قال : ونظير ذلك ما إذا ورد أكرم العلماء وعلم بخروج زيد النحوي لكونه فاسقاً ، فإنّ غاية ما يقتضيه العلم بخروج هذا الفرد هو تقيّد وجوب إكرام العالم النحوي بغير الفسق لا مطلقاً الخ (١).
لا يخفى أنّ العلم بكون علّة خروج زيد المذكور هي فسقه يوجب تقيّد العام بعدم الفسق ، إلاّأن يدّعى أنّ لفسق النحوي خصوصية توجب خروجه ، فيكون التقييد بعدم الفسق مختصّاً بخصوص النحويين دون غيرهم من العلماء ، كما نقول إنّ انفراد العادل في خصوص كون المخبر به هو الارتداد له خصوصية توجب خروجه عن عموم حجّية خبر العادل ، فيكون التقييد بعدم الانفراد ـ أعني الانضمام ـ مختصّاً بخصوص الارتداد.
ولكنّه مع ذلك لا يخلو عن الإشكال ، لأنّ ذلك لو سلّم فإنّما يسلّم فيما إذا لم يكن محلّ التقييد هو مورداً لذلك العام كما في المثال المذكور ، أمّا لو كان مورداً لذلك العام كما فيما نحن فيه فهو في غاية الإشكال. ألا ترى أنّه لو تذاكر الصحابة بحضور النبي صلىاللهعليهوآله في أنّه بماذا يثبت الارتداد على وجه يترتّب عليه الغارة والنهب والقتل والأسر ، فألقى إليهم النبي صلىاللهعليهوآله هذه الجملة وهي : أنّ خبر العادل حجّة ، فهل يصلح لك أن تقول إنّا نقيّد حجّية خبر العادل في خصوص ذلك المورد بما إذا انضمّ إليه عادل آخر ، ونبقي العام على إطلاقه بالنسبة إلى غيره من الموارد ، أم لابدّ لنا أن نقول إنّ العلم الخارجي بأنّ خبر العادل وحده في الارتداد غير مقبول يوجب تقييد ذلك العام في تمام موارده.
وهذه الجهة وهي لزوم تقييد العام هي المنشأ في الإشكال ، وإلاّ فلو ورد دليل يدلّ بالخصوص على حجّية خبر العادل في الارتداد ، فلا مانع من تقييده
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ١٩٠.