بالوجدان ، إلاّ أنّه يمكنه جعل الحجّية الظاهرية ، كما يمكنه السكوت عن الحكم الظاهري لهذا الشكّ وإيكاله إلى ما يحكم به عقل المكلّف ، فلا يكون جعل الحجّية الظاهرية مناقضاً للحكم الظاهري بعدمها ، لتمكّنه من الشقّ الثالث وهو عدم الحكم ، فيكونان من الضدّين اللذين لهما ثالث ، فتأمّل. ومنه يظهر لك الحال في الصورة الأُولى ، فتأمّل.
قوله في الحاشية : وقد يختلج في البال أيضاً أنّ ذلك يقتضي عدم جواز قيام الأمارة المعتبرة على عدم حجّية أمارة ... الخ (١).
هذا النقض تعرّض له شيخنا قدسسره في الدورة الأخيرة ، فراجع ما حرّر عنه في التحريرات المطبوعة في صيدا بقوله : فإن قلت : إذا لم يجر الاستصحاب الخ (٢) وقد حرّرت ذلك عنه قدسسره ، وملخّص ما أفاده قدسسره في الجواب عن النقض المذكور : هو الفرق بين الأمارة القائمة على عدم حجّية أمارة أُخرى ، مثل أن يدلّ خبر الواحد على عدم حجّية الشهرة القائمة على وجوب الدعاء عند رؤية الهلال ، وبين استصحاب عدم حجّية الشهرة المذكورة من جهتين :
الجهة الأُولى : أنّ موضوع الاستصحاب هو الشكّ ، فيكون واقعاً في رتبة ذلك الحكم الوجداني أعني قبح التشريع ، لكون موضوعه أيضاً هو الشكّ ، فيكون المتحصّل من استصحاب عدم الحجّية هو الاحراز التعبّدي لما هو محرز وجداناً ، وهذا بخلاف الأمارة القائمة على عدم حجّية الشهرة مثلاً ، فإنّ موضوعها غير مقيّد بالشكّ ، فتكون رافعة تعبّداً للشكّ الذي هو موضوع ذلك الحكم الوجداني.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ ( الهامش ) : ١٣٠.
(٢) أجود التقريرات ٣ : ١٥١.