بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

لترونه عن قريب كثير المال كثير التبع ، فما مضى إلاشهر أو نحوه حتى ولي المدينة وحسنت حاله وكان يمر بنا ومعه الخصيان والحشم.

وجعفر هذا هو جعفر بن محمد بن عمر بن الحسن بن عمر بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام (١).

٩ ـ ن : البيهقي ، عن الصولي ، عن أبي ذكوان ، عن إبراهيم بن العباس قال : كانت البيعة للرضا عليه‌السلام لخمس خلون من شهر رمضان سنة إحدى ومائتين وزوجه ابنته ام حبيب في أول سنة اثنين ومائتين الخبر (٢).

أقول : قد مر في باب شهادته عليه‌السلام في خبر هرثمة أنه قال : كان الرضا عليه‌السلام من الولد محمد الامام عليه‌السلام (٣).

١٠ ـ قب : دخل زيد بن موسى بن جعفر عليه‌السلام على المأمون فأكرمه وعنده الرضا عليه‌السلام فسلم زيد عليه فلم يجبه ، فقال : أنا ابن أبيك ولا ترد علي سلامي؟ فقال عليه‌السلام : أنت أخي ما أطعت الله ، فإذا عصيت الله لا إخاء بيني وبينك (٤).

١١ ـ كشف : قال محمد بن طلحة : وأما أولاده فكانوا ستة خمسة ذكور وبنت واحدة ، وأسماء أولاده محمد القانع ، الحسن جعفر ، إبراهيم ، الحسين وعائشة (٥).

وقال عبدالعزيز بن الاخضر له من الولد خمسة رجال وابنة واحدة هم محمد الامام ، وأبومحمد الحسن ، وجعفر ، وإبراهيم والحسين ، وعائشة (٦).

ومن دلائل الحميري ، عن حنان بن سدير قال : قلت لابي الحسن الرضا عليه‌السلام : أيكون إمام ليس له عقب؟ فقال أبوالحسن : أما إنه لا يولد لي إلا واحد ، ولكن

____________________

(١) نفس المصدر ج ٢ ص ٢٠٩.

(٢) عيون اخبار الرضا ج ٢ ص ٢٤٥.

(٣) بل سيجئ في باب شهادته ، تحت الرقم ٨.

(٤) مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٣٦١.

(٥) كشف الغمة ج ٣ ص ٨٩.

(٦) كشف الغمة ج ٣ ص ٩٠.

٢٢١

الله ينشئ ذرية كثيرة ، قال أبوخداش : سمعت هذا الحديث منذ ثلاثين سنة (١).

وقال ابن الخشاب : ولد له خمس بنين وابنة واحدة ، أسماء بنيه محمد الامام أبوجعفر الثاني ، أبومحمد الحسن ، وجعفر ، وإبراهيم ، والحسن ، وعائشة فقط (٢).

١٢ ـ عم ، قب : كان للرضا عليه‌السلام من الولد ابنه أبوجعفر محمد بن علي الجواد لا غير (٣).

١٣ ـ د : كان له عليه‌السلام ولدان أحدهما محمد والآخر موسى ، ولم يترك غيرهما.

في كتاب الدر : مضى الرضا عليه‌السلام ولم يترك ولدا إلا أبا جعفر محمد بن علي عليهما‌السلام وكان يوم وفات أبيه سبع سنين وأشهر.

١٤ ـ كش : حمدويه ، عن الحسن بن موسى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد ابن أحمد بن أسيد قال : لما كان من أمر أبي الحسن (٤) ما كان قال إبراهيم وإسماعيل ابنا أبي سمال فنأتي أحمد ابنه فاختلفا إليه زمانا فلما خرج أبوالسرايا خرج أحمد بن أبي الحسن عليه‌السلام معه فأتينا إبراهيم وإسماعيل وقلنا لهما : إن هذا الرجل قد خرج مع أبي السرايا فما تقولان؟ قال : فأنكرا ذلك من فعله ورجعا عنه ، وقالا : أبا الحسن : حي نثبت على الوقف ، وأحسب هذا يعني إسماعيل مات على شكه (٥).

١٥ ـ كش : قرأت في كتاب محمد بن الحسن بن بندار بخطه حدثني محمد بن يحيى العطار ، عن علي بن الحكم ، عن سليمان بن جعفر قال : قال لي علي بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب : أشتهى أن أدخل على

____________________

(١) المصدر ج ٣ ص ١٣٦.

(٢) المصدر ج ٣ ص ١١٣.

(٣) مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٣٦٧.

(٤) يريد أبا الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام.

(٥) رجال الكشى ص ٤٠٠ تحت الرقم ٣٤٣ و ٣٤٤

٢٢٢

أبي الحسن الرضا عليه‌السلام اسلم عليه ، قلت : فما يمنعك من ذلك؟ قال : الاجلال والهيبمة له وأتقي عليه.

قال : فاعتل أبوالحسن عليه‌السلام علة خفيفة وقد دعاه الناس فلقيت علي بن عبيد الله فقلت : قد جاءك ما تريد ، قد اعتل أبوالحسن عليه‌السلام علة خفيفة ، وقد دعاه الناس فان أردت الدخول عليه فاليوم ، قال : فجاء إلى أبي الحسن عليه‌السلام عائدا فلقيه أبوالحسن عليه‌السلام بكل ما يحب من المنزلة ، والتعظيم ، ففرح بذلك علي بن عبيد الله فرحا شديدا ثم مرض علي بن عبيد الله فعاده أبوالحسن عليه‌السلام وأنا معه فجلس حتى خرج من كان في البيت فلما خرجنا أخبرتني مولاة لنا أن ام سلمة امرأة علي بن عبيد الله كانت من وراء الستر تنظر إليه فلما خرج خرجت وانكبت على الموضع الذي كان أبوالحسن فيه جالسا ، تقبله وتتمسح به.

قال سليمان : ثم دخلت على علي بن عبيد الله فأخبرني بما فعلت ام سلمة فخبرت به أبوالحسن عليه‌السلام قال : يا سليمان إن علي بن عبيد الله وامرأته وولده من أهل الجنة يا سليمان إن ولد علي وفاطمة عليهما‌السلام إذا عرفهم الله هذا الامر لم يكونوا كالناس (١).

ختص : أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن ابن عيسى مثله (٢).

١٦ ـ كا : الحسين [ بن أحمد ] عن أحمد بن هلال ، عن ياسر الخادم قال : قلت لابي الحسن الرضا عليه‌السلام : رأيت في النوم كأن قفصا فيه سبعة عشر قارورة ، إذ وقع القفص وتكسرت القوارير؟ فقال : إن صدقت رؤياك يخرج رجل من أهل بيتي يملك سبعة عشر يوما ثم يموت ، فخرج محمد بن إبراهيم (٣) بالكوفة مع أبي السرايا

____________________

(١) رجال الكشى ص ٤٩٥ تحت الرقم ٤٨٥.

(٢) الاختصاص ص ٨٩.

(٣) هو محمد بن ابراهيم بن اسماعيل طباطبا بن ابراهيم بن الحسن بن الحسن ابن على بن أبى طالب عليهم‌السلام ، وأبوالسرايا هو السرى بن منصور كان من أمراء المأمون فخالفه وغاب في نواحى السواد فلقيه محمد بن ابراهيم وواعده على الخروج ، راجع القصة في مقاتل الطالبيين ط النجف ص ٣٣٨ ٣٥٣.

٢٢٣

فمكث سبعة عشر يوما ثم مات (١).

١٧ ـ كا : أحمد بن مهران ، عن محمد بن علي ، عن أبي الحكم ، عن عبدالله بن إبراهيم الجعفري وعبدالله بن محمد بن عمارة ، عن يزيد بن سليط ، قال : لما أوصى أبوإبراهيم عليه‌السلام أشهد إبراهيم بن محمد الجعفري وإسحاق بن محمد الجعفري وإسحاق ابن جعفر بن محمد وجعفر بن صالح ومعاوية الجعفري ويحيى بن الحسين بن زيد بن علي وسعد بن عمران الانصاري ومحمد بن الحارث الانصاري ويزيد بن سليط الانصاري ومحمد بن جعد بن سعد الاسلمي وهو كاتب الوصية الاولى.

أشهدهم أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور ، وأن البعث بعد الموت حق ، وأن الوعد حق ، وأن الحساب حق ، والقضاء حق ، وأن الوقوف بين يدي الله حق ، وأن ما جاء به محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله حق ، وأن ما نزل به الروح الامين حق على ذلك أحيى وعليه أموت ، وعليه ابعث إنشاء الله.

وأشهدهم أن هذه وصيتي بخطي وقد نسخت وصية جدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ووصية محمد بن علي [ قبل ] ذلك نسختها حرفا بحرف ، ووصية جعفر بن محمد على مثل ذلك ، وأني قد أوصيت إلى علي وبني بعد معه إن شاء وآنس منهم رشدا وأحب أن يقرهم فذلك له ، وإن كرههم وأحب أن يخرجهم فذاك له ولا أمر لهم معه ، وأوصيت إليه بصدقاتي وأموالي وموالي وصبياني الذين خلفت وولدي إلى إبراهيم والعباس وقاسم وإسماعيل وأحمد وام أحمد ، وإلى علي أمر نسائي دونهم ، وثلث صدقة أبي وثلثي يضعه حيث يرى ، ويجعل فيه ما يجعل ذو المال في ماله.

فان أحب أن يبيع أو يهب أو ينحل أو يتصدق بها على من سميت له وعلى غير من سميت فذاك له وهو أنا في وصيتي في مالي وفي أهلي وولدي ، وإن رأى أن يقر إخوته الذين سميتهم في كتابي هذا أقرهم وإن كره فله أن يخرجهم غير مثرب

____________________

(١) روضة الكافى ج ٨ ص ٢٥٧.

٢٢٤

عليه ولا مردود ، فان آنس منهم غير الذي فارقتهم عليه فأحب أن يردهم في ولاية فذلك له ، وإن أراد رجل منهم أن يزوج اخته فليس له أن يزوجها إلا باذنه وأمره : فانه أعرف بمناكح قومه.

وأى سلطان أو أحد من الناس كفه عن شئ أو حال بينه وبين شئ مما ذكرت في كتابي هذا أو أحد ممن ذكرت فهو من الله ورسوله برئ ، والله ورسوله منه براء ، وعليه لعنة الله وغضبه ولعنة اللاعنين ، والملائكة المقربين والنبيين والمرسلين وجماعة المؤمنين ، وليس لاحد من السلاطين أن يكفه عن شئ وليس لي [ عنده ] تبعة ولا تباعة ، ولا لاحد من ولدي له قبلي مال ، وهو مصدق فيما ذكر ، فان أقل فهو أعلم وإن أكثر فهو الصادق كذلك وإنما أردت بادخال الذين أدخلت معه من ولدي التنويه بأسمائهم ، والتشريف لهم.

وامهات أولادي من أقامت منهن في منزلها وحجابها فلها ما كان يجري عليها في حياتي إن رأى ذلك ، ومن خرجت منهن إلى زوج فليس لها أن ترجع محواي إلا أن يرى على غير ذلك ، وبناتي بمثل ذلك ، ولا يزوج بناتي أحد نت إخوتهن من امهاتهن ولا سلطان ولا عم إلا برأية ومشورته ، فان فعلوا غير ذلك فقد خالفوا الله ورسوله وجاهدوه في ملكه ، وهو أعرف بمناكح قومه ، فان أراد أن يزوج زوج وأن أراد أن يترك ترك ، وقد أوصيتهن بمثل ما ذكرت في كتابي هذا وجعلت الله عزوجل عليهن شهيدا وهو وام أحمد [ شاهدان ].

وليس لاحد أن يكشف وصيتي ولا ينشرها ، وهو منها على غير ما ذكرت و سميت ، فمن أساء فعليه ومن أحسن فلنفسه وما ربك بظلام للعبيد ، وصلى الله على محمد وآله ، وليس لاحد من سلطان ولا غيره أن يفض كتابي هذا الذي ختمت عليه الاسفل ، فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله وغضبه ولعنة اللاعنين ، والملائكة المقربين وجماعة المرسلين والمسلمين ، وعلى من فض كتابي هذا وكتب وختم أبوإبراهيم والشهود وصلى الله على محمد وعلى آله.

٢٢٥

قال أبوالحكم : فحدثني عبدالله بن آدم (١) الجعفري عن يزيد بن سليط قال : كان أبوعمران الطلحي قاضي المدينة فلما مضى موسى قدمه إخوته إلى الطلحي القاضي فقال العباس بن موسى : أصلحك الله وأمتع بك إن في أسفل هذا الكتاب كنزا وجوهرا ويريد أن يحتجبه ويأخذه دوننا : ولم يدع أبونا رحمه‌الله شيئا إلا ألجأه إليه وتركنا عالة ، ولو لا أني أكف نفسي لاخبرتك بشئ على رؤس الملا.

فوثب إليه إبراهيم بن محمد فقال : إذا والله تخبر بما لا نقبله منك ، ولا نصدقك عليه ، ثم تكون عندنا ملوما مدحورا نعرفك بالكذب صغيرا وكبيرا ، وكان أبوك أعرف بك ، لو كان فيك خير ، وإن كان أبوك لعارفا بك في الظاهر والباطن ، وما كان ليأمنك على تمرتين.

ثم وثب إليه إسحاق بن جعفر عمه فأخذ بتلبيبه فقال له : إنك لسفيه ضعيف أحمق أجمع هذا مع ما كان بالامس منك وأعانه القوم أجمعون فقال أبوعمران القاضي لعلي : قم يا أبا الحسن حسبي ما لعنني أبوك اليوم وقد سمع لك أبوك ، ولا والله ما أحد أعرف بالولد من والده ، ولا والله ما كان أبوك عندنا بمستخف في عقله ولا ضعيف في رأيه.

فقال العباس للقاضي : أصلحك الله فض الخاتم واقرأ ما تحته فقال أبوعمران لا أفضه حسبي ما لعنني أبوك منذ اليوم ، فقال العباس : فأنا أفضه فقال : ذاك إليك ففض العباس الخاتم فاذا فيه إخراجهم وإقرار علي بها وحده ، وإدخاله إياهم في ولاية علي إن أحبوا أو كرهوا ، وإخراجهم من حد الصدقة وغيرها ، وكان فتحه عليهم بلاء وفضيحة وذلة ، ولعلي عليه‌السلام خيرة ، وكان في الوصية التي فض العباس تحت الخاتم هؤلاء الشهود إبراهيم بن محمد وإسحاق بن جعفر وجعفر بن صالح ، وسعيد بن عمران.

وأبرزوا وجه ام أحمد في مجلس القاضي وادعوا أنها ليست إياها حتى كشفوا عنها وعرفوها ، فقالت عند ذلك : قد والله قال سيدي هذا : إنك ستؤخذين

____________________

(١) قد مر في صدر السند أنه عبدالله بن ابراهيم الجعفرى.

٢٢٦

جبرا وتخرجين إلى المجالس ، فزجرها إسحاق بن جعفر وقال اسكتي فان النساء إلى الضعف ما أظنه قال من هذا شيئا.

ثم إن عليا عليه‌السلام التفت إلى العباس فقال : يا أخي أنا أعلم إنه إنما حملكم على هذا الغرائم والديون التي عليكم فانطلق يا سعيد فتعين لي ما عليهم ثم اقض عنهم ، واقبض زكاة حقوقهم ، وخذ لهم البراءة ولا والله لا أدع مواساتكم وبركم ما مشيت على الارض فقولوا ما شئتم.

فقال العباس : ما تعطينا إلا من فضول أموالنا وما لنا عندك أكثر فقال عليه‌السلام : قولوا ما شئتم فالعرض عرضكم فان تحسنوا فذاك لكم عند الله ، وإن تسيئوا فان الله غفور رحيم والله إنكم لتعرفون أنه مالي يومي هذا ولد ولا وارث غيركم ، ولئن حسبت شيئا مما تظنون أو اد خرته فانما هو لكم ومرجعه إليكم ; والله ما ملكت منذ مضى أبوك رضي‌الله‌عنه شيئا إلا وقد سيبته حيث رأيتم.

فوثب العباس فقال : والله ما هو كذلك وما جعل الله لك من رأي علينا ، ولكن حسد أبينا لنا وإرادته ما أراد مما لا يسوغه الله إياه ولا إياك ، وإنك لتعرف أني أعرف صفوان بن يحيى بياع السابري بالكوفة ولان سلمت لاغصصنه بريقه و أنت معه.

فقال علي عليه‌السلام : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أما إني يا إخوتي فحريص على مسرتكم ، الله يعلم.

«اللهم إن كنت تعلم أني احب صلاحهم وأني بار بهم واصل لهم ، رفيق عليهم ، أعني بامورهم ليلا ونهارا فاجزني به خيرا ، وإن كنت على غير ذلك فأنت علام الغيوب فاجزني به ما أنا أهله إن كان شرا فشرا ، وإن كان خيرا فخيرا اللهم أصلحهم وأصلح لهم ، واخسأ عنا وعنهم شر الشيطان ، وأعنهم على طاعتك ووفقهم لرشدك».

أما أنا يا أخي فحريص على مسرتكم ، جاهد على صلاحكم ، والله على ما نقول وكيل ، فقال العباس : ما أعرفني بلسانك وليس لمسحاتك عندي طين

٢٢٧

فافترق القوم على هذا وصلى الله على محمد وآله (١).

بيان : قوله «وهو كاتب الوصية الاولى» أي وصية آبائه عليهم‌السلام كما سيشير إليه قوله عليه‌السلام «وقد نسخت» أي قبل ذلك في صدر الكتاب أو تحت الختم ، وقيل : المراد أن هذه الوصية موافقة لوصاياهم فالمعنى نسخت بعين كتابه هذه الوصية الوصايا التي وصيا به و «الوعد» الاخبار بالثواب للمطيع ، وكونه حقا أنه يجب الوفاء به أو لا يجوز تركه و «القضاء» الحكم بمقتضى الحساب من ثواب المطيع وعقاب العاصي بشروطهما و «بني» عطف على علي «بعد» أي بعد علي في المنزلة «معه» أي مشاركين معه في الوصية «أن يقرهم» أي في الوصية «أن يخرجهم» أي منها «وأموالي» أي ضبط حصص الصغار والغيب منها أو بناء على أن الامام أولى بالمؤمنين من أنفسهم و «موالي» أي عبيدي وإمائي أو عتقائي لحفظهم ورعايتهم أو أخذ ميراثهم.

قوله «وولدي إلى إبراهيم» أي مع ولدي أو إلى ولدي فيكون إلى إبراهيم بدلا من ولدي بتقدير إلى ولعل الاظهر «تقدم إلى علي ولدي» وأنه اشتبه على النساخ وقيل «وولدي» أي وسائر ولدي «إلى» بمعنى حتى «وام أحمد» عطف على صدقاتي انتهى.

«وإلى علي» أي مفوض إليه وهو خبر «أمر نسائي» أي اختيارهن وهو مبتدأ «دونهم» أي دون سائر ولدي «وثلث صدقة أبي» مبتدأ وضمير يضعه راجع إلى كل من الثلثين ، والمراد التصرف في حاصلهما بناء على أنهما حق التولية والمراد بيع أصلهما بناء على أنهما كانا من الاموال التي للامام التصرف فيها كيف شاء ، ولم يمكنها إظهار ذلك تقية فسماهما صدقة ، أو بناء على جواز بيع الوقف في بعض الصور ويحتمل أن يكون ثلث صدقة أبي عطفا على أمر نسائي ويكون «ثلثي» مبتدأ و «يضعه» خبره فالمراد ثلث غير الاوقاف.

____________________

(١) الكافى ج ١ ص ٣١٦ ٣١٩. وترى مثله في عيون اخبار الرضا ج ١ ص ٣٣ ٣٧.

٢٢٨

«يجعل» أي يصنع «والنحلة» العطية بغير عوض والمهر ، وضمير «بها» راجع إلى الصدقة أو الثلث بتأويل. «وهو أنا» أي هو بعد وفاتي مثلي في حياتي «وإن رأى أن تقر» تأكيد لما مر وربما يحمل الاول على الاقرار في الدار ، وهذا على الاقرار في الصدقة.

والتثريب التعيير «فان آنس منهم» الضمير للمخرجين وفيه إيماء إلى أنهم في تلك الحال التي فارقهم عليها مستحقون للاخراج «في ولاية» أي تولية وتصرف في الاوقاف وغيرها «اخته» أي من امه والمراد بالمناكح محال النكاح ، وما يناسب ويليق من ذلك «كفه عن شئ» أي منعه قهرا وكأنه ناظر إلى السلطان وقوله «أو حال» ناظر إلى قوله «أحد من الناس» ويحتمل إرجاع كل إلى كل «أو أحد» عطف على شئ «ممن ذكرت» أي من النساء والاولاد والموالي ، أو عطف على أحد من الناس ، فالمراد بالناس الاجانب وبمن ذكرت الاخوة «وليس لاحد» تكرار للتأكيد ، وفي القاموس «التبعة» كفرحة وكتابة الشئ الذي لك فيه تبعة ، شبه ظلامة ونحوها انتهى ، والتباعة بالفتح مصدر تبعه إذا مشى خلفه وهو أيضا مناسب «فان أقل» أي أظهر المال قليلا أو أعطى حقهم قليلا ، وكذا «أكثر» بالمعنيين «كذلك» أي كما كان صادقا عند الاقلال أو الامر كذلك ، وفي الصحاح نوهت باسمه رفعت ذكره ، وفي القاموس والحواء ككتاب والمحوى كالمعلى جماعة البيوت المتدانية.

«ولا يزوج بناتي» لعل ظاهر هذا الكلام على التقية لئلا يزوج أحد من الاخوة أخواتها بغير رضاها بالولاية المشهورة بين المخالفين وأما هو عليه‌السلام فلم يكن يزوجهن إلا برضاهن أو مبني على ما مر من أن الامام أولى بالامر من كل أحد ، وحمله على تزويج الصغار بالولاية بعيد «وهو وأم أحمد» أى شهيدان أيضا أي شريكان في الولاية ، أو الواو فيه كالواو في «كل رجل وضيعته» فالمقصود وصيته بمراعاتها «أن يكشف وصيتي» أي يظهرها «وهو منها» الواو للحال ، ومن للنسبة كأنت مني بمنزلة هارون من موسى ، والضمير للوصية «ما ذكرت» أي

٢٢٩

أنه وصي وإليه الاختيار «أو سميت باسمه» أي أعليت ذكره «وما ربك بظلام للعبيد» لان من أعطى الجزاء خيرا أو شرا من لا يستحقه فهو ظلام في غاية الظلم «الاسفل» صفة كتابي ; وأنهما كانتا وصيتين طوي السفلى وختمهما ثم طوي فوقها العلياء.

«وعلى من فض» يمكن أن يقرأ علي بالتشديد اسما أي هو الذي يجوز أن يفض ، أو يكون حرفا والمعنى وعلى من فض لعنة الله ، ويكون هذا إشارة إلى الوصية الفوقانية ، ويمكن أن يقرأ الاول يفض على بناء الافعال للتعريض أي يمكن من الفض فاللعنة الاولى على الممكن ، والثانية على الفاعل والفض كسر الخاتم «وكتب وختم» هذا كلامه عليه الصلاة والسلام على سبيل الالتفات أو كلام يزيد ، والمراد أنه عليه‌السلام كتب شهادته على هامش الوصية الثانية وهذا الختم غير الختم المذكور سابقا ويحتمل أن يكون الختم على رأس الوصية الثانية كالاولى.

«وأمتع بك» أي جعل الناس متمتعين منتفعين بك «في أسفل هذا الكتاب» أي الوصية الاولى المختوم عليها «كنزا وجوهرا» أي ذكر كنز أو جوهر ، وإن كان لا يبعد من حمقه إرادة نفسهما «إلا ألجأه» أي فوضه إليه ، والعالة جمع العائل وهو الفقير أو الكثير العيال «لاخبرتك بشئ» أي ادعاء الامامة والخلافة ، وغرضه التخويف وإغراء الاعداء به «إذا» أي حين تخبر بالشئ و «المدحور» المطرود «نعرفك» استيناف البيان السابق «ولو» للتمني أو الجزاء محذوف «وإن مخففة من المثقلة «ليأمنك» اللام المكسورة زائدة لتأكيد النفي «والتلبيب» مجمع ما في موضع اللب من ثياب الرجل «أجمع» بصيغة الامر للتهديد ، ويدل على أنه صدر منه بالامس أمر شنيع آخر و «المستخف» على بناء المفعول من يعد خفيفا «منذ اليوم» إشارة إلى أنه لزم اللعن القاضي إما لاحضاره والتفتيش عنه ، ولم يكن له ذلك ، أو بناء على أنه لعن عليه‌السلام من فض الكتاب الاول أيضا كما مر احتمالا «فاذا فيه» الضمير لما تحته وضمير «لها» للوصية «في ولاية علي» أي في كونه

٢٣٠

وليا وواليا عليهم أو في كونهم تابعين له.

«عن حد الصدقة» أي عن حكمهما وولايتها ، وكأن إبراز وجه ام أحمد لادعاء الاخوة عندها شيئا ثم إنكارهم أنها هي أو ادعائهم أنه عليه‌السلام ظلم ام أحمد أيضا وأحضروها فلما أنكرت قالوا إنها ليست هي.

«قال سيدي» أي الكاظم عليه‌السلام هذا إشارة إلى الكلام الذي بعده ، وإنما جرها لان في هذا الاخبار إشعارا بدعوى الامامة وادعاء علم الغيب وهو ينافي التقية «إلى الضعف» أي مائلات إلى الضعف ، وضمير أظنه لموسى ، والغرائم : الديون «فتعين لي ما عليهم» أي حول ما عليهم على ذمتي وسيأتي تحقيق العينة وهي من حيل الربا ، وقد تطلق على مطلق النسيئة والسلف.

«زكاة حقوقهم» أي الصكوك التي تنمو أرباحها يوما فيوما «والبراءة» القبض الذي يدل على برائتهم من حقوق الغرماء.

والمؤاساة بالهمز المشاركة والمساهمة في المعاش «فالعرض عرضكم» أي هتك عرضي يوجب هتك عرضك وفي بعض النسخ بالغين المعجمة أي غرضي ما هو عرضكم وهو رضاكم عني.

* «إلا من فضول أموالنا» أي أرباحها ونمائها ، ولعل الحبس في ما يتعلق بنصيبهم بزعمهم والادخار فيما يتعلق بنصيبه فاعترافهم «فانما هو لكم» أي إذا بقيت بلا ولد كما تزعمون ، وهذا كلام على سبيل التورية والمصلحة «فقد سيبته» أي أطلقته وصرفته وأبحته والسائبة التي لا ولاء لاحد عليها وفي بعض النسخ شتته أي فرقته.

«ما هو كذلك» أي ليس الامر كما قلت إن الاموال لك وأنت تبذلها لنا ولغيرنا «من رأي» أي اختيار وولاية «وحسد» خبر مبتدأ محذوف أي الواقع حسد والدنا ، ومن في «مما» للبيان أو حسده مبتدأ «ومما لا يسوغه» خبره و «من» للتبعيض ، والتسويغ التجويز ، والسابرى بضم الباء ثوب رقيق يعمل بسابور موضع بفارس والاغصاص بريقه : جعله بحيث لا يتمكن من إساغة ريقه كناية عن

٢٣١

تشديد الامر عليه وأخذ الاموال منه ، «لا حول اه» تفويض للامر إلى الله وتعجب من حال المخاطب ، «والله يعلم» بمنزلة القسم «أعني» على بناء المجهول أو المعلوم أي أعتني وأهتم بامورهم «وأصلح» أي امورهم لهم وخسأت الكلب كمنعت طردته وأبعدته «جاهد» أي جاد «وكيل» أي شاهد «ما أعرفني» صيغة التعجب «بلسانك» أي أنك قادر على تحسين الكلام وتزويقه لكن ليس موافقا لقلبك.

«وليس لمسحاتك عندى طين» هذا مثل سائر يضرب لمن لا تؤثر حيلته في غيره قال الميداني : لم يجد لمسحاته طينا مثل يضرب لمن حيل بينه وبين مراده.

أقول : وفي كثير من العبارات اختلاف بين روايتى الكافى والعيون ، ولم تتعرض لها لسبق تلك الرواية فليرجع إليها (١).

١٧ ـ كا : العدة ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن سليمان بن جعفر قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : إن علي بن عبدالله بن الحسين بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عليه‌السلام وامرأته وبنيه من أهل الجنة.

١٨ ـ كا : الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن علي بن أسباط قال : قلت للرضا عليه‌السلام : إن رجلا عنى أخاك إبراهيم فذكر له أن أباك في الحياة وأنك تعلم من ذلك ما لا يعلم ، فقال : سبحان الله يموت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا يموت موسى؟ قد والله مضى كما مضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولكن الله تبارك وتعالى لم يزل منذ قبض نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله هلم جرا يمن بهذا الدين على أولاد الاعاجم ، ويصرفه عن قرابة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله هلم جرا فيعطي هؤلاء ويمنع هؤلاء ، ولقد قضيت عنه في هلال ذي الحجة ألف دينار بعد أن أشفى على طلاق نسائه وعتق ممالكيه ، ولكن قد سمعت ما لقي يوسف من إخوته.

١٩ ـ ع : أبي عن الحميرى ، عن الريان بن الصلت قال : جاء قوم بخراسان إلى الرضا عليه‌السلام فقالوا : إن قوما من أهل بيتك يتعاطون امورا قبيحة ، فلو نهيتهم عنها فقال : لا أفعل فقيل : ولم؟ فقال : لاني سمعت أبي يقول : النصيحة خشنة.

____________________

(١) يعنى أبواب تاريخ الامام موسى بن جعفر عليهما‌السلام.

٢٣٢

٢٠ ـ ن : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الوشاء ، عن الضا عليه‌السلام أنه قال : إذا أهل هلال ذي الحجة ونحن بالمدينة لم يكن لنا أن نحرم إلا بالحج لانا نحرم من الشجرة وهو الذي وقت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنتم إذا قدمتم من العراق وأهل الهلال فلكم أن تعتمروا لان بين أيديكم ذات عرق وغيرها مما وقت لكم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له الفضل : فلي الآن أن أتمتع وقد طفت بالبيت؟ فقال له : نعم فذهب بها محمد بن جعفر إلى سفيان بن عيينة وأصحاب سفيان فقال لهم : إن فلانا قال كذا وكذا فشنع على أبي الحسن عليه‌السلام.

قال الصدوق رحمه الله تعالى : سفيان بن عيينة لقي الصادق عليه‌السلام وروى عنه و بقي إلى أيام الرضا عليه‌السلام.

أقول : قد أوردت بعض الاخبار المناسبة للباب في باب معجزاته وفي أبواب مناظراته عليه‌السلام

٢١ ـ د : من نسل العباس بن أمير المؤمنين عليه‌السلام العباس بن الحسن بن عبيد الله ابن العباس بن أمير المؤمنين عليه‌السلام ذكره الخطيب في تاريخ بغداد فقال : قدم إليها في أيام الرشيد وصحبه وكان يكرمه ثم صحب المأمون بعده ، وكان فاضلا شاعرا فصيحا ، وتزعم العلويه أنه أشعر ولد أبي طالب.

قال : ودخل يوما على المأمون فتكلم فأحسن فقال له المأمون : والله إنك لتقول وتحسن ، وتشهد فتزين ، وتغيب فتؤتمن ، قال : وجاء يوما إلى باب المأمون فنظر إليه الحاجب ثم أطرق ، فقال العباس : لو أذن لنا لدخلنا ، ولو اعتذر إلينا لقبلنا ، ولو صرفنا لانصرفنا ، فأما النظر الشزر ، والاطراق والفتر ، ولا أدري فلا أدري ما هو؟ فخجل الحاجب فأنشد :

وما من رضى كان الحمار مطيتي

ولكن من يمشي سيرضى بما ركب

وكان العباس هذا إخوة علماء فضلاء محمد وعبيد الله والفضل وحمزة كلهم بنو الحسن بن عبيد الله بن العباس.

٢٣٣

(١٧)

* ( باب ) *

* ( [ مداحيه وما قالوا فيه صلوات الله عليه ] ) *

١ ـ ن : البيهقي ، عن الصولي ، عن أحمد بن إسماعيل بن الخضيب قال : لما ولي الرضا عليه‌السلام العهد خرج إليه إبراهيم بن العباس ودعبل بن علي وكانا لا يفترقان ، ورزين بن علي أخو دعبل فقطع عليهم الطريق فالتجأوا إلى أن ركبوا إلى بعض المنازل حميرا كانت تحمل الشوك ، فقال إبراهيم :

اعيدت بعد حمل الشوك

أحمالا من الخزف

نشاوى لا من الخمرة بل

من شدة الضعف

ثم قال لرزين بن علي أجزها فقال :

فلو كنتم على ذاك تصيرون إلى القصف

تساوت حالكم فيه ولا تبقوا على الخسف

ثم قال لدغبل أجز يا أبا علي فقال :

إذا فات الذي فات فكونوا من ذوي الظرف وخفوا نقصف اليوم فاني بائع خفي (١) بيان : الاجازة في الشعر أن تتم مصراع غيرك أو تضيف إلى شعره شعرا و «القصف» اللهو واللعب ، «والخسف» النقصان وبات فلان الخسف أي جائعا ويقال سامه الخسف وسامه خسفا أي أولاه ذلا وخف القوم ارتحلوا مسرعين.

٢ ـ ن : البيهقي ، عن الصولي ، عن هارون بن عبدالله المهلبي قال : لما وصل إبراهيم بن العباس ودعبل بن علي إلى الرضا عليه‌السلام وقد بويع له بالعهد

____________________

عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٤١.

٢٣٤

أنشده دعبل :

مدارس آيات خلت من تلاوة

ومنزل وحي مقفر العرصات

وأنشده إبراهيم بن العباس :

أزال عزاء القلب بعد التجلد

مصارع أولاد النبي محمد

فوهب لهما عشرين ألف درهم من الدراهم التي عليها اسمه كان المأمون أمر بضربهما في ذلك الوقت ، قال : فأما دعبل فصار بالعشرة آلاف التي حصته إلى قم فباع كل درهم بعشرة دراهم ، فتخلصت له مائة ألف درهم ، وأما إبراهيم فلم تزل عنده بعد أن أهدى بعضها وفرق بعضها على أهله إلى أن توفي رحمه‌الله فكان كفنه وجهازه منها (١).

٣ ـ ن : أحمد بن يحيى المكتب ، عن أحمد بن محمد الوراق ، عن علي بن هارون الحميري ، عن علي بن محمد بن سليمان النوفلي قال : إن المأمون لما جعل علي بن موسى الرضا عليه‌السلام ولي عهده ، وإن الشعراء قصدوا المأمون ، ووصلهم بأموال جمة حين مدحوا الرضا عليه‌السلام وصوبوا رأي المأمون في الاشعار دون أبي نواس فانه لم يقصده ولم يمدحه ، ودخل إلى المأمون فقال له : يا أبا نواس قد علمت مكان علي بن موسى الرضا مني ، وما أكرمته به ، فلما ذا أخرت مدحه وأنت شاعر زمانك وقريع دهرك؟ فأنشا يقول :

قيل لي أنت أوحد الناس طرا

في فنون من كلام النبيه

لك من جوهر الكلام بديع

يثمر الدر في يدي مجتنيه

فعلى ما تركت مدح ابن موسى

والخصال التي تجمعن فيه؟

قلت : لا أهتدي لمدح إمام

كان جبريل خادما لابيه

فقال له المأمون : أحسنت ، ووصله من المال بمثل الذي وصل به كافة الشعراء وفضله عليهم (٢).

____________________

(١) عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٤٢.

(٢) المصدر ج ٢ ص ١٤٢.

٢٣٥

عم : مرسلا مثله.

بيان : [ في منهاج الكرامة هكذا :

قيل لي أنت أفضل الناس طرا

في المعاني وفي الكلام البديه

فلما ذا تركت مدح ابن موسى

والخصال التي تجمعن فيه

قلت لا أستطيع مدح إمام اه ; و ] القريع السيد ، يقال فلان قريع دهره ذكره الجوهري.

٤ ـ ن : محمد بن الحسن بن إبراهيم ، عن محمد بن صقر الغساني ، عن الصولي قال : سمعت أبا العباس محمد بن يزيد المبرد يقول : خرج أبونواس ذات يوم من داره فبصر براكب قد حاذاه فسأل عنه ولم ير وجهه فقيل إنه علي بن موسى الرضا عليه‌السلام فأنشأ يقول :

إذا أبثرتك العين من بعد غاية

وعارض فيه الشك أثبتك القلب

ولو أن قوما أمموك لقادهم

نسيمك حتى يستدل بك الركب (١)

٥ ـ ن : المكتب ، عن علي ، عن أبيه ، عن محمد بن يحيى الفارسي قال : نظر أبونواس إلى أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه‌السلام ذات يوم وقد خرج من عند المأمون على بغلة له ، فدنا منه أبونواس فسلم عليه ، وقال يا ابن رسول الله قد قلت فيك أبياتا فاحب أن تسمعها مني ، قال : هات فأنشأ يقول :

مطهرون نقيات ثيابهم

تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا

من لم يكن علويا حين تنسبه

فما له من قديم الدهر مفتخر

فالله لما بدا خلقا فأتقنه

صفاكم واصطفاكم أيها البشر

وأنتم الملا الاعلى وعندكم

علم الكتاب وما جاءت به السور

فقال الرضا عليه‌السلام قد جئتنا بأبيات ما سبقك إليها أحد ثم قال : يا غلام هل معك من نفقتنا شئ؟ فقال : ثلاث مائة دينار ، فقال : أعطها إياه ثم قال عليه‌السلام : لعله استقلها ، يا غلام سق إليه البغلة.

____________________

(١) المصدر ج ٢ ص ١٤٤.

٢٣٦

ولما كانت سنة إحدى ومائتين حج بالناس إسحاق بن موسى بن عيسى بن موسى ودعا للمأمون ولعلي بن موسى الرضا عليه‌السلام من بعده بولاية العهد ، فوثب إليه حمدويه ابن علي بن عيسى بن [ موسى بن عيسى بن ] ماهان فدعا إسحاق بسواد ليلبسه فلم يجده ، فأخذ علما أسود فالتحف به ، وقال : أيها الناس إني قد بلغتكم ما امرت به ولست أعرف إلا أمير المؤمنين المأمون والفضل بن سهل ثم نزل.

ودخل عبدالله بن مطرف بن ماهان على المأمون يوما وعنده علي بن موسى الرضا عليه‌السلام فقال له المأمون : ما تقول في أهل البيت؟ فقال عبدالله : ما قولي في طينة عجنت بماء الرسالة ، وغرست بماء الوحي ، هل ينفح منها إلا مسك الهدى ، وعنبر التقى؟ قال : فدعا المأمون بحقه فيها لؤلؤ فحشا فاه (١).

كشف : عن الفارسي مثله إلى قوله سق إليه البغلة (٢).

٦ ـ ن : الهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن الهروي قال : سمعت دعبل ابن علي الخزاعي يقول : أنشدت مولاي علي بن موسى الرضا عليه‌السلام قصيدتي التي أوها :

مدارس آيات خلت من تلاوة

ومنزل وحي مقفر العرصات

فلما انتهيت إلى قولي :

خروج إمام لا محالة خارج

يقوم على اسم الله والبركات

يميز فينا كل حق وباطل

ويجزي على النعماء والنقمات

بكى الرضا عليه‌السلام بكاء شديدا ثم رفع رأسه إلي فقال لي : يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين ، فهل تدري من هذا الامام؟ ومتى يقوم؟ فقلت : لا يا مولاي ، إلا أني سمعت بخروج إمام منكم يطهر الارض من الفساد ويملاها عدلا ، فقال : يا دعبل الامام بعدي محمد ابني ، وبعد محمد ابنه علي وبعد علي ابنه الحسن ، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته ، المطاع في

____________________

(١) عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٤٣ و ١٤٤.

(٢) كشف الغمة ج ٣ ص ١٥٧ و ١٥٨.

٢٣٧

ظهوره ، ولو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيملاها عدلا كما ملئت جورا ، وأما متى؟ فإخبار عن الوقت ، ولقد حدثني أبي عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم الصلاة والسلام أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قيل له يا رسول الله متى يخرج القائم من ذريتك؟ فقال : مثله مثل الساعة لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والارض لاتأتيكم إلا بغتة (١).

كشف : عن الهروي مثله (٢).

٧ ـ ما : الحفار ، عن أبي القاسم إسماعيل الدعبلي ، عن أبيه ، عن علي بن علي ابن أخي دعبل الخزاعي قال : حدثنا سيدي أبوالحسن علي بن موسى الرضا عليه‌السلام بطوس سنة ثمان وتسعين ومائة ، وفيها رحلنا إليه على طريق البصرة ، وصادفنا عبد الرحمان بن مهدي عليلا فأقمنا عليه أياما ومات عبدالرحمان بن مهدي وحضرنا جنازته صلى عليه إسماعيل بن جعفر ورحلنا إلى سيدي أنا وأخي دعبل فأقمنا عنده إلى آخر سنة مائتين ، وخرجنا إلى قم بعد أن خلع سيدي أبوالحسن الرضا عليه‌السلام على أخي دعبل قميص خز أخضر وخاتما فصه عقيق ، ودفع إليه دراهم رضوية وقال له : يا دعبل صر إلى قم فانك تفيد بها ، وقال له : احتفظ بهذا القميص فقد صليت فيه ألف ركعة ، وختمت فيه القرآن ألف ختمة.

٨ ـ ما : الحفار ، عن إسماعيل بن علي الدعبلي ، عن محمد بن إبراهيم بن كثير قال : دخلنا على أبي نواس الحسن بن هانئ نعوده في مرضه الذي مات فيه فقال له عيسى بن موسى الهاشمي : يا أبا علي أنت في آخر يوم من أيام الدنيا و أول يوم من أيام الآخرة ، وبينك وبين الله هناة ، فتب إلى الله عزوجل قال أبونواس : سندوني فلما استوى جالسا قال : إياي تخوفني بالله ، وقد حدثني حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لكل نبي شفاعة وأنا خبأت شفاعتي لاهل الكبائر من امتي يوم القيامة» أفترى

____________________

(١) عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ٢٦٥ و ٢٦٦ والاية في الاعراف : ١٨٧.

(٢) كشف الغمة ج ٢ ص ١٦٤. وهكذا تراه في اكمال الدين ج ٢ ص ٤٣ و ٤٤.

٢٣٨

لا أكون منهم؟.

بيان : قال الجوهري : «في فلان هنات» أي خصلات شر.

٩ ـ ن : المكتب والوراق معا ، عن علي ، عن أبيه ، عن الهروي قال : دخل دعبل بن علي الخزاعي رحمه‌الله على أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه‌السلام بمرو فقال له : يا ابن رسول الله إني قد قلت فيك قصيدة وآليت على نفسي أن لا أنشدها أحدا قبلك ، فقال عليه‌السلام : هاتها فأنشده :

مدارس آيات خلت عن تلاوة

ومنزل وحي مقفر العرصات

[ فلما بلف إلى قوله ]

أرى فيئهم في غيرهم متقسما

وأيديهم من فيئهم صفرات

فلما بلغ إلى قوله هذا ، بكى أبوالحسن الرضا عليه‌السلام وقال له : صدقت يا خزاعي فلما بلغ إلى قوله :

إذا وتروا مدوا إلى واتريهم

أكفا عن الاوتار منقبضات

جعل أبوالحسن عليه‌السلام يقلب كفيه ويقول : أجل والله منقبضات ، فلما بلغ إلى قوله :

لقد خفت في الدنيا وأيام سعيها

وإني لارجو الامن بعد وفاتي

قال الرضا عليه‌السلام : أمنك الله يوم الفزع الاكبر ، فلما انتهى إلى قوله :

وقبر بغداد لنفس زكية

تضمنها الرحمان في الغرفات

قال له الرضا عليه‌السلام : أفلا الحق لك بهذا الموضع بيتين ، بهما تمام قصيدتك؟ فقال : بلى يا ابن رسول الله ، فقال عليه‌السلام :

وقبر بطوس يا لها من مصيبة

توقد بالاحشاء في الحرقات

إلى الحشر حتى يبعث الله قائما

يفرج عنا الهم والكربات

فقال دعبل : يا ابن رسول الله هذا القبر الذي بطوس قبر من هو؟ فقال الرضا عليه‌السلام : قبري! ولا تنقضي الايام والليالي حتى يصير طوس مختلف شيعتي وزواري ، ألا فمن زازني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة

٢٣٩

مغفورا له.

ثم نهض الرضا عليه‌السلام بعد فراغ دعبل من إنشاد القصيدة وأمره أن لا يبرح من موضعه ، ودخل الدار ، فلما كان بعد ساعة خرج الخادم إليه بمائة دينار رضوية فقال له : يقول لك مولاي اجعلها في نفقتك ، فقال دعبل : والله ما لهذا جئت ، ولا قلت هذه القصيدة طمعا في شئ يصل إلي ، ورد الصرة ، وسأل ثوبا من ثياب الرضا عليه‌السلام ليتبرك به ، ويتشرف به ، فأنفذ إليه الرضا عليه‌السلام جبة خز مع الصرة ، وقال للخادم : قل له خذ هذه الصرة فانك ستحتاج إليها ولا تراجعني فيها.

فأخذ دعبل الصرة والجبة ، وانصرف وصار من مرو في قافلة ، فلما بلغ ميان قوهان وقع عليهم اللصوص فأخذوا القافلة بأسرها وكتفوا أهلها وكان دعبل فيمن كتف ، وملك اللصوص القافلة ، وجعلوا يقسمونها بيهنم ، فقال رجل من القوم متمثلا بقول دعبل في قصيدته :

أرى فيئهم في غيرهم متقسما

وأيديهم من فيئهم صفرات

فسمعه دعبل فقال لهم دعبل : لمن هذا البيت؟ فقال لرجل من خزاعة ، يقال له دعبل بن علي ، قال دعبل : فأنا دعبل قائل هذه القصيدة التي منها هذا البيت فوثب الرجل إلى رئيسهم وكان يصلي على رأس تل ، وكان من الشيعة ، وأخبره فجاء بنفسه حتى وقف على دعبل وقال له ، أنت دعبل؟ فقال : نعم ، فقال له : أنشد القصيدة فأنشدها فحل كتافه ، وكتاف جميع أهل القافلة ، ورد إليهم جميع ما أخذوا منهم لكرامة دعبل ، وسار دعبل حتى وصل إلى قم ، فسأله أهل قم أن ينشدهم القصيدة فأمرهم أن يجتمعوا في المسجد الجامع.

فلما اجتمعوا صعد المنبر فأنشدهم القصيدة فوصله الناس من المال والخلع بشئ كثير ، واتصل بهم خبر الجبة فسألوه أن يبيعها منهم بألف دينار ، فامتنع من ذلك ، فقالوا له : فبعنا شيئا منها بألف دينار ، فأبى عليهم ، وسار عن قم.

فلما خرج من رستاق البلد لحق به قوم من أحداث العرب ، وأخذوا الجبة

٢٤٠