وعلى كلّ حال ، أنّ الوصول إلى هذه الدرجة ، أعني درجة الفعلية التي هي مرتبة الارادة والكراهة ، لا يجتمع مع الترخيص الفعلي على خلافه ، ولأجل ذلك استشكل في الأُصول الترخيصية ، فإنّها تنافي المنع الفعلي كما أفاده بقوله : نعم يشكل الأمر في بعض الأُصول العملية كأصالة الاباحة الشرعية ، فإنّ الإذن في الإقدام والاقتحام ينافي المنع فعلاً كما فيما صادف الحرام (١) فالتزم بأنّ الحكم الواقعي في مثل ذلك غير واصل إلى مرتبة الارادة والكراهة ، فقال : فلا محيص في مثله إلاّعن الالتزام بعدم انقداح الارادة أو الكراهة في بعض المبادئ العالية أيضاً ، كما في المبدأ الأعلى ( وحينئذ لا يكون في البين إلاّمجرّد العلم بالصلاح من دون انقداح إرادة ولا كراهة ، فلا يكون في البين إلاّالحكم الاقتضائي المعبّر عنه بالشأني ، ومع ذلك كلّه فقد التزم بأنّ الحكم في ذلك يكون فعلياً ، لا بمعنى تحقّق الارادة والكراهة ، لأنّ المفروض عدمهما ) بل بمعنى كونه على صفة ونحو لو علم به المكلّف لتنجّز عليه (٢) ، وكان ينبغي أن يقول : إنّه على صفة لو علم به المكلّف لانقدحت الارادة والكراهة في بعض المبادئ العالية وتنجّز بذلك العلم ، فيكون العلم بالتكليف موصلاً له إلى درجة الارادة والكراهة ودرجة التنجّز.
ومن [ هنا ] يظهر لك التأمّل في قوله : كسائر التكاليف الفعلية التي تتنجّز بسبب القطع بها (٣) ، فإنّ التكاليف الفعلية قبل القطع بها واجدة لدرجة الارادة والكراهة التي هي درجة الفعلية ، ولم تفقد إلاّدرجة التنجّز ، فيكون القطع بها
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٢٧٨.
(٢) نفس المصدر. [ ولا يخفى أنّ ما بين القوسين هو شرح المصنّف لكلام الآخوند قدسسرهما ].
(٣) نفس المصدر.