قوله : كالأسباب المفيدة للعلم ... الخ (١).
قد عرفت ما فيه ، وأين هذه الأسباب وما هي ، على وجه لو سلكناها لأفادتنا القطع بالواقع حتّى مع فرض كثرة الخطأ فيه. ومن جميع ذلك تعرف أنّه لو سلّمنا حصول ذلك لشخص لم يكن ذلك متمكّناً من الوصول إلى الواقع ، وأقصى ما فيه أنّه متمكّن من تحصيل القطع بالواقع ، وأين هو من كونه متمكّناً من الوصول إلى الواقع بعد فرض كونه لا يعرف الطريق الموصل إلى الواقع بعينه ، فلا يصحّ قوله : فقد يكون الشخص متمكّناً ، الخ. وإن أُريد أنّه عارف بذلك الطريق بعينه ، فهو خارج عن محلّ الكلام.
قوله : فقد يكون الشخص متمكّناً من الوصول إلى الواقع ولكن لم يصل إليه ، لاعتماده على الطرق المفيدة للعلم مع خطأ علمه وكونه من الجهل المركّب ... الخ (٢).
لابدّ أن يفرض ذلك فيما إذا لم تكن تلك الطرق الموصلة إلى نفس الواقع معلومة لدى المكلّف بأعيانها ، وإلاّ كان عليه الالتزام بسلوك تلك الطرق دون غيرها ممّا يحتمل خطأه ، سواء كان ذلك الغير لو حصّله مفيداً للعلم على تقدير تحصيله ، أو كان مفيداً للظنّ. أمّا إذا لم يكن عارفاً بتلك [ الطرق ] الموصلة لنفس الواقع بأعيانها ، ولم تكن حالة المكلّف إلاّ أنّه عالم بأنّ هناك طرقاً لو حصلها لحصل له القطع بالواقع ، وهناك طرق أُخرى عقلائية لو حصلها لم تفده إلاّالظنّ بالواقع ، مع أنّه في حالته الحاضرة ـ أعني قبل تحصيل شيء من الطرق ـ يعلم أو يحتمل أنّ بعض تلك الطرق سواء كانت مفيدة للقطع أو لم تكن مفيدة إلاّالظنّ ،
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٩١.
(٢) فوائد الأُصول ٣ : ٩٠.