مصلحة الواقع ولو كانت كثيرة ، إلاّ أنّها كثيرة في حدّ نفسها مع كون مصلحة التسهيل أكثر منها بكثير ، بل مقتضى ذلك هو جواز ذلك حتّى لو كانت الأسباب المفيدة للعلم بالواقع مصيبة كلّها على وجه لا يتطرّق إليها الخطأ ، لأنّا لو فتحنا مصلحة التسهيل وأنّها يتدارك بها ما يفوت من مصلحة الواقع لم يفرّق في جواز الأمر بسلوك الأمارات بين كون الطرق العلمية مشتملة على الخطأ وكونها غير مشتملة عليه ، كان خطؤها أكثر من خطأ الأمارات أو كان أقلّ ، كانت الأقلّية بدرجة العشر أو كانت أكثر من ذلك.
ثمّ إنّ الظاهر أنّ مراد شيخنا قدسسره بالأقربية سؤالاً وجواباً ليست هي كثرة الخطأ واقعاً ، بل المراد هو الأقربية إلى الخطأ بنظر العقلاء ، وإن لم تكن كذلك في الواقع وفي نظر الشارع ، ولعلّ ما تضمّنه التحرير المطبوع في صيدا قبل قوله : ثمّ إذا سلّمنا الخ ، لا يخلو عن إشارة إلى ذلك ، كما أنّ صدر هذا التحرير الموجود في هذا الكتاب لا يخلو عن الاشارة إلى ذلك ، وأصرح من ذلك في بيان هذه الجهة ما نقلته عنه قدسسره وهذا نصّ ما كنت حرّرته عنه قدسسره :
إنّ كون الطرق العلمية كثيرة الخطأ لا يستلزم انسداد باب العلم بالأحكام الواقعية ، بل يكون باب العلم منفتحاً ومع ذلك تكون موارد الخطأ في الطرق العلمية كثيرة الخطأ ، ( وحينئذ فلو كان هناك أمارة قد اطّلع الشارع على أنّ موارد الخطأ فيها أقل أو مساوٍ للطرق العلمية فلا مانع من أمره بسلوكها ) (١).
فإن قلت : إنّ كون الطرق الظنّية أقل خطأً من الطرق العلمية أو مساوية لها فيه بنظر الشارع ، لا يكون إلاّمن باب علم الغيب ، وهو غير نافع في مقام التشريع حيث إنّ المكلّف إذا فرض أنّه يرى كثرة الخطأ في هذه الأمارة ، وأنّ الخطأ إليها
__________________
(١) هذه الجملة كانت في الدرس السابق ألحقناها هنا تتميماً [ منه قدسسره ].