بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤٩
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

الله عزوجل : «الا المستضعفين» قال : همم أهل الولاية ، قلت : وأي ولاية فقال : أما انها ليست بولاية في الدين ، ولكنها الولاية في المناكحة والموارثة والمخالطة ، وهم ليسوا بالمؤمنين ولا بالكفار ، وهم المرجون لامر الله عزوجل (١).

شي : عن حمران مثله (٢).

١٤ ـ مع : عن المظفر العلوي ، عن ابن العياشي ، عن أبيه ، عن علي بن محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن عبدالكريم بن عمرو ، عن سليمان ابن خالد قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : «إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان» الاية قال : يا سليمان في هؤلاء المستضعفين من هو أثخن رقبة منك ، المستضعفون قوم يصومون ويصلون تعف بطونهم وفروجهم لا يرون أن الحق في غيرها (٣) آخذين بأغصان الشجرة «فاولئك عسى الله أن يعفو عنهم» إذا كانوا آخذين بالاغصان وإن لم يعرفوا اولئك ، فان عفى عنهم فبرحمته وإن عذبهم فبضلالتهم عما عرفهم (٤).

شي : عن سليمان بن خالد مثله (٥).

١٥ ـ مع : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن عثمان بن عيسى ، عن موسى ابن بكر ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن المستضعفين فقال : البلهاء في خدرها والخادم تقول لها : صلي فتصلي لا تدري إلا ما قلت لها ، والجليب (٦) الذي لايدري إلا ما قلت له ، والكبير الفاني والصبي الصغير

____________________

(١) معاني الاخبار ص ٢٠٢.

(٢) تفسير العياشي ج ١ ص ٢٧٠ ، والاية في النساء : ٩٨.

(٣) في المصدر والعياشي : غيرنا. (٤) معاني الاخبار ص ٢٠٢.

(٥) تفسير العياشي ج ١ ص ٢٧٠.

(٦) الجليب : المجلوب ، وهو الخادم يساق من موضع إلى آخر ومن بلد إلى بلد للتجارة ، يستوي فيه المذكر والمؤنث ، وإنما لا يدري إلا ما قلت له ، فانه لا يعرف في البلد إلا مالكه ، ولا يتبع أحدا ولا يطمئن إلا إليه.

١٦١

هؤلاء المستضعفون فأما رجل شديد العنق جدل خصم يتولى الشراء والبيع ، لا تستطيع أن تغبنه في شئ تقول : هذا مستضعف؟ لا ولا كرامة (١).

شي : عن سليمان مثله (٢).

١٦ ـ مع : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن سيف ابن عميرة ، عن أبي الصباح ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال في المستضعفين الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا : لا يستطيعون حيلة فيدخلوا في الكفر ولا يهتدون فيدخلوا في الايمان ، فليس هم من الكفر والايمان في شئ (٣).

١٧ ـ مع : أبي ، عن سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبي المغرا ، عن أبي حنيفة رجل من أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من عرف الاختلاف فليس بمستضعف (٤).

١٨ ـ مع : المظفر العلوي ، عن ابن العياشي ، عن أبيه ، عن حمدويه ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : من عرف اختلاف الناس فليس بمستضعف (٥).

١٩ ـ سن : أبي ، عن النضر ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن مسكان ، عن زرارة ، قال : سئل أبوعبدالله عليه‌السلام وأنا جالس عن قول الله : «من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها» (٦) يجري لهؤلاء ممن لا يعرف منهم هذا الامر؟ فقال : لا إنما هذه للمؤمنين خاصة ، قلت له : أصلحك الله ، أرايت من صام وصلى واجتنب المحارم وحسن ورعه ممن لا يعرف ولا ينصب ، فقال : إن الله يدخل اولئك الجنة

____________________

(١) معاني الاخبار ص ٢٠٣.

(٢) تفسير العياشي ج ١ ص ٢٧٠.

(٣) معاني الاخبار ص ٢٠٣.

(٤) معاني الاخبار ص ٢٠٠.

(٥) معاني الاخبار ص ٢٠١.

(٦) الانعام : ١٦٠.

١٦٢

برحمته (١).

٢٠ ـ غط : عن الفزاري ، عن محمد بن جعفر بن عبدالله ، عن أبي نعيم محمد بن أحمد الانصاري قال : وجه قوم من المفوضة والمقصرة كامل بن إبراهيم المدني إلى أبي محمد عليه‌السلام قال كامل : فقلت في نفسي : أسأله لا يدخل الجنة إلا من عرف معرفتي وقال بمقالتي ، قال : فلما دخلت على سيدي أبي محمد نظرت إلى ثياب بياض ناعمة عليه ، فقلت في نفسي : ولي الله وحجته يلبس الناعم من الثياب ويأمرنا نحن بمواساة الاخوان ، وينهانا عن لبس مثله ، فقال متبسما : يا كامل وحسر ذراعيه فإذا مسح أسود خشن على جلده ، فقال : هذا لله وهذا لكم.

فسلمت وجلست إلى باب عليه ستر مرخى فجاءت الريح فكشفت طرفه فاذا أنا بصبي كأنه فلقة قمر من أبناء أربع سنين أو مثلها ، فقال لي : يا كامل بن إبراهيم فاقشعررت من ذلك والهمت أن قلت : لبيك يا سيدي ، فقال : جئت إلى ولي الله وحجته وبابه تسأله يدخل الجنة إلا من عرف معرفتك ، وقال بمقالتك؟ فقلت : إي والله قال : إذن والله يقل داخلها ، والله إنه ليدخلها قوم يقال لهم : الحقية ، قلت : يا سيدي ومن هم ، قال من حبهم لعلي يحلفون بحقه ولا يدرون ما حقه وفضله تمام الخبر (٢).

٢١ ـ شي : عن سماعة قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن المستضعفين قال : هم أهل الولاية ، قلت : أي ولاية تعني؟ قال : ليست ولاية [في الدين] ولكنها في المناكحة والمواريث والمخالطة ، وهم ليسوا بالمؤمنين ولا الكفار ، ومنهم المرجون لامر الله ، فأما قوله : «والمستضعفين [من الرجال والنساء والولدان] الذين يقولون ربنا أخرجنا إلى نصيرا» (٣) فاولئك نحن (٤).

____________________

(١) المحاسن ص ١٥٨.

(٢) غيبة الشيخ الطوسي ص ١٥٩.

(٣) النساء : ٧٥.

(٤) تفسير العياشي ج ١ ص ٢٥٧.

١٦٣

٢٢ ـ شي : عن أبي خديجة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «المستضعفين من الرجال والنساء لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا» قال : لا يستطيعون سبيل أهل الحق فيدخلون فيه ، ولا يستطيعون حيلة أهل النصب فينصبون ، قال : هؤلاء يدخلون الجنة بأعمال حسنة ، وباجتناب المحارم التي نهى الله عنها ، ولا ينالون منازل الابرار (١).

٢٣ ـ شي : عن زرارة قال : قال أبوجعفر عليه‌السلام : وأنا اكلمه في المستضعفين أين أصحاب الاعراف؟ أين المرجون لامر الله؟ أين الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا؟ أين المؤلفة قلوبهم؟ أين أهل تبيان الله؟ أين المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا * فاولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا (٢).

٢٤ ـ شي : عن زرارة قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : أتزوج المرجئة أو الحرورية أو القدرية؟ قال : لا عليك بالبله من النساء ، قال زرارة : فقلت : ما هو إلا مؤمنة أو كافرة ، فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : فأين أهل استثناء الله ، قول الله أصدق من قولك ، «إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان إلى قوله سبيلا» (٣).

٢٥ ـ شي : عن أبي الصباح قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : ما تقول : في رجل دعى إلى هذا الامر فعرفه ، وهو في أرض منقطعة إذ جاءه موت الامام ، فبينا هو ينتظر إذ جاءه الموت ، فقال : هو والله بمنزلة من هاجر إلى الله ورسوله فمات فقد وقع أجره على الله (٤).

٢٦ ـ شي : عن زرارة قال : دخلت أنا وحمران على أبي جعفر عليه‌السلام فقلنا : إنا نمد المطمر ، فقال : وما المطمر؟ قلنا : الذي من وافقنا من علوي أو غيره توليناه ، ومن خالفنا برئنا منه من علوي أو غيره ، قال : يا زرارة قول الله أصدق من قولك ، فأين الذين قال الله : « إلا المستضعفين من الرجال والنساء

____________________

(١ ـ ٣) تفسير العياشي ج ١ ص ٢٦٩.

(٤) تفسير العياشي ج ١ ص ٢٧٠.

١٦٤

والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا » أين المرجون لامر الله؟ أين الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا؟ أين أصحاب الاعراف؟ أين المؤلفة قلوبهم ، فقال زرارة : ارتفع صوت أبي جعفر وصوتي حتى كان يسمعه من على باب الدار ، فلما كثر الكلام بيني وبينه قال لي : يا زرارة حقا على الله أن يدخلك الجنة (١).

٢٧ ـ شي : عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله : «وآخرون مرجون لامر الله» (٢) قال : هم قوم من المشركين أصابوا دما من المسلمين ثم أسلموا فهم المرجون لامر الله (٣).

٢٨ ـ شي : عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما‌السلام قالا : المرجون هم قوم قاتلوا يوم بدر واحد ويوم حنين ، وسلوا (٤) عن المشركين ثم أسلموا بعد تأخره فاما يعذبهم وإما يتوب عليهم (٥).

٢٩ ـ شي : عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله : «وآخرون مرجون لامر الله» قال : هم قوم مشركون فقتلوا مثل حمزة وجعفر وأشباههما من المؤمنين ثم إنهم دخلوا في الاسلام فوحدوا ، وتركوا الشرك ، ولم يؤمنوا فيكونوا من المؤمنين ، فيجب لهم الجنة ، ولم يكفروا فيجب لهم النار ، فهم على تلك الحال مرجون لامر الله.

قال حمران : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن المستضعفين قال : إنهم ليسوا بالمؤمنين ولا بالكافرين ، وهم المرجون لامر الله (٦).

٣٠ ـ شي : عن ابن الطيار قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : الناس على ست فرق يؤتون إلى ثلاث فرق : الايمان ، والكفر ، والضلال ، وهم أهل الوعد من الذين وعد الله الجنة والنار ، وهم المؤمنون والكافرون والمستضعفون والمرجون لامر الله

____________________

(١) تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٣.

(٢) براءة : ١٠٢. * (٤) أي هجروا المشركين ، وفي المصدر : سلموا.

(٣ و ٥ و ٦) تفسير العياشي ج «ص ١١٠.

١٦٥

إما يعذبهم وإما يتوب عليهم ، والمعترفون بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ، وأهل الاعراف (١).

٣١ ـ شي : عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : المرجون لامر الله قوم كانوا مشركين ، فقتلوا مثل قتل حمزة وجعفر وأشباههما ، ثم دخلوا بعد في الاسلام فوحدوا الله وتركوا الشرك ، ولم يعرفوا الايمان بقلوبهم ، فيكونوا من المؤمنين فيجب لهم الجنة ، ولم يكونوا على جحودهم فيكفروا فيجب لهم النار ، فهم على تلك الحال إما يعذبهم وإما يتوب عليهم. قال أبوعبدالله عليه‌السلام : يرى فيهم رأيه قال : قلت : جعلت فداك من أين يرزقون؟ قال : من حيث شاء الله ، وقال أبوإبراهيم عليه‌السلام : هؤلاء قوم وقفهم حتى يرى فيهم رأيه (٢).

٣٢ ـ شي : عن الحارث ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته بين الايمان والكفر منزلة؟ فقال : نعم ، ومنازل ، لو يجحد شيئا منها أكبه الله في النار : بينهما « آخرون مرجون لامر الله» وبينهما قوله : «على الاعراف رجال» (٣).

٣٣ ـ شئ : عن داود بن فرقد قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : المرجون قوم ذكر لهم فضل علي فقالوا : ما ندري لعله كذلك وما ندري لعله ليس كذلك؟ قال : أرجه وقال تعالى : «وآخرون مرجون لامر الله» (٤) الاية.

٣٤ ـ كش : محمد بن سعد ، عن أحمد بن هلال ، عن ابن محبوب عن ابن رئاب قال : دخل زرارة على أبي عبدالله عليه‌السلام فقال : يا زرارة متأهل أنت؟ قال : لا ، قال : وما يمعنك عن ذلك؟ قال : لاني لا أعلم تطيب مناكحة هؤلاء أم لا؟ قال : فكيف تصبر وأنت شاب؟ قال : أشتري الاماء ، قال : ومن أين طابت لك نكاح الاماء؟ قال : إن الامة إن رابني من أمرها شئ بعتها ، قال : لم أسألك عن هذا ولكن سألتك من أين طاب لك فرجها؟ قال له : فتأمرني أن أتزوج قال له : ذاك اليك.

____________________

(١ ـ ٢) تفسير العياشي ج ٢ ص ١١١.

١٦٦

قال : فقال له زرارة : هذا الكلام يتصرف على ضربين إما أن لا تبالي أن أعصي الله إذ لم تأمرني بذلك ، والوجه الاخر أن يكون مطلقا لي ، قال : فقال : عليك بالبلهاء ، قال : فقلت : مثل التي يكون على رأي الحكم بن عتيبة ، وسالم ابن أبي حفصة؟ قال : لا ، التي لا تعرف ما أنتم عليه ولا تنصب ، قد زوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبا العاص بن الربيع وعثمان بن عفان ، وتزوج عائشة وحفصة وغيرهما.

فقال : لست أنا بمنزلة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي كان يجري عليه حكمه ، وما هو إلا مؤمن أو كافر ، قال الله عزوجل : «فمنكم كافر ومنكم مؤمن» (١) فقال له أبوعبدالله عليه‌السلام : فأين أصحاب الاعراف؟ وأين المؤلفة قلوبهم؟ وأين الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا؟ وأين الذين لم يدخلوها وهم يطمعون؟.

قال زرارة : أيدخل النار مؤمن فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : لا يدخلها إلا أن يشاء الله ، قال زرارة : فيدخل الكافر الجنة؟ قال أبوعبدالله عليه‌السلام : لا ، فقال زرارة : هل يخلو أن يكون مؤمنا أو كافرا؟ فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : قول الله أصدق من قولك

____________________

(١) التغابن : ٢ ، استدل زرارة على أن الناس صنفان : مؤمن وكافر ، وقال على ما في رواية الكافي : «لا والله لا يكون أحد من الناس ليس بمؤمن ولا كافر ، وهو سهو ظاهر ، فان الله عزوجل يقول : فمنكم كافر ومنكم مؤمن ، ومن» للتعبيض وليس ظاهرها الترديد بين الكفر والايمان ولذلك لو قال بعده «ومنكم مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء» أو قال «فمنكم المستضعف الذي لا يعرف الايمان والكفر كالمجانين وغيرهم لصح الكلام.

وهذا الحديث مروي بطرق مختلفة وعبارات متفاوتة ، فقد مر شطر منه عن تفسير العياشي مرسلا وفي الكافي باب الضلال تحت الرقم ٢ حديث طويل في ذلك وله شرح ضاف في المرآت ج ٢ ص ٣٩١ من أراد الاطلاع فليراجع.

وليعلم أن أحاديث كتاب الكافي التي تناسب هذا الباب لم يخرجها المؤلف العلامة ههنا ، فليراجع.

١٦٧

يا زرارة بقول الله أقول : يقول الله تعالى : « لم يدخلوها وهم يطمعون » (١) لو كانوا مؤمنين لدخلوا الجنة ، ولو كانوا كافرين لدخلوا النار.

قال : فماذا؟ فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : أرجئهم حيث أرجأهم الله أما إنك لو بقيت لرجعت عن هذا الكلام ، وتحللت عنك عقدك.

قال : فأصحاب زرارة يقولون : لرجعت عن هذا الكلام وتحللت عنك عقد الايمان (٢).

____________________

(١) الاعراف : ٢٦.

(٢) قال في القاموس : تحلل في يمينه : استثنى ، وحل العقدة : نقضها فانحلت وقال : عقد الحبل والبيع والعهد يعقده : شده ، والعقد ، الضمان والعهد ، والعقد بالكسر القلادة ، والعقدة بالضم الولاية على البلد ، كصرد إلى أن قال : وتحللت عقده : سكن غضبه ، فاذا عرفت هذا فهذا الكلام يحتمل وجوها : الاول : أن يكون العقد بضم العين وفتح القاف جمع العقدة بالضم ، والمراد انك ان كبر سنك رجعت عن هذا المذهب الباطل الذي استقر في نفسك ، وانحلت عنك العقد التي في قلبك من الشكوك والشبهات في ذلك :

استعار العقد للشبهات وهي شايعة في المحاورات بين الناس وهذا أظهر الوجود ، و من قرء «تحللت» بصيغة المتكلم فهو تصحيف ، إذ لم أجده في اللغة متعديا.

الثاني أن يكون المراد بتحلل العقد سكون غضبه على المخالفين كما مر عن القاموس.

الثالث هذا الذي ذكره الكشي حيث قال : وأصحاب زرارة يقولون الخ ولعل المراد بأصحاب زرارة القائلون بهذا القول الذي كان زرارة عليه ، أولا ، فانهم لما لم يرجعوا عن هذا القول ظنوا أن الامام عليه‌السلام كان يصوب رأي زرارة باطنا ويتكلم معه ظاهرا للتقية فأخبر بأنه يرجع بعد كبره عن هذا القول ، ويرجع بذلك عن الايمان ، أو يضعف ايمانه ، ولا يخفى ركاكة هذا التأويل ، الا أن يكون مرادهم تحلل العقد في مسألة الايمان ، فيرجع إلى ما ذكرنا أولا.

الرابع ما قيل : ان المعنى رجعت عن هذا القول الباطل وتحللت عنك هذه القلادة

١٦٨

فكل من أدرك زرارة ابن أعين فقد أدرك أبا عبدالله فانه مات بعد أبي عبدالله عليه‌السلام بشهرين أو أقل ، وتوفى أبوعبدالله عليه‌السلام وزرارة مريض مات في

____________________

أو هذا الرأي.

الخامس : أي رجعت عن دين الحق وتحللت عنك هذا العهد والبيعة.

وأقول : لا يخفى اشتمال هذا الخبر على قدح عظيم لزرارة ، ولم يجعله وأمثاله الاصحاب قادحة فيه ، لاجماع العصابة على عدالته ، وجلالته وفضله وثقته ، وورد الاخبار الكثيرة في فضله وعلو شأنه.

والحق أن علو شأن هؤلاء الاجلاء وكثرة حاسديهم صار سببا للقدح فيهم ، وأيضا قدحوا في هذه الرواية [يعني رواية الكافي عن علي ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن رجل ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام : بالارسال وبمحمد بن عيسى اليقطيني وان كان له مدح وتوثيق من بعض الاصحاب فانه جزم السيد الجليل ابن طاووس بضعفه والصدوق محمد بن بابويه وشيخه ابن الوليد.

وقال الشهيد الثاني قده : قد ظهر اشتراك جميع الاخبار القادحة في استنادها إلى محمد بن عيسى ، وهو قرينة عظيمة على ميل وانحراف منه عن زرارة ، مضافا إلى ضعفه في نفسه ، منه رحمه‌الله في شرح الكافي.

وأقول : هذه الرواية من الكشي وان لم يكن في طريقه محمد بن عيسى اليقطيني ولكنه ضعيف بأحمد بن هلال ، ولكن الحديث له طريق آخر في الكافي باب أصحاب الاعراف وهو محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، فالحديث موثق بهذا السند كما اعترف به العلامة المؤلف في شرح الكافي ج ٢ ص ٣٩٦ حيث قال : موثق كالصحيح.

فالحق أن يقال : هذه المباحثة والمجادلة كان من زرارة في شبابه كما قال عليه‌السلام «فكيف تصبر وأنت شاب» وليس بلازم أن نقول بجلالة قدره ، ومعرفته الكاملة في شبابه ، بل هو كلما طعن في السن صارت معرفته كاملة حتى بلغ ما بلغ.

١٦٩

مرضه ذلك (١).

٣٥ ـ فس : عن سعيد بن الحسن بن مالك ، عن بكار ، عن الحسن بن الحسين عن منصور بن مهاجر ، عن سعد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه سئل عن هذه الاية «محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تريهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا» (٢) فقال : مثل إجراء الله في شيعتنا كما يجري لهم في الاصلاب ، ثم يزرعهم في الارحام ، ويخرجهم للغاية التي أخذ عليها ميثاقهم في الخلق ، منهم أتقياء وشهداء ، ومنهم الممتحنة قلوبهم ، ومنهم العلماء ومنهم النجباء ، ومنهم النجداء ، ومنهم أهل التقى ، ومنهم أهل التقوى ، ومنهم أهل التسليم ، فازوا بهذه الاشياء سبقت لهم من الله ، وفضلوا الناس بما فضلوا وجرت للناس بعدهم في المواثيق حالهم أسماؤهم :

حد «المستضعفين» وحد «المرجون لامر الله إما أن يتوب عليهم» وحد «عسى أن يتوب الله عليهم» وحد «لابثين فيها أحقابا» وحد «خالدين فيها مادامت السموات والارض» ثم حد الاستثناء من الله من الفريقين منازل الناس في الخير والشر خلقان من خلق الله فيهما المشية فمن ساير من خلقه في قسمة ما قسم له تحويل عن حال ، زيادة في الارزاق أو نقص منها ، أو تقصير في الاجال وزيادة فيها أو نزول البلاء أو دفعه ، ثم أسكن الابدان على ما شاء الله من ذلك ، فجعل منه مستقرا في القلوب ثابتا لاصله ، وعواري بين القلوب والصدور إلى أجل له وقت ، فاذا بلغ وقتهم انتزع ذلك منهم فمن ألهمه الله الخير وأسكنه في قلبه ، بلغ منه غايته التي أخذ عليها ميثاقه في الخلق الاول (٢).

٣٦ ـ أقول : وجدت في كتاب سليم بن قيس فيما جرى بين أميرالمؤمنين عليه‌السلام وبين الاشعث بن قيس لعنه الله أن الاشعث قال له عليه‌السلام : والله لئن كان الامر

____________________

(١) رجال الكشي ص ١٢٨ مع اختلاف في الذيل ، وما في المتن اختيار القهباني راجع قاموس الرجال ج ٤ ص ١٧٨.

(٢) الفتح : ٢٩. (٣) لم نجده في تفسير القمي.

١٧٠

كما تقول لقد هلكت الامه غيرك ، وغير شيعتك ، قال : فان الحق والله معي يا ابن قيس كما أقول ، وما هلك من الامة إلا الناصبين والمكابرين والجاحدين والمعاندين ، فأما من تمسك بالتوحيد ، والاقرار بمحمد والاسلام ، ولم يخرج من الملة ، ولم يظاهر علينا الظلمة ، ولم ينصب لنا العداوة ، وشك في الخلافة ولم يعرف أهلها وولاتها ، ولم يعرف لنا ولاية ، ولم ينصب لنا عداوة ، فان ذلك مسلم مستضعف يرجى له رحمة الله ، ويتخوف عليه ذنوبه.

٣٧ ـ كتاب المسائل : لعلي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن نبي الله هل كان يقول على الله شيئا قط أو ينطق عن الهوى أو يتكلف؟ فقال : لا ، فقلت : أرأيتك قوله لعلي عليه‌السلام «من كنت مولاه فعلي مولاه» الله أمره به؟ قال نعم ، قلت : فأبرأ إلى الله ممن أنكر ذلك يوم أمر به رسول الله؟ قال : نعم قلت : هل يسلم الناس حتى يعرفوا ذلك؟ قال : لا «إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا» (١) قلت : من هم قال : أرأيتم خدمكم ونساؤكم ممن لا يعرف ذلك أتقتلون خدمكم وهم مقرون لكم؟ وقال : من عرض عليه ذلك فأنكره فأبعده الله واستحقه لا خير فيه (٢).

____________________

(١) النساء : ٨٩.

(٢) كتاب المسائل أخرجه بتمامه في ج ١٠ ص ٢٤٩ ٢٩١ من هذه الطبعة الحديثة ترى موضع النص في ص ٢٦٦ فراجع.

١٧١

١٠٣

* ( باب النفاق ) *

الايات : البقرة : ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الاخر وما هم بمؤمنين * يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون * في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون * وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا إنما نحن مصلحون إلا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون * وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون * وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤن * الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون * اولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين * مثلهم كمثل الذي ستوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون * صم بكم عمي فهم لا يرجعون * أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين * يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شئ قدير (١).

آل عمران : وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب للايمان يقولون بافواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون (٢).

وقال تعالى : لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم (٣).

____________________

(١) البقرة : ٨ ٢٠.

(٢) آل عمران : ١٦٧.

(٣) آل عمران : ١٨٨.

١٧٢

النساء : وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا (١).

وقال : فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا (٢).

وقال : بشر المنافقين بأن لهم عذاب أليما إلى قوله إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا * الذين يتربصون بكم فان كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا * إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلوة قاموا كسالى يراؤن الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا * مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا إلى قوله تعالى إن المنافقين في الدرك الاسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا * إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فاولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما (٣).

التوبة : يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزؤا إن الله مخرج ما تحذرون * ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن * لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين * المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون * وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نارا جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم إلى قوله تعالى : يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين إلى قوله تعالى : وممن حولكم من الاعراب منافقون

____________________

(١) النساء : ٦١.

(٢) النساء : ٨٨.

(٣) النساء : ١٣٨ ١٤٦.

١٧٣

ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم (١).

وقال سبحانه : وإذا ما انزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم لا يفقهون (٢).

العنكبوت : ومن الناس من يقول آمنا فاذا اوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين * وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين (٣).

الاحزاب : وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا إلى قوله تعالى : ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما (٤).

وقال تعالى : لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا * ملعونين أينما ثقفوا اخذوا وقتلوا تقيلا (٥).

محمد : إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم واملى لهم * ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا مانزل الله سنطيعكم في بعض الامر والله يعلم أسرارهم * فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم * ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم * أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم * ولو نشاء لاريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم (٦).

____________________

(١) براءة : ١٠١ ٦٤. (٢) براءة : ١٢٧.

(٣) العنكبوت : ١٠ ١١.

(٤) الاحزاب : ١٢ ٢٤.

(٥) الاحزاب : ٦١ ٦٠.

(٦) القتال : ٢٥ ٣٠.

١٧٤

الفتح : يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا بل كان الله بما تعملون خبيرا (١).

الحديد : يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا ورائكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الاماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور * فاليوم لايؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا ماوئكم النار هي موليكم وبئس المصير (٢).

المجادلة : ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون * أعد الله لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون * اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين * لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا اولئك أصحاب النار هم فيها خالدون * يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شئ ألا إنهم هم الكاذبون * استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله اولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون (٣).

المنافقون : إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون إلى آخر السورة.

١ ـ ير ، شي : عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : كتبت إليه أسأله عن مسألة فكتب إلي إن الله يقول «إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم إلى قوله سبيلا» (٤) ليسوا من عترة رسول الله ، وليسوا من المؤمنين ، وليسوا من المسلمين ، يظهرون الايمان ويسرون الكفر والتكذيب لعنهم الله (٥).

____________________

(١) الفتح : ١١. (٢) الحديد : ١٣ ١٥.

(٣) المجادلة : ١٤ ١٩.

(٤) النساء : ١٤٢.

(٥) تفسير العياشي ج ١ ص ٢٨٢.

١٧٥

٢ ـ جا : المراغي ، عن علي بن الحسن ، عن جعفر بن محمد بن مروان ، عن أبيه ، عن أحمد بن عيسى ، عن محمد بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : خلتان لا تجتمعان في منافق : فقه في الاسلام ، وحسن سمت في الوجه (١).

٣ ـ نوادر الراوندي : باسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله (٢).

٤ ـ ختص : قال الصادق عليه‌السلام : أربع من علامات النفاق : قساوة القلب ، وجمود العين ، والاصرار على الذنب ، والحرص على الدنيا (٣).

٥ ـ محص : عن عباد بن صهيب قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : لا يجمع الله لمنافق ولا فاسق حسن السمت والفقر ، وحسن الخلق أبدا.

٦ ـ نهج : من خطبة له عليه‌السلام يصف فيها المنافقين : نحمده على ما وفق له من الطاعة ، وزاد عنه من المعصية ، ونسأله لمنته تماما وبحبله اعتصاما ، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله ، خاض إلى رضوان الله كل غمرة ، وتجرع فيه كل غصة ، وقد تلون له الادنون (٤) وتألب عليه الاقصون وخعلت إليه العرب أعنتها ، وضربت إليه في محاربته بطون رواحلها ، حتى أنزلت

____________________

(١) مجالس المفيد ص ١٦٨. (٢) نوادر الراوندي ص ١٨.

(٣) الاختصاص : ٢٢٨.

(٤) تلون الرجل : اختلفت اخلاقه ، يعني أن أدنى قرابته تلون عليه ، وانقلب من محبته إلى البغضة والشنآن ، وخذله بعد ما كان يذب عنه كابي لهب ويقال : تألبوا عليه : أي اجتمعوا وتضافروا ليستأصلوه ، والاقصون الاباعد من قريش وغيرهم ، والمراد بخلع الاعنة وهي جمع عنان الاسراع إلى محاربته ، فكما أن الخيل إذا خلعت أعنتها وخرجت عن طاعة ركابها كانت أسرع جريا وأشد بطشا وطيشا ، وهكذا قبائل الاعراب خلعوا عنان المروة وحبائل القومية وأسرعوا إلى محاربته ، ضاربين بطون رواحلهم لتسرع.

١٧٦

بساحته عداوتها ، من أبعد الدار ، وأسحق المزار.

اوصيكم عباد الله بتقوى الله واحذركم أهل النفاق ، فانهم الضالون المضلون ، والزالون المزلون ، يتلونون الوانا ، ويفتنون افتانا ، ويعمدونكم بكل عماد ، ويرصدونكم بكل مرصاد ، قلوبهم دوية ، وصفاحهم نقية (١) يمشون الخفاء ، ويدبون الضراء (٢) وصفهم دواء ، وقولهم شفاء ، وفعلهم الداء العياء ، حسدة الرخاء ، ومؤكدوا البلاء ، ومقنطوا الرجاء.

لهم بكل طريق صريع ، وإلى كل قلب شفيع ، ولكل شجو دموع يتقارضون الثناء ، ويتراقبون الجزاء ، إن سألوا ألحفوا ، وإن عذلوا كشفوا ، وإن حكموا أسرفوا.

قد أعدوا لكل حق باطلا ، ولكل قائم مائلا ، ولكل حي قاتلا ، ولكل باب مفتاحا ، ولكل ليل مصباحا ، يتوصلون إلى الطمع باليأس ليقيموا به أسواقهم وينفقوا به أعلاقهم ، يقولون فيشبهون ، ويصفون فيموهون ، قد هينوا الطريق وأضلعوا المضيق ، فهم لمة الشيطان ، وحمة النيران ، اولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون (٣).

____________________

(١) يعني أن قلوبهم مريضة بالشك والريب والنفاق ، وأما ظاهر وجوههم وبشرهم نقية من الامراض ، ذو طلاقة وبشر حسن.

(٢) الضراء كسحاب المشي الخفي ختلا ومكرا ، يقال للرجل إذا ختل صاحبه : هو يدب له الضراء ، ويمشي له الخمر يعني في ظل الشجر الملتف ليواري شخصه وشبحه من أعين الناس.

(٣) نهج البلاغة ج ١ ص ٥٢٥ ، الرقم ١٩٢ من الخطب.

١٧٧

١٠٤

( باب )

* «( المرجئة والزيدية والبترية والواقفية وساير فرق أهل الضلال وما يناسب ذلك )» *

١ ـ كش : سعد بن جناح ، عن علي بن محمد بن يزيد ، عن ابن عيسى ، عن الاهوازي ، عن فضالة ، عن الحسين بن عثمان ، عن سدير قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام ومعي سلمة بن كهيل وأبوالمقدام ثابت الحداد وسالم بن أبي حفصة وكثير النوا وجماعة معهم ، وعند أبي جعفر عليه‌السلام أخوه زيد بن علي عليه‌السلام ، فقالوا لابي جعفر عليه‌السلام : نتولى عليا وحسنا وحسينا ونتبرأ من أعدائهم ، قال : نعم ، قالوا : نتولى أبا بكر وعمر ونتبرأ من أعدائهم ، قال : فالتفت إليهم زيد بن علي وقال لهم : أتتبرؤن من فاطمة؟ بترتم أمرنا بتركم الله ، فيومئذ سموا البترية (١).

٢ ـ كش : عمر بن رباح قيل : إنه كان أولا يقول بامامة أبي جعفر عليه‌السلام ثم إنه فارق هذا القول وخالف أصحابه مع عدة يسيرة تابعوه على ضلالته ، فانه زعم أنه سأل أبا جعفر عليه‌السلام عن مسألة فأجابه فيها بجواب ثم عاد إليه في عام آخر وزعم أنه سأله عن تلك المسألة فأجابه فيها بخلاف الجواب الاول ، فقال لابي جعفر عليه‌السلام : هذا بخلاف ما أجبتني في هذه المسألة عامك الماضي ، فذكر أنه قال له إن جوابنا خرج على وجه التقية.

فشك في أمره وإمامته ، فلقى رجلا من أصحاب أبي جعفر عليه‌السلام يقال له : محمد بن قيس فقال : إني سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن مسئلتي فأجابني فيها بجواب ثم سألت عنها في عام آخر فأجابني فيها بخلاف الجواب الاول فقلت له : لم فعلت ذلك؟ قال : فعلته للتقية ، وقد علم الله أنني ما سألته إلا وإني صحيح العزم على التدين بما يفتيني فيه ، وقبوله والعمل به ، ولا وجه لاتقائه إياي ، وهذه حاله.

____________________

(١) رجال الكشي ص ٢٠٥.

١٧٨

فقال له محمد بن قيس : فلعله حضرك من اتقاه؟ فقال : ما حضر مجلسه في واحد من المجالس غيري. لا ، ولكن كان جوابيه جميعا على وجه التخيب ولم يحفظ ما أجاب به في العام الماضي فيجيب بمثله ، فرجع عن إمامته ، وقال : لا يكون إمام يفتي بالباطل على شئ من الوجوه ، ولا في حال من الاحوال ، ولا يكون إماما يفتي بتقية من غير ما يجب عند الله ، ولا هو مرخ ستره ، ويغلق بابه ، ولا يسع الامام إلا الخروج ، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر. فمال إلى سنته بقول البترية ومال معه نفر يسير (١).

أقول : قد أوردنا كثيرا من أخبار أحوال الزيدية في كتاب الامامة بعد باب النصوص على الائمة الاثني عشر عليهم‌السلام وأوردنا أيضا أخبارا كثيرة في شأن الواقفية وأمثالهم في مطاوي أبواب أحوالهم عليهم‌السلام أيضا.

٣ ـ شي : عن موسى بن بكر ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أشهد أن المرجئة على دين الذين قالوا : «أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين» (٣).

٤ ـ كش : حمدوية : عن ابن يزيد ، عن محمد بن عمر ، عن ابن عذافر ، عن عمر بن يزيد قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الصدقة على الناصب وعلى الزيدية فقال : لا تصدق عليهم بشئ ، ولا تسقهم من الماء ، إن استطعت ، وقال لي : الزيدية هم النصاب (٤).

٥ ـ كش : محمد بن الحسن ، عن أبي علي الفارسي قال : حكى منصور عن الصادق علي بن محمد بن الرضا عليهم‌السلام أن الزيدية والواقفية والنصاب بمنزلة عنده سواء (٥).

____________________

(١) رجال الكشي ص ٢٠٦.

(٢) راجع ج ٣٧ ص ٣٤١.

(٣) تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٤ ، والاية في الاعراف : ١١١ ، والمراد من الذين قالوا : أرجه وأخاه الخ ملا فرعون الجبار.

(٤ ـ ٥) رجال الكشي ١٩٩.

١٧٩

٥ ـ كش : محمد بن الحسن ، عن أبي علي ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير عمن حدثه قال : سألت محمد بن علي الرضا عليهما‌السلام عن هذه الاية «وجوه يومئذ خاشعة * عاملة ناصبة» (١) قال : نزلت في النصاب والزيدية ، والواقفية من النصاب (٢).

٦ ـ كش : حمدوية : عن أيوب بن نوح ، عن صفوان ، عن داود بن فرقد عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ما أحد أجهل منهم يعني العجلية ، إن في المرجئة فتيا وعلما ، وفي الخوارج فتيا وعلما ، وما أحد أجهل منهم (٣).

٧ ـ كش : محمد بن مسعود ، عن عبدالله بن محمد بن خالد ، عن الحسن بن علي الخزاز ، عن علي بن عقبة ، عن داود بن فرقد قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : عرضت لي إلى ربي تعالى حاجة فهجرت فيها إلى المسجد ، وكذلك كنت أفعل أذا عرضت لي الحاجة ، فبينا أنا اصلي في الروضة إذا رجل على رأسي فقلت : ممن الرجل؟ قال : من أهل الكوفة ، قال : فقلت : ممن الرجل؟ فقال : من أسلم ، قال : قلت : ممن الرجل؟ قال : من الزيدية ، قلت : يا أخا أسلم من تعرف منهم؟ قال : أعرف خيرهم وسيدهم وأفضلهم هارون بن سعد ، قال : قلت : يا أخا أسلم رأس العجلية أما سمعت الله عزوجل يقول : «ان الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحيوة الدنيا» (٤) وإنما الزيدي حقا محمد بن سالم بياع القصب (٥).

٨ ـ كش : سعد بن صباح ، عن على بن محمد ، عن ابن عيسى ، عن ابن بزيع عن محمد بن فضيل ، عن سعدالجلاب ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لو أن البترية صف واحد ما بين المشرق والمغرب ما أعز الله بهم دينا.

____________________

(١) الغاشية ٢ ٣.

(٢ ـ ٣) رجال الكشي ١٩٩.

(٤) الاعراف : ١٥٢.

(٥) رجال الكشي : ص ٢٠٠ ، وفيه وهم واختلال فراجع.

١٨٠