الأخبار كما عرفت تفصيله (١) ، بل عرفت أنّه لا وجود لموارد تلك الأمارات إلاّما لا يتجاوز عدد الأصابع ، فكيف يقال : إنّا نعلم إجمالاً بوجود التكاليف فيما بينها ، فراجع وتأمّل.
قوله : بل مقتضى العلم بصدور غالب ما في الكتب من الأخبار هو انحلال العلم الاجمالي بوجود التكاليف بين الأخبار والأمارات ، لأنّ ما صدر عنهم عليهمالسلام يكون بقدر المعلوم بالاجمال من التكاليف بين الأخبار والأمارات ، فترتفع الإشكالات المتقدّمة على التقريب السابق بحذافيرها ... الخ (٢).
ربما يتوهّم أنّ هذه الجملة منافية لما تقدّم من زيادة المعلوم بالإجمال فيما بين الأخبار والأمارات على المعلوم بالإجمال فيما بين الأخبار.
والجواب عن هذا التوهّم يظهر من التأمّل في كلّ من التوجيهين ، أعني التوجيه السابق وهذا التوجيه ، فإنّهما وإن اشتركا في أنّ كلاً منهما يحوم حول انحصار دائرة العلم الاجمالي فيما بأيدينا من الأخبار الموجودة في مجاميع سلفنا ( رضوان الله تعالى عليهم ) إلاّ أنّ التوجيه الأوّل كان مرجعه إلى العلم الاجمالي بوجود أحكام واقعية في ضمن الأخبار الصادرة الموجودة في مجموع تلك الأخبار ، ومرجع هذا التوجيه الثاني إلى العلم الاجمالي بوجود الحجج الفعلية في ضمن تلك الأخبار ، فإنّا نعلم إجمالاً بوجود أخبار كثيرة هي صادرة عنهم عليهمالسلام ، وهي موجودة في ضمن تلك المجاميع وإن لم نعلمها بأعيانها ، والأحكام المتحصّلة من تلك الأخبار الصادرة التي نعلم إجمالاً بوجودها فيما بأيدينا ليست
__________________
(١) في الصفحة : ٤٨١ وما بعدها.
(٢) فوائد الأُصول ٣ : ٢٠٥ ـ ٢٠٦.