بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٢٩
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

فهو من أصفياء المؤمنين عند الله تبارك وتعالى ، ألا وإن المؤمنين إذا تحابا في الله عزوجل وتصافيا في الله كانا كالجسد الواحد إذا اشتكى أحدهما من جسده موضعا وجد الاخر ألم ذلك الموضع.

١٩

* ( باب ) *

* «( علة حب المؤمنين بعضهم بعضا )» *

«( وأنواع الاخوان )»

١ ـ ما : المفيد ، عن أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن ابن عيسى عن ابن أبي عمير ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : إني لالقى الرجل لم أره ولم يرني فيما مضى قبل يومه ذلك فاحبه حبا شديدا فإذا كلمته وجدته لي مثل ما أنا عليه له ، ويخبرني أنه يجدلي مثل الذي أجد له ، فقال : صدقت يا سدير إن ائتلاف قلوب الابرار إذا التقوا وإن لم يظهروا التودد بألسنتهم كسرعة اختلاط قطر السماء على مياه الانهار ، وإن بعد ائتلاف قلوب الفجار إذا التقوا وإن أظهروا التودد بألسنتهم كبعد البهائم من التعاطف وإن طال اعتلافها على مذود واحد (١).

٢ ـ ل : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن الاشعري ، عن عبدالله بن أحمد الرازي ، عن بكر بن صالح ، عن إسماعيل بن مهران ، عن محمد بن جعفر ، عن يعقوب ابن بشير ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قام إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام رجل بالبصرة فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الاخوان ، قال : الاخوان صنفان إخوان الثقة ، وإخوان المكاشرة ، فأما إخوان الثقة فهم الكف والجناح ، والاهل والمال ، فاذا كنت من أخيك على حد الثقة ، فابذل له مالك ، وبدنك ، وصاف من صافاه ، وعاد من عاداه ، واكتم سره وعيبه ، وأظهر منه الحسن واعلم أيها السائل

____________________

(١) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٢٥ ، والمذود ـ كمنبر ـ معتلف الدابة.

٢٨١

أنهم أقل من الكبريت الاحمر ، وأما إخوان المكاشرة فانك تصيب منهم لذتك فلا تقطعن ذلك منهم ولا تطلبن ماوراء ذلك من ضميرهم ، وابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه ، وحلاوة اللسان (١).

ختص : عن يونس ، عن أبي مريم ; عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله (٢).

٣ ـ مص : قال الصادق عليه‌السلام : ثلاثة أشياء في كل زمان عزيزة : الاخ في الله ، و الزوجة الصالحة الاليفة في دين الله ، والولد الرشيد ومن أصاب أحد الثلاثة فقد أصاب خير الدارين ; والحظ الاوفر من الدنيا. واحذر أن تواخي من أرادك لطمع أو خوف أوميل أو للاكل والشرب ، واطلب مواخاة الاتقياء ، ولو في ظلمات الارض و إن أفنيت عمرك في طلبهم ، فان الله عزوجل لم يخلق على وجه الارض أفضل منهم بعد الانبياء والاولياء ، وما أنعم الله على العبد بمثل ما أنعم به من التوفيق بصحبتهم ، قال الله عزوجل « الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين (٣) وأظن أن من طلب في زماننا هذا صديقا بلا عيب بقي بلا صديق ألا يرى أن أول كرامة أكرم الله بها أنبياءه عند إظهار دعوتهم صديق أمين أوولي ، و كذلك من أجل ما أكرم الله به أصدقاءه وأولياءه وامناءه صحبة أنبيائه وهو دليل على أن : ما في الدارين نعمة أجل وأطيب وأزكى وأولى من الصحبة في الله والمواخاة لوجهه (٤).

٤ ـ ختص : قال الصادق عليه‌السلام : أحب إخواني إلي من أهدى عيوبي إلى (٥).

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ٢٦.

(٢) الاختصاص ص ٢٥١ ، وقد مر مثله في ج ٦٧ ص ١٩٣ من هذه الطبعة عن الكافى مع بيان مفصل ، راجعه ان شئت.

(٣) الزخرف : ٦٧.

(٤) مصباح الشريعة ص ٣٦.

(٥) الاختصاص ص ٢٤٠.

٢٨٢

٢٠

( باب )

* «( قضاء حاجة المؤمنين ، والسعى فيها )» *

* «( وتوقيرهم ، وادخال السرور عليهم )» *

* «واكرامهم ، والطافهم ، وتفريج كربهم» *

* «والاهتمام بامورهم» *

١ ـ ثو ، لى : أبي ، عن سعد ، عن النهدي ، عن ابن محبوب ، عن ابن سنان [ عن رجل ] (١) عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أوحى الله عزوجل إلى داود عليه‌السلام : إن العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة فابيحة جنتي قال : فقال داود : يا رب وما تلك الحسنة؟ قال : يدخل على عبدي المؤمن سرورا ولو بتمرة ، قال : فقال داود عليه‌السلام : حق لمن عرفك أن لا يقطع رجاءه منك (٢).

٢ ـ ب : أبوالبختري ، عن جعفر ، عن أبيه عليه‌السلام قال : سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أي الاعمال أحب إلى الله؟ قال : اتباع سرور المسلم ، قال : وقيل يا رسول الله وما اتباع سرور المسلم؟ قال : شبعة جوعه ، وتنفيس كربته ، وقضاء دينه (٣).

٣ ـ ما : المفيد ، عن ابن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه قال : كنت عند أبي عبدالله عليه‌السلام فذكر عنده المؤمن وما يجب من حقه فالتفت إلى أبوعبدالله عليه‌السلام : فقال لي : يا أبا الفضل ألا احدثك بحال المؤمن عند الله؟ فقلت : بلى فحدثني جعلت فداك ، فقال : إذا قبض الله روح المؤمن صعد ملكاه إلى السماء فقالا : يا رب عبدك ونعم العبد كان سريعا

____________________

(١) الزيادة من نسخة ثواب الاعمال ص ١٢١.

(٢) أمالى الصدوق ص ٣٥٩.

(٣) قرب الاسناد : ٦٨.

٢٨٣

إلى طاعتك بطيئا عن معصيتك ، وقد قبضته إليك فما تأمرنا من بعده؟ فيقول الجليل الجبار : اهبطا إلى الدنيا وكونا عند قبر عبدي ومجداني وسبحاني وهللاني و كبراني واكتبا ذلك لعبدي حتى أبعثه من قبره.

ثم قال لي : ألا أزيدك؟ قلت : بلى ، فقال : إذا بعث الله المؤمن من قبره خرج معه مثال يقدمه أمامه ، فكلما رأى المؤمن هولا من أهوال يوم القيامة قال له المثال : لا تجزع ولا تحزن ، وأبشر بالسرور والكرامة من الله عزوجل فما يزال يبشره بالسرور والكرامة من الله سبحانه حتى يقف بين يدي الله عزوجل ويحاسبه حسابا يسيرا ويأمر به إلى الجنة والمثال أمامه ، فيقول له المؤمن : رحمك الله نعم الخارج معي من قبري! ما زلت تبشرني بالسرور والكرامة من الله عزوجل حتى كان ، فمن أنت؟ فيقول له المثال : أنا السرور الذي أدخلته على أخيك المؤمن في الدنيا خلقني الله لابشرك (١).

جا : ابن قولويه مثله (٢).

ثو : أبي ، عن الحميري ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن سدير مثله (٣).

ثو : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن ابن أبي الخطاب ، عن ابن محبوب عن سدير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا بعث الله المؤمن من قبره إلى آخر الخبر (٤).

أقول : سيأتي بعض الاخبار في باب إطعام المؤمن.

٤ ـ لى ابن شاذويه ، عن محمد الحميري ، عن أبيه ، عن الخشاب ، عن جعفر بن محمد بن حكيم ، عن زكريا المؤمن ، عن المشمعل الاسدي قال : خرجت ذات

____________________

(١) أمالى الطوسى ج ١ ص ١٩٨.

(٢) مجالس المفيد ١١٣.

(٣) ثواب الاعمال ص ١٣٥.

(٤) ثواب الاعمال ص ١٨١.

٢٨٤

سنة حاجا فانصرفت إلى أبي عبدالله الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام فقال : من أين بك يا مشمعل؟ فقلت : جعلت فداك كنت حاجا فقال : أو تدري ما للحاج من الثواب؟ فقلت : ما أدري حتى تعلمني ، فقال : إن العبد إذا طاف بهذا البيت اسبوعا وصلى ركعتيه ، وسعى بين الصفا والمروة ، كتب الله له ستة آلاف حسنة ، وحط عنه ستة آلاف سيئة ، ورفع له ستة آلاف درجة ، وقضى له ستة آلاف حاجة للدنيا كذا وادخر له للاخرة كذا ، فقلت له : جعلت فداك إن هذا لكثير ، فقال : أفلا اخبرك بما هو أكثر من ذلك؟ قال : قلت : بلى ، فقال عليه‌السلام : لقضاء حاجة امرئ مؤمن أفضل من حجة وحجة وحجة حتى عد عشر حجج (١).

٥ ـ لى : أبي ، عن سعد ، عن أحمد بن الحسين ، عن سهل ، عن أحمد بن محمد بن ربيع ، عن محمد بن سنان ، عن أبي الاعز النخاس قال : سمعت الصادق عليه‌السلام يقول : قضاء حاجة المؤمن أفضل من ألف حجة متقبلة بمناسكها ، وعتق ألف رقبة لوجه الله ، وحملان ألف فرس في سبيل الله بسرجها ولجمها (٢).

٦ ـ ب : ابن طريف ، عن ابن علوان ، عن الصادق ، عن أبيه ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : والله لقضاء حاجة المؤمن خير من صيام شهر واعتكافه (٣).

٧ ـ ب : بهذا الاسناد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من قضى لمؤمن حاجة قضى الله له حوائج كثيرة أدناهن الجنة (٤).

٨ ـ ب : ابن سعد ، عن الازدي ، عن الصادق عليه‌السلام قال : ما قضى مسلم لمسلم حاجة إلا ناداه الله تبارك وتعالى : علي ثوابك ولا أرضى لك بدون الجنة (٥).

أقول : قد مضى في باب نوادر أحوال الانبياء وغيره خبر النبي الذي

____________________

(١) امالى الطوسى : ص ٣٩٥.

(٢) أمالى الصدوق ص ١٤٣.

(٣ و ٤) قرب الاسناد ص ٥٦ ، ٥٧.

(٥) قرب الاسناد ص ١٩.

٢٨٥

أمره الله تعالى بأشياء (١).

٩ ـ ن : البيهقي ، عن الصولي ، عن حبلة بن محمد ، عن عيسى بن حماد بن عيسى ، عن أبيه ، عن الرضا ، عن أبيه ، عن الصادق عليهم‌السلام قال : إن الرجل ليسألني الحاجة فابادر بقضائها مخافة أن يستغني عنها ، فلا يجد لها موقعا إذا جاءته.

١٠ ـ مع : أبي ، عن سعد ، عن اليقطيني ، عن الدهقان ، عن درست ، عن ابن اذينة ، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : من صنع مثل ما صنع إليه فانما كافأ ، ومن أضعف كان شاكرا ، ومن شكر كان كريما ، ومن علم أن ما صنع إليه إنما يضع إلى نفسه لم يستبطئ الناس في شكرهم ، ولم يستزدهم في مودتهم واعلم أن الطالب إليك الحاجة لم يكرم وجهه عن وجهك فأكرم وجهك عن رده (٢).

١١ ـ ما : ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن جعفر بن عبدالله ، عن عمر بن خالد ، عن محمد بن يحيى المزني ، عن الصادق عليه‌السلام قال : من كان في حاجة أخيه المسلم كان الله في حاجته ما كان في حاجة أخيه (٣).

١٢ ـ ما : بالاسناد إلى أبي قتادة ، عن الصادق عليه‌السلام قال : إن لله عزوجل وجوها خلقهم من خلقه [ وأمشاهم ] في أرضه لقضاء حوائج إخوانهم ، يرون الحمد مجدا والله عزوجل يحب مكارم الاخلاق ، وكان فيما خاطب الله نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله أن قال له : يا محمد «إنك لعلى خلق عظيم» قال : السخاء وحسن الخلق (٤).

١٣ ـ مشكوة الانوار : عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لا تغشش الناس فتبقى بغير صديق ، وعنه قال : المؤمن أخ المؤمن لا يظلمه ولا يخذله ولا يغشه ولا يغتابه ولا يخونه ولا يكذبه ، قال عليه‌السلام : لا ينبغي للمؤمن أن يستوحش إلى أخيه المؤمن فمن دونه فان المؤمن عزيز في دينه. وعنه عليه‌السلام قال لا تذهب الحشمة فيما بينك وبين أخيك

____________________

(١) كتاب النبوة الباب ٦٩ تحت الرقم ٩.

(٢) معانى الاخبار ص ١٤١.

(٣) أمالى الطوسى ج ١ ص ٩٤.

(٤) أمالى الطوسى ج ١ ص ٣٠٨. والاية في سورة القلم ٤.

٢٨٦

المؤمن فان ذهاب الحشمة ذهاب الحياء وبقاء الحشمة بقاء المروة.

عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا ضاق أحدكم فليعلم أخاه ولا يعين على نفسه وعنه عليه‌السلام قال : من عظم دين الله عظم حق إخوانه ، ومن استخف بدينه استخف بإخوانه ، وعنه عليه‌السلام قال من سأله أخوه المؤمن حاجة من ضر فمنعه من سعة وهو يقدر عليها من عنده أو من عند غيره حشره الله يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه حتى يفرغ الله من حساب الخلق. وعنه عليه‌السلام قال من مشى مع أخيه المؤمن في حاجة فلم يناصحه فقد خان الله ورسوله.

وعن الباقر عليه‌السلام قال : يحق على المؤمن النصيحة ، عن حماد بن عثمان قال : كنت عند أبي عبدالله عليه‌السلام إذ دخل عليه رجل من أصحابنا فقال له أبوعبدالله : ما لاخيك يشكو منك؟ قال : يشكوني أني استقصيت حقي عنه فقال أبوعبدالله : كأنك إذا استقصيت حقك لم تسئ؟ أرأيت ما ذكر الله عزوجل في القرآن «يخافون سوء العذاب» (١) أخافوا أن يجور الله جل ثناؤه عليهم؟ لا والله ما خافوا ذلك ، فانما خافوا الاستقصاء فسماه الله سوء الحساب نعم من استقصى من أخيه فقد أساء.

وعن جعفر بن محمد بن مالك رفعه إلى أبي عبدالله عليه‌السلام عن بعض أصحابنا قال قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : إخواننا يتولون عمل الشيطان أفندعو لهم؟ فقال أبوعبدالله : هل ينفعونكم؟ قلت : لا فقال : ابرؤا منهم أنا منهم برئ.

١٤ ـ كا : عن العدة ، عن سهل بن زياد ، ومحمد بن يحيى ، عن ابن عيسى جميعا عن ابن محبوب ، عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من سر مؤمنا فقد سرني ومن سرني فقد سر الله (٢).

بيان : سرور الله تعالى مجاز والمراد ما يترتب على السرور من اللطف والرحمة أو باعتبار أن الله سبحانه لما خلط أولياءه بنفسه ، جعل سرورهم كسروره ، وسخطهم كسخطه ، وظلمهم كظلمه ، كما ورد في الخبر ، وسرور المؤمن يتحقق بفعل أسبابه

____________________

(١) الرعد : ٢١.

(٢) الكافى ج ٢ ص ١٨٨.

٢٨٧

وموجباته كأداء دينه ، أو تكفل مؤنته ، أو ستر عورته ، أو دفع جوعته ، أو تنفيس كربته ، أو قضاء حاجته ، أو إجابة مسألته.

وقيل : السرور من السر وهو الضم والجمع لما تشتت ، والمؤمن إذا مسته فاقة أو عرضت له حاجة ، أو لحقته شدة ; فاذا سددت فاقته ، وقضيت حاجته ، ورفعت شدته فقد جمعت عليه ما تشتت من أمره ، وضممت ما تفرق من سره ، ففرح بعد همه واستبشر بعد غمه ، ويسمي ذلك الفرح سرورا.

١٥ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن رجل من أهل الكوفة يكنى أبومحمد ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : تبسم الرجل في وجه أخيه حسنة ، وصرفه القذى عنه حسنة ، وما عبدالله بشئ أحب إلى الله من إدخال السرور على المؤمن (١).

بيان : «حسنة» أي خصلة حسنة توجب الثواب «وصرفه القذى عنه» القذى يحتمل الحقيقة وأن يكون كناية عن دفع كل ما يقع عليه‌السلام من الاذى قال في النهاية فيه جماعة على أقذاء : الاقذاء جمع قذى ، والقذى جمع قذاة ، وهو ما يقع في العين والماء والشراب من تراب أو تبن أو وسخ أو غير ذلك ، أراد أن اجتماعهم يكون فسادا في قلوبهم ، فشبهه بقذى العين والماء والشراب.

١٦ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن سنان ، عن ابن مسكان عن عبيد الله بن الوليد الوصافي قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إن فيما ناجى الله عزوجل به عبده موسى قال : إن لي عبادا أبيحهم جنتي واحكمهم فيها قال : يا رب ومن هؤلاء الذين تبيحهم جنتك وتحكمهم فيها؟ قلا : من أدخل على مؤمن سرورا ثم قال إن مؤمنا كان في مملكة جبار فولع به فهرب منه إلى دار الشرك ، فنزل برجل من أهل الشرك فأظلله وأرفقه وأضافه فلما حضره الموت أوحى الله عزوجل إليه : وعزتي وجلالي لو كان لك في جنتي مسكن لاسكنتك فيها ولكنها محرمة على من مات بي مشركا ولكن يا نار هيديه ولا تؤذيه! ويؤتى برزقه طرفي النهار

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ١٨٨

٢٨٨

قلت : من الجنة؟ قال : من حيث شاء الله (١).

بيان : «ابيحهم جنتي» أي جعلت الجنة مباحة لهم ولا يمنعهم من دخولها شئ أو يتبوؤون منها حيث يشاؤون كما أخبر الله عنهم بقوله «وقال الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الارض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين» (٢) «واحكمهم فيها» أي أجعلهم فيها حكاما يحكمون على الملائكة والحور والغلمان بما شاؤوا ، أو يشفعون ويدخلون فيها من شاؤوا ، في القاموس حكمه في الامر تحكيما أمره أن يحكم ، وقال : ولع الرجل ولعا محركة وولوعا بالفتح وأولعته وأولع به بالضم فهو مولع به بالفتح ، وكوضع ولعا وولعانا محركة استخف وكذب وبحقه ذهب ، والوالع الكذاب وأولعه به أغراه به (٣).

قوله عليه‌السلام «فأظله» أي أسكنه منزلا يظله من الشمس وفي القاموس رفق فلانا نفعه كأرفقه وفي المصباح أضفته وضيفته إذا أنزلته وقريته ، والاسم الضيافة «يا نار هيديه» أي خو فيه وأز عجيه ولا تؤذيه أي لا تحرقيه ، وفي القاموس هاده الشئ يهيده هيدا وهادا : أفزعه وكربه وحركه وأصلحه كهيده في الكل وأزاله وصرفه وأزعجه وزجره وكان في بعض روايات العامة لا تهيديه قال في النهاية ومنه الحديث يا نار لا تهيديه أي لا تزعجيه.

١٧ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن بكر بن صالح ، عن الحسن ابن علي ، عن عبدالله بن إبراهيم ، عن علي بن أبي علي ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه عن علي بن الحسين عليهم‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن أحب الاعمال على الله إدخال السرور على المؤمنين (٤).

١٨ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبدالله بن سنان ، عن

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ١٨٨.

(٢) الزمر : ٧٤.

(٣) القاموس ج ٣ ص ٩٧.

(٤) الكافى ج ٢ ص ١٨٩.

٢٨٩

أبي عبدالله عليه‌السلام قال قال : أوحى الله عزوجل إلى داود عليه‌السلام إن العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة فابيحه جنتي ، فقال داود : يا رب وما تلك الحسنة؟ قال : يدخل على عبدى المؤمن سرورا ولو بتمرة ، قال داود : يا رب حق لمن عرفك أن لا يقطع رجاءه منك (١).

بيان : قوله «يدخل» يحتمل أن يكون هذا على المثال ويكون المراد كل حسنة مقبولة كما ورد أن من قبل الله منه عملا واحدا لم يعذبه.

١٩ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن خلف بن حماد ، عن مفضل بن عمر ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام : قال لا يرى أحدكم إذا أدخل على مؤمن سرورا أنه عليه أدخله فقط بل والله علينا ، بل والله على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢).

٢٠ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، ومحمد بن إسماعيل ، عن ابن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبدالحميد ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : إن أحب الاعمال إلى الله عزوجل إدخال السرور على المؤمن شبعة مسلم أو قضاء دينه (٣).

«شبعة مسلم» بفتح الشين إما بالنصب بنزع الخافض أي بشبعة أو بالرفع بتقدير هو شبعة أو بالجر بدلا أو عطف بيان للسرور ، والمراد بالمسلم هنا المؤمن وكأن تبديل المؤمن به للاشعار بأنه يكفي ظاهر الايمان لذلك ، وذكرهما على المثال.

٢١ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن سدير الصيرفي قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام في حديث طويل : إذا بعث الله المؤمن من قبره خرج معه مثال يقدمه أمامه كلما رأى المؤمن هولا من أهوال يوم القيامة قال له المثال : لا تفزع ولا تحزن وأبشر بالسرور والكرامة من الله عزوجل ، حتى يقف بين يدي الله عزوجل فيحاسبه حسابا يسيرا ويأمر به إلى الجنة ، والمثال أمامه فيقول له المؤمن : يرحمك الله نعم الخارج خرجت معي من قبري وما زلت تبشرني

____________________

(١ ـ ٣) الكافى ج ٢ ص ١٨٩.

٢٩٠

بالسرور والكرامة من الله حتى رأيت ذلك ، فيقول : من أنت؟ فيقول : أنا السرور الذي كنت أدخلته على أخيك المؤمن في الدنيا ، خلقني الله عزوجل منه لابشرك (١).

ايضاح : «خرج معه مثال» قال الشيخ البهائي قدس‌سره : المثال الصورة ويقدم على وزن يكرم أي يقويه ويشجعه من الاقدام في الحرب وهو الشجاعة وعدم الخوف ، ويجوز أن يقرأ على وزن ينصر ، وما ضيه قدم كنصر أي يتقدمه كما قال الله «يقدم قومه يوم القيامة» (٢) ولفظ أمامه حينئذ تأكيد انتهى ، وفي القاموس الهول المخافة من الامر لا يدري ماهجم عليه منه ، والجمع أهوال وهؤول ، وقال : أبشر فرح ، ومنه أبشر بخير وبشرت به كعلم وضرب سررت «بين يدي الله» أي بين يدي عرشه ، أو كناية عن وقوفه موقف الحساب.

«نعم الخارج» قال الشيخ البهائي قدس‌سره : المخصوص بالمدح محذوف لدلالة ما قبله عليه ، أي نعم الخارج أنت ، وجملة «خرجت معي» وما بعدها مفسرة لجملة المدح أو بدل منها ، ويحتمل الحالية بتقدير «قد».

قوله عليه‌السلام «أنا السرور الذي كنت أدخلته» قال الشيخ المتقدم ـ ره ـ فيه دلالة على تجسم الاعمال في النشأة الاخروية ، وقد ورد في بعض الاخبار تجسم الاعتقادات أيضا ، فالاعمال الصالحة والاعتقادات الصحيحة تظهر صورا نورانية مستحسنة موجبة لصاحبها كمال السرور والابتهاج ، والاعمال السيئة والاعتقادات الباطلة تظهر صورا ظلمانية مستقبحة توجب غاية الحزن والتألم كما قاله جماعة من المفسرين عند قوله تعالى «يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تودلو أن بينها وبينه أمدا بعيدا» (٣) ويرشد إليه قوله تعالى « يوم يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ١٩٠.

(٢) هود : ٩٨.

(٣) آل عمران ص ٣٠.

٢٩١

يره » (١) ومن جعل التقيدير ليروا جزاء أعمالهم ولم يرجع ضمير« يره » إلى العمل فقد أبعد انتهى.

وأقول : يحتمل أن يكون الحمل في قوله أنا السرور على المجاز فانه لما خلق بسببه فكأنه عينه كما يرشد إليه قوله» خلقني الله منه «ومن للسببية أو للابتداء ، والحاصل أنه يمكن حمل الايات والاخبار على أن الله تعالى يخلق بازاء الاعمال الحسنة صورا حسنة ليظهر حسنها للناس ، وبازاء الاعمال السيئة صورا قبيحة ليظهر قبحها معاينة ، ولا حاجة إلى القول بأمر مخالف لطور العقل لا يستقيم إلا بتأويل في المعاد ، وجعله في الاجساد المثالية ، وإرجاعه إلى الامور الخيالية كما يشعر به تشبيههم الدنيا والاخرة بنشأتي النوم واليقظة ، وأن الاعراض في اليقظة أجسام في المنام ، وهذا مستلزم لانكار الدين والخروج عن الاسلام وكثير من أصحابنا المتأخرين يتبعون الفلاسفة القدماء ، والمتأخرين ، والمشائين والاشراقيين في بعض مذاهبهم ، ذاهلين عما يستلزمه من مخالفة ضروريات الدين والله الموفق للاستقامة على الحق واليقين.

قوله « كنت أدخلته » قيل : إنما زيد لفظة كنت على الماضي للدلالة على بعد الزمان.

٢٢ ـ كا : عن محمد ين يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن السياري ، عن محمد بن جمهور قال : كان النجاشي وهو رجل من الدهاقين عاملا على الاهواز وفارس ، فقال بعض أهل عمله لابي عبدالله عليه‌السلام : إن في ديوان النجاشي علي خراجا وهو مؤمن يدين بطاعتك ، فان رأيت أن تكتب لي إليه كتابا قال فكتب إليه أبوعبدالله عليه‌السلام : بسم الله الرحمن الرحيم سر أخاك يسرك الله.

قال : فلما ورد الكتاب عليه ، دخل عليه وهو في مجلسه فلما خلى ناوله الكتاب وقال : هذا كتاب أبي عبدالله عليه‌السلام فقبله ووضعه على عينيه ، وقال له : ما حاجتك؟ قال : خراج علي في ديوانك ، فقال له : وكم هو؟ قال : عشرة آلاف

____________________

(١) الزلزال : ٦ ـ ٨.

٢٩٢

درهم ، فدعا كاتبه فأمره بأدائها عنه ، ثم أخرجه منها وأمر أن يثبتها له لقابل ثم قال له [ هل ] سررتك؟ فقال : نعم جعلت فداك ثم أمر بمركب وجارية وغلام وأمر له بتخت ثياب في كل ذلك يقول هل سررتك؟ فيقول نعم جعلت فداك فكلما قال نعم زاده حتى فرغ ثم قال له احمل فرش هذا البيت الذي كنت جالسا فيه حين دفعت إلي كتاب مولاي الذي ناولتني فيه وارفع إلي حوائجك قال : ففعل.

وخرج الرجل فصار إلى أبي عبدالله عليه‌السلام بعد ذلك فحدثه بالحديث على جهته فجعل يسر بما فعل فقال الرجل : يا ابن رسول الله! كأنه قد سرك ما فعل بي؟ فقال : إي والله لقد سر الله ورسوله (١).

ايضاح : يظهر من كتب الرجال أن النجاشي المذكور في الخبر اسمه عبدالله وأنه ثامن آباء أحمد بن علي النجاشي صاحب الرجال المشهور ، وفي القاموس النجاشي بتشديد الياء وبتخفيفها أفصح وتكسر نونها أو هو أفصح وفي المصباح الدهقان معرب يطلق على رئيس القرية ، وعلى التاجر وعلى من له مال وعقار ، وداله مكسورة وفي لغة تضم والجمع دهاقين ، ودهقن الرجل وتدهقن كثر ماله ، وفي القاموس الاهواز تسع كور بين البصرة وفارس لكل كورة منها اسم ويجمعهن الاهواز ولا تفرد واحدة منها بهوز ، وهي : رامهرمز ، وعسكر ، ومكرم ، وتستر ، وجنديسابور وسوس ، وسرق ، ونهر تيرى ، وإيذج ، ومناذر (٢) انتهى.

« فقال بعض أهل عمله» أي بعض أهل المواضع التي كانت تحت عمله وكان عاملا عليها ، والديوان الدفتر الذي فيه حساب الخراج ومرسوم العسكر ، قال في المصباح : الديوان جريدة الحساب ثم اطلق على موضع الحساب ، وهو معرب وأصله دوان فابدل من إحدى المضعفين ياء للتخفيف ، ولهذا يرد في الجمع إلى أصله

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ١٩٠.

(٢) القاموس ج ٢ ص ١٩٧ ، وفى هامشه : قال الشارح : هكذا في جميع النسخ [ تسع ] بتقديم المثناة على السين ، والصواب سبع بتقديم السين على الموحدة كما هو نص الليث ومثله في العباب.

٢٩٣

فيقال دواوين ، ودونت الديوان وضعته وجمعته ، ويقال إن عمر أول من دون الدواوين في العرب أي رتب الجرائد للعمال وغيرها انتهى.

والخراج ما يأخذه السلطان من الاراضي ، وأجرة الارض للاراضي المفتوحة عنوة «فان رأيت» جزاء الشرط محذوف أي فعلت أو نفعني ، ويدل الخبر على استحباب افتتاح الكتاب بالتسمية «فلما ورد الكتاب عليه» أي أشرف حامله على الدخول عليه ، وإسناد الورود إليه مجاز ، وكان الاظهر فلما ورد بالكتاب ، قال في المصباح : ورد البعير وغيره الماء يرده ورودا بلغه ووافاه من غير دخول وقد يكون دخولا وورد زيد علينا حضر ، ومنه ورد الكتاب على الاستعارة ، وفي القاموس الورود الاشراف على الماء وغيره دخله أو لم يدخل انتهى.

والضمير في دخل راجع إلى بعض أهل عمله «وأمره بأدائها عنه» أي من ماله أو من محل آخر إلى الجماعة الذين أحالهم عليه أو أعطاه الدراهم ليؤدي إليهم لئلا يشتهر أنه وهب له هذا المبلغ تقية ، وعلى الوجه الاول إنما أعطاها من ماله لان اسمه كان في الديوان وكان محسوبا عليه «ثم أخرجه منها» أي أخرج اسمه من دفاتر الديوان لئلا يحال عليه في سائر السنين «وأمر أن يثبتها له» أي أمر أن يكتب له أن يعطى عشرة آلاف في السنة الاتية سوى ما اسقط عنه ، أو لابتداء السنة الاتية إلى آخر عمله ، وقيل : أعطى ما أحاله في هذه السنة من ماله ثم أخرجه منها أي من العشرة آلاف ، وقوله «وأمر» بيان للاخراج (١) أي كان إخراجه منها بأن جعل خراج أملاكه وظيفة له لا يحال عليه في سائر السنين واللام في قوله «لقابل» بمعنى من الابتدائية كما مر.

وفي القاموس التخت وعاء يصان فيه الثياب «حتى فرغ» بفتح الراء وكسرها أي النجاشي من العطاء «ففعل» أي حمل الفرش وتنازع هو «وخرج» في الرجل

____________________

(١) بل الظاهر أنه أمر الكاتب أن يثبت له عشرة آلاف آخر للسنة القابلة ، حتى لا يحتاج في السنة الاتية إلى أداء الخراج أيضا ، فيكون عطاؤه عشرين ألفا : عشرة للسنة الجارية ، وعشرة للسنة القابلة.

٢٩٤

«فجعل» أي شرع الامام «يسر» على بناء المفعول.

٢٣ ـ كا : عن أبي علي الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن الحسن ابن علي بن فضال ، عن منصور ، عن عمار أبي اليقظان ، عن أبان بن تغلب قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن حق المؤمن على المؤمن قال فقال : حق المؤمن على المؤمن أعظم من ذلك لو حدثتكم لكفرتم إن المؤمن إذا اخرج من قبره خرج معه مثال من قبره يقول له أبشر بالكرامة من الله والسرور ، فيقول له : بشرك الله بخير ، قال ثم يمضي معه يبشره بمثل ما قال وإذا مر بهول قال هذا ليس لك وإذا مر بخير قال هذا لك فلا يزال معه يؤمنه مما يخاف ، ويبشره بما يحب حتى يقف معه بين يدي الله عزوجل فاذا امر به إلى الجنة قال له المثال : أبشر فان الله عزوجل قد أمر بك إلى الجنة قال : فيقول من أنت رحمك الله تبشرني من حين خرجت من قبري وآنستني في طريقي وخبرتني عن ربي؟ قال فيقول : أنا السرور الذي كنت تدخله على إخوانك في الدنيا خلقت منه لابشرك واونس وحشتك (١).

بيان : قوله «من ذلك» لما استشعر من سؤال السائل أو مما علم من باطنه أنه يعد هذا الحق سهلا يسيرا ، قال حق المؤمن أعظم من ذلك أي مما تظن أو لما ظهر من كلام السائل أنه يمكن بيانه بسهولة أو أنه ليس مما يترتب على بيانه مفسدة قال ذلك «لكفرتم» قد مر بيانه ، وقل يمكن أن يقرأ بالتشديد على بناء التفعيل أي لنسبتم أكثر المؤمنين إلى الكفر ، لعجز كم عن أداء حقوقهم عتذارا لتركها أو بالتخفيف من باب نصر أي لسترتم الحقوق ولم تؤدوها أو لم تصدقوها لعظمتها فيصير سببا لكفر كم.

وأقول : قد عرفت أن للكفر معان منها ترك الواجبات بل السنن الاكيدة أيضا.

٢٤ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن مالك بن عطية ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أحب الاعمال

____________________

(١) الكافى ج ٢ : ١٩١.

٢٩٥

إلى الله سرور تدخله على مؤمن تطرد عنه جوعته ، أو تكشف عنه كربته (١).

بيان : الطرد : الابعاد ، والجوع بالضم ضد الشبع ، وبالفتح مصدر أي بأن تطرد ، وذكرهما على المثال.

٢٥ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن الحكم بن مسكين عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من أدخل على مؤمن سرورا خلق الله عزوجل من ذلك السرور خلقا فيتلقاه عند موته فيقول له : أبشر يا ولي الله بكرامة من الله ورضوان ثم لا يزال معه حتى يدخله قبره ، فيقول له مثل ذلك ، فاذا بعث تلقاه فيقول له مثل ذلك ، ثم لا يزال معه عند كل هول يبشره ويقول له مثل ذلك ، فيقول له : من أنت رحمك الله؟ فيقول : أنا السرور الذي أدخلته على فلان (٢).

بيان : «من ذلك السرور» أي لسببه ، وهذا يؤيد ما ذكرناه.

٢٦ ـ كا : عن الحسين بن محمد ، عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان بن مسلم عن عبدالله بن سنان قال : كان رجل عند أبي عبدالله عليه‌السلام فقرأ هذه الاية «والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا» (٣) قال فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : فما ثواب من أدخل عليه السرور؟ فقلت جعلت فداك عشر حسنات ، قال : إى والله وألف ألف حسنة (٤).

ايضاح : «بغير ما اكتسبوا» أي بغير جناية استحقوا بها الايذاء «فقد احتملوا بهتانا» أي فقد فعلوا ما هو أعظم : الاثم مع البهتان وهو الكذب على الغير يواجهه به ، فجعل إيذاءهم مثل البهتان وقيل يعني بذلك أذية اللسان فيتحقق فيها البهتان «وإثما مبينا» أي ومعصية ظاهرة كذا ذكره الطبرسي ره (٥) وقال البيضاوي قيل : إنها نزلت في المنافقين يؤذون عليا عليه‌السلام ، وكأن الغرض من قراءة الاية إعداد

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ١٩١.

(٢ و ٤) الكافى ج ٢ ص ١٩٢.

(٣) الاحزاب : ٥٨.

(٥) مجمع البيان ج ٨ ص ٣٧٠.

٢٩٦

المخاطب للاصغاء والتنبيه على أن إيذاءهم إذا كان بهذه المنزلة كان إكرامهم وإدخال السرور عليهم بعكس ذلك ، هذا إذا كان القاري الامام ويحتمل أن يكون القاري الراوي وحكم السائل بالعشر لقوله تعالى «من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها» (١) وتصديقه عليه‌السلام إما مبني على أن العشر حاصل في ضمن ألف ألف ، أو على أن أقل مراتبه ذلك ، ويرتقي بحسب الاخلاص ومراتب السرور إلى ألف ألف لقوله تعالى «ويضاعف لمن يشاء» (٢).

٢٧ ـ كا : عن العدة ، عن سهل ، عن محمد بن اورمة ، عن علي بن يحيى عن الوليد بن العلا ، عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من أدخل السرور على مؤمن فقد أدخله على رسول الله ، ومن أدخله على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقد وصل ذلك إلى الله ، وكذلك من أدخل عليه كربا (٣).

بيان : «فقد وصل ذلك» أي السرور مجازا كما مر أو هو على بناء التفعيل فضمير الفاعل راجع إلى المدخل ، وكذلك «من أدخل عليه كربا» أي يدخل الكرب على الله وعلى الرسول.

٢٨ ـ كا : عن العدة ، عن سهل ، عن إسماعيل بن منصور ، عن المفضل عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أيما مسلم لقي مسلما فسره سره الله عزوجل (٤).

بيان : المراد بالمسلم المؤمن.

٢٩ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من أحب الاعمال إلى الله عزوجل إدخال السرور على المؤمن : إشباع جوعته أو تنفيس كربته أو قضاء دينه (٥).

بيان : إسناد الاشباع إلى الجوعة على المجاز وتنفيس الكرب كشفها.

٣٠ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن هاشم ، عن سعدان بن مسلم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من أخذ من وجه

____________________

(١ و ٢) الانعام : ١٦٠ ، البقرة : ٢٦١ ، على الترتيب.

(٣ ـ ٥) الكافى ج ٢ ص ١٩٢.

٢٩٧

أخيه المؤمن قذاة كتب الله عزوجل له عشر حسنات ومن تبسم في وجه أخيه كانت له حسنة (١).

بيان : في النهاية القذى جمع قذاة وهو ما يقع في العين والماء والشراب من تراب أو تبن أو وسخ أو غير ذلك.

٣١ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عمر بن عبدالعزيز ، عن عن جميل بن دراج ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من قال لاخيه مرحبا كتب الله له مرحبا إلى يوم القيامة (٢).

بيان : «إلى يوم القيامة» إما متعلق بمرحبا فيكون داخلا في المكتوب أو متعلق بكتب ، وهو أظهر أي يكتب له ثواب هذا القول إلى يوم القيامة أو يخاطب بهذا الخطاب ، ويكتب له ، فينزل عليه الرحمة بسببه أو هو كناية عن أنه محل لالطاف الله ورحماته إلى يوم القيامة والرحب السعة ومرحبا منصوب بفعل لازم الحذف ، أي أتيت رحبا وسعة أو مكانا واسعا ; وفيه إظهار للسرور بملاقاته.

٣٢ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من أتاه أخوه المسلم فأكرمه فانما أكرم الله عزوجل (٣).

بيان : «فأكرمه» أي أكرم المأتي الاتي.

٣٣ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن نصر بن إسحاق ، عن الحارث بن النعمان ، عن الهيثم بن حماد ، عن أبي داود ، عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما في امتي عبد ألطف أخاه في الله بشئ من لطف إلا أخدمه الله من خدم الجنة (٤).

بيان : الظرف أي «في الله» حال عن الاخ أو متعلق بالالطاف والاول أظهر واللطف الرفق والاجسان وإيصال المنافع.

____________________

(١ ـ ٢) الكافى ج ٢ ص ٢٠٥ و ٢٠٦.

(٣ ـ ٤) الكافى ج ٢ ص ٢٠٦.

٢٩٨

٣٤ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن بكر بن صالح ، عن الحسن بن علي ، عن عبدالله بن جعفر بن إبراهيم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أكرم أخاه المسلم بكلمة يلطفه بها وفرج عنه كربته لم يزل في ظل الله الممدود ، عليه الرحمة ما كان في ذلك (١).

بيان : «يلطفه بها» على بناء المعلوم من الافعال وفي بعض النسخ بالتاء فعلا ماضيا من باب التفعل ; في القاموس : لطف كنصر لطفا بالضم رفق ودنا ، والله لك أوصل إليك مرادك بلطف ; وألطفه بكذا بره والملاطفة المبارة ، وتلطفوا وتلاطفوا رفقوا انتهى «لم يزل في ظل الله الممدود» أي المنسبط دائما بحيث لا يتقلص ولا يتفاوت إشارة إلى قوله تعالى «وظل ممدود» (٢) أي لم يزل في القيامة في ظل رحمة الله الممدود أبدا «عليه الرحمة» أي تنزل عليه الرحمة ، ما كان في ذلك الظل أي أبدا أو المعنى لم يزل في ظل حماية الله ورعايته نازلا عليه رحمة الله ما كان مشتغلا بذلك الاكرام ; وقيل : الضمير في عليه راجع إلى الظل والرحمة مرفوع وهو نائب فاعل الممدود و «ما» بمعنى مادام ، والمقصود تقييد الدوام المفهوم من لم يزل.

٣٥ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عمر بن عبدالعزيز ، عن جميل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : إن مما خص الله عز وجل به المؤمن أن يعرفه بر إخوانه ، وإن قل ، وليس البر بالكثرة وذلك أن الله عزوجل يقول في كتابه «ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة» ثم قال : «ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون» ومن عرفه الله بذلك أحبه الله ومن أحبه الله تبارك وتعالى وفاه أجره يوم القيامة بغير حساب ، ثم قال : يا جميل ارو هذا الحديث لاخوانك فانه ترغيب في البر لاخوانك (٣).

تبيان : أن يعرفه بر إخوانه أي ثواب البر أو التعريف كناية عن التوفيق

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ٢٠٦.

(٢) الواقعة : ٣٠.

(٣) الكافى ج ٢ ص ٢٠٦ ، والاية في الممتحنة : ١٠.

٢٩٩

للفعل «وذلك أن الله يقول» الاستشهاد بالاية من حيث إن الله مدح إيثار الفقير مع أنه لا يقدر على الكثير فعلم أنه ليس البر بالكثرة «وثؤثرون على أنفسهم» أي يختارون غيرهم من المحتاجين على أنفسهم ويقدمونهم «ولو كان بهم خصاصة» أي حاجة وفقر عظيم «ومن يوق شح نفسه» بوقاية الله وتوفيقه ، ويحفظها عن البخل والحرص «فاولئك هم المفلحون» أي الفائزون.

والمشهور أن الاية نزلت في الانصار وإيثارهم المهاجرين على أنفسهم في أموالهم ، وروي من طريق العامة أنها نزلت في أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وأنه مع بقية أهل بيته لم يطعموا شيئا منذ ثلاثة أيام فاقترض دينارا ثم رأى المقداد فتفرس منه أنه جائع فأعطاه الدينار ، فنزلت الاية مع المائدة من السماء ; وعلى التقديرين يجري الحكم في غير من نزلت فيه «ومن عرفه الله» على بناء التفعيل «بذلك» كأن الباء زائدة أو المعنى عرفه بذلك التعريف المتقدم ، ويمكن أن يقرأ عرفه على بناء المجرد.

٣٦ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن المفضل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن المؤمن ليتحف أخاه التحفة ـ قلت : وأي شئ التحفة؟ قال : من مجلس ومتكاء وطعام وكسوة وسلام ـ فتطاول الجنة مكافأة له ، ويوحي الله عزوجل إليها أني قد حرمت طعامك على أهل الدنيا إلا علي نبي أو وصي نبي فإذا كان يوم القيامة أوحى الله عزوجل إليها أن كافئ أوليائي بتحفهم ، فتخرج منها وصفاء ووصائف ، معهم أطباق مغطاة بمناديل من لؤلؤ فإذا نظروا إلى جهنم وهولها وإلى الجنة وما فيها طارت عقولهم ، وامتنعوا أن يأكلوا فينادي مناد من تحت العرش إن الله عزوجل قد حرم جهنم على من أكل من طعام جنته فيمد القوم أيديهم فيأكلون (١).

بيان : «ليتحف» على بناء الافعال وهو إعطاء التحفة بالضم وكهمزه ، وهي البر واللطف والهدية ، وقوله «قلت» وجوابه معترضان بين كلام الامام ، و «من» في

____________________

(١) الكافى ج ٢ ص ٢٠٧.

٣٠٠