لرجوعه إلى اتّفاق الروايات في القدر ، وإلاّ فلا وجه للعلم بصدور البعض مع احتمال عدم الصدور في كلّ واحد.
قال السيّد في تحريراته : ولكنّه لا يخفى أنّ الأخبار إذا بلغت من الكثرة ما بلغت ، فإن كان بينها جامع يكون الكلّ متّفقاً على نقله ، فهو راجع إلى التواتر المعنوي ، وإلاّ فلا وجه لحصول القطع بصدق واحد منها بعد جواز كذب كلّ واحد منها في حدّ نفسه ، وعدم ارتباط بعضه ببعض ، فالحقّ هو انحصار التواتر في القسمين الأوّلين لا غير (١).
قلت : أمّا ما أفاده من رجوع الأخبار المتّفقة على قدر جامع إلى التواتر المعنوي فواضح ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، فإنّ تلك الطوائف متّفقة في قدر جامع وهو حجّية الخبر في الجملة.
وأمّا ما أفاده من عدم إمكان حصول العلم بصدور البعض فيما إذا لم يكن بينها قدر جامع ، ففيه تأمّل ، لشهادة الوجدان بحصول العلم الاجمالي بصدور بعض ما هي من الكثرة بحيث يقطع بعدم كذب الجميع وإن لم ترجع إلى القدر الجامع ، لأنّ الرجوع إلى قدر جامع لا أثر له في حصول القطع بصدور البعض ، وإنّما المنشأ فيه هو الكثرة الموجبة لحصول القطع بصدور البعض ، بحيث إنّها لأجل كثرتها ينسد فيها باب احتمال كذب الجميع ، لا لأجل سبب اتّفاقي مثل أن يتّفق العلم بصدور أحد الخبرين.
والذي ينبغي أن يقال في التواتر الاجمالي هو ما يأتي إن شاء الله تعالى من دعوى العلم الاجمالي بصدور الكثير ممّا بأيدينا من الروايات الموجودة في كتبنا المعروفة ، فإنّها على كثرتها لا يمكن تطرّق الاحتمال إلى أنّ جميعها لم يصدر.
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ١٩٧.