بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

عليه ، فقال للرضا عليه‌السلام : قد احتبس المطر فلو دعوت الله عزوجل أن يمطر الناس قال الرضا عليه‌السلام : نعم ، قال : فمتى تفعل ذلك؟ وكان ذلك يوم الجمعة ، قال : يوم الاثنين فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أتاني البارحة في منامي ومعه أمير المؤمنين عليه‌السلام وقال : يا بني انتظر يوم الاثنين ، فابرز إلى الصحراء واستسق فان الله عزوجل سيسقيهم وأخبرهم بما يريك الله مما لا يعلمون حاله ، ليزداد علمهم بفضلك ومكانك من ربك عزوجل.

فلما كان يوم الاثنين غدا إلى الصحراء وخرج الخلائق ينظرون فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : اللهم يا رب أنت عظمت حقنا أهل البيت فتوسلوا بنا كما أمرت ، وأملوا فضلك ورحمتك ، وتوقعوا إحسانك ونعمتك فاسقهم سقيا نافعا عاما غير رائث ، ولا ضائر ، وليكن ابتداء مطرهم بعد انصرافهم من مشهدهم هذا إلى منازلهم ومقارهم.

قال : فو الله الذي بعث محمدا بالحق نبيا ، لقد نسجت الرياح في الهواء الغيوم وأرعدت وأبرقت ، وتحرك الناس كأنهم يرون التنحي عن المطر فقال الرضا عليه‌السلام على رسلكم أيها الناس فليس هذا الغيم لكم ، إنما هو لاهل بلد كذا ، فمضت السحابة وعبرت ، ثم جاءت سحابة اخرى تشتمل على رعد وبرق فتحركوا فقال : على رسلكم فما هذه لكم إنما هي لاهل بلد كذا ، فما زال حتى جاءت عشر سحابات وعبرت ويقول علي بن موسى الرضا عليه‌السلام في كل واحدة : على رسلكم ليست هذه لكم إنما هي لاهل بلد كذا.

ثم أقبلت سحابة حادية عشر ، فقال : أيها الناس هذه بعثها الله عزوجل لكم فاشكروا الله تعالى على تفضله عليكم ، وقوموا إلى منازلكم ومقاركم فانها مسمته لكم ولرؤسكم ممسكة عنكم إلى أن تدخلوا مقاركم ثم يأتيكم من الخير ما يليق بكرم الله تعالى وجلاله ، ونزل من المنبر فانصرف الناس فما زالت السحابة ممسكة إلى أن قربوا من منازلهم ثم جاءت بوابل المطر فملات الاودية والحياض والغدران والفلوات ، فجعل الناس يقولون : هنيئا لولد رسول الله (ص) كرامات الله عزوجل

١٨١

ثم برز إليهم الرضا عليه‌السلام وحضرت الجماعة الكثيرة منهم ، فقال : أيها الناس اتقوا الله في نعم الله عليكم ، فلا تنفروها عنكم بمعاصيه ، بل استديموها بطاعته و شكره على نعمه وأياديه ، واعلموا أنكم لا تشكرون الله عز وجل بشئ بعد الايمان بالله ، وبعد الاعتزاف بحقوق أولياء الله من آل محمد رسول الله أحب إليكم من معاونتكم لاخوانكم المؤمنين على دنياهم التي هي معبرتهم إلى جنان ربهم ، فان من فعل ذلك كان من خاصة الله تبارك وتعالى.

وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك قولا ما ينبغي لقائل أن يزهد في فضل الله تعالى عليه إن تأمله وعمل عليه قيل : يا رسول الله هلك فلان يعمل من الذنوب كيت وكيت فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بل قد نجا ولا يختم الله تعالى عمله إلا بالحسنى و سيمحو الله عنه السيئات ، ويبدلها له حسنات ، إنه كان مرة يمر في طريق عرض له مؤمن قد انكشفت عورته ، وهو لا يشعر فسترها عليه ولم يخبره بها مخافة أن يخجل ثم إن ذلك المؤمن عرفه في مهواه فقال له : أجزل الله لك الثواب ، وأكرم لك المآب ولا ناقشك الحساب ، فاستجاب الله له فيه ، فهذا العبد لا يختم له إلا بخير بدعاء ذلك المؤمن.

فاتصل قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بهذا الرجل فتاب وأناب وأقبل على طاعة الله عزوجل فلم يأت عليه سبعة أيام حتى اغير على سرح المدينة ، فوجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أثرهم جماعة ذلك الرجل أحدهم فاستشهد فيهم.

قال الامام محمد بن علي بن موسى عليه‌السلام : وأعظم الله تبارك وتعالى البركة في البلاد بدعاء الرضا عليه‌السلام وقد كان المأمون من يريد أن يكون هو ولي عهده من دون الرضا عليه‌السلام وحساد كانوا بحضرة المأمون للرضا عليه‌السلام فقال المأمون بعض اولئك : يا أمير المؤمنين اعيذك بالله أن تكون تاريخ الخلفاء في إخراجك هذا الشرف العميم ، والفخر العظيم ، من بيت ولد العباس إلى بيت ولد علي ولقد أعنت على نفسك وأهلك ، جئت بهذا الساحر ولد السحرة ، وقد كان خاملا فأظهرته ، و متضعا فرفعته ، ومنسيا فذكرت به ، ومستخفا فنوهت به ، قد ملا الدنيا مخرقة وتشوقا بهذا المطر الوارد عند دعائه ، ما أخوفني أن يخرج هذا الرجل

١٨٢

هذا الامر عن ولد العباس إلى ولد علي ، بل ما أخوفني أن يتوصل بسحره إلى إزالة نعمتك ، والتوثب على مملكتك ، هل جنى أحد على نفسه وملكه مثل جنايتك؟.

فقال المأمون : قد كان هذا الرجل مستترا عنا يدعو إلى نفسه فأردنا أن نجعله ولي عهدنا ليكون دعاؤه لنا ، وليعرف بالملك والخلافة لنا وليعتقد فيه المفتونون به أنه ليس مما ادعى في قليل ولا كثير ، وأن هذا الامر لنا من دونه وقد خشينا إن تركناه على تلك الحال أن ينفتق علينا منه ما لا نسده ويأتي علينا منه ما لا نطيقه. والآن فإذ فعلنا به ما فعلنا ، وأخطأنا في أمره بما أخطأنا وأشرفنا من الهلاك بالتنوية به على ما أشرفنا ، فليس يجوز التهاون في أمره ، ولكنا نحتاج أن نضع منه قليلا قليلا حتى نصوره عند الرعية بصورة من لا يستحق لهذا الامر ثم ندبر فيه بما يحسم عنا مواد بلائه.

قال الرجل : يا أمير المؤمنين فولني مجادلته فاني أفحمه وأصحابه ، وأضع من قدره ، فلو لا هيبتك في صدري لانزلته منزلته ، وبينت للناس قصوره عما رشحته له.

قال المأمون : ما شئ أحب إلي من هذا ، قال فاجمع وجوه أهل مملكتك والقواد والقضاة ، وخيار الفقهاء لابين نقصه بحضرتهم ، فيكون أخذا له عن محله الذي أحللته فيه ، على علم منهم بصواب فعلك.

قال : فجمع الخلق الفاضلين من رعيته في مجلس واسع قعد فيه لهم ، وأقعد الرضا عليه‌السلام بين يديه في مرتبته التي جعلها له ، فابتدأ هذا الحاجب المتضمن للوضع من الرضا عليه‌السلام وقال له : إن الناس قد أكثروا عنك الحكايات ، وأسرفوا في وصفك بما أرى أنك إن وقفت عليه برئت إليهم منه ، فأول ذلك أنك دعوت الله في المطر المعتاد مجيئه فجاء فجعلوه أية لك معجزة أوجبوا لك بها أن لا نظير لك في الدنيا وهذا أمير المؤمنين أدام الله ملكه وبقاءه لا يوازن بأحد إلا رجح به ، وقد أحلك المحل الذي عرفت ، فليس من حقه عليك أن تسوغ الكاذبين لك وعليه ما يتكذبونه.

١٨٣

فقال الرضا عليه‌السلام : ما أدفع عبا الله عن التحدث بنعم الله علي وإن كنت لا أبغي أثرا ولا بطرا ، وأما ذكرك صاحبك الذي أجلني فما أحلني إلا المحل الذي أحله ملك مصر يوسف الصديق عليه‌السلام وكانت حالهما ما قد علمت.

فغضب الحاجب عند ذلك فقال : يا ابن موسى لقد عدوت طورك وتجاوزت قرك أن بعث الله تعالى بمطر مقد روقته لا يتقدم ولا يتاخر جعلته آية تستبطل بها ، وصولة تصول بها ، كأنك جئت بمثل آية الخليل إبراهيم عليه‌السلام لما أخذ رؤس الطير بيده ودعا أعضاءها التي كان فرفها على الجبال فأتينه سعيا وتركبن على الرؤس ، وخفقن وطرن باذن الله؟ فان كنت صادقا فيما توهم فأحي هذين وسلطهما علي فان ذلك يكون حينئذ آية معجزة ، فأما المطر المعتاد مجيئه فلست أحق بأن يكون جاء بدعائك من غيرك الذي دعا كما دعوت وكان الحاجب قد أشار إلى أسدين مصورين على مسند المأمون الذي كان مستندا إليه ، وكانا متقابلين على المسند.

فغضب علي بن موسى الرضا عليه‌السلام وصاح بالصورتين : دونكما الفاجر! فافترساه ولا تبقياله عينا ولا أثرا فوثب الصورتان وقد عادتا أسدين فتناولا الحاجب وعضاه ورضاه وهشماه وأكلاه ولحسادمه ، والقوم ينظرون متحيرين مما يبصرون ، فلما فرغا منه أقبلا على الرضا عليه‌السلام وقالا : يا ولي الله في أرضه! ماذا تأمرنا نفعل بهذا أنفعل به فعلنا بهذا؟ يشيران إلى المأمون فغشى على المأمون مما سمع منهما ، فقال الرضا عليه‌السلام : قفا فوقفا.

ثم قال الرضا عليه‌السلام : صبوا عليه ماء ورد وطيبوه ، ففعل ذلك به ، وعاد الاسدان يقولان : أتأذن لنا أن نلحقه بصاحبه الذي أفنيناه؟ قال : لا ، فان لله عز وجل فيه تدبيرا هو ممضية ، فقالا : ماذا تأمرنا؟ فقال : عود إلى مقركما كما كنتما فعادا إلى المسند ، وصارا صورتين كما كانتا.

فقال المأمون : الحمد لله الذي كفاني شر حميد بن مهران يعني الرجل المفترس ثم قال للرضا عليه‌السلام : يا ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هذا الامر لجدكم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم لكم ، فلو شئت لنزلت عنه لك ، فقال الرضا عليه‌السلام : لو شئت لما ناظرتك

١٨٤

ولم أسألك فان الله عزوجل قد أعطاني من طاعة سائر ما رأيت من طاعة هاتين الصورتين إلا جهال بني آدم فانهم وإن خسروا حظوظهم فلله عزوجل فيهم تدبير ، وقد أمرني بترك الاعتراض عليك ، وإظهار ما أظهرته من العمل من تحت يدك ، كما امر يوسف عليه‌السلام بالعمل من تحت يد فرعون مصر.

قال : فما زال المأمون ضئيلا إلى أن قضى في علي بن موسى الرضا عليه‌السلام ما قضى (١).

بيان : قوله «غير رائث» قال الجزري : في حديث الاستسقاء عجلا غير رائث أي غير بطيئ متأخر انتهى. قوله «ولا ضائر» أي ضار ، و «الرسل» بالكسر التأني و «الوابل» المطر الشديد قوله في مهواه أي مسيره من قولهم هوى يهوي إذا أسرع في السير ، والمهواة المطمئن من الارض ، قوله «أن تكون تاريخ الخلفاء» كناية عن عظم تلك الواقعة ، وفظاعتها بزعمه ، فان الناس يورخون الامور بالوقائع والدواهي.

و «المخرقة» بالقاف الشعبدة والسحر ، كما يظهر من استعمالاتهم ، وإن لم نجد في اللغة ولعلها من الخرق بمعنى السفه والكذب ، أو من المخراق الذي يضرب به ، وفي بعض النسخ بالفاء من المخرافات ، والتشوق التزين والتطلع ، وفي بعض النسخ التسوق بالسين المهملة والقاف ، ولعله مأخوذ من السوق أي أعمال أهل السوق من الاداني ، وفي القاموس ساوقه فاخره في السوق ويقال فلان يرشح للوزاره أي يربى ويؤهل لها ، ولحس القصعة أكل بقية ما فيه باللسان ، والضئيل كأمير الصغير الدقيق الحقير والنحيف.

١٧ ـ ن : الهمداني ، عن الصولي قال : حدثنا الغلابي ، عن أحمد بن عيسى ابن زيد أن المأمون أمرني بقتل رجل فقال : استبقني فان لي شكرا ، فقال : ومن أنت وما شكرك؟ فقال علي بن موسى عليه‌السلام : يا أمير المؤمنين أنشدك الله أن تترفع عن شكر أحد ، وإن قل ، فان الله عزوجل أمر عباده بشكره فشكروه

____________________

(١) عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٦٧ ١٧٢.

١٨٥

فعفى عنهم (١).

١٨ ـ ن : السناني ، عن الاسدي ، عن محمد بن خلف ، عن هرثمة بن أعين قال : دخلت على سيدي ومولاي يعني الرضا عليه‌السلام في دار المأمون وكان قد ظهر في دار المأمون أن الرضا عليه‌السلام قد توفى ، ولم يصح هذا القول ، فدخلت اريد الاذن عليه.

قال : وكان في بعض ثقات خدم المأمون غلام يقال له : صبيح الديلمي وكان يتولى سيدي حق ولايته ، وإذا قد خرج فلما رآني قال لي : يا هرثمة ألست تعلم أني ثقة المأمون على سره وعلانيته؟ قلت : بلى ، قال : اعلم يا هرثمة أن المأمون دعاني وثلاثين غلاما من ثقاته على سره وعلانيته ، في الثلث الاول من الليل فدخلت عليه وقد صار ليله نهارا من كثرة الشموع ، وبين يديه سيوف مسلولة مشحوذة مسمومة.

فدعا بنا غلاما غلاما وأخذ علينا العهد والميثاق بلسانه ، وليس بحضرتنا أحد من خلق الله غيرنا ، فقال لنا : هذا العهد لازم لكم إنكم تفعلون ما أمرتكم به ولا تخالفوا منه شيئا ، قال : فحلفنا له فقال : يأخذ كل واحد منكم شيفا بيده و امضوا حتى تدخلوا على علي بن موسى الرضا في حجرته ، فان وجدتموه قائما أو قاعدا أو نائما فلا تكلموه ، وضعوا أسيافكم عليه وأخلطوا لحمه ودمه وشعره وعظمه ومخه ثم اقلبوا عليه بساطه وامسحوا أسيافكم به ، وصيروا إلى ، وقد جعلت لكل واخد منكم على هذا الفعل وكتمانه ، عشر بدر دراهم ، وعشر ضياع منتجبة والحظوظ عندي ما حييت وبقيت.

قال : فأخذنا الاسياف بأيدينا ودخلنا عليه في حجرته ، فوجدناه مضطجعا يقلب طرف يديه ويتكلم بكلام لا نعرفه ، قال : فبادر الغلمان إليه بالسيوف ووضعت [ سيفي ] وأنا قائم أنظر إليه وكأنه قد كان علم بمصيرنا إليه فلبس على بدنه ما لا تعمل فيه السيوف فطووا عليه بساطه ، وخرجوا حتى دخلوا على المامون.

____________________

(١) عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٦٥.

١٨٦

فقال : ما صنعتم؟ قالوا : فعلنا ما أمرتنا به يا أمير المؤمنين ، قال : لا تعيدوا شيئا مما كان ، فلما كان عند تبلج الفجر ، خرج المأمون فجلس مجلسه مكشوف الرأس محلل الازرار ، وأظهر وفاته وقعد للتعزية ، ثم قام حافيا فمشى لينظر إليه وأنا بين يديه فلما دخل عليه حجرته سمع همهمة فارعد ثم قال : من عنده؟ قلت : لا علم لنا يا أمير المؤمنين فقال : أسرعوا وانظروا ، قال صبيح : فأسرعنا إلى البيت فإذا سيدي عليه‌السلام جالس في محرابه يصلي ويسبح.

فقلت : يا أمير المؤمنين هو ذا نرى شخصا في محرابه يصلي ويسبح ، فانتقض المأمون وارتعد ، ثم قال : غررتموني لعنكم الله ، ثم التفت إلى من بين الجماعة فقال لي : يا صبيح أنت تعرفه ، فانظر من المصلي عنده؟ قال صبيح : فدخلت وتولى المأمون راجعا فلما صرت عند عتبة الباب قال لي : يا صبيح قلت لبيك : يا مولاي وقد سقطت لوجهي فقال : قم يرحمك الله يريدون أن يطفؤا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون.

قال : فرجعت إلى المأمون فوجدت وجهه كقطع الليل المظلم ، فقال لي : يا صبيح ما وراك؟ قلت له : يا أمير المؤمنين هو والله جالس في حجرته ، وقد ناداني وقال لي كيت وكيت ، قال : فشد أزراره وأمر برد أثوابه ، وقال : قولوا : إنه كان غشي عليه وأنه قد أفاق.

قال هرثمة : فأكثرت لله عز وجل شكرا وحمدا ، ثم دخلت على سيدي الرضا عليه‌السلام فلما رآني قال : يا هرثهة لا تحدث بما حدثك به صبيح أحدا إلا من امتحن الله قلبه للايمان بمحبتنا وولايتنا ، فقلت : نعم يا سيدي ثم قال لي عليه‌السلام : يا هرثمة والله لا يضرنا كيدهم شيئا حتى يبلغ الكتاب أجله (١).

١٩ ـ اقول : روى السيد المرتضى في كتاب العيون والمحاسن عن الشيخ المفيد رضي‌الله‌عنهما قال : روي أنه لما سار المأمون إلى خراسان وكان معه الرضا علي

____________________

(١) عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ٢١٤ ٢١٦.

١٨٧

ابن موسى عليه‌السلام فبيناهما يسيران إذ قال له المأمون : يا أبا الحسن إني فكرت في شئ فنتج لي الفكر الصواب فيه : فكرت في أمرنا وأمركم ، ونسبنا ونسبكم فوجدت الفضيلة فيه واحدة ، ورأيت اختلاف شيعتنا في ذلك محمولا على الهوى والعصبية.

فقال له أبوالحسن الرضا عليه‌السلام : إن لهذا الكلام جوابا إن شئت ذكرته لك ، وإن شئت أمسكت ، فقال له المأمون : إني لم أقله إلا لاعلم ما عندك فيه قال له الرضا عليه‌السلام : أنشدك الله يا أمير المؤمنين لو أن الله تعالى بعث نبيه محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله فخرج علينا من وراء أكمه من هذه الآكام يخطب إليك ابنتك كنت مزوجه إياها؟ فقال : يا سبحان الله وهل أحد يرغب عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له الرضا عليه‌السلام : أفتراه كان يحل له أن يخطب إلي؟ قال : فسكت المأمون هنيئة ثم قال : أنتم والله أمس برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رحما.

٢٠ ـ وعن الكتاب المذكور قال : قال المأمون يوما للرضا عليه‌السلام : أخبرني بأكبر فضيلة لامير المؤمنين يدل عليها القرآن ، قال : فقال له الرضا عليه‌السلام : فضيلة في المباهلة ، قال الله جل جلاله «فمن حاجك فيه» الآية فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الحسن والحسين عليهم‌السلام فكانا ابنيه ، ودعا فاطمة عليها‌السلام فكانت في هذا الموضع نساءه ، ودعا أمير المؤمنين عليه‌السلام فكان نفسه بحكم الله عزوجل فثبت أنه ليس أحد من خلق الله تعالى أجل من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأفضل ، فواجب أن لا يكون أحد أفضل من نفس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بحكم الله عزوجل.

قال : فقال له المأمون : أليس قد ذكر الله تعالى الابناء بلفظ الجمع ، وإنما دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ابنيه خاصة ، وذكر النساء بلفظ الجمع ، وإنما دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ابنته وحدها فألا جاز أن يذكر الدعاء لمن هو نفسه ، ويكون المراد نفسه في الحقيقة دون غيره ، فلا يكون لامير المؤمنين عليه‌السلام ما ذكرت من الفضل.

١٨٨

قال : فقال له الرضا عليه‌السلام : ليس يصح ما ذكرت يا أمير المؤمنين ، وذلك أن الداعي إنما يكون داعيا لغيره ، كما أن الآمر آمر لغيره ، ولا يصح أن يكون داعيا لنفسه في الحقيقة كما لا يكون آمرا لها في الحقيقة ، وإذا لم يدع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رجلا في المباهلة إلا أمير المؤمنين عليه‌السلام فقد ثبت أنه نفسه التي عناها الله سبحانه في كتابه ، وجعل [ له ] حكمه ذلك في تنزيله ، قال : فقال المأمون إذا ورد الجواب سقط السؤال.

(١٥)

* ( باب ) *

* ( ما كان يتقرب به المأمون إلى الرضا عليه‌السلام ) *

( [ في الاحتجاج على المخالفين ] )

١ ـ ن : تميم القرشي ، عن أبيه ، عن أحمد بن علي الانصاري ، عن إسحاق ابن حماد قال : كان المأمون يعقد مجالس النظر ويجمع المخالفين لاهل البيت عليهم‌السلام ويكلمهم في إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام وتفضيله على جميع الصحابة تقربا إلى أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه‌السلام وكان الرضا عليه‌السلام يقول لاصحابه الذين يثق بهم : لا تغتروا بقوله ، فما يقتلني والله غيره ، ولكنه لا بد لي من الصبر حتى يبلغ الكتاب أجله (١).

٢ ـ ن : أبي وابن الوليد ، عن محمد العطار وأحمد بن أدريس معا عن الاشعري عن صالح بن أبي حماد الرازي ، عن إسحاق بن حاتم ، عن إسحاق بن حماد بن زيد قال : سمعنا (٢) يحيى بن أكثم القاضي قال : أمرني المأمون باحضار جماعة من

____________________

(١) عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٨٤ و ١٨٥.

(٢) جمعنا ، خ ل.

١٨٩

أهل الحديث ، وجماعة من أهل الكلام والنظر فجمعت له من الصنفين زهاء أربعين رجلا ثم مضيت بهم فأمرتهم بالكينونة في مجلس الحاجب لاعلمه بمكانهم ، ففعلوا فأعلمته فأمرني بادخالهم ففعلت فدخلوا وسلموا فحدثهم ساعة ، وآنسهم.

ثم قال إني اريد أن أجعلكم بيني وبين الله تبارك وتعالى في يومي هذا حجة فمن كان حاقنا أوله حاجة فليقم إلى قضاء حاجته ، وانبسطوا وسلوا أخفافكم وضعوا أرديتكم ، ففعلوا ما إمروا به ، فقال : يإ أيها اليوم إنما استحضرتكم لاحتج بكم عند الله عزوجل فاتقوا الله وانظروا لانفسكم وإمامكم ولا تمنعكم جلالتي ومكاني من قول الحق حيث كان ، ورد الباطل على من أتى به ، وأشفقوا على أنفسكم من النار ، وتقربوا إلى الله تعالى برضوانه ، وإيثار طاعته ، فما أحد تقرب إلى مخلوق بمعصية الخالق إلا سلطه الله عليه فناظروني بجميع عقولكم.

إني رجل أزعم أن عليا خير البشر بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فان كنت مصيبا فصوبوا قولي ، وإن كنت مخطئا فردوا علي ، وهلموا ، فان شئتم سألتكم ، وإن شئتم سألتموني ، فقال له الذين يقولون بالحديث : بل نسألك فقال : هاتوا وقلدوا كلامكم رجلا منكم ، فاذا تكلم فان كان عند أحدكم زيادة فليزد ، وإن أتى بخلل فسددوه.

فقال قائل منهم : أما نحن فنزعم أن خير الناس بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أبوبكر من قبل أن الرواية المجمع عليها جاءت عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر ، فلما أمرني الرجمة بالاقتداء بهما ، علمنا أنه لم يأمر بالاقتداء إلا بخير الناس.

فقال المأمون : الروايات كثيرة ولا بد من أن يكون كلها حقا أو كلها باطلا أو بعضها حقا وبعضها باطلا ، فلو كانت كلها حقا كانت كلها باطلا ، من قبل أن بعضها ينقض بعضا ولو كانت كلها باطلا في بطلانها بطلان الدين ، ودروس الشريعة ، فلما بطل الوجهان ، ثبت الثالث بالاضطرار ، وهو أن بعضها حق وبعضها

١٩٠

باطل ، فاذا كان كذلك فلا بد من دليل على ما يحق منها ، ليعتقد ، وينفى خلافه فاذا كان دليل الخبر في نفسه حقا كان أولى ما أعتقده وآخذ به.

وروايتك هذه من الاخبار التي أدلتها باطلة في نفسها ، وذلك أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أحكم الحكماء وأولى الخلق بالصدق ، وأبعد الناس من الامر بالمحال ، وحمل الناس على التدين بالخلاف ، وذلك أن هذين الرجلين لا يخلو من أن يكونا متفقين من كل جهة أو مختلفين ، فان كانا متفقين منكل جهة كانا واحدا في العدد والصفة والصورة والجسم ، وهذا معدوم أن يكون اثنان بمعنى واحد من كل جهة ، وإن كانا مختلفين فكيف يجوز الاقتداء بهما ، وهذا تكليف مالا يطاق لانك إن اقتديت بواحد خالفت الآخر.

والدليل على اختلافهما أن أبا بكر سبى أهل الردة وردهم عمر أحرارا وأشار عمر على أبي بكر بعزل خالد وبقتله بمالك بن نويرة فأبى أبوبكر عليه وحرم عمر المتعة ولم يفعل ذلك أبوبكر ووضع عمر ديوان العطية ولم يفعله أبوبكر و استخلف أبوبكر ولم يفعل ذلك عمر ولهذا نظائر كثيرة.

قال الصدوق رضي‌الله‌عنه : في هذا فصل لم يذكره المأمون لخصمه وهو أنهم لم يرووا أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر ، وإنما رووا «أبوبكر وعمر» ومنهم من روى «أبا بكر وعمر» فلو كانت الرواية صحيحة لكان معنى قوله بالنصب : اقتدوا بالذين من بعدي كتاب الله والعترة يا أبا بكر وعمر ، ومعنى قوله بالرفع : اقتدوا أيها الناس وأبوبكر وعمر بالذين من بعدي كتاب الله والعترة رجعنا إلى حديث المأمون.

فقال آخر من أصحاب الحديث : فان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال «لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا».

فقال المأمون : هذا مستحيل من قبل أن رواياتكم أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله آخى بين أصحابه وأخر عليا فقال عليه‌السلام له في ذلك فقال : ما أخرتك إلا لنفسي فأي الروايتين ثبتت بطلت الاخرى.

١٩١

قال آخر : إن عليا عليه‌السلام قال على المنبر : خير هذه الامة بعد نبيها أبوبكر وعمر.

قال المأمون هذا مستحيل من قبل أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لو علم أنهما أفضل ما ولى عليهما مرة عمر وبن العاص ، ومرة اسامة بن زيد ، ومما يكذب هذه الرواية قول علي عليه‌السلام قبض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا أولى بمجلسه مني بقميصي ، ولكني أشفقت أن يرجع الناس كفارا ، وقوله عليه‌السلام : أنى يكونان خيرا مني وقد عبدت الله عزوجل قبلهما وعبدته بعدهما.

قال آخر : فان أبا بكر أغلق بابه ، وقال : هل من مستقيل فأقيله ، فقال علي عليه‌السلام : قدمك رسول الله فمن ذا يؤخرك؟.

فقال المأمون : هذا باطل من قبل أن عليا عليه‌السلام قعد عن بيعة أبي بكر ورويتم أنه قعد عنها حتى قبضت فاطمة عليها‌السلام وأنها أوصت أن تدفن ليلا لئلا يشهدا جنازتها.

ووجه آخر : وهو أنه إن كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله استخلفه ، فكيف كان له أن يستقبل وهو يقول للانصاري : قد رضيت لكم أحذ هذين الرجلين أبا عبيدة وعمر.

قال آخر : إن عمر وبن العاص قال : يا نبي الله من أحب الناس إليك من النساء؟ فقال : عائشة فقال : من الرجال؟ فقال : أبوها فقال المأمون : هذا باطل من قبل أنكم رويتم أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وضع بين يديه طائر مشوي فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك فكان علي عليه‌السلام فأي روايتكم تقبل.

فقال آخر : فان عليا عليه‌السلام قال : من فضلني على أبي بكر وعمر جلدته حد المفتري.

قال المأمون : كيف يجوز أن يقول علي عليه‌السلام : أجلد الحد من لا يجب الحد عليه فيكون متعديا لحدود الله عزوجل عاملا بخلاف أمره ، وليس تفضيل من فضله عليهما فرية ، وقد رويتم عن إمامكم أنه قال وليتكم ولست بخيركم فأي

١٩٢

الرجلين أصدق عندكم؟ أبوبكر على نفسه أو علي عليه‌السلام على أبي بكر؟ مع تناقض الحديث في نفسه ، ولا بد له في قوله من أن يكون صادقا أو كاذبا فان كان صادقا فأنى عرف ذلك؟ أبوحي فالوحي منقطع ، أو بالنظر فالنظر متحير (١) وإن كان غير صادق فمن المحال أن يلي أمر المسلمين ، ويقوم بأحكامنهم ، ويقيم حدودهم [ وهو ] كذاب.

قال آخر : فقد جاء أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أبوبكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة.

قال المأمون : هذا الحديث محال لانه لا يكون في الجنة كهل ويروى أن أشجعية كانت عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : لا يدخل الجنة عجوز ، فبكت فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله عزوجل يقول : «إنا أنشاناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا» (٢) فان زعمتم أن أبا بكر ينشأ شابا إذا دخل الجنة فقد رويتم أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال للحسن والحسين : إنهما سيدا شباب أهل الجنة من الاولين والآخرين ، وأبوهما خير منهما.

قال آخر : قد جاء أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لو لم ابعث فيكم لبعث عمر.

قال المأمون : هذا محال لان الله عزوجل يقول : «إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده» (٣) وقال عزوجل : «وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم» (٤) فهل يجوز أن يكون من لم يؤخذ ميثاقه على النبوة مبعوثا ومن اخذ ميثاقه على النبوة مؤخرا؟!.

قال آخر : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله نظر إلى عمر يوم عرفة فتبسم وقال : إن الله تعالى باهى بعباده عامة ، وبعمر خاصة.

____________________

(١) في المصدر : او بالتظنى فالمتظنى متحير. أو بالنظر فالنظر مبحث.

(٢) الواقعة : ٣٧. (٣) النساء : ١٦٣. (٤) الاحزاب : ٣٣.

١٩٣

فقال المأمون : فهذا مستحيل من قبل أن الله تعالى لم يكن ليباهي بعمر ويدع نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله فيكون عمر في الخاصة والنبي في العامة ، وليست هذه الرواية بأعجب من روايتكم أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : دخلت الجنة فسمعت خفق نعلين ، فإذا بلال مولى أبي بكر قد سبقني إلى الجنة ، وإنما قالت الشيعة : علي خير من أبي بكر فقلتم : عبد أبي بكر خير من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لان السابق أفضل من المسبوق ، وكما رويتم أن الشيطان يفر من حس عمر وألقى على لسان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنهن الغرانيق العلى (١) ففر من عمر ، وألقى على لسان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بزعمكم الكفر.

قال آخر : قد قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو نزل العذاب ما نجا إلا عمر بن الخطاب.

____________________

(١) الغرانيق جمع الغرنوق وهو الحسن الجميل يقال : شاب غرنوق وغرانق ، اذا كان ممتلئا ريا.

روى عن ابن العباس وغيره ان النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله لما تلا سورة والنجم وبلغ إلى قوله : ( أفرايتم اللات والعزى ، ومناة الثالثة الاخرى ) القى الشيطان في تلاوته : ( تلك الغرانيق العلى ، وان شفاعتهن لترجى ).

فسر بذلك المشركون فلما انتهى إلى السجدة سجد المسلمون وسجد ايضا المشركون لما سمعوا من ذكر آلهتهم بما اعجبهم.

فهذا الخبر ان صح محمول على انه كان يتلو القرآن ، فلما بلغ إلى هذا الموضع وذكر اسماء آلهتهم قال بعض الحاضرين من الكافرين ( تلك الغرانيق العلى ... ) القى ذلك في تلاوته ، توهم ان ذلك من القرآن ، فأضافه الله سبحانه إلى الشيطان لانه انما حصل باغوائه ووسوسته.

وهذا أورده المرتضى قدس الله روحه في كتاب التنزيه ، وهو قول الناصر للحق من ائمة الزيدية ، وهو وجه حسن في تأويله ، راجع مجمع البيان ج ٧ ص ٩١. تنزيه الانبياء ص ١٠٧ ١٠٩.

أقول قد ذكر العلامة المؤلف هذه القصة في باب عصمة النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله «ج ١٧ ص ٥٦ ٦٩» فراجع.

١٩٤

قال المامون : هذا خلاف الكتاب نصا لان الله عزوجل يقول : «وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم» (١) فجعلتم عمر مثل الرسول.

قال آخر : فقد شهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعمر بالجنة في عشرة من الصحابة.

فقال : لو كان هذا كما زعمت كان عمر لا يقول لحذيفة نشدتك بالله أمن المنافقين أنا؟ فان كان قد قال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت من أهل الجنة ولم يصدقه حتى زكاه حذيفة وصدق حذيفة ولم يصدق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فهذا على غير الاسلام ، وإن كان قد صدق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فلم سأل حذيفة؟ وهذان الخبران متناقضان في أنفسهما.

فقال آخر : فقد قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : وضعت امتي في كفة الميزان ، ووضعت في اخرى ، فرجحت بهم ، ثم وضع مكاني أبوبكر فرجع بهم ، ثم عمر فرجح ثم رفع الميزان.

فقال المأمون : هذا محال من قبل أنه لا يخلو من أن يكون من أجسامهما أو أعمالهما فان كانت الاجسام فلا يخفى على ذي روح أنه محال ، لانه لا يرجح أجسامهما بأجسام الامة ، وإن كانت أفعالهما فلم يكن بعد فكيف يرجح بما ليس وخبروني بما يتفاضل الناس؟ فقال بعضهم : بالاعمال الصالحة قال : فأخبروني فمن فضل صاحبه على عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم إن المفضول عمل بعد وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بأكثر من عمل الفاضل على عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أيلحق به؟ فان قلتم نعم أوجدتكم في عصرنا هذا من هو اكثر جهادا وحجا وصوما وصلاة وصدقة من أحدهم ، قالوا : صدقت لا يلحق فاضل دهرنا فاضل عصر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

قال المأمون : فانظروا فيما روت أئمتكم الذين أخذتم عنهم أديانكم في فضائل علي عليه‌السلام وقايسوا إليها ما رووا في فضائل تمام العشرة الذين شهدوا لهم بالجنة ، فان كانت جزءا من أجزاء كثيرة فالقول قولكم ، وإن كانوا قد رووا في فضائل علي عليه‌السلام أكثر فخذوا عن أئمتكم ما رووا ولا تعدوه قال : فأطرق القوم جميعا.

____________________

(١) الانفال : ٣٣.

١٩٥

فقال المأمون مالكم سكتم؟ قالوا : قد استقصينا.

قال المأمون : فاني أسألكم خبروني أي الاعمال كان أفضل يوم بعث الله نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قالوا : السبق إلى الاسلام لان الله تبارك وتعالى يقول : «السابقون السابقون اولئك المقربون» (١) قال : فهل علمتم أحدا أسبق من علي عليه‌السلام إلى الاسلام؟ قالوا : إنه سبق حدثا لم يجر عليه حكم ، وأبوبكر أسلم كهلا قد جرى عليه الحكم ، وبين هاتين الحالتين فرق.

قال المأمون : فخبروني عن إسلام علي عليه‌السلام أبا لهام من قبل الله عزوجل أم بدعاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فان قلتم بإلهام فقد فضلتموه على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لان النبي لم يلهم بل أتاه جبرئيل عليه‌السلام عن الله عزوجل داعيا ومعرفا وإن قلتم بدعاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فهل دعاه من قبل نفسه أم بأمر الله عزوجل.

فان قلتم من قبل نفسه فهذا خلاف ما وصف الله عزوجل نبيه عليه‌السلام في قوله تعالى «وما أنا من المتكلفين» (٢). وفي قوله عزوجل «وما ينطق عن الهوى» (٣) وإن كان من قبل الله عزوجل فقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله بدعاء علي من بين صبيان الناس وإيثاره عليهم فدعاء ثقة به وعلما بتأييد الله تعالى إياه.

وخلة اخرى خبروني عن الحكيم هل يجوز أن يكلف خلقه مالا يطيقون؟ فان قلتم نعم كفرتم ، وإن قلتم لا فكيف يجوز إن يأمر نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله بدعاء من لم يمكنه قبول ما يؤمر به لصغره وحداثه سنة وضعفه عن القبول.

وخلة اخرى هل رأيتم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله دعا أحدا من صبيان أهله وغيرهم فيكون اسوة علي عليه‌السلام؟ فان زعمتم أنه لم يدع غيره فهذه فضيلة لعلي عليه‌السلام على جميع صبيان الناس.

ثم قال : أي الاعمال أفضل بعد السبق إلى الايمان؟ قالوا : الجهاد في سبيل الله ، قال فهل تحدثون لاحد من العشرة في الجهاد ما لعلي عليه‌السلام في جميع مواقف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من الاثر؟ هذه بدر قتل من المشركين فيها نيف وستون رجلا

____________________

(١) الواقعة : ١٠.

(٢) ص : ٨.

(٣) النجم : ٣.

١٩٦

قتل علي عليه‌السلام منهم نيفا وعشرين وأربعون لسائر الناس ، فقال قائل : كان أبوبكر مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في عريشه يدبرها ، فقال المأمون : لقد جئت بها عجيبة أكان يدبر دون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو معه فيشركه ، أو لحاجة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى رأي أبي بكر؟ أي الثلاث أحب إليك؟ فقال : أعوذ بالله من أن أزعم أنه يدبر دون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو يشركه أو بافتقار من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إليه.

قال : فما الفضيلة في العريش؟ فان كانت فضيلة أبي بكر بتخلفه عن الحرب فيجب أن يكون كل متخلف فاضلا أفضل من المجاهدين والله عزوجل يقول : «لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير اولي الضرر والمجاهدون في سبى الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما» (١).

قال إسحاق بن حماد بن زيد : ثم قال لي : «اقرأ هل أتى على الانسان حين من الدهر» فقرأت حتى بلفت «ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا» إلى قوله «ووكان سعيكم مشكورا» (٢) فقال : فيمن نزلت هذه الآيات؟ قلت : في علي عليه‌السلام قال : فهل بلغك أن عليا عليه‌السلام قال : حين أطعم المسكين واليتيم والاسير «إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا» على ما وصف الله عزوجل في كتابه؟ فقلت : لا ، قال : فان الله عزوجل عرف سريرة علي عليه‌السلام ونيته فأظهر ذلك في كتابه تعريفا لخلقه أمره ، فهل علمت أن الله عزوجل وصف في شئ مما وصف في الجنة ما في هذه السورة «قوارير من فضة» قلت : لا قال : فهذه فضيلة اخرى ، فكيف يكون القوارير من فضة؟ قلت : لا أدري قال : يريد كأنها من صفائها من فضة يرى داخلها كما يرى خارجها.

وهذا مثل قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله «يا أنجشة رويدا سوقك بالقوارير» (٣) وعنى به النساء

____________________

(١) النساء. ٩٥. (٢) الدهر : ٩.

(٣) قال في الاصابة : انجشة الاسود الحادى كان حسن الصوت بالحداء ، وقال البلاذرى كان حبشيا يكنى أبا مارية ، روى أبوداود الطيالسى في مسنده عن حماد بن سلمة

١٩٧

كأنهن القوارير رقة ، وقوله عليه‌السلام ركبت فرس أبي طلحة فوجدته بحرا أي كأنه بحر من كثرة جريه وعدوه ، وكقول الله عزوجل «ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ» (١) أي كأنه ما يأتيه الموت ولو أتاه من مكان واحد لمات.

ثم قال : يا إسحاق ألست ممن يشهد أن العشرة في الجنة؟ فقلت : بلى قال : أرأيت لو أن رجلا ، قال : ما أدري أصحيح هذا الحديث أم لا؟ أكان عندك كافرا؟ قلت : لا ، قال : أفرأيت لو قال : ما أدري أهذه السورة قرآن أم لا؟ أكان عندك كافرا؟ قلت : بلى قال : أرى فضل الرجل يتأكد.

حبرني يا إسحاق عن حديث الطائر المشوي أصحيح عندك؟ قال : بلى ، قال : بان والله عنادك لا يخلو هذا من أن يكون كما دعا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو يكون مردودا أو عرف الله الفاضل من خلقه وكان المفضول أحب إليه ، أو تزعم أن الله لم يعرف الفاضل من المفضول فأي الثلاث أحب إليك أن تقول به؟.

قال إسحاق : فأطرقت ثاعة ثم قلت : يا أمير المؤمنين إن الله عزوجل يقول في أبي بكر «ثاني اثنين إذهما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا» (٢) فنسبه الله عزوجل إلى صحبة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : سبحان الله ما أقل علمكم باللغة والكتاب ، أما يكون الكافر صاحبا للمؤمن ، فأي فصيلة في هذه؟ أما سمعت الله عزوجل يقول : «قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب

____________________

عن ثابت عن انس قال : كان انجشة يحدو بالنساء وكان البراء بن مالك يحدو بالرجال فاذا اعتقب الابل قال النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا انجشة! رويدك سوقك بالقوارير.

ورواه الشيخان مختصرا ورواه مسلم من طريق سليمان بن طرخان التيمى عن أنس قال : كان للنبى صلى‌الله‌عليه‌وآله حاد يقال له انجشة فقال له النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله : رويدا سوقك بالقوارير ، راجع الاصابة ج ١ ص ٨٠.

وأما في نسخة الكمبانى وهكذا المصدر بدل ( انجشة ) اسحاق ، فهو تصحيف.

(١) ابراهيم : ١٧. (٢) التوبة : ٤٠.

١٩٨

ثم من نطفة ثم سويك رجلا» (١) فقد جعله له صاحبا وقال الهذلي :

ولقد غدوت وصاحبي وحشية

تحت الرداء بصيرة بالمشرق

وقال الازدي :

ولقد دعوت الوحش فيه وصاحبي

محض القوائم من هجان هيكل

فصير فرسه صاحبه ، وأما قوله «إن الله معنا» فانه تبارك وتعالى مع البر والفاجر أما سمعت قوله عزوجل «ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا» (٢).

وأما قوله «لا تحزن» فخبرني عن حزن أبي بكر أكان طاعة أو معصية؟ فان زعمت أنه كان طاعة فقد جعلت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ينهى عن الطاعة ، وهذا خلاف صفة الحكيم ، وإن زعمت أنه معصية فأي فضيلة للعاصي.

وخبرني عن قوله عزوجل «فأنزل الله سكينته عليه» على من؟ قال إسحاق : فقلت : على أبي بكر لان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان مستغنيا عن السكينة قال : فخبرني عن قوله عزوجل «ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين» (٣) أتدري من المؤمنون الذين أراد الله عزوجل في هذا الموضع؟ قال : قلت : لا قال : إن الناس انهزموا يوم حنين فلم يبق مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا سبعة من بني هاشم علي عليه‌السلام يضرب بسيفه ، والعباس أخذ بلجام بغلة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والخمسة محدقون بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله خوفا من أن يناله سلاح الكفار حتى أعطى الله تبارك وتعالى رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله الظفر عنى بالمؤمنين في هذا الموضع عليا عليه‌السلام ومن حضر من بني هاشم فمن كان أفضل أمن كان مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ونزلت السكينة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليه ، أم من كان في الغار مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يكن أهلا لنزولها عليه؟.

____________________

(١) الكهف : ٣٧. (٢) المجادلة : ٧.

(٣) التوبة : ٢٥ و ٢٦.

١٩٩

يا إسحاق من أفضل؟ من كان مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في الغار أم من نام على مهاده ووقاه بنفسه ، حتى تم للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ما عزم عليه من الهجرة إن الله تبارك وتعالى أمر نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يأمر عليا عليه‌السلام بالنوم على فراشه ووقايته بنفسه فأمره بذلك ، فقال علي عليه‌السلام : أتسلم يا نبي الله؟ قال : نعم ، قال : سمعا وطاعة ، ثم أتى مضجعه وتسجى بثوبه ، وأحدق المشركون به ، لا يشكون في أنه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد أجمعوا أن يضربه من كل بطن من قريش رجل ضربة لئلا يطالب الهاشميون بدمه وعلي عليه‌السلام يسمع ما القوم فيه من التدبير في تلف نفسه فلم يدعه ذلك إلى الجزع كما جزع أبوبكر في الغار ، وهو مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي عليه‌السلام وحده ، فلم يزل صابرا محتسبا فبعث الله تعالى ملائكته تمنعه من مشركي قريش.

فلما أصبح قام فنظر القوم إليه فقالوا : أين محمد؟ قال : وما علمي به؟ قالوا : فأنت غررتنا ثم لحق بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فلم يزل علي أفضل لما بدا منه [ إلا ما ] يزيد خيرا حتى قبضه الله تعالى إليه وهو محمود مغفور له يا إسحاق أما تروي حديث الولاية؟ فقلت : نعم قال : اروه ، فرويته فقال : أما ترى أنه أوجب لعلي على أبي بكر وعمر من الحق ما لم يوجب لهما عليه؟ قلت : إن الناى يقولون إن هذا قاله بسبب زيد بن حارثة قال : وأين قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله هذا؟ قلت : بغدير خم بعد منصرفه من حجة الوداع قال : فمتى قتل زيد بن حارثة؟ قلت : بمؤته ، قال : أفليس قد كان قتل زيد بن حارثة قبل غدير خم؟ قلت : بلى ، قال : فخبرني لو رأيت ابنا لك أتت عليه خمس عشرة سنة يقول مولاي مولا ابن عمي أيها الناس فاقبلوا أكنت تكره ذلك؟ فقلت : بلى قال : أفتنزه ابنك عما لا تنزه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ ويحكم أجعلتم فقهاءكم أربابكم؟ إن الله عزوجل يقول : «اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله» (١) والله ما صاموا لهم ولا صلوا لهم ، ولكنهم أمروا لهم فاطيعوا.

ثم قال : أتروي قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام أنت مني بمنزلة هارون من موسى؟ قلت : نعم قال : أما تعلم أن هارون أخو موسى لابيه وامه؟ قلت : بلى

____________________

(١) براءة : ٣١٠.

٢٠٠