وعلى كلّ حال ، يتوجّه عليه قدسسره الإشكال فيما لو أقرّ لزيد بعين تحت يده ، ثمّ أقرّ بعين أُخرى لشخص آخر وعلمنا بكذبه في أحد الاقرارين ، فإنّ لازم كلّ من هذين الوجهين هو أنّه يجوز لثالث الأخذ منهما ، ويتملّك كلاً من العينين تملّكاً واقعياً مع علمه بكذب أحد الاقرارين ، ولا أظنّ أنّه قدسسره يلتزم بذلك. وهذه الإشكالات إنّما جاءت من دعوى أنّه يمكن للثالث الجمع بين العين والقيمة ، وهذا الحكم لم أعثر عليه في كلمات صاحب الجواهر ، ولعلّه من الشيخ قدسسره (١) من قبيل الأخذ باللازم ، وحينئذ يمكن المنع من هذا اللازم ، فتأمّل.
ولا يخفى أنّ هذا الإشكال أعني إشكال الجمع بين العين والقيمة عند الثالث من حيث منافاته للعلم الاجمالي بأنّ أحدهما غير مالك ، لا يتأتّى في أصل الحكم على المقرّ بدفع العين للمقرّ له أوّلاً. ودفع بدلها للمقرّ له ثانياً ، بأن يقال إنّا نعلم إجمالاً بأنّ أحد الحكمين غير مطابق للواقع ، لأنّ العين إن كانت ملكاً للأوّل فلا وجه لدفع القيمة للثاني ، وإن كانت ملكاً للثاني فلا وجه لدفعها للأوّل ، وبيان عدم تأتّي الإشكال المزبور فيه ، هو أنّ ذلك الحكم من جهة الحكم الظاهري المسبّب عن إقراره ، ولا مانع من الجمع بين حكمين ظاهريين يعلم بكون أحدهما خلاف الواقع ، نظير ما لو علم باشتغال ذمّته لأحد الشخصين بدرهم ، فإنّ الحكم عليه بلزوم دفع درهمين يعلم إجمالاً بأنّ أحدهما خلاف الواقع.
تكميل : قد أشرنا (٢) إلى الشبهة التي نقلها الآشتياني قدسسره عن الشيخ قدسسره ، فالأولى نقل نصّ عبارته قال : وأمّا بناءً على مذهب الشيخ قدسسره من لغوية الاقرار ثانياً ، من حيث إنّ مقتضاه تملّك نفس المقرّ به للمقرّ له ثانياً ، وإعماله بالنسبة إليه
__________________
(١) فرائد الأُصول ١ : ٨١.
(٢) في الصفحة : ٢٣٠.