بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤٩
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

وهو يظن أنه قد عمل ما يثقل به ميزانه ، فيجده هباء منثورا.

٣٩ ـ سر : عبدالله بن بكير ، عن عبيد قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : الرجل يدخل في الصلاة فيجود صلاته ، ويحسنها ، رجاء أن يستجر بعض من يراه إلى هواه قال : ليس هو من الرياء.

٤٠ ـ شي : عن العلاء بن فضيل : عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن تفسير هذه الاية «من كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا» (١) قال : من صلى أو صام أو أعتق أو حج يريد محمدة الناس فقد أشرك في عمله وهو شرك مغفور (٢).

٤١ ـ شي : عن جراح ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «من كان يرجو إلى عبادة ربه أحدا» أنه ليس من رجل يعمل شيئا من البر ولا يطلب به وجه الله إنما يطلب تزكية الناس يشتهي أن يسمع به الناس فذاك الذي أشرك بعبادة ربه أحدا (٣).

٤٢ ـ شي : عن علي بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال الله تبارك وتعالى : أنا خير شريك ، من أشرك بي في عمله لم أقبله إلا ما كان لي خالصا.

وفي رواية اخرى عنه عليه‌السلام قال : إن الله يقول : أنا خير شريك من عمل لي ولغيري فهو لمن عمل له دوني (٤).

٤٣ ـ شي : عن زرارة وحمران ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما‌السلام قالا : لو أن عبدا عمل عملا يطلب به وجه الله والدار الاخرة ، ثم أدخل فيه رضا أحد من الناس كان مشركا (٥).

٤٤ ـ ين : عن الجوهري ، عن البطائني ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام قال : يجاء بعبد يوم القيامة قد صلى فيقول : يا رب صليت ابتغاء وجهك ، فيقال له : بل صليت ليقال ما أحسن صلاة فلان؟ اذهبوا به إلى النار

____________________

(١) الكهف : ١١٠.

(٢ ـ ٣) تفسير العياشي ج ٢ ص ٣٥٢ وجراح هو المدائني كما مر وسيأتي.

(٤ ـ ٥) تفسير العياشي ج ٢ ص ٣٥٣.

٣٠١

ويجاء بعبد قد تعلم القرآن فيقول : يا رب تعلمت القرآن ابتغاء وجهك ، فيقال له : بل تعلمت ليقال ما حسن صوت فلان؟ اذهبوا به إلى النار ، ويجاء بعبد قد قاتل فيقول : يارب قاتلت ابتغاء وجهك ، فيقال له : بل قاتلت ليقال ما أشجع فلانا؟ اذهبوا به إلى النار ، ويجاء بعبد قد أنفق ماله فيقول : يارب أنفقت مالي ابتغاء وجهك فيقال له : بل أنفقته ليقال : ما أسخى فلانا؟ اذهبوا به إلى النار.

٤٥ ـ ين : عن محمد بن سنان ، عن يزيد بن خليفة قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : من عمل لله كان ثوابه على الله ، ومن عمل للناس كان ثوابه على الناس إن كل رياء شرك.

٤٦ ـ ين : ابن أبي البلاد ، عن سعد الاسكاف ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان في بني إسرائيل عابد فأعجب به داود عليه‌السلام فأوحى الله تبارك وتعالى إليه : لا يعجبنك شئ من أمره فانه مراء. قال : فمات الرجل فاتى داود عليه‌السلام فقيل له : مات الرجل ، فقال : ادفنوا صاحبكم قال : فأنكرت ذلك بنو إسرائيل وقالوا : كيف لم يحضره.

قال : فلما غسل قام خمسون رجلا فشهدوا بالله ما يعلمون إلا خيرا فلما صلوا عليه قام خمسون رجلا فشهدوا بالله ما يعلمون إلا خيرا فأوحى الله عزوجل إلى داود عليه‌السلام ما منعك أن تشهد فلانا قال : الذي اطلعتني عليه من أمره ، قال : إن كان لكذلك ، ولكن شهده قوم من الاحبار والرهبان فشهدوا بي : ما يعلمون إلا خيرا فأجزت شهادتهم عليه وغفرت له مع علمي فيه.

٤٧ ـ ين : عن النضر ، عن القاسم بن سليمان ، عن جراح المدائني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله تعالى : «ولا يشرك بعبادة ربه أحدا» قال : هو العبد يعمل شيئا من الطاعات لا يطلب به وجه الله إنما يطلب تزكية الناس يشتهي أن يسمع به فهذا الذي أشرك بعبادة ربه ، قال : ما من عبد أسر خيرا فتذهب الايام حتى يظهر الله له خيرا ، وما من عبد أسر شرا فتذهب الايام حتى يظهر الله له شرا.

٣٠٢

٤٨ ـ نوادر الراوندي : باسناده عن موسى بن جعفر عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال علي عليه‌السلام : قلنا يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الرجل منا يصوم ويصلي فيأتيه الشيطان فيقول إنك مراء ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : فليقل أحدكم عند ذلك أعوذ بك أن اشرك بك شيئا وأنا أعلم ، وأستغفرك لما لا أعلم.

٤٩ ـ نهج : قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : واعملوا في غير رياء ولا سمعة ، فانه من يعمل لغير الله يكله الله إلى من عمل له (١).

٥٠ ـ منية المريد : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الاصغر ، قالوا : وما الشرك الاصغر يا رسول الله؟ قال : هو الرياء يقول الله تعالى يوم القيامة إذا جازى العباد بأعمالهم : اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤن في الدنيا ، فانظروا هل تجدون عندهم الجزاء؟.

وقال عليه‌السلام : استعيذوا بالله من جب الخزي قيل : وما هو يا رسول الله؟ قال : واد في جهنم اعد للمرائين.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن المرائي ينادي يوم القيامة : يافاجر! يا غادر! يا مرائي! ضل عملك ، وبطل أجرك ، اذهب فخذ أجرك ممن كنت تعمل له.

وروى جراح المدائني عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله عزوجل «فمن كان يرجوا لقاء ربه» الاية قال : الرجل يعمل شيئا من الثواب لا يطلب به وجه الله وإنما يطلب تزكية الناس يشتهي أن يسمع به الناس ، فهذا الذي أشرك بعبادة ربه أحدا.

وعنه عليه‌السلام قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الملك يصعد بعمل العبد مبتهجا به فاذا صعد بحسناته يقول الله عزوجل : اجعلوها في سجين إنه ليس إياى أراد به.

وعن أميرالمؤمنين عليه‌السلام : ثلاث علامات للمرائي : ينشط إذا رأى الناس ، ويكسل إذا كان وحده ، ويحب أن يحمد في جميع اموره.

____________________

(١) نهج البلاغة الرقم ٢٣ من الخطب.

٣٠٣

٥١ ـ عدة الداعي : عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يقول الله سبحانه ، أنا خير شريك من أشرك معي شريكا في عمله فهو لشريكي دوني ، لاني لا أقبل إلا ما أخلص لي.

وفي حديث آخر : إني أغني الشركاء عن الشرك ، فمن عمل عملا ثم أشرك فيه غيري ، فأنا منه برئ ، وهو للذي أشرك فيه دوني.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن لكل حق حقيقة ، وما بلغ عبد حقيقة الاخلاص حتى لا يحب أن يحمد على شئ من عمل لله.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ياباذر! لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى الناس أمثال الاباعر ، فلا يحفل بوجودهم ، ولا يغيره ذلك كما لا يغيره وجود بعير عنده ، ثم يرجع هو إلى نفسه فيكون أعظم حاقر لها.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : وقد سئل فيم النجاة ، قال : أن لا يعمل العبد بطاعة الله يريد بها الناس.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله تعالى لا يقبل عملا فيه مثقال ذرة من رئاء.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الاصغر قالوا : وما الشرك الاصغر يا رسول الله؟ قال : الرئاء يقول الله عزوجل إذا جازى العباد بأعمالهم : اذهبوا إلى الذي كنتم تراؤن في الدنيا ، هل تجدون ثواب أعمالكم.

وروي أن رجلا من بني إسرائيل قال : لاعبدن الله عبادة اذكر بها ، فمكث مدة مبالغا في الطاعات ، وجعل لايمر بملاء من الناس إلا قالوا : متصنع مراء فأقبل على نفسه وقال : قد أتعبت نفسك ، وضيعت عمرك في لا شئ ، فينبغي أن تعمل لله سبحانه ، فغير نيته ، وأخلص عمله لله ، فجعل لا يمر بملاء من الناس إلا قالوا : ورع تقي.

وقال رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله : من آثر محامد الله على محامد الناس كفاه الله

٣٠٤

مؤنة الناس.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أصلح أمر آخرته أصلح الله أمر دنياه ، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس (١). ٥٣ أسرار الصلاة : عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إن الجنة تكلمت وقالت :

إني حرام على كل بخيل ومراء.

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إن النار وأهلها يعجون من أهل الرئاء فقيل : يا رسول الله كيف تعج النار؟ قال : من حر النار التي يعذبون بها.

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن أول من يدعي يوم القيامة رجل جمع القرآن ورجل قتل في سبيل الله ، ورجل كثير المال ، فيقول الله عزوجل للقاري : ألم اعلمك ما أنزلت على رسولي؟ فيقول : بلى يارب فيقول : ما عملت فيما عملت فيقول : يارب قمت في آناء الليل وأطراف النهار ، فيقول الله : كذبت وتقول الملائكة : كذبت ، ويقول الله تعالى ، إنما أردت أن يقال : فلان قارئ ، فقد قيل ذلك.

ويؤتى بصاحب المال فيقول الله تعالى : ألم اوسع عليك المال حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد؟ فيقول : بلى يارب فيقول : فما عملت بما آتيتك؟ قال : كنت أصل الرحم وأتصدق فيقول الله : كذبت ، وتقول الملائكة : كذبت ، ويقول الله سبحانه : بل أردت أن يقال : فلان جواد ، وقد قيل ذلك ، ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله فيقول الله : ما فعلت؟ فيقول : أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت ، فيقول الله : كذبت ، وتقول الملائكة كذبت [ويقول الله سبحانه] بل أدرت أن يقال : فلان شجاع جرئ فقد قيل ذلك ، ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اولئك خلق الله تسعر بهم نار جهنم.

____________________

(١) عدة الداعي ص ١٥٦.

٣٠٥

١١٧

( باب )

* «( استكثار الطاعة والعجب بالاعمال )» *

الايات : النساء : ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكى من يشاء ولا يظلمون فتيلا (١).

النجم : هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الارض وإذ أنتم أجنة في بطون امهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى (٢).

١ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن أسباط عن رجل من أصحابنا من أهل خراسان من ولد إبراهيم بن يسار يرفعه عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الله علم أن الذنب خير للمؤمن من العجب ، ولولا ذلك لما ابتلى مؤمن بذنب أبدا (٣).

بيان : العجب استعظام العمل الصالح واستكثاره ، والابتهاج له ، والادلال به وأن يرى نفسه خارجا عن حد التقصير وأما السرور به مع التواضع له تعالى والشكر له على التوفيق لذلك ، وطلب الاستزادة منه ، فهو حسن ممدوح.

قال الشيخ البهائي قدس الله روحه : لا ريب أن من عمل أعمالا صالحة من صيام الايام ، وقيام الليالي ، وأمثال ذلك ، يحصل لنفسه ابتهاج ، فان كان من حيث كونها عطية من الله له ، ونعمة منه تعالى عليه ، وكان مع ذلك خائفا من نقصها شفيقا من زوالها ، طالبا من الله الازياد منها ، لم يكن ذلك الابتهاج عجبا وإن كان من حيث كونها صفة وقائمة به ومضافة إليه ، فاستعظمها وركن إليها ورأى نفسه خارجا عن حد التقصير ، وصار كأنه يمن على الله سبحانه بسببها

____________________

(١) النساء : ٤٩.

(٢) النجم : ٣٢.

(٣) الكافي ج ٢ ص ٣١٣.

٣٠٦

فذلك هو العجب انتهى.

والخبر يدل على أن العجب أشد من الذنب ، أي من ذنوب الجوارح ، فان العجب ذنب القلب ، وذلك أن الذنب يزول بالتوبة ، ويكفر بالطاعات ، والعجب صفة نفسانية يشكل إزالتها ، ويفسد الطاعات ويهبطها عن درجة القبول ، وللعجب آفات كثيرة ، فانه يدعو إلى الكبر كما عرفت ، ومفاسد الكبر ما عرفت بعضها وأيضا العجب يدعو إلى نيسان الذنوب ، وإهمالها ، فبعض ذنوبه لا يذكرها ، ولا يتفقدها لظنه أنه مستغن عن تفقدها فينساها ، وما يتذكر منها فيستصغرها ، فلا يجتهد في تداركها ، وأما العبادات والاعمال فانه يستعظمها ويتبجح بها ، ويمن على الله بفعلها ، وينسى نعمة الله عليه ، بالتوفيق والتمكين منها.

ثم إذا أعجب بها عمي عن آفاتها ، ومن لم يتفقد آفات الاعمال كان أكثر سعيه ضائعا فان الاعمال الظاهرة إذا لم تكن خالصة نقية عن الشوائب ، قلما ينفع وإنما يتفقد من يغلب عنه الاشفاق والخوف ، دون العجب ، والمعجب يغتر بنفسه وبربه ، ويأمن مكر الله وعذابه ، ويظن أنه عند الله بمكان ، وأن له على الله منة ، وحقا بأعماله التي هي نعمة من نعمه ، وعطية من عطاياه ، ثم إن إعجابه بنفسه ورأيه وعمله وعقله ، يمنعه من الاستفادة والاستشارة والسؤال ، فيستنكف من سؤال من هو أعلم منه ، وربما يعجب بالرأي الخطاء الذي خطر له فيصر عليه وآفات العجب أكثر من أن تحصى.

٢ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن نضر ابن قرواش ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أتى عالم عابدا فقال له : كيف صلاتك؟ فقال : مثلي يسأل عن عبادته؟ وأنا أعبدالله منذ كذا وكذا فقال : كيف بكاؤك؟ قال : أبكي حتى تجري دموعي ، فقال له العالم : فان ضحكك وأنت خائف أفضل من بكائك وأنت مدل ، وإن المدل لا يصعد من عمله شئ (١).

____________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٣١٣.

٣٠٧

بيان : القرواش بالكسر [الطفيلي أو عظيم الرأس ، والمدل على بناء الفاعل من الافعال المنبسط المسرور الذي لا خوف له من التقصير في العمل ، في النهاية : فيه : يمشي على الصراط] (١) مدلا : أي منبسطا لا خوف عليه ، وهو من الادلال والدالة على من لك عنده منزلة وفي القاموس : دل المرءة ودلالها تدللها على زوجها تريه [جرأة في تغنج وتشكل كأنها تخالفه ، وما بها خلاف وأدل عليه انبسط كتدلل وأوثق بمحبته فأفرط عليه ، والدالة ما تدل به على حميمك] (٢) انتهى.

والضحك مع الخوف هو الضحك الظاهري مع الخوف القلبي كما مر في صفات المؤمن : بشره في وجهه ، وحزنه في قلبه ، والحاصل أن المدار على القلب ولا يصلح المرء إلا باصلاح قلبه ، وإخراج العجب والكبر والرياء منه ، وتذليله بالخوف والخشية والتفكر في أهوال الاخرة وشرائط الاعمال ، وكثرة نعم الله عليه وأمثال ذلك ، ويدل الخبر على أن العالم أفضل من العابد ، وأن العبادة بدون العلم الحقيقي لا تنفع.

قال بعض المحققين : اعلم أن العجب إنما يكون بوصف هو كمال لا محالة وللعالم بكمال نفسه في علم وعمل ومال غيره حالتان : أحداهما أن يكون خائفا على زواله مشفقا على تكدره أو سلبه من أصله ، فهذا ليس بمعجب والاخرى أن لا يكون خائفا من زواله ، لكن يكون فرحا من حيث إنه نعمة من الله تعالى عليه ، لا من حيث إضافته إلى نفسه ، وهذا أيضا ليس بمعجب ، وله حالة ثالثة هي العجب ، وهو أن يكون غير خائف عليه ، بل يكون فرحا به مطمئنا إليه ويكون فرحه من حيث إنه كمال ونعمة ورفعة وخير ، لا من حيث إنه عطية من الله تعالى ونعمة منه ، فيكون فرحه به من حيث إنه صفته ومنسوب إليه بأنه له ، لا من حيث إنه منسوب إلى الله بأنه منه فمهما غلب على قلبه أنه نعمة من الله مهما شاء سلبها زال العجب بذلك عن نفسه.

فاذا العجب هو إعظام النعمة والركون إليها ، ، مع نسيان إضافتها إلى المنعم

____________________

(١ ـ ٢) ما بين العلامتين أضفناه من شرح الكافي ج ٢ ص ٣٠١.

٣٠٨

فان انضاف إلى ذلك أن غلب على نفسه أن له عند الله حقا وأنه منه بمكان حتى توقع بعلمه كرامة له في الدنيا واستبعد أن يجري عليه مكروه استبعادا يزيد على استبعاده فيما يجري على الفساق سمي هذا إدلالا بالعمل فكأنه يرى لنفسه على الله دالة.

وكذلك قد يعطي غيره شيئا فيستعظمه ويمن عليه فيكون معجبا فان استخدمه أو اقترح عليه الاقتراحات أو استبعد تخلفه عن قضاء حقوقه كان مدلا عليه قال قتادة في قوله تعالى : «ولا تمنن تستكثر (١)» أي لاتدل بعملك وفي الخبر أن صلاة المدل لا ترتفع فوق رأسه «ولان تضحك وأنت معترف بذنبك خير من أن تبكي وأنت تدل بعملك والادلال وراء العجب فلا مدل إلا وهو معجب ، ورب معجب لا يدل إذ العجب يحصل بالاستعظام ونسيان النعمة ، دون توقع جزاء عليه ، والادلال لايتم إلا مع توقع جزاء ، فان توقع إجابة دعوته واستنكر ردها بباطنه وتعجب كان مدلا بعمله ، فانه لا يتعجب من رد دعاء الفساق ، ويتعجب من رد دعاء نفسه لذلك ، فهذا هو العجب والادلال ، وهو من مقدمات الكبر وأسبابه.

٣ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن سعيد بن جناح ، عن أخيه أبي عامر ، عن رجل عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من دخله العجب هلك (٢).

بيان : المراد بالهلاك استحقاق العقاب ، والبعد من رحمة الله تعالى ، وقيل العجب يدخل الانسان بالعبادة وتركه الذنوب ، والصورة والنسب والافعال العادية مثل الاحسان إلى الغير ، وغيره ، وهو من أعظم المهلكات وأشد الحجب بين القلب والرب ، ويتضمن الشرك بالله وسلب الاحسان والافضال والتوفيق عنه تعالى وادعاء الاستقلال لنفسه ، ويبطل به الاعمال والاحسان وأجرهما كما قال تعالى :« ولا

____________________

(١) المدثر : ٦.

(٢) الكافي ج ٢ ص ٣١٣.

٣٠٩

تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى » (١) وليس المن بالعطاء وأذى الفقير باظهار الفضل والتعيير عليه ، إلا من عجبه بعطيته وعماه عن منة ربه وتوفيقه.

٤ ـ كا : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن أسباط ، عن أحمد بن عمر الحلال ، عن علي بن سويد ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : سألته عن العجب الذي يفسد العمل فقال : العجب درجات منها أن يزين للعبد سوء عمله فيراه حسنا فيعجبه ويحسب أنه يحسن صنعا ومنها أن يؤمن العبد بربه فيمن على الله عزوجل ولله عليه فيه المن (٢).

بيان : «العجب درجات منها أن يزين للعبد سوء عمله فيراه حسنا» إشارة إلى قوله تعالى : «أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا (٣)» فيعجبه ويحسب أنه يحسن صنعا «إشارة إلى قوله تعالى :« قل هل ننبئكم بالاخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا »(٤) وأكثر الجهلة على هذه الصفة ، فانهم يفعلون أعمالا قبيحة عقلا ونقلا ويواظبون عليها حتى تصير تلك الاعمال بتسويل أنفسهم وتزين قرينهم من صفات الكمال عندهم فيذكرونها ويتفاخرون بها ، ويقولون : إنا فعلنا كذا وكذا إعجابا بشأنهم وإظهارا لكمالهم.

« ومنها أن يؤمن العبد بربه فيمن على الله ولله عليه فيه المن» إشارة إلى قوله تعالى : «يمنون عليك أن أسلموا قل لاتمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم إن هديكم للايمان إن كنتم صادقين» (٥).

____________________

(١) البقرة : ٢٦٤.

(٢) الكافي ج ٢ ص ٣١٣.

(٣) فاطر : ٨.

(٤) الكهف : ١٠٣ ١٠٤.

(٥) الحجرات : ١٧.

٣١٠

٥ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدالرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : إن الرجل ليذنب الذنب فيندم عليه ويعمل العمل فيسره ذلك ، فيتراخى عن حاله تلك ، فلان يكون على حاله تلك خير له مما دخل فيه (١).

بيان : «فيندم عليه» ندامته مقام عجز واعتراف بالتقصير وهو مقام التائبين وهو محبوب لله تعالى في تلك الحالة لانه قال سبحانه : «إن الله يحب التوابين» (٢) «ويعمل العمل فيسره ذلك» المراد بالسرور هنا الادلال بالعمل ، واستعظامه وإخراج نفسه عن حد التقصير كما مر «فيتراخى عن حاله تلك» أي تصير حاله بسبب هذا السرور والعجب أدون وأخص من حاله وقت الندامة ، مع كونها مقرونة بالمعصية في القاموس تراخى تقاعس أي تأخر وراخاه باعده ، وتراخى السماء أبطأ المطر ، ويدل على أن العجب يبطل فضل الاعمال السابقة.

«فلان يكون على حاله تلك خير مما دخل فيه» ضمير «دخل» راجع إلى الرجل ، وضمير «فيه» إلى الموصول ، ويحتمل العكس والفاء للتفريع «وخير» خبر لان يكون ، أي يكون على حالة الندامة مع كونها مقرونة بالذنب خير مما دخل فيه من العجب وإن كان مقرونا بالحسنة ، أو ذلك الذنب لكونه مقرونا بالندامة أفضل من تلك الحسنة المقرونة بالعجب ، أو هاتان الحالتان معا خير من تينك الحالتين.

٦ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن أبي داود ، عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما‌السلام قال : دخل رجلان المسجد أحدهما عابد والاخر فاسق ، فخرجا من المسجد والفاسق صديق والعابد فاسق ، وذلك أنه يدخل العابد المسجد مدلا بعبادته يدل بها فتكون فكرته في ذلك وتكون فكرة الفاسق في التندم على فسقه ، ويستغفر الله مما صنع من الذنوب (٣).

____________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٣١٣.

(٢) البقرة : ٢٢٢.

(٣) الكافي ج ٢ ص ٣١٤.

٣١١

بيان : «والفاسق صديق» أي مؤمن صادق في إيمانه كثيرالصدق والتصديق قولا وفعلا ، قال الراغب : الصديق من كثر منه الصدق وقيل : بل يقال ذلك لمن لم يكذب قط ، وقيل : بل لمن لا يتأتى منه الكذب لتعوده الصدق وقيل : بل لمن صدق بقوله واعتقاده وحقق صدقه بفعله (١).

٧ ـ كا : عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبدالرحمن ابن الحجاج قال : قلت لابى عبدالله عليه‌السلام : الرجل يعمل العمل وهو خائف مشفق ثم يعمل شيئا من البر فيدخله شبه العجب به ، فقال : هو في حاله الاولى وهو خائف أحسن حالا منه في حال عجبه (٢).

بيان : «يعمل العمل» أي معصية أو مكروها أو لغوا وحمله على الطاعة بأن يكون خوفه للتقصير في الشرائط كما قيل بعيد لقلة فائدة الخبر حينئذ وإنما قال : «شبه العجب» لبيان أنه يدخله قليل من العجب يخرج به عن الخوف السابق ، فأشار في الجواب إلى أن هذا أيضا عجب.

٨ ـ كا : عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله (ص) : بينما موسى عليه‌السلام جالسا إذ أقبل عليه إبليس وعليه برنس ذو ألوان فلما دنا من موسى خلع البرنس وقام إلى موسى فسلم عليه ، فقال له موسى : من أنت؟ فقال : أنا إبليس ، قال : أنت فلا قرب الله دارك قال : إني إنما جئت لاسلم عليك لمكانك من الله قال : فقال له موسى : فما هذا البرنس؟ قال : به أختطف قلوب بني آدم ، فقال موسى ، فأخبرني بالذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه؟ قال : إذا أعجبته نفسه ، واستكثر عمله ، وصغر في عينيه ذنبه.

وقال : قال الله تعالى لداود عليه‌السلام : يا داود بشر المذنبين وأنذر الصديقين قال : كيف ابشر المذنبين وانذر الصديقين؟ قال : يا داود بشر المذنبين أني

____________________

(١) مفردات غريب القرآن ٢٧٧.

(٢) الكافي ج ٢ ص ٣١٤.

٣١٢

أقبل التوبة ، وأعفو عن الذنب ، وأنذر الصديقين ألا يعجبوا باعمالهم ، فانه ليس عبد أنصبه للحساب إلا هلك (١).

بيان : البرنس بالضم ، وفي النهاية هو كل ثوب رأسه ملتزق به من دراعة أو جبة أو ممطر أو غيره ، قال الجوهري : هو قلنسوة طويلة كان النساك يلبسونها في صدر الاسلام ، وهو من البرس بكسر الباء القطن ، والنون زائدة ، وقيل : أنه غير عربي ، «قال أنت» أي أنت إبليس ، وقيل : خبر مبتدأ محذوف أي المسلم أنت وعلى التقديرين استفهام تعجبي.

«فلا قرب الله دارك» أي لاقربك الله منا أو من أحد ، وقيل : أي حيرك الله ، وقيل : لا تكون دارك قريبة من المعمورة كناية عن تخريب داره «إنما جئت لاسلم عليك» أي لم أجئ لاضلالك فتبعدني ، لانه لاطمع لي فيك لقربك من الله ، أو سلامي عليك للمنزلة التي لك عند الله.

«به أختطف» يقال : خطفه من باب علم وضرب واختطفه إذا استلبه وأخذه بسرعة ، وكأن الالوان في البرنس كانت صورة شهوات الدنيا وزينتها أو الاديان المختلفة والاراء المبتدعة أو الاعم ، واستحواذ الشيطان على العبد غلبته عليه واستمالته إلى ما يريده منه.

«أن لا يجعبوا» قيل : أن ناصبة ولا نافية أو أن مفسرة ولا ناهية ، ويعجبوا من باب الافعال على بناء المجهول أو على بناء المعلوم ، نحو أغد البعير ، وأقول : الاول أظهر. «أنصبه» [كأضربه : أي اقيمه ، وكونه على بناء الافعال بمعنى الاتعاب بعيد ، «الا هلك» أي استحق العذاب ، إذ جميع الطاعات لا تفي بشكر نعمة واحدة من نعمه سبحانه ، ومع قطع النظر عن المناقشة في شرائط العبادة في غالب الناس المقاصة بالمعاصي] (٢).

____________________

(١) الكافي : ج ٢ ص ٣١٤.

(٢) تتمة البيان أضفناه من شرح الكافي ج ٢ ص ٣٠٢ ، ونسخة الكمباني هناك سقيم جدا.

٣١٣

٩ ـ : ..... لولا ذلك ما ابتلى الله مؤمنا بذنب (١).

١٠ ـ لي : عن الصادق عليه‌السلام إن كان الممر على الصراط فالعجب لماذا (٢).

١١ ـ لي : في مناهى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تحقروا شيئا من الشر وإن صغر في أعينكم ، ولا تستكثروا الخير وإن كثر في أعينكم ، فانه لا كبير مع الاستغفار ولا صغير مع الاصرار (٣).

١٢ ـ لي : عن الصادق عليه‌السلام قال : قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : من دخله العجب هلك (٤).

١٣ ـ ل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن هارون بن الجهم ، عن ثوير بن أبي فاختة ، عن أبي جميلة ، عن سعد بن طريف عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ثلاث موبقات : شح مطاع ، وهوى متبع ، وإعجاب المرء بنفسه (٥).

وفي خبر آخر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاث مهلكات وذكر مثله وكذا في وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى علي عليه‌السلام (٦).

١٤ ـ ل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن محمد بن عبدالحميد ، عن عامر بن رياح ، عن عمرو بن الوليد ، عن سعد الاسكاف ، عن ابي جعفر عليه‌السلام قال : ثلاث هن قاصمات الظهر : رجل استكثر عمله ونسى ذنوبه ، وأعجب برأيه (٧).

____________________

(١) كذا ، وهذا ذيل حديث مر مثله عن الكافي الرقم ١.

(٢) أمالي الصدوق ص ٦.

(٣) أمالي الصدوق ص ٢٦٠.

(٤) أمالي الصدوق ص ٢٦٨.

(٥) الخصال ج ١ ص ٤١.

(٦) الخصال ج ١ ص ٤٢ ، في حديثين.

(٧) الخصال ج ١ ص ٥٥.

٣١٤

مع : عن أبيه ، عن سعد ، عن محمد بن عبدالحميد مثله (١).

١٥ ـ ل : عن أبيه ، عن سعد ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى عن عبدالرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال إبليس لعنه الله لجنوده : إذا استمكنت من ابن آدم في ثلاث لم ابال ما عمل فانه غير مقبول منه ، إذا استكثر عمله ، ونسى ذنبه ، ودخله العجب (٢).

١٦ ـ ل : عن أبيه ، عن علي ، عن أبيه ، عن حماد ، عمن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام في وصيته لابنه محمد بن الحنفية : إياك والعجب ، وسوء الخلق ، وقلة الصبر ، فانه لا يستقيم لك على هذه الخصال الثلاث صاحب ، ولا يزال لك عليها من الناس مجانب الخبر (٣).

١٧ ـ ل : عن ابن نباتة ، عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام قال : العجب هلاك والصبر ملاك (٤).

١٨ ـ ما : في وصية أميرالمؤمنين عليه‌السلام إلى الحسن عليه‌السلام : لا وحدة ولا وحشة أوحش من العجب.

١٩ ـ ع : قال : عن الصادق عليه‌السلام لا جهل أضر من العجب (٥).

أقول : قد مضى بعض الاخبار في باب جوامع المكارم (٦).

٢٠ ـ ع : عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن ابن أسباط ، عن رجل من أصحابنا رفعه إلى أبي عبدالله عليه‌السلام قال : علم الله عزوجل

____________________

(١) معاني الاخبار ص ٣٤٣.

(٢) الخصال ج ١ ص ٥٥.

(٣) الخصال ج ١ ص ٧٢.

(٤) الخصال ج ٢ ص ٩٤.

(٥) علل الشرائع ج ٢ ص ٢٤٦.

(٦) راجع ج ٦٩ ص ٣٣٢ ٤١٤.

٣١٥

أن الذنب خير للمؤمن من العجب ، ولولا ذلك ما ابتلاه بذنب أبدا (١).

٢١ ـ ع : عن أبيه ، عن محمد العطار ، عن أحمد بن محمد رفعه قال : قال الصادق عليه‌السلام : يدخل رجلان المسجد أحدهما عابد والاخر فاسق فيخرجان من المسجد والفاسق صديق والعابد فاسق ، وذلك أنه يدخل العابد المسجد وهو مدل بعبادته ويكون فكره في ذلك فكرة الفاسق في التندم على فسقه فيستغفر الله من ذنوبه (٢).

٢٢ ـ مع : عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الوشا ، عن علي بن ميسرة قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إياكم أن تكونوا منانين قلت : جعلت فداك وكيف ذلك؟ قال : يمشي أحدكم ثم يستلقي ويرفع رجليه على الميل ، ثم يقول : اللهم إني إنما أردت وجهك (٣).

٢٣ ـ مع : عن أبيه ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن بعض أصحابه رفعه إلى أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من لا يعرف لاحد الفضل فهو المعجب برأيه (٤).

٢٤ ـ الدرة الباهرة : قال أبو الحسن الثالث عليه‌السلام : من رضي عن نفسه كثر الساخطون عليه.

٢٥ ـ نهج : قال عليه‌السلام : سيئة تسوءك خير عند الله من حسنة تعجبك (٥).

وقال عليه‌السلام : أوحش الوحشة العجب (٦).

وقال عليه‌السلام : الاعجاب يمنع من الازدياد (٧).

____________________

(١) علل الشرائع ج ٢ ص ٢٦٦.

(٢) علل الشرائع ج ٢ ص ٤٣.

(٣) معاني الاخبار ص ١٤٠ ، وقوله : «يمشي أحدكم» أي يمشي في قضاء حوائج الاخوان وسائر وجوه البر والخير.

(٤) معاني الاخبار ص ٢٤٤.

(٥) نهج البلاغة الرقم ٤٦ من الحكم.

(٦) نهج البلاغة الرقم ٣٨ من الحكم.

(٧) نهج البلاغة الرقم ١٨٤ من الحكم.

٣١٦

وقال عليه‌السلام : عجب المرء بنفسه أحد حساد عقله (١).

٢٦ ـ مع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن أبي الخطاب عن ابن أسباط عن أحمد بن عمر الحلال ، عن علي بن سويد المدايني عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام قال : سألته عن العجب الذي يفسد العمل ، فقال : العجب درجات منها أن يزين للعبد سوء عمله فيراه حسنا ، فيعجبه ويحسب أنه يحسن صنعا ، ومنها أن يؤمن العبد بربه فيمن على الله تبارك وتعالى ، ولله تعالى عليه فيه المن (٢).

٢٧ ـ ثو : عن أبيه ، عن سعد ، عن البرقي ، عن محمد بن سنان ، عن أبي العلاء ، عن أبي خالد الصيقل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن الله عزوجل فوض الامر إلى ملك من الملائكة فخلق سبع سماوات وسبع أرضين وأشياء ، فلما رأى الاشياء قد انقادت له قال : من مثلي فأرسل الله عزوجل نويرة من نار ، قلت : وما نويرة من نار؟ قال : نار بمثل أنملة ، قال : فاستقبلها بجميع ما خلق ، فتحللت لذلك حتى وصلت إليه ، لما أن دخله العجب (٣).

٢٨ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد عمن ذكره ، عن درست ، عمن ذكره عنهم عليهم‌السلام قال : بينما موسى جالس إذ أقبل إبليس فقال له موسى ، أخبرني بالذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه؟ قال : ذلك إذا أعجبته نفسه ، واستكثر عمله ، وصغر في نفسه ذنبه ، تمام الخبر.

٢٩ ـ ص : عن الصدوق ، عن ماجيلويه ، عن عمه ، عن الكوفي ، عن محمد ابن سنان ، عن النضر بن قرواش ، عن إسحاق بن عمار ، عن سمع أبا عبدالله عليه‌السلام يحدث قال : مر عالم بعابد وهو يصلي قال : يا هذا كيف صلاتك؟ قال : مثلي يسأل عن هذا؟ قال : بلى ثم قال : [وكيف بكاؤك؟ فقال : إني لابكي حتى تجري دموعي فقال له العالم :] تضحك وأنت خائف من ربك أفضل من بكائك وأنت مدل بعملك ، إن المدل بعمله ما يصعد منه شئ.

____________________

(١) نهج البلاغة الرقم ٢١٢ من الحكم.

(٢) معاني الاخبار ص ٢٤٣.

(٣) ثواب الاعمال ص ٢٢٤ ، وتراه في المحاسن ص ١٢٣.

٣١٧

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج (١).

٣٠ ـ ضا : روي أن أيوب عليه‌السلام لما جهده البلاء قال : لاقعدن مقعد الخصم ، فأوحى إليه تكلم ، فجثى على الرماد فقال : يارب إنك تعلم أنه ما عرض لي أمران قط كلاهما لك رضا إلا اخترت أشدهما على بدني ، فنودي من غمامة بيضاء بستة آلاف ألف لغة ، فلمن المن؟ فوضع الرماد على رأسه وخر ساجدا ينادي لك المن سيدي ومولاي فكشف الله ضره.

٣١ ـ ضا : نروي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه قال الله تبارك وتعالى : أنا أعلم بما يصلح عليه دين عبادي المؤمنين إن من عبادي لمن يجتهد في عبادتي ويقوم من نومه ولذة وسادته فيجتهد لي ، فأضربه بالنعاس الليلة [والليلتين] نظرا مني له وإبقاء عليه فينام حتى يصبح فيقوم وهو ماقت لنفسه ، ولو خليت بينه وبين ما يريد من عبادتي لدخله من ذلك العجب فيصيره العجب إلى الفتنة فيأتيه من ذلك ما فيه هلاكه ، ألا فلا يتكل العاملون على أعمالهم ، فانهم لو اجتهدوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين كنه عبادتي فيما يطلبونه عندي ، ولكن برحمتي فليثقوا ، وبفضلي فليفرحوا ، وإلى حسن الظن [بي] فليطمئنوا فإن رحمتي

____________________

(١) هذا حديث رواه العامة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وباستناد هذا الحديث المزعوم رووا الاسرائيليات من كتبهم وأساطيرهم فشوهوا وجه الكتاب والسنة ، وحذا حذوهم بعض المتقدمين من الشيعة فنقلها في كتب أصحابنا كما نراها في تفاسيرهم ومجاميعهم الحديثية.

والحديث وامثاله غير يسير كما سمعت من المؤلف العلامة في حديث لعن الحائك مما أوله الصادق أبوعبدالله عليه‌السلام ، لما لم يمكنه رده على رؤس الاشهاد روى الصدوق في المعاني ص ١٥٨ باسناده عن عبدالاعلى بن أعين قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام جعلت فداك حديث يرويه الناس أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «حدث عن بني إسرائيل ولا حرج» قال : نعم قلت : فنحدث عن بني إسرائيل بما سمعناه ولا حرج علينا؟ قال : أما سمعت ما قال صلى الله عليه وآله : «وكفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع» فقلت : فكيف هذا؟ قال : ما كان في الكتاب أنه كان في بني إسرائيل ، فحدث أنه كائن في هذه الامة ، ولا حرج.

٣١٨

عند ذلك تدركم ، فاني أنا الله الرحمن الرحيم ، وبذلك تسميت.

ونروي أن عالما أتى عابدا فقال له : كيف صلاتك؟ فقال : تسألني عن صلاتي وأنا أعبدالله منذ كذا وكذا ، فقال : كيف بكاؤك ، فقال : إني لابكي حتى تجري دموعي ، فقال له العالم : فان ضحكك وأنت خائف من الله أفضل من بكائك ، وأنت مدل على الله إن المدل لا يصعد من عمله شئ.

٣٢ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن عبيدالله بن الحسين بن إبراهيم ، عن علي بن عبدالله بن الحسين الحسيني ، عن علي بن القاسم بن الحسين بن زيد ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي عبدالله عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لولا أن الذنب خير للمؤمن من العجب ، ما خلى الله بين عبده المؤمن وبين ذنب أبدا (١).

عدة الداعي : مثله (٢).

٣٣ ـ مص : قال الصادق عليه‌السلام : المغرور في الدنيا مسكين ، وفي الاخرة مغبون ، لانه باع الافضل بالادنى ، ولا تعجب من نفسك ، حيث ربما اغتررت بمالك وصحة جسمك أن لعلك تبقى ، وربما اغتررت بطول عمرك وأولادك وأصحابك لعلك تنجو بهم ، وربما اغتررت بحالك ومنيتك وإصابتك مأمولك وهواك ، وظننت أنك صادق ومصيب ، وربما اغتررت إلى الخلق أو شكوت من تقصيرك في العبادة ولعل الله يعلم من قلبك بخلاف ذلك ، وربما أقمت نفسك على العبادة متكلفا والله يريد الاخلاص ، وربما افتخرت بعلمك ونسبك وأنت غافل عن مضمرات ما في غيب الله ، وربما توهمت أنك تدعو الله وأنت تدعو سواه ، وربما حسبت أنك ناصح للخلق ، وأنت تريدهم لنفسك أن يميلوا إليك ، وربما ذممت نفسك وأنت تمدحها على الحقيقة.

واعلم أنك لن تخرج من ظلمات الغرور والتمني إلا بصدق الانابة إلى الله ، والاخبات له ، ومعرفة عيوب أحوالك من حيث لا يوافق العقل والعلم

____________________

(١) أمالي الطوسي ج ٢ ص ١٨٤.

(٢) عدة الداعي : ١٧٣.

٣١٩

ولا يتحمله الدين والشريعة ، وسنن النبوة وأئمة الهدى ، وإن كنت راضيا بما أنت فيه ، فما أحد أشقى بعمله منك وأضيع عمرا ، فأورثت حسرة يوم القيامة (١).

٣٤ ـ مص : قال الصادق عليه‌السلام : العجب كل العجب ممن يعجب بعمله ولا يدري بما يختم له ، فمن أعجب بنفسه وفعله فقد ضل عن منهج الرشد ، وادعى ما ليس له ، والمدعي من غير حق كاذب ، وإن خفي دعواه ، وطال دهره ، وإن أول ما يفعل بالمعجب نزع ما اعجب به ، ليعلم أنه عاجز حقير ، ويشهد على نفسه ليكون الحجة عليه أوكد ، كما فعل بابليس.

والعجب نبات حبها الكفر ، وأرضها النفاق ، وماؤها البغي ، وأغصانها الجهل وورقها الضلالة ، وثمرها اللعنة والخلود في النار ، فمن اختار العجب فقد بذر الكفر وزرع النفاق ، ولابد له من أن يثمر (٢).

٣٥ ـ ختص : عن الصدوق : عن المتوكل ، عن علي ، عن أبيه ، عن البزنظي ، عن الكريم بن عمرو ، عن أبي الربيع الشامي قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : من أعجب بنفسه هلك ، ومن أعجب برأيه هلك ، وإن عيسى بن مريم قال : داويت المرضى فشفيتهم باذن الله وأبرأت الاكمة والابرص باذن الله وعالجت الموتى فاحييتهم باذن الله ، وعالجت الاحمق فلم أقدر على إصلاحه فقيل : يا روح الله وما الاحمق؟ قال : المعجب برأيه ونفسه ، الذي يرى الفضل كله له لا عليه ، ويوجب الحق كله لنفسه ولا يوجب عليها حقا ، فذاك الاحمق الذي لا حيلة في مداواته (٣).

٣٦ ـ ما : عن الحسين بن إبراهيم القزويني ، عن محمد بن وهبان ، عن أحمد ابن إبراهيم ، عن الحسن بن علي الزعفراني ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي

____________________

(١) مصباح الشريعة : ٢٤.

(٢) مصباح الشريعة : ٢٧.

(٣) الاختصاص ٢٢١.

٣٢٠