زمان واحد. لكن المصحّح لهذا الوجود والعدم بالنسبة إلى كلّ منهما هو الاختلاف في الرتبة.
لأنّا نقول : هذه مغالطة ناشئة عن خلط الوجود بالتحقّق في الرتبة ، إذ لا إشكال في وجود العلّة مع المعلول ، وليست هي بمعدومة معه ، فلا يصحّ أن يقال إنّها ليست بموجودة معه ، إذ ليست هي بمنعدمة بعد وجودها. نعم رتبة تحقّقها قبل رتبة تحقّقه ، وأين هذا من انحصار وجودها بما قبل وجوده على وجه تكون عند وجوده منعدمة. وهكذا الحال في ناحية المعلول فإنّه ليس بمنعدم في حال وجود العلّة ، بل هو موجود معها. وإن شئت فقل : هما موجودان معاً ، وليس أحدهما منعدماً عند وجود الآخر ، غاية الأمر أنّ ذات العلّة متقدّمة على ذات المعلول ، لا أنّ وجودها يكون متقدّماً على وجود المعلول على [ نحو ] يكون وجود الثاني بعد وجود الأوّل ، فإنّه خلف لما ذكرناه من كونهما موجودين معاً في زمان واحد.
والحاصل : أنّ اجتماع وجود الشيء مع عدمه في الزمان الواحد محال عقلاً ، وهو حاصل في المتناقضين المختلفين رتبة الموجودين في زمان واحد. نعم هذا التأخر الرتبي يمنع من التأكّد والاندكاك في صورة التماثل والكسر والانكسار في صورة التضادّ. وقد تعرّضنا لهاتين الجهتين ـ وهما أنّ ما هو متأخّر عن رتبة الشيء يكون متأخّراً عمّا يكون في عرضه ، وأنّ النقيض لا يكون إلاّفي رتبة نقيضه ـ في أوائل مسألة الضدّ فيما علّقناه على التحرير المطبوع في صيدا ص ٢١٦ (١) فراجعه تجد فيه اختلافاً مع ما حرّرناه هنا ، والمسألة بعدُ عندي في
__________________
(١) وهي الحاشية المتقدّمة في المجلّد الثالث من هذا الكتاب ، الصفحة : ١٢٨ ومابعدها.