بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

إن يدن منه فانه لمباعد

وعليه من خلع العذاب ركام

وكذاك ليس يضرك الرجس الذي

تدنيه منك جنادل ورخام

لا بل يريك عليه أعظم حسرة

إذ أنت تكرم واللعين يسام

سوء العذاب مضاعف تجري به

الساعات والايام والاعوام

ياليت شعري هل بقائمكم غدا

يغدو بكفي للقراع حسام

تطفي يداي به غليلا فيكم

بين الحشا لم ترق منه اوام

ولقد يهيجني قبور كم إذا

هاجت سواي معالم وخيام

من كان يغرم بامتداح ذوي الغنى

فبمد حكم لي صبوة وغرام

وإلى أبي الحسن الرضا أهديتها

مرضية تلتذها الافهام

خذها عن الضبي عبدكم الذي

هانت عليه فيكم الالوام

ان أقض حق الله فيك وإن لي

حق القرى للضعيف إذيعتام

فاجعله منكك قبول قصدي إنه

غنم عليه حداني استغام

من كان بالتعليم أدرك حبكم

فمحبتي إياكم إلهام (١)

توضيح : «العلق» بالكسر النفس من كل شئ ، قوله «أقام به السلام» لعله بكسرالسين بمعنى الحجارة ، قوله «لذا وذاك» أي لتمثل محمد ووصيه صلى الله عليهما أولكونه عليه‌السلام فيه وللتمثل المذكور قوله «خشع» فعل أوجمع ، و «مهابة» مفعول لاجله أو تميز ، وقوله «في كنهها» استيناف وقوله «لتحير» مضارع بحذف إحدى التائين ، ولعله كان تتحير.

قوله «الله عنه» أي الله متقبل وضامن «لهم» أي للزائرين «به» أي بالامن «عنه» أي عن الامام عليه‌السلام.

قوله «إن يغن» أي مع غنائه عن المطر تستقي البلاد ببركته ، قوله «يزهو» أي يفخر قوله «قسما» أي الله ضامن أوفى لقسم أقسم به ينتهي إلى ذلك القسم جميع

____________________

(١) عيون أخبارالرضا ج ٢ ص ٢٥١ ـ ٢٥٤.

٣٢١

الاقسام وهوالحلف بذاته تعالى «والهمام» بالضم الملك العظيم الهمة.

قوله «واستسلم الاسلام» أي انقاد كناية عن مغلوبيته ، قوله «ينبري» أي يصلح من قولهم برى السهم فانبرى ، أو من قولهم انبرى له أي اعترض ، أي تعترض الايام له طالبة صلاحها والاوغام الترات والاحقاد ، وقوله «كهل» فاعل يستوي والعلم معطوف على قوله فضلها ، وقوله «والاولى» معطوف على قوله «إلى الله الوسيلة» وقوله «ومن لله» معطوف على قوله ولاة الدين أو الدين ، والاول أظهر ، و «الذمام» بالكسرالحق والحرمة.

قوله «والمقتدى» أي الذين يقتدى بهم من هؤلاء بمنزلة الازلام في البطلان وفي حرمة متابعتهم.

قوله «المنعام» أي الرب الكثير الانعام ، وهو فاعل «يحبو» أي يعطي محبتكم من يصطفيه من الخلق ، قوله «ترعة» أي روضة من رياض الجنة ، ومنه الحديث إن منبري على ترعة من ترع الجنة ، قوله «حبوبة» لعله مبالغة في الحب أي محبوبة أو حبوية بالياء المثناة التحتانية من الحبوة ، و «الهيام» بالضم العطش والجنون.

قوله «ركام» أي متراكم بعضها فوق بعض. قوله «به غليلا» أي بالحسام و «الغليل» الضغن والحقد ، قوله «لم ترق» أي لم تسكن وأصله مهموز ، و «الاوام» بالضم حر العطش «والغرام» الولوع وقد اغرم بالشئ على بناء المفعول أي اولع به ، «والصبوة» جهله الفتوة والشوق والعشق ، قوله «أهديتها» أي القصيدة أو المرثية.

و «العيمة» شهوة البن و «العيمة» بالكسر خيار المال ، واعتام الرجل إذا أخذ العيمة ، قوله «إنه غنم» أي قبوله القصد عني.

٥ ـ جا ، ما : المفيد والحسن بن إسماعيل معا عن محمد بن عمران المرزباني عن عبدالله بن يحيى العسكري ، عن أحمد بن زيد بن أحمد ، عن محمد بن يحيى

٣٢٢

ابن أكثم ، عن أبيه قال : أقدم المأمون دعبل بن علي الخزاعي رحمه‌الله (١) وآمنه على نفسه فلما مثل بين يديه وكنت جالسا بين يدي المأمون ، فقال : أنشدني قصيدتك الكبيرة فجحدها دعبل وأنكر معرفتها فقال له : لك الامان عليها كما أمنتك على نفسك فأنشده :

تأسفت جارتي لما رأت زوري

وعدت الحلم ذنبا غير مغتفر

ترجو الصبى بعد ماشابت ذوائبها

وقد جرت طلقا في حلبة الكبر

أجارتي إن شيب الرأس يعلمني

ذكرالمعاد وإرضائي عن القدر

لو كنت أركن للدنيا وزيتتها

إذا بكيت على الماضين من نفر

أخنى الزمان على أهلي فصدعهم

تصدع الشعب لاقى صدمة الحجر

بعض أقام وبعض قد أصات بهم

داعي المنية والباقي على الاثر

أما المقيم فأخشى أن يفارقني

ولست أوبة من ولى بمنتظر

أصبحت أخبر عن أهلي وعن ولدي

كحالم قص رؤيا بعد مدكر

لولا تشاغل عيني بالاولى سلفوا

من أهل بيت رسول الله لم أقر

____________________

(١) روى أبوالفرج في الاغانى بالسناده عن عبدالله بن طاهر في حديث : قال عبدالله ابن طاهر : وكتب المأمون إلى أبى أن يكاتبه ـ يعنى دعبلا ـ بالامان ويحمل اليه مالا وان شاء أن يقيم عنده أو يصيرالى حيث شاء فكتب اليه أبى بذلك وكان واثقا به ، فصاراليه فحمله وخلع عليه وأجازه وأعطاه المال وأشار عليه بقصد المأمون ففعل ، فلما دخل وسلم عليه ، تبسم في وجهه ، ثم قال : أنشدنى :

مدارس آيات خلت من تلاوة

ومنزل وحى مقفرالعرصات

فجزع فقال له : لك الامان فلاتخف ، وقدروتها ولكنى أحب سماعها من فيك فأنشده اياها الى آخرها ، والمأمون يبكى حتى اخضلت لحيته بدمعه. فوالله ما شعرنا الا وقد شاعت له أبيات يهجو بها المأمون بعد احسانه اليه ، وانسه به ، حتى كان أول داخل عليه وآخر خارج من عنده.

٣٢٣

وفي مواليك للتحزين مشغلة

من أن يبت بمفقود على أثر

كم من ذراع لهم بالطف بائنة

وعارض بصعيد الترب منعفر

أمسى الحسين ومسراهم بمقتله

وهم يقولون هذا سيد البشر

يا أمة السوء ماجازيت أحمد في

حسن البلاء على التنزيل والسور

خلفتموه على الابناء حين مضى

خلافة الذئب في إنقاد ذي بقر

قال يحيى بن أكثم وأنفذني المأمون في حاجة فعدت وقد انتهى إلى قوله :

لم يبق حي من الاحياء نعلمه

من ذي يمان ولابكر ولامضر

إلا وهم شركاء في دمائهم

كما تشارك أيسار على جزر

قتلا وأسرا وتخويفا ومنهبة

فعل الغزاة بأهل الروم والخزر

أرى أمية معذورين إن قتلوا

ولا أرى لبني الفتاح من عذر

قوم قتلتم على الاسلام أولهم

حتى إذا استمكنوا جازوا على الكفر

أبناء حرب ومروان وأسرتهم

بنو معيط الاة الحقد والوغر

أربع بطوس على قبرالزكي بها

إن كنت تربع من دين على وطر

هيهات كل امرئ رهن بما كسبت

له يداه فخذ ماشئت أو فذر

قال : فضرب المأمون بعمامته الارض ، وقال ، صدقت والله يا دعبل.

ايضاح : قوله «زوري» أي ازواري وبعدي عن النساء «والحلم» الاناة والعقل ، قوله «ترجو الصبى» أي ترجو مني أن أتصابى لها «والحلبة» بالتسكين خيل تجمع للسباق من كل أوب لاتخرج من اصطبل واحد ، «وأخنى عليه الدهر» أي أتى عليه وأهلكه ، و «الشعب» الصدع في الشئ وإصلاحه أيضا قوله «أصات بهم» أي صوت بهم ودعاهم.

قوله «لم أقر» من وقريقر بمعنى جلس ، قوله «للتحزين» أي لمواليك بسبب مظلوميتكم وحزنه لها شغل من أن يبيت لانه يتذكر مفقودا على أثر مفقود منكم ، وفي بعض النسخ للخدين ويؤل حاصل المعنى إلى ما ذكرناه ، وعلى التقديرين لا يخلو من تكلف ، وأثر التصحيف والتحريف فيه ظاهر.

٣٢٤

قوله : «ومسراهم بمقتله» أي ساروا ورجعوا بالليل مخبرين بقتله ، أومع صدور هذا الفعل عنهم ، وذوبقر اسم واد (١) وهذا إشارة إلى مثل ، والايسار : القوم المجتمعون على الميسر ، وهو جمع الياسر أيضا وهوالذي يلي قسمة جزور الميسر.

قوله : «إن كنت تربع» أي تقف وتقيم «من دين على وطر» أي حاجة أي إن كانت لك حاجة في الدين.

٦ ـ قب : عزى أبوالعينا ابن الرضا عليه‌السلام عن أبيه قال له : أنت تجل عن وصفنا ونحن نقل عن عظتك ، وفي علم الله ما كفاك وفي ثواب الله ما عزاك (٢).

٧ ـ كتاب المقضب لابن عياش ، عن عبدالله بن محمد المسعودي ، عن المغيرة ابن محمد المهلبي قال : أنشدني عبدالله بن أيوب الخريتي الشاعر وكان انقطاعه إلى أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما‌السلام يخاطب ابنه أبا جعفر محمد بن علي بعد وفاة أبيه الرضا عليهما‌السلام :

يا ابن الذبيح ويا ابن أعراق الثرى

طابت ارومته وطاب عروقا

يابن الوصي وصي أفضل مرسل

أعني النبي الصادق المصدوقا

مالف في خرق القوابل مثله

أسد يلف مع الخريق خريقا

يا أيها الحبل المتين متى أغد

يوما بعقوته أجده وثيقا

أنا عائذ بك في القيامة. لائذ

أبغي لديك من النجاة طريقا

لا يسبقي في شفاعتكم غدا

أحد فلست بحبكم مسبوقا

يا ابن الثمانية الائمة غربوا

وأبا الثلاثة شرقوا تشريقا

إن المشارق والمغارب أنتم

جاء الكتاب بذلكم تصديقا

بيان : «الارومة» بالفتح الاصل ، و «العقوة» الساحة وما حول الدار و «تغريب الثمانية» لعله كناية عن وفاتهم كما أن تشريق الثلاثة كناية عن كونهم ظاهرين أو بمعرض الظهور ، والتغريب كناية عن سكناهم غالبا أو ولادتهم في بلاد الحجاز ويثرب ، وهي غربية بالنسبة إلى العراق فالتشريق ظاهر.

____________________

(١) قال الفيروز آبادى : ذوبقر : واد بين أخيلة حمى الربذة.

(٢) مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٣٦٢.

٣٢٥

(٢٣)

* ( باب ) *

* ( ما ظهر من بركات الروضة الرضوية على مشرفها ) *

* ( الف تحية ، ومعجزاته عليه‌السلام ) *

* ( عندها على الناس ) *

١ ـ ن : حدثنا أبوطالب الحسين بن عبدالله بن بنان الطائي قال : سمعت محمد بن عمر النوقاني يقول : بينا أنانائم بنوقان في علية لنا في ليلة ظلماء إذا انتبهت فنظرت إلى الناحية التي فيها مشهد علي بن موسى الرضا عليهما‌السلام بسناباد فرأيت نورا قد علا حتى امتلا منه المشهد ، وصار مضيئا كأنه نهار ، فكنت شاكا في أمر الرضا عليه‌السلام ولم أكن علمت أنه حق ، فقالت لي امي وكانت مخالفة : مالك؟ فقلت لها : رأيت نورا ساطعا قد امتلامنه المشهد بسناباد ، فقالت امي : ليس ذلك بشئ وإنما هذا من عمل الشيطان.

قال : فرأيت ليلة اخرى مظلمة أشد ظلمة من الليلة الاولى ، ومثل ما كنت رأيت من النور ، والمشهد قد امتلا به فأعلمت امي ذلك وجئت بها إلى المكان الذي كنت فيه حتي رأت ما رأيت من النور وامتلا المشهد منه فاستعظمت ذلك وأخذت في الحمد لله عزوجل إلا أنها لم تؤمن به كايماني فقصدت إلى المشهد فوجدت الباب مغلقا فقلت ، اللهم إن كان إمر الرضا عليه‌السلام حقا فافتح لي هذا الباب ثم دفعته بيدي فانفتح فقلت : في نفسي لعله لم يكن مغلقا على ما وجب ، فغلقته حتى علمت أنه لم يمكن فتحه إلا بمفتاح ، ثم قلت : اللهم إن كان أمرالرضا حقا فافتح لي هذا الباب ثم دفعته بيدي فانفتح فدخلت وزرت وصليت واستبصرت في

٣٢٦

أمرالرضا عليه‌السلام فكنت أقصده بعد ذلك كل جمعة زائرا من نوقان ، واصلي عنده إلى وقتي هذا (١).

٢ ـ ن : حدثنا أبوطالب الحسين بن عبدالله بن بنان الطائي قال : سمعت أبا منصور بن عبدالرزاق يقول لحاكم طوس المعروف بالبيوردي ، هل لك ولد؟ فقال : لا ، فقال له أبومنصور : لم لا تقصد مشهد الرضا عليه‌السلام وتدعو الله عنده حتى يرزقك ولدا؟ فاني سألت الله تعالى هناك في حوائج فقضيت لي؟ قال الحاكم : فقصدت المشهد على ساكنه السلام ودعوت الله تعالى عند الرضا عليه أن يرزقني ولدا فرزقني الله عزوجل ولدا ذكرا فجئت إلى أبي منصور بن عبدالرزاق وأخبرته باستجابة الله تعالى لي في المشهد فوهب لي وأعطاني وأكرمني على ذلك.

قال الصدوق رحمه‌الله : لما استاذنت الامير السعيد ركن الدولة في زيارة مشهد الرضا عليه‌السلام أذن لي في ذلك في رجب من سنة اثنتين وخمسين وثلاث مائة فلما انقلبت عنه ردني فقال لي : هذا مشهد مبارك قد زرته وسألت الله تعالى حوائح كانت في نفسي فقضاها لي فلا تقصر في الدعاء لي هناك والزيارة عني ، فان الدعاء فيه مستجاب فضمنت ذلك له ووفيت به ، فلما عدت من المشهد على ساكنه التحية والسلام ودخلت إليه ، قال لي : هل دعوت لنا وزرت عنا؟ فقلت : نعم ، فقال : قد أحسنت فقد صح لي أن الدعاء في ذلك المشهد مستجاب (٢).

٣ ـ ن : حدثنا أبونصر أحمد بن الحسين الضبي وما لقيت أنضب منه وبلغ من نصبه أنه كان يقول اللهم صل على محمد فردا وامتنع من الصلاة على آله ـ قال سمعت أبابكر الحمامي الفراء ، في سكة حرب بنيسابور وكان من أصحاب الحديث يقول : أودعني بعض الناس وديعة فدفنتها ، ونسيت موضعها ، فلما أتى على ذلك مدة جاءني صاحب الوديعة يطالبني بها فلم أعرف موضعها ، وتحيرت واتهمني صاحب الوديعة ، فخرجت من بيتي مغموما متحيرا ورأيت جماعة من الناس يتوجهون

____________________

(١) عيون أخبارالرضا ج ٢ ص ٢٧٨.

(٢) عيون أخبارالرضا ج ٢ ص ٢٧٩.

٣٢٧

إلى مشهد الرضا عليه‌السلام فخرجت معهم إلى المشهد ، وزرت ودعوت الله أن يبين لي موضع الوديعة.

فرأيت هناك فيما يرى النائم : كأن آت أتاني فقال لي : دفنت الوديعة في موضع كذا وكذا ، فرجعت إلى صاحب الوديعة ، فأرشدته إلى ذلك الموضع الذي رأيته في المنام ، وأنا غير مصدق بما رأيت ، فقصد صاحب الوديعة ذلك المكان فحفره واستخرج منه الوديعة بختم صاحبها ، فكان الرجل بعد ذلك يحدث الناس بهذا الحديث ، ويحثهم على زيارة هذا المشهد على ساكنه التحية والسلام (١).

٤ ـ ن : حدثنا أبوجعفر محمد بن أبي القاسم بن محمد بن الفضل التميمي الهروي رحمه‌الله قال : سمعت أبا الحسن علي بن الحسن القهستاني قال ، كنت بمرو الرود فلقيت بها رجلا من أهل مصر مجتازا اسمه حمزة ، فذكر أنه خرج من مصر زائرا إلى مشهد الرضا عليه‌السلام بطوس وأنه لما دخل المشهد ، كان قرب غروت الشمس فزار وصلى ولم يكن ذلك اليوم زائرا غيره ، فلما صلى العتمة أراد خادم القبر أن يخرجه ويغلق الباب فسأله أن يغلق عليه الباب ويدعه في المشهد ليصلي فيه ، فانه جاء من بلد شاسع ولا يخرجه ، وأنه لا حاجة له في الخروج ، فتركه وغلق عليه الباب وأنه كان يصلي وحده إلى أن أعيى فجلس ووضع رأسه على ركبتيه يستريح ساعة فلما رفع رأسه رأى في الجدار مواجهة وجهه رقعة عليها هذان البيتان :

من سره أن يرى قبرا برؤيته

يفرج الله عمن زاره كربه

فليأت ذا القبر إن الله أسكنه

سلالة من نبي الله منتجبه

قال : فقمت وأخذت في الصلاة إلى وقت السحر ، ثم جلست كجلستي الاولى ووضعت رأسي على ركبتي ، فلما رفعت رأسي لم أر ما على الجدار شيئا ، وكان الذي أراه مكتوبا رطبا كأنه كتب في تلك الساعة ، قال : فانفلق الصبح وفتح الباب وخرجت من هناك (٢).

____________________

(١) عيون أخبارالرضا ج ٢ ص ٢٧٩ و ٢٨٠.

(٢) عيون أخبارالرضا ج ٢ ص ٢٨٠ و ٢٨١.

٣٢٨

بيان ، «الشاسع» البعيد.

٥ ـ ن : حدثنا أبوعلي محمد بن أحمد بن يحيى المعاذي النيسابوري قال : حدثنا أبوالحسن علي بن أحمد بن علي النصري المعدل ، قال : رأي رجل من الصالحين فيما يرى النائم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من أزور من أولادك؟ فقال : إن من أولادي من أتاني مسموما وإن من أولادي من أتاني مقتولا. قال : فقلت له : فمن أزور منهم يارسول الله مع تشتت أماكنهم؟ أو قال مشاهدهم؟ قال : من هو أقرب منك يعني بالمجاورة وهو مدفون بأرض الغربة قال : فقلت يا رسول الله تعني الرضا عليه‌السلام؟ فقال عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله : قل : صلى الله عليه «وآله» قل : صلى الله عليه «وآله» قل : صلى الله عليه «وآله» ثلاثا (١).

٦ ـ ن : حدثنا أبوعلي محمد بن أحمد بن محمد بن يحيى المعاذي قال : حدثنا أبوعمر ومحمد بن عبدالله الحكمي الحاكم بنوقان قال : خرج علينا رجلان من الري برسالة بعض السلاطين بها إلى الامير نصر بن أحمد ببخارى ، وكان أحدهما من أهل ري والآخر من أهل قم ، وكان القمي على المذهب الذي كان قديما بقم في النصب وكان الرازي متشيعا فلما بلغا نيسابور قال الرازي للقمي : ألانبدأ بزيارة الرضا ثم نتوجه إلى بخارا؟ فقال القمي : قد بعثنا سلطاننا برسالة إلى الحضرة «بخراسان» ببخارا فلايحوزلنا أن نشتغل بغيرها حتى نفرغ منها.

فقصدا بخارا وأديا الرسالة ورجعا حتى إذا حاذيا طوس فقال الرزي للقمي : ألا نزور الرضا عليه‌السلام؟ قال : خرجت من الري مرجئا لا أرجع إليها رافضيا.

قال : فسلم الرزاي أمتعته ودوابه إليه ، وركب حمارا وقصد مشهد الرضا عليه‌السلام وقال لخدام المشهد : خلوا المشهد لي هذه الليلة وادفعوا إلي مفاتحه ففعلوا ذلك قال : فدخلت المشهد وغلقت الباب وزرت الرضا عليه‌السلام ثم قمت عند رأسه وصليت ماشاة الله تعالى وابتدأت في قراءة القرآن من أوله.

____________________

(١) عيون أخبارالرضا ج ٢ ص ٢٨١.

٣٢٩

قال : فكنت أسمع صوتا بالقرآن كما أقرء فقطعت صلاتي وزرت المشهد كله ، وطلبت نواحيه ، فلم أر أحدا فعدت إلى مكاني وأخذت في القراءة من أول القرآن فكنت أسمع الصوت كما أقرأ لاينقطع ، فسكت هنيئة وأصغيت باذني فاذا الصوت من القبر فكنت أسمع مثل ما أقرأ حتى بلغت آخر سورة مريم عليها‌السلام فقرأت «يوم نحشرالمتقين إلى الرحمن وفدا * ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا» (١) فسمعت الصوت من القبر «يوم يحشرالمتقون إلى الرحمن وفدا ويساق المجرمون إلى جهنم وردا» حتى ختمت القرآن وختم.

فلما أصبحت رجعت إلى نوقان فسألت من بها من المقرئين عن هذه القراءة فقالوا : هذا في اللفظ والمعني مستقيم لكن لانعرف في قراءة أحد ، قال : فرجعت إلى نيسابور فسألت من بها من المقرئين عن هذه القراءة ، فقلت : من قرء «يوم يحشر المتقون إلى الرحمن وفدا ويساق المجرمون إلى جهنم وردا»؟ فقال لي : من أين جئت بهذا؟ فقلت : وقع لي احتياج إلى معرفتها في أمر حدث ، فقال : هذه قراءة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من رواية أهل البيت عليهم‌السلام ثم استحكاني السبب الذي من أجله سألت عن هذه القراءة ، فقصصت عليه القصة ، وصحت لي القراءة (٢).

٧ ـ ن : حدثنا أبوعلي محمد بن أحمد المعاذي قال ، حدثنا أبوالحسن محمد بن أبي عبدالله الهروي قال : حضرالمشهد رجل من أهل بلخ ومعه مملوك له فزار هو ومملوكه الرضا عليه‌السلام وقام الرجل عند رأسه يصلي ومملوكه عند رجليه فلما فرغا من صلاتهما سجدا فأطالا سجودهما فرفع الرجل رأسه من السجود قبل المملوك ، ودعا بالمملوك ، فرفع رأسه من السجود وقال : لبيك يا مولاي فقال له : تريد الحرية؟ فقال : نعم ، فقال : أنت حر لوجه الله تعالى ومملوكتي فلانة ببلخ حرة لوجه الله ، وقد زوجنها منك بكذا وكذا من الصداق ، وضمنت لها ذلك عنك وضيعتي الفلانية وقف عليكما وعلى أولاد كما وأولاد أولاد أولاد كما ما تناسلوا

____________________

(١) مريم ٨٥ و ٨٦.

(٢) عيون أخبارالرضا ج ٢ ص ٢٨٢.

٣٣٠

بشهادة هذا الامام عليه‌السلام.

فبكى الغلام وحلف عزوجل / وبالامام أنه ماكان يسأل في سجوده إلا هذه الحاجة بعينها ، وقد تعرفت الاجابة من الله عزوجل بهذه السرعة (١).

٨ ـ ن : حدثنا أبوعلي محمد بن أحمد المعاذي قال : حدثنا أبوالنصرالمؤذن النيسابوري قال : أصابتني علة شديدة ثقل منها لساني ، فلم أقدرعلى الكلام فخطر ببالي أن أزور الرضا عليه‌السلام وأدعوالله عنده وأجعله شفيعي إليه ، حتى يعافيني من علتي ويطلق لساني ، فركبت حمارا وقصدت المشهد وزرت الرضا عليه‌السلام وقعت عند رأسه وصليت ركعتين ، وسجدت وكنت في الدعاء والتضرع مستشفعا بصاحب هذا القبر إلى الله عزوجل أن يعافيني من علتي ويحل عقدة لساني.

فذهب بي النوم في سجودي فرأيت في المنام كأن القبر قدانفرج ، وخرج منه رجل كهل آدم شديد الادمة ، فدنا مني وقال لي : يا أبا النصر قل لا إله إلا الله قال : فأومأت إليه كيف أقول ذلك ولساني منغلق فصاح علي صحية ، فقال : تنكر لله قدرة؟ قل لا إله ألا الله قال : فانطلق لساني ، فقلت : لا إله إلا الله ، ورجعت إلى منزلي راجلا وكنت أقول : لا إله إلا الله ، وانطلق لساني ولم ينغلق بعد ذلك (٢).

١٠ ـ ن : حدثنا أبوعلي محمد بن أحمد المعاذي قال : سمعت أبا النصرالمؤذن يقول : امتلا السيل يوما سناباد وكان الوادي أعلى من المشهد فأقبل السيل حتى إذا قرب من المشهد خفنا على المشهد منه فارتفع باذن الله وقدرته عزوجل ووقع في قناة أعلى من الوادي ، ولم يقع في المشهد منه شئ (٣).

١١ ـ ن : حدثنا أبوالفضل محمد بن أحمد بن إسماعيل السليطي النيسابوري قال : حدثني محمد بن أحمد السناني النيسابوري قال : كنت في خدمة الامير أبي

____________________

(١) عيون اخبارالرضا ج ٢ ص ٢٨٢.

(٢) عيون أخبارالرضا ج ٢ ص ٢٨٣.

(٣) عيون أخبارالرضا ج ٢ ص ٣٨٣.

٣٣١

نصر بن أبي علي الصغاني (١) صاحب الجيش وكان محسنا إلي صحبته إلى صغانيان وكان أصحابه يحسد ونني على ميله إلي وإكرامه لي.

فسلم إلي في بعض الاوقات كيسا فيه ثلاثة آلاف درهم وختمه وأمرني أن أسلمه في خزانته فخرجت من عنده فجلست في المكان الذي يجلس فيه الحجاب ووضعت الكيس عندي ، وجعلت احدث الناس في شغل في فسرق ذلك الكيس ولم أشعربه ، وكان للامير أبي النصر غلام يقال له خطلخ تاش ، وكان حاضرا فلما نظرت لم أرالكيس فأنكر جميعهم أن يعرفوا له خبرا ، وقالوا لي : ما وضعت ههنا شيئا فلما وضعت هذا الافتعال؟ (٢) وكنت عارفا بحسدهم لي.

فكرهت (٣) تعريف الامير أبي النصرالصغاني لذلك خشية أن يتهمني ، و بقيت متحيرا متفكرا لا أدري من أخذ الكيس ، وكان أبي إذا وقع له أمر يحزنه فزع إلى مشهد الرضا عليه‌السلام فزاره ودعا الله عزوجل عنده وكان يكفي ذلك عنده ويفرج عنه.

فدخلت إلى الامير أبي النصر من الغد ، فقلت : أيها الامير تأذن لي في الخروج إلى طوس فلي بها شغل؟ فقال لي : وما هو؟ قلت : لي غلام طوسي فهرب مني وقد فقدت الكيس وأنا أتهمه به ، فقال لي : انظر. أن لاتفسد حالك عندنا بخيانة فقلت : أعوذ بالله من ذلك ، فقال : ومن يضمن لي الكيس إن تأخرت؟ فقلت له : إن لم أعد بعد أربعين يوما فمنزلي وملكي بين يديك اكتب إلى أبي الحسن الخزاعي بالقبض على جميع أسبابي بطوس ، فأذن لي.

وكنت أكتري من منزل إلى منزل حتى وافيت المشهد على ساكنه السلام فزرت ودعوت الله عزوجل عند رأس القبر أن يطلعني على موضع الكيس ، فذهب

____________________

(١) قال الفيروز آبادى : صغانيان : كورة عظيمة بماوراء النهر ، والنسبة صغانى وصاغانى معرب جغانيان.

(٢) وما هذا الا افتعال خ ل ، فما وضعت هذا الا افتعالا ، خ ل.

(٣) في المصدر ونسخة الكمبانى : فكرهت على تعريف الامير.

٣٣٢

بي النوم هناك فرأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في المنام يقول لي قم فقد قضى الله عزوجل حاجتك ، فقمت وجددت الوضوء وصليت ماشاء الله ، ودعوت ماشاء الله ، فذهب بي النوم فرأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في المنام فقال : الكيس سرقه خطلخ تاش ، ودفنه تحت الكانون (١) في بيته وهو هناك بختم أبي النصر الصغاني.

قال فانصرفت إلى الامير أبي نصرالصغاني قبل الميعاد بثلاثة أيام فلما دخلت عليه قلت : قد قضيت حاجتي فقال الحمد لله فخرجت وغيرت ثيابي وعدت إليه ، فقال أين الكيس؟ فقلت له : الكيس مع خطلخ تاش فقال : من أين علمت؟ فقلت أخبرني به رسول الله في منامي عند قبرالرضا عليه‌السلام فاقشعر بدنه لذلك ، وأمر باحضار خطلخ تاش ، فقال له : أين الكيس الذي أخذته من بين يديه ، فأنكر وكان من أعز غلمانه.

فأمر أن يهدد بالضرب فقلت : أيها الامير لاتأمر بضربه ، فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد أخبرني بالموضع الذي وضعه فيه ، قال : وأين هو؟ قلت هو في بيته مدفون تحت الكانون بختم الامير فبعث إلى منزله بثقة له وأمره أن يحفر موضع الكانون فتوجه إلى منزله وحفر فأخرج الكيس مختوما فوضعه بين يديه.

فلما نظر الامير إلى الكيس وختمه عليه ، قال لي : يا أبا نصر لم أكن عرفت فضلك قبل هذا الوقت ، وسأزيد في برك وإكرامك وتقديمك ، ولو عرفتني أنك تريد قصد المشهد لحملتك على دابة من داوبي.

قال أبونصر : فخشيت اولئك الاترك أن يحقدوا علي ماجرى فيوقعوني في بلية ، فاستأذنت الامير وجئت إلى نيسابور ، وجلست في الحانوت أبيع التين إلى وقتي هذا ولا قوة إلا بالله (٢).

١٢ ـ ن : حدثنا أبوالفضل محمد بن أحمد بن إسماعيل السليطي رحمه‌الله قال : سمعت الحاكم الرازي صاحب أبي جعفرالعتبي يقول : بعثني رسولا إلى (١) الكانون : المصطلى وهو محل النار.

____________________

(٢) عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ٢٨٤ و ٢٨٥.

٣٣٣

أبي منصور بن عبدالرزاق فلما كان يوم الخميس استأذنته في زيارة الرضا عليه‌السلام فقال : اسمع مني ما احدثك به في أمر هذا المشهد : كنت في أيام شبابي أتعصب على أهل هذا المشهد وأتعرض الزوار في الطريق وأسلب ثيابهم ونفقاتهم ومرقعاتهم.

فخرجت متصيدا ذات يوم ، وأرسلت فهدا على غزال ، فما زال يتبعه حتى ألجأه إلى حائط المسجد ، فوقف الغزال ووقف الفهد مقابله لايد نومنه ، فجهدنا كل الجهد بالفهد أن يدنومنه ، فلم ينبعث وكان متى فارق الغزال موضعه يتبعه الفهد فاذا التجأ إلى الحائط وقف ، فدخل الغزال حجرا في حائط المشهد ، فدخلت الرباط فقلت لابي النصر المقرئ : أين الغزال الذي دخل ههنا الآن؟ فقال : لم أره؟ فدخلت المكان الذي دخله فرأيت بعرالغزال وأثرالبول ، ولم أرالغزال وفقدته.

فنذرت لله تعالى أن لا اوذي الزوار بعد ذلك ، ولا أتعرض لهم إلا بسبيل الخير ، وكنت متى ما دهمني أمر فزعت إلى هذا المشهد ، فزرته وسألت الله تعالى في حاجتي فيقضيها لي وقد سألت الله تعالى أن يرزقني ولدا ذكرا فرزقني حتى إذابلغ وقتل عدت إلى مكاني من المشهد ، وسألت الله أن يرزقني ولدا ذكرا فرزقني حتى إذا بلغ وقتل عدت إلى مكاني من المشهد ، وسألت الله أن يرزقني ولدا ذكرا فرزقني ابنا آخر ولم أسأل الله عزوجل هناك حاجة إلا قضاها لي ، فهذا ما ظهرلي من بركة هذا المشهد على ساكنها السلام (١).

١٣ ـ ن : حدثنا أبوالفضل محمد بن أحمد بن إسماعيل السليطي قال : حدثنا أبوالطيب محمد بن أبي الفضل السليطي قال : خرج حمويه صاحب جيش خراسان ذات يوم بنيسابور على ميدان الحسين بن زيد لينظر إلى مكان من كان معه من القواد بباب عقيل ، وكان قد أمر أن يبنى ويجعل بيمارستان فمر به رجل فقال لغلام له : اتبع هذا الرجل ورده إلى الدار حتى أعود.

فلما عاد الامير حمويه إلى الدار أجلس من كان معه من القواد على الطعام فلما جلسوا على المائدة فقال للغلام : أين الرجل؟ قال : هو على الباب فقال : أدخله ، فلما دخل أمر أن يصب على يده الماء ، وأن يجلس على المائدة ، فلما فرغ

____________________

(١) عيون أخبارالرضا ج ٢ ص ٢٨٥ و ٢٨٦.

٣٣٤

قال له : معك حمار؟ قال : لا ، فأمر له بحمار ثم قال له : معك دراهم النفقة؟ فقال : لا ، فأمر له بألف درهم وبزوج جوالق خوزية وبسفرة وبآلات ذكرها فأتي بجميع ذلك.

ثم التفت الامير حمويه إلى القواد ، فقال لهم : أتدرون من هذا؟ قالوا : لا ، قال : اعلموا أني كنت في شبابي زرت الرضا عليه‌السلام وعلي أطمار رثة ، ورأيت هذا الرجل هناك وكنت أدعو الله عزوجل عند القبر أن يرزفني ولاية خراسان ، وسمعت هذا الرجل يدعو الله تعالى ويسأله ما قد أمرت له به فرأيت حسن إجابة الله لي فيما دعوته فيه ، ببركة ذلك المشهد ، فأحببت أن أرى حسن إجابة الله تعالى لهذا الرجل على يدي ، ولكن بيني وبينه قصاص (١) في شئ قالوا : ما هو؟ قال : إن هذا الرجل لما رآني وعلي تلك الاطمارالرثة ، وسمع طلبي بشئ عظيم فصغر عنده محلي في الوقت ، وركلني برجله وقال لي : مثلك بهذا الحال يطمع في ولاية خراسان وقود الجيش؟ فقال له القواد : أيها الاميراعف عنه واجعله في حل حتى تكون قد أكملت الصنيعة إليه ، فقال : قد فعلت.

وكان حمويه بعد ذلك يزور هذا المشهد وزوج ابنته من زيد بن محمد بن زيد العلوي بعد قتل أبيه رضوان الله عليه بجرجان وحوله إلى قصره ، وسلم إليه ما سلم من النعمة ، وكل ذلك لما كان يعرفه من بركة هذا المشهد.

ولما خرج أبوالحسين محمد بن زياد العلوي رحمه‌الله وبايع له عشرون ألف رجل بنيسابور أخذه الخليفة بها وأنفذه إلى بخارا فدخل حمويه ورفع قيده وقال الامير خراسان : هؤلاء أولاد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهم جياع فيجب أن تكفيهم حتى لايحوجوا إلى وطلب معاش فأخرج له رسما في كل شهر ، وأطلق عنه ، ورده إلى نيسابور ، فصار ذلك سببا لما جعل لاهل الشرف ببخارا من الرسم وذلك ببركة هذا المشهد على ساكنه السلام (٢).

____________________

(١) تصافح خ ل.

(٢) عيون أخبارالرضا ج ٢ ص ٢٨٦.

٣٣٥

١٤ ـ ن : حدثنا أبوالعباس أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسين الحاكم قال : سمعت أبا علي عامربن عبدالله البيرودي الحاكم بمرورود وكان من أصحاب الحديث يقول : حضرت مشهد الرضا عليه‌السلام بطوس ، فرأيت رجلا تركيا قد دخل القبة ، ووقف عند الرأس ، وجعل يبكي ويدعو بالتركية ويقول يارب إن كان ابني حيافا جمع بيني وبينه ، وإن كان ميتا فاجعلني من خبره على علم ومعرفة ، قال : وكنت أعرف اللغة التركية فقلت له : أيها الرجل مالك؟ فقال : كان لي ابن وكان معي في حرب إسحاق آباد ، ففقدته ولا أعرف خبره ، وله أم تديم البكاء عليه فأنا أدعو الله تعالى هيهنا في ذلك لاني سمعت أن الدعاء في هذا المشهد مستجاب.

قال : فرحمته وأخذته بيده وأخرجته لاضيفه ذلك اليوم ، فلما خرجنا من المسجد لقينا رجلا طويلا مختطا (١) عليه مرقعة فلما بصر بذلك التركي وثب إليه فعانقه وبكى ، وعرف كل واحد منهما صاحبه ، فأذا ابنه الذي كان يدعو الله تعالى أن يجمع بينه وبينه ويجعله من خبره على علم عند قبرالرضا عليه‌السلام.

قال : فسألته كيف وقعت إلى هذا الموضع؟ قال : قال : وقعت إلى طبرستان بعد حرب إسحاق آباد ، ورباني ديلمي هناك فالآن لما كبرت خرجت في طلب أبي وأمي ، فقد كان خفي علي خبرهما ، وكنت مع قوم أخذوا الطريق إلى ههنا فجئت معهم فقال التركي : قد ظهرلي من أمر هذا المشهد ما صح لي به يقيني وقد آليت على نفسي أن لا أفارق هذا المشهد ما بقيت.

والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا والصلاة والسلام على نبيه وحبيبه محمد المصطفى وآله وعترته مصابيح الدجى وسلم تسليما (٢).

١٥ ـ قب : الاصل في مسجد زرد في كورة مرو أنه صلى فيه الرضا عليه‌السلام

____________________

(١) يقال : اختط وجه الرجل : اذا صار فيه خطوط.

(٢) عيون أخبارالرضا ج ٢ ص ٢٨٧ و ٢٨٨. ولايخفى أن الحمد والصلاة من كلام الصدوق رحمه‌الله فان هذا الحديث هو آخر كتاب العيون.

٣٣٦

فبنى مسجدا ثم دفن فيه ولد الرضا عليه‌السلام ويروى فيه من الكرامات (١).

١٦ ـ كشف : قال الحافظ عبدالعزيز الجنابذي في كتابه : قال عبدالله بن محمد الجمال الرازي : قال : كنت وعلي بن موسى بن بابويه القمي وفد أهل الري ، فلما بلغنا نيسابور قلت لعلي بن موسى القمي : هل لك في زيارة قبر الرضا عليه‌السلام بطوس؟ فقال : خرجنا إلى هذا الملك ونخاف أن يتصل به عدو لنا إلى زيارة القبر ، ولكنا إذا انصرفنا.

فلما رجعنا قلت له : هل لك في الزيارة؟ فقال لا يتحدث أهل الري أني خرجت من عندهم مرجئا وأرجع إليهم رافضيا قلت : فتنتظرني في مكانك؟ قال : أفعل ، وخرجت فأتيت القبر عند غروب الشمس وأزمعت المبيت على القبر ، فسألت امرأة حضرت من بعض سدنة القبر هل من حذر بالليل؟ قالت لا ، فاستدعيت منها سراجا وأمرتها باغلاق الباب ، ونويت أن أختم القرآن على القبر.

فلما كان في بعض الليل سمعت قراءة فقدرت أنها قد أذنت لغيري فأتيت الباب فوجدته مغلقا وانطفأ السراج فبقيت أسمع الصوت فوجدته من القبر وهويقرء سورة مريم «يوم يحشر المتقون إلى الرحمان وفدا ويساق المجرمون إلى جهنم وردا» (٢) وما كنت سمعت هذه القراءة ، فلما قدمت الري ، بدأت بأبي القاسم العباس بن الفضل بن شاذان فسألته هل قرء أحد بذلك؟ فقال : نعم ، النبي وأخرج إلي فرائته صلى‌الله‌عليه‌وآله فاذا هي كذلك (٣).

١٧ ـ د : قال الحاكم بخراسان صاحب كتاب المقتفي : رأيت في منامي وأنا في مشهد الامام الرضا عليه‌السلام وكأن ملكا نزل من السماء ، وعليه ثياب خضر وكتب على شاذروان القبر بيتين حفظتهما وهما :

من سره أن يرى قبرا بروئيته

يفرج الله عمن زاره كربه

فليأت ذا القبر إن الله أسكنه

سلالة من رسول الله منتجبه

____________________

(١) مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٣٦٢.

(٢) مريم : ٨٥ و ٨٦. (٣) كشف الغمة ج ٣ ص ٩٠ و ٩١.

٣٣٧

٣٣٨

٣٣٩

٣٤٠