ولشيخنا قدسسره في هذا المقام كلمات حرّرناها فيما علّقناه ص ٢٤ (١) ، وراجع ما في التحريرات المطبوعة في صيدا ، فإنّه قال في التحريرات المزبورة : بقي هناك شيء وهو أنّ موضوع الحكم إذا كان مرسلاً وغير مقيّد بكونه معلوماً ، فهل يمكن أخذ القطع به في موضوع حكم آخر مثله أو ضدّه أم لا؟ أمّا بالنسبة إلى الضدّ فلا إشكال في عدم جوازه ، لما فيه من اجتماع الضدّين ، وامتناع امتثال المكلّف في الخارج. وأمّا بالنسبة إلى الحكم المماثل فربما يقال فيه بالجواز ، نظراً إلى عدم ترتّب محذور على ذلك إلاّما يتوهّم من استلزامه لاجتماع المثلين ، وهو لا يكون بمحذور في أمثال المقام أصلاً ، فإنّ اجتماع عنوانين في شيء واحد يوجب تأكّد الطلب ، وأين ذلك من اجتماع الحكمين المتماثلين ، وقد وقع نظير ذلك في جملة من الموارد ، كما في موارد النذر على الواجب وأمثاله.
ولكن التحقيق هو استحالة ذلك أيضاً ، فإنّ القاطع بالخمرية مثلاً إنّما يرى الخمر الواقعي ، ولا يرى الزجر عمّا قطع بخمريته إلاّزجراً عن الواقع ، فليس عنوان مقطوع الخمرية عنده عنواناً آخر منفكّاً عن الخمر الواقعي ومجتمعاً معه أحياناً حتّى يمكن تعلّق حكم آخر عليه في قبال الواقع ، كما في موارد اجتماع وجوب الشيء في حدّ نفسه مع وجوب الوفاء بالنذر وأمثاله ، ومع عدم قابلية هذا العنوان لعروض حكم عليه في نظر القاطع لا يمكن جعله له حتّى يلتزم بالتأكّد في موارد الاجتماع (٢).
وبنحو ذلك صرّح فيما حرّرته ، قال : بقي في المقام مطلب متعلّق بما تقدّم من إمكان أخذ العلم قيداً أو مانعاً بالنسبة إلى ما تعلّق به من الحكم على نحو
__________________
(١) لعلّ المقصود بذلك تحريراته قدسسره المخطوطة.
(٢) أجود التقريرات ٣ : ٣٤ ـ ٣٥.