المعلوم صدورها ، بل قهراً يكون المعلوم من الأحكام الواقعية الموجودة في تلك الأخبار أقلّ ممّا علم من الأحكام الظاهرية الموجودة فيها ، مثلاً لو كان المعلوم وجوده إجمالاً من الأخبار الصادرة هو ألف خبر مثلاً ، كان لنا من الأحكام الظاهرية المعلومة الوجود مقدار ألف حكم ، لكن لا يكون المقدار المعلوم من الأحكام الواقعية الموجودة في تلك الأخبار هو هذا المقدار أعني ألفاً ، بل لابدّ أن يكون أقلّ من ذلك ، نظراً إلى تطرّق احتمال الخطأ في تلك الأحكام الظاهرية المعتمدة على أصالة الظهور وأصالة جهة الصدور ، فلا يكون المعلوم من الأحكام الواقعية إلاّما هو أقلّ من الألف ولو بمقدار ثلاثمائة مثلاً.
وبناءً على ذلك نقول : إنّه لو كان مقدار المعلوم بالإجمال من الأحكام الواقعية بالعلم الاجمالي الكبير مقدار تسعمائة مثلاً ، كانت الأحكام الظاهرية المعلوم وجودها كافية في انحلاله ، بخلاف الأحكام الواقعية المعلوم وجودها في ضمنها ، فإنّها غير كافية في انحلاله لكونها أقلّ منه ، هذا خلاصة شرح ما أفاده قدسسره من الفرق بين التوجيهين.
ومنه يعلم أنّ الإشكال الأوّل المتوجّه على التوجيه السابق غير متوجّه على هذا التوجيه ، إذ ليس الموجب لانحلال العلم الاجمالي الكبير بناءً على هذا التوجيه هو العلم الاجمالي بالأحكام الواقعية في ضمن الأخبار ، كما كان كذلك على التوجيه السابق ، ليرد عليه أنّ المعلوم وجوده من الأحكام الواقعية في ضمن تلك الأخبار هو أقلّ ممّا علم منها بالعلم الاجمالي الكبير أو المتوسّط ، بل إنّ الموجب لانحلال العلم الاجمالي الكبير أو المتوسّط بناءً على هذا التوجيه إنّما هو العلم بالأحكام الظاهرية في مجموع تلك الأخبار ، وتلك الأحكام الظاهرية المعلومة الوجود فيما بين تلك الأخبار إن لم تكن أكثر من الأحكام الواقعية