ثمّ لا يخفى أنّ مراد صاحب الجواهر قدسسره بقوله : كما يمكن الخ ، هو إبقاء العلم في الثاني بحاله أعني العلم الوجداني ، والتصرّف في الأوّل بحمله على حصول العلم الوجداني أيضاً.
قلت : ولكن لا يخفى أنّ هذا التصرّف في الأوّل بعيد جدّاً ، لأنّ السائل مصرّح بعدم حصول العلم.
ثمّ لا يخفى أنّ صاحب الجواهر قدسسره لمّا بنى على لزوم العلم الوجداني في الشهادة قال : وحينئذ فلابدّ من حمل الخبر المزبور على جواز الشهادة لحصول ضرب من العلم ، أو لأنّ الاستصحاب كافٍ ولكن القضاة لا يكتفون إلاّبالشهادة على الوجه المزبور ، فسوّغ له ذلك استنقاذاً لمال المسلم ، أو على غير ذلك (١).
ولا يخفى بُعد الأوّل كما عرفت. أمّا الثاني فكأنّ المراد به هو أنّ الشهادة تكون على الواقع السابق المعلوم ، والحاكم يكمل ذلك بالاستصحاب ، لكنّه خلاف الظاهر ، لأنّ الظاهر هو كون المشهود به الحالة الفعلية لا السابق. اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ مراد صاحب الجواهر قدسسره هو أنّ الشاهد لمّا كان عالماً بالحالة السابقة كان الاستصحاب جارياً عند نفسه ، فهو فعلاً يحكم بأنّ الحال السابق باقٍ ، لكن لمّا لم تقبل منه الشهادة جاز له أن يشهد بالفعلية استنقاذاً.
ويمكن المناقشة فيه : بأنّ كون الشاهد تكليفه ذلك لا يوجب اجراءه على طرفه ، لجواز أن لا تكون أركان الاستصحاب تامّة عنده.
ثمّ إنّه قدسسره صنع مثل ذلك في خبر حفص بن غياث (٢) الدالّ على جواز الشهادة استناداً إلى اليد ، فقال : فلابدّ من حمل الخبر المزبور على صورة حصول
__________________
(١) جواهر الكلام ٤١ : ١٢٦.
(٢) وسائل الشيعة ٢٧ : ٢٩٢ / أبواب كيفية الحكم ب ٢٥ ح ٢.