والذي ينبغي هو النظر في نفس ما يحكيه الخبر الواحد عن المعصوم عليهالسلام من عدم حجّية الشهرة ، أعني بذلك نفس قوله عليهالسلام : إنّ الشهرة ـ مثلاً ـ ليست بحجّة ، فإن كان ذلك القول منه عليهالسلام صادراً في قبال بناء عقلائي على حجّية الشهرة ، بحيث يكون ذلك القول منه عليهالسلام ردعاً لما عليه السيرة ، كان ذلك منه عليهالسلام تصرّفاً شرعياً وإنشاءً لحكم شرعي ، وأثره هو عدم صحّة نسبة مؤدّى الشهرة إليه تعالى ، وأنّ تلك النسبة بعد ذلك الردع تكون تشريعاً ، وحينئذ يكون للتعبّد بالخبر الحاكي عنه عليهالسلام ذلك المنع والردع أثر تعبّدي ، وهو إخراج المكلّف من العلم إلى عدم العلم ، إذ لو كانت الشهرة ممّا جرت بها السيرة العقلائية كانت علماً ، ولم يكن القول بمؤدّاها قولاً بعدم العلم ، وبعد ورود الرواية بالردع عن تلك السيرة يكون التعبّد بتلك الرواية موجباً لخروج المكلّف من العلم إلى عدم العلم ، ومحقّقاً لموضوع التشريع بعد أن لم يكن موضوعه محقّقاً.
أمّا إذا لم يكن صدور ذلك القول منه عليهالسلام في قبال سيرة عقلائية ، فلا يكون حينئذ قوله عليهالسلام : إنّ الشهرة ليست بحجّة ، من قبيل التصرّف الشرعي ، بل لا يكون إلاّ إخباراً واقعياً عن أمر واقعي ، وهو عدم جعل الشارع الحجّية للشهرة ، كما أنّ العقلاء أيضاً لم يجعلوها حجّة ، وحينئذ لا يترتّب أثر شرعي على خبر الواحد الحاكي عنه عليهالسلام ذلك القول ، فلا تشمله أدلّة حجّية خبر الواحد.
ولو قلنا بأنّ قوله عليهالسلام في ذلك المقام : إنّ الشهرة ليست بحجّة ، أيضاً تصرّف شرعي ولو باعتبار إبقاء عدم حجّيتها وعدم نقضه لذلك العدم بجعل حجّيتها ، في قبال توهّم أنّه جعل حجّيتها ، فإن اكتفينا في الأثر الشرعي المترتّب على خبر الواحد الحاكي عنه عليهالسلام ذلك القول بذلك المقدار من الأثر ، وهو دفع توهّم احتمال الحجّية ودفع احتمال أنّ الشارع قد نقض عدم الحجّية وجعلها