ثمّ إنّ قول صاحب الجواهر قدسسره في الخبر الثاني : ويمكن أن يريد بعلمه الحاصل له من الاستصحاب بقرينة الخبر السابق إلخ ، يكون دفعاً لما تقدّم منه بقوله : لكن في خبره الآخر الخ من دعوى معارضة الثاني للأوّل ، فدفع هذه المعارضة بالتصرّف في الثاني ، بجعل العلم فيه هو العلم الادّعائي الحاصل من الاستصحاب.
أمّا قوله قدسسره : كما يمكن حمل الأوّل على إرادة حصول هذا العلم باعتبار خلطته واطّلاعه كما أومأ إليه الفاضل في التحرير ، انتهى.
قلت : هذا ، ولكن العلاّمة قال في التحرير : لو شهد عدلان أنّ فلاناً مات وخلّف من الورثة فلاناً وفلاناً لا نعلم له وارثاً غيرهما ، قبلت شهادتهما وإن لم يبيّنا أنّه لا وارث له سواهما لعدم الاطّلاع عليه ، فيكفي فيه الظاهر ، مع اعتضاده بالأصل ، هذا إن كانا من أهل الخبرة الباطنة ، وإن لم يكونا من أهل الخبرة الباطنة بحث الحاكم عن وارث آخر ، فإن لم يظهر سلّم التركة إليهما بعد الاستظهار بالتضمين. ولو قالا : لا نعلم له وارثاً بهذه البلدة أو بأرض كذا لم يقبل ، مع احتمال القبول (١).
قلت : لكن فرض العلاّمة أنّه لا نعلم له وارثاً غيرهما يأبى عن حمل كلامه قدسسره على صورة العلم للشاهد ، بل إنّ ظاهره هو تصريح الشاهد بما يحتاج إلى الاستصحاب. نعم لا يبعد حمل الخبر على صورة حصول العلم للشاهد ، إذ لا تصريح فيه بعدم العلم بوارث آخر. ويؤيّد ذلك ما اشتمل عليه الخبر من جواز الاقدام على اليمين الغموس ، فإنّ الظاهر أنّه لم يقل أحد بجواز الحلف اعتماداً على الاستصحاب.
__________________
(١) تحرير الأحكام ٥ : ٢٦٥ / العاشر.