لكن ذلك إنّما هو في صورة الغفلة أو النسيان بعد تحقّق العلم الاجمالي ، أمّا لو كان ذلك العلم الاجمالي حاصلاً بعد الفراغ ، بحيث إنّه أقدم على الوضوء معتقداً طهارته وإباحته ثمّ بعد الفراغ حصل له العلم الاجمالي المردّد بين النجاسة والغصبية ، فالظاهر أنّه إذا لم يكن في البين ضمان أو بقية من ذلك الماء ، لم يكن [ بأس ] في إجراء قاعدة الطهارة فيه القاضية بصحّة وضوئه. نعم يبقى الكلام في مسألة الثوب والصلاة ، وقد تعرّضنا لهذه المسألة فيما يتعلّق بها من مباحث العروة الوثقى.
والكلام في هذه المسألة في صورتين : الأُولى أن يحصل له بعد الفراغ مجرّد تذكّر ما علمه سابقاً من العيب المردّد بين النجاسة والغصبية. وأُخرى يحصل له ذلك التذكّر مع تبيّن كون الثوب نجساً.
وقبل الكلام في هاتين الصورتين ، ينبغي التكلّم في فرع لم أعثر على تحرير له في كلماتهم ، وهو ما لو علم إجمالاً بنجاسة أحد الثوبين ثمّ نسي وصلّى في أحدهما ، وبعد الفراغ تذكّر إمّا في الجملة أو مع تبيّن أنّ ما صلّى فيه كان هو النجس ، فنقول : إنّ الحكم بوجوب الاعادة على من علم بالنجاسة ثمّ نسي وصلّى ، هل يشمل صورة العلم الاجمالي أو لا؟ لا يبعد القول باختصاص ذلك بصورة كون العلم السابق تفصيلياً ، وحينئذ يسقط الكلام فيما نحن فيه في كلّ من الصورتين ، أمّا بناءً على كون العلم السابق شاملاً للعلم الاجمالي ولو من جهة دعوى كون العلم السابق معتبراً من باب كونه منجّزاً لأثر النجاسة ، فيقوم مقامه كلّ ما ينجّز تلك النجاسة ، فالظاهر هو الاعادة في الصورة الثانية من المثال الذي ذكرناه دون الصورة الأُولى ، إذ لم يتحقّق فيها أنّه صلّى في النجس كي يكون مشمولاً لمن صلّى في النجاسة بعد المسبوقية بما يكون موجباً لتنجّزها.