الذهني أو استينافية ، والمستتر في يبارز راجع إلى صاحبهن ، والجلالة منصوبة ، والباء في «بها» للسببية أو للآلة ، والضمير لليمين لان اليمين مؤنث ، وقد يقرأ يبارز على بناء المجهول ، ورفع الجلالة ، وفي القاموس بارز القرن مبارزة وبرازا برز إليه ، وهما يتبارزان.

أقول : لما أقسم به تعالى بحضوره كذبا فكأنه يعاديه علانية ويبارزه ، وعلى التوصيف احتراز عن اليمين الكاذبة جهلا وخطأ من غير عمد ، وتوصيف اليمين بالكاذبة مجاز.

«وإن أعجل» كلام علي أو الباقر عليهما‌السلام والتعجيل لانه يصل ثوابه إليه في النيا أو بلا تراخ فيها «فتنمي» على بناء الافعال أو كيمشي في القاموس نما ينمو نموا زاد كنمى ينمي نميا ونميا ونمية ، وأنمى ونمى وعلى الافعال الضمير للصلة «ويثرون» أيضا يحتمل الافعال والمجرد كيرمون أو يدعون ، ويحتمل بناء المفعول في القاموس الثروة كثرة العدد من الناس والمال ، وثرى القوم ثراء كثروا ونموا ، والمال كذلك وثري كرضي كثر ماله كأثرى ، ومال ثري كغني كثير ورجل ثري وأثرى كأحوى كثيره (١).

وفي الصحاح : الثروة كثرة العدد ، وقال الاصمعي : ثرى القوم يثرون إذا كثروا ونموا ، وثرى المال نفسه يثرو إذا كثر ، وقال أبوعمرو : ثرى الله القوم كثرهم ، وأثرى الرجل إذا كثرت أمواله انتهى (٢) والمعنى يكثرون عددا أو مالا أو يكثرهم الله.

وفي النهاية وفيه : اليمين الكاذبة تدع الديار بلاقع ، جمع بلقع وبلقعة ، وهي الارض القفر التي لا شئ بها يريد أن الحالف بها يفتقر ويذهب ما في بيته من الرزق

____________________

(١) القاموس ج ٤ ص ٣٠٨.

(٢) الصحاح ص ٢٢٩٢.

١٣٥

وقيل : هو أن يفرق الله شمله ، ويقتر عليه ما أولاه من نعمه انتهى.

وأقول : مع التتمة التي في هذا الخبر لا يحتمل المعنى الاول ، بل المعنى أن ديارهم تخلو منهم إما بموتهم وانقراضهم ، أو بجلائهم عنها وتفرقهم أيدي سبا (١) والظاهر أن المراد بالديار ديار القاطعين ، لا البلدان والقرى لسراية شومهما كما توهم.

«وتنقل الرحم» الضمير المرفوع راجع إلى القطيعة ، ويحتمل الرجوع إلى كل واحد لكنه بعيد والتعبير عن انقطاع النسل بنقل الرحم لانه حينئذ تنقل القرابة من أولاده إلى سائر أقاربه ، ويمكن أن يقرأ «تنقل» على بناء المفعول فالواو للحال وقيل : هو من النقل بالتحريك ، وهو داء في خف البعير يمنع المشي ولا يخفى بعده ، وقيل : الواو إما للحال من القطيعة أو للعطف على قوله «وإن اليمين» إن جوز عطف الفعلية على الاسمية ، وإلا فليقدر وإن قطيعة الرحم تنقل بقرينة المذكورة لا على قوله «لتذران» لان هذا مختص بالقطيعة ، ولعل المراد بنقل الرحم نقلها عن الوصلة إلى الفرقة ، ومن التعاون والمحبة إلى التدابر والعداوة وهذه الامور من أصباب نقص العمر ، وانقطاع النسل ، كما صرح على سبيل التأكيد والمبالغة ، بقوله «وإن نقل الرحم انقطاع النسل» من باب حمل المسبب على السبب ، مبالغة في السببية انتهى ، وهو كما ترى.

وأقول : سيأتي في باب اليمين الكاذبة من كتاب الايمان والنذور بهذا السند عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن في كتاب علي عليه‌السلام أن اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم تذران الديار بلاقع من أهلها ، وتنقل الرحم يعني انقطاع النسل ، وهناك في أكثر النسخ بالغين المعجمة ، قال في النهاية النغل بالتحريك الفساد ، وقد نغل الاديم

____________________

(١) قال الفيروز آبادى : وتفرقوا أيدى سبا ، وأيادى سبا : تبددوا ، بنوه على السكون وليس بتخفيف عن سبأ ، وانما هو بدل ، ضرب المثل بهم لانه لما غرق مكانهم وذهبت جناتهم تبددوا في البلاد. وللميدانى في مجمع الامثال كلام طويل راجع ان شئت ج ١ : ٢٧٥ ولفظه : ذهبوا أيدى سبا ، وتفرقوا أيدى سبا «في مادة ذهب.

١٣٦

إذا عفن وتهرى في الدباغ ، فيفسد ويهلك انتهى ولا يخلو من مناسبة.

١٠٥ ـ كا : عن علي بن إبراهيم ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير عن عنبسة العابد قال : جاء رجل فشكا إلى أبي عبدالله عليه‌السلام أقاربه ، فقال له : اكظم غيظهم وافعل فقال : إنهم يفعلون ويفعلون ، فقال : أتريد أن تكون مثلهم؟ فلا ينظر الله إليكم (١).

بيان» وافعل «أي اكظم الغيظ دائما ، وإن أصروا على الاساءة أو افعل كلما أمكنك من البر ، فيكون حذف المفعول للتعميم» إنهم يفعلون «أى الاضرار وأنوا ع الاساءة ، ولا يرجعون عنها» أتريد أن تكون مثلهم «في القطع وارتكاب القبيح وترك الاحسان» فلا ينظر الله إليكم «أي يقطع عنكم جميعا رحمته في الدنيا والاخرة ، وإذا وصلت فإما أن يرجعوا فيشملكم الرحمة ، وكنت أولى بها وأكثر حظا منها ، وإما أن لا يرجعوا فيخصكم الرحمة ، ولا انتقام أحسن من ذلك.

١٠٦ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تقطع رحمك وإن قطعتك (٢).

بيان : ظاهره تحريم القطع وإن قطعوا ، وينافيه ظاهرا قوله تعالى« فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم » (٣) ويمكن تخصيص الاية بتلك الاخبار ، ولم يتعرض أصحابنا رضي‌الله‌عنهم لتحقيق تلك المسائل مع كثرة الحاجة إليها ، والخوض فيها يحتاج إلى بسط وتفصيل لا يناسبان هذه التعليقة وقد مر بعض القول فيها في باب صلة الرحم (٤) وسلوك سبيل الاحتياط في جميع ذلك أقرب إلى النجاة.

١٠٧ ـ كا : عن العدة ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه رفعه عن أبي حمزة الثمالي قال : قال أمير المؤمنين في خطبته : أعوذ بالله من الذنوب التي تعجل الفناء

____________________

(١ ـ ٢) الكافى ج ٢ ص ٣٤٧

(٣) البقرة : ١٩٤.

(٤) يعنى باب صلة الرحم من الكافى ، وقد تقدمت أحاديثها مستخرجة من الكافى تحت الرقم ٦٩ ـ ٩٨.

١٣٧

فقام إليه عبدالله بن الكواء اليشكري فقال يا أمير المؤمنين أو يكون ذنوب تعجل الفناء؟ فقال : نعم ويلك قطيعة الرحم ، إن أهل البيت ليجتمعون ويتواسون وهم فجرة فيرزقهم الله عزوجل وإن أهل البيت ليتفرقون ويقطع بعضهم بعضا فيحرمهم الله وهم أتقياء (١).

بيان : ابن الكواء كان من رؤساء الخوارج لعنهم الله «ويشكر» اسم أبي قبيلتين كان هذا الملعون من إحداهما «فيحرمهم الله» أي من سعة الارزاق ، وطويل الاعمار وإن كانوا متقين فيما سوى ذلك ، ولا ينافيه قوله تعالى «ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب» (٢).

١٠٨ ـ كا : عن العدة ، عن ابن محبوب ، عن ابن عطية ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا قطعوا الارحام جعلت الاموال في أيدي الاشرار (٣).

بيان : «جعلت الاموال في أيدي الاشرار» هذا مجرب وأحد أسبابه أنهم يتخاصمون ويتنازعون ويترافعون إلى الظلمة وحكام الجور ، فيصير أموالهم بالرشوة في أيديهم ، وأيضا إذا تخاصموا ولم يتعاونوا يستلط عليهم الاشرار ويأخذونها منهم.

١٠٩ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كفر بالله من تبرء من نسب وإن دق. (٤).

بيان : «وإن دق» أي بعد أو وإن كان خسيسا دنيا ويحتمل أن يكون ضمير دق راجعا إلى التبري بأن لا يكون صريحا بل بالايماء ، وهو بعيد وقيل : يعني وإن دق ثبوته وهو أبعد ، والكفر هنا ما يطلق على أصحاب الكبائر وربما يحمل على ما إذا كان مستحلا لان مستحل قطع الرحم كافر ، أو المراد به كفر النعمة لان قطع النسب

____________________

(١ ـ ٣) الكافى ج ٢ ص ٣٤٧.

(٢) الطلاق : ٣.

(٤) الكافى ج ٢ ص ٣٥٠.

١٣٨

كفر لنعمة المواصلة ، أو يراد به أنه شبيه بالكفر لان هذا الفعل يشبه فعل أهل الكفر لانهم كانوا يفعلونه في الجاهلية ، ولا فرق في ذلك بين الولد والوالد وغيرهما من الارحام.

١١٠ ـ كا : عن علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن ابن أبي عمير وابن فضال عن رجال شتى ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما‌السلام أنهما قالا : كفر بالله العظيم الانتفاء من حسب وإن دق (١)

بيان : المراد بالحسب أيضا النسب الدني فان الاحساب غالبا يكون بالانساب ويحتمل على بعد أن لا تكون «من» صلة للانتفاء بل يكون للتعليل أي بسبب حسب حصل له أو لابائه القريبة ، وحينئذ في قوله وإن دق تكلف إلا على بعض الوجوه البعيدة السابقة ، وربما يقرأ على هذا الوجه الانتقاء بالقاف أي دعوى النقاوة والامتياز والفخر بسبب حسب وهو تصحيف.

٤

* ( باب ) *

* «( العشرة مع المماليك والخدم )» *

١ ـ لى : في خبر مناهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : ما زال جبرئيل يوصيني بالمماليك حتى ظننت أنه سيجعل لهم وقتا إذا بلغوا ذلك الوقت اعتقوا. (٢)

٢ ـ ل : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن الفضل بن عامر ، عن البجلي ، عن ذريح ، عن أبي عبدالله ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاثة إن لم تظلمهم ظلموك : السفلة ، وزوجتك ، وخادمك (٣).

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ٣٥٠.

(٢) أمالى الصدوق ص ٢٥٣.

(٣) الخصال ج ١ ص ٤٣.

١٣٩

سن : أبي ، عن البجلي [ مثله ] (١).

أقول : قد مضى بعض الاخبار في باب بر الوالدين.

٣ ـ أقول : قد مضى في باب مكارم أخلاق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بأسانيد كثيرة أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : خمس لا أدعهن حتى الممات : الاكل على الحضيض مع العبيد ، وركوبي الحمار مؤكفا ، وحلبي العنز بيدي ، ولبس الصوف ، والتسليم على الصبيان لتكون سنة من بعدي.

٤ ـ ما : المفيد ، عن أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : أربع من كن فيه من المؤمنين أسكنه الله في أعلى عليين في غرف فوق غرف في محل الشرف كل الشرف : من آوى اليتيم ونظر له فكان له أبا ، ومن رحم الضعيف وأعانه وكفاه ، ومن أنفق على والديه ورفق بهما وبرهما ولم يحزنهما ، ومن لم يخرق بمملوكه وأعانه على ما يكلفه ، ولم يستسعه فيما لم يطق (٢).

٥ ـ ما : حمويه ، عن أبي الحسين ، عن أبي حنيفة ، عن مسلم بن إبراهيم ، عن قرة ، عن عون بن عبدالله بن عتبة قال كسي أبوذر بردين فائتزر بأحدهما وارتدى بشملة وكسى غلامه أحدهما ثم خرج إلى القوم فقالوا له : يا باذر لو لبستهما جميعا كان أجمل ، قال : أجل ولكني سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول أطعموهم مما تأكلون والبسوهم مما تلبسون (٣).

أقول : أوردنا في أبواب المواعظ وغيرها الوصية للمماليك.

٦ ـ ثو : أبي ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن علي بن عقبة ، عن عبدالله بن سنان ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : أربع من كن فيه بنى الله له بيتا في الجنة : من آوى اليتيم ، ورحم الضعيف ، وأشفق على والديه

____________________

(١) المحاسن ص ٦.

(٢) أمالى المفيد ج ١ ص ١٩٢.

(٣) أمالى المفيد ج ٢ ص ١٨.

١٤٠