والذي حرّرته عن درس أُستاذنا المرحوم السيّد أبي الحسن قدسسره في تفسير هذه الفعلية هو : أنّ الالزام الفعلي يكون مقيّداً بعدم الإذن ، وإذا حصل الإذن منه لأجل الجهل وعدم مصلحة تقتضي جعل الاحتياط ، لا يكون ذلك الالزام فعلياً ، ويكون معنى كون الالزام فعلياً على هذا التقدير أنّه لو علم به لتنجّز ، فما دام الجهل موجوداً يكون ذلك الالزام غير منجّز ، وفي هذه المرحلة ـ أعني مرحلة الجهل ـ لا مانع من كونه غير فعلي ، لأنّ فعليته تكون مقيّدة بعدم الإذن ، وفي تلك المرحلة يكون مأذوناً فيه لأجل الجهل ، فيكون الالزام غير فعلي ، فلم يجتمع الإذن والترخيص مع الالزام الفعلي.
والحاصل : أنّ الجهل يصيّر الالزام الفعلي غير منجّز ، فيكون مأذوناً في مخالفته ، وإذا كان مأذوناً فيه كان غير فعلي ، لما عرفت من أنّ فعليته مقيّدة بعدم الإذن. نعم إذا ارتفع الجهل كان الالزام منجّزاً ، فلا يكون مأذوناً فيه فيكون فعلياً وهذا معنى تفسيره الفعلية بما لو علم به لتنجّز ، فتأمّل انتهى.
قلت : لا ريب على الظاهر عند صاحب الكفاية قدسسره ومن تبعه في أنّ الحكم ما لم يبلغ إلى الدرجة الفعلية المعبّر عنها بمرحلة التحصيل من المكلّفين ، قابل للترخيص الشرعي على خلافه ، إذ لا مانع من الترخيص الشرعي في مخالفة الحكم الاقتضائي أو الشأني ، بل الانشائي إذا لم يصل إلى درجة التحصيل من المكلّفين ، كما أنّه لا ينبغي الريب في أنّ وصوله إلى الدرجة المزبورة مقيّد عقلاً بما إذا لم يكن في البين ترخيص بالمخالفة ، فتكون فعلية الأحكام مقيّدة عقلاً بعدم الترخيص المزبور ، ويكون هذا الترخيص موجباً لبقائها على حالها من محض الاقتضاء أو الشأنية أو الانشائية ، وهذا الترخيص إن كان ناشئاً عن عدم كمال الصلاح في الأمر الواقعي أو وجود مانع فأمره واضح ، حيث إنّ تدرّج