ويستحيل أن تكون موجبة لحكم شرعي آخر طريقي أو موضوعي نظير حرمة سلوك ذلك الطريق ، وحينئذ فلا يترتّب على الحكم العقلي بالتجنّب عن تلك المفسدة الواقعية إلاّمجرّد الوقوع فيها لو صادفت الواقع ، وذلك لا يوجب تنجّز تلك الحرمة الواقعية ، بحيث يوجب استحقاق العقاب على مخالفتها مع فرض كون الشكّ فيها بعد الفحص ، فإنّ تلك المفسدة الواقعية بعد فرض كونها ليست من قبيل العقاب الأُخروي ، وبعد فرض أنّها ليست موجبة لجعل حكم شرعي آخر غير ذلك الحكم الواقعي ، فلا يترتّب على حكم العقل بلزوم الاجتناب عنها إلاّ مجرّد الوقوع فيها لو صادفت الواقع ، هذا.
مضافاً إلى أنّا لو قلنا بأنّ ذلك الحكم العقلي كاشف بقاعدة الملازمة عن حكم شرعي آخر غير ذلك الحكم الواقعي ، لنقلنا الكلام إلى ذلك الحكم الشرعي الثاني ، وقلنا إنّه لابدّ أن يكون ناشئاً عن مفسدة أُخرى غير المفسدة التي اقتضت الحكم الشرعي الأوّل ، فنقول إنّ تلك المفسدة الثانية أيضاً ضرر دنيوي يحكم العقل باجتنابه ، وهذا الحكم العقلي ملازم لحكم شرعي ثالث وهكذا ، هذا.
ولكن التحقيق أن يقال : إنّا لو التزمنا بأنّ المفسدة التي هي ملاك التحريم مثلاً من قبيل الأضرار الدنيوية ، المفروض كون العقل حاكماً بلزوم الابتعاد عنها وأنّ تلك الحكومة العقلية مورد لقاعدة الملازمة ، كانت تلك المفسدة موجبة لحرمة ما فيه تلك المفسدة وحرمة ما يحتملها ، وحينئذ يكون الاحتياط الشرعي موجوداً في جميع موارد احتمال التكليف ، إن كان ذلك الحكم العقلي بلزوم الاجتناب عن تلك المفسدة وذلك الضرر من قبيل ما هو بملاكين ، فيحرم شرعاً ارتكاب ما فيه تلك المفسدة ، ويجب شرعاً الاحتياط بالاجتناب عمّا يحتمل فيه ذلك. وإن كان ذلك الحكم العقلي حكماً واحداً بملاك واحد ، وهو وجوب